غارديان: تجدد العلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية مبعث للقلق ليس لأوكرانيا وحدها
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
وصفت افتتاحية صحيفة غارديان البريطانية زيارة زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون إلى روسيا ولقاء رئيسها فلاديمير بوتين، بأنها كانت أهم تطور في الآونة الأخيرة لأنها تتعلق بمبيعات أسلحة لموسكو.
وفي تعليقها على الخبر، قالت صحيفة غارديان البريطانية في افتتاحيتها إن الزيارة تعد أهم تطور في الآونة الأخيرة لأنها تتعلق بمبيعات أسلحة لروسيا، مشيرة إلى أن تداعياتها قد تكون محسوسة على نطاق واسع.
ومن بين الشواهد التي تدل على أن العلاقات بين بيونغ يانغ وموسكو تدخل مرحلة جديدة، أوضحت الصحيفة أن الكرملين اقترح أيضا إجراء مناورات بحرية ثلاثية بين البلدين بالإضافة إلى الصين. ولفتت إلى أن العلاقات بين الدول الثلاث -والتي وصفتها بالقديمة لكنها لم تكن يوما سهلة- بدأت تستعيد زخمها مجددا.
وأردفت غارديان أن القلق بات يستبد بموسكو وبكين منذ عام 2006 بسبب برنامج بيونغ يانغ لتطوير الأسلحة، موضحة أن موقف روسيا والصين هذا يجيء دعما لسلسلة من العقوبات فرضها مجلس الأمن الدولي على كوريا الشمالية، رغم تفاقم علاقات البلدين مع الغرب حول قضايا أخرى. لكنّ البلدين أعاقا المصادقة على مشروع قرار، صاغته الولايات المتحدة، يقضي بتشديد العقوبات.
وترى الصحيفة أن هذا التحول بدأ مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الذي توعّد كوريا الشمالية بـ"النار والغضب" قبل أن يعقد اجتماعا ثنائيا مع كيم، مما دفع الرئيس الصيني شي جين بينغ "الممتعض" للتوجه نحو بيونغ يانغ.
وعندما انهارت قمة ترامب الثانية، "تودد كيم إلى روسيا لتذكير الولايات المتحدة بأن لديه خيارات"، فكان أن عقد أول اجتماع له مع بوتين في عام 2019.
غير أن الغزو الروسي لأوكرانيا كان بمثابة نقطة تحول، فقد كانت كوريا الشمالية من بين حفنة من الدول التي دعمت روسيا "بحماس" في الأمم المتحدة.
والعام الماضي، أعربت الاستخبارات الأميركية عن اعتقادها بأن موسكو تشتري كميات هائلة من قذائف المدفعية والصواريخ من بيونغ يانغ حيث بدأت ترسانتها من الذخائر تنفد سريعا.
ويبدو -من وجهة نظر غارديان- أن وباء فيروس كوفيد-19 جعل كوريا الشمالية ترزح تحت نير ظروف حرجة، فالقيادة عزلت البلاد تماما عن العالم منتهزة الفرصة لتمسك بتلابيب الحياة في البلاد من كل جانب، "حتى بات شعبها عاجزا عن إطعام نفسه". وأغلب الظن أن الصين ظلت تقدم إمدادات طارئة دعما لجارتها.
غارديان: من المرجح أن تستخدم بيونغ يانغ عائدات مبيعات الأسلحة لموسكو في تمويل برنامجها لتطوير الأسلحة بدلا من إطعام شعبها "الذي يعاني سوء التغذية"
علاقات متجددةورغم أن هناك حاجة ماسة إلى الغذاء، فإنه من المرجح أن يضغط النظام بشدة على موسكو للحصول على مساعدات تكنولوجية، حسب تعبير الصحيفة البريطانية، التي تعلق بالقول إن التقدم المثير للقلق الذي أحرزته بيونغ يانغ في برامج الأسلحة الخاصة بها مستمر، لكنها لا تزال بحاجة إلى الخبرة والدخل لتحقيق المزيد من التقدم.
أما روسيا فإن حاجتها للمساعدة من "محميتها" السابقة تعد مؤشرا آخر على تراجع مكانتها. والحالة هذه، تشير المناقشات أيضا إلى أن الصين لا تزال حتى الآن غير راغبة في بيع أسلحة لروسيا، رغم صداقتها "بلا حدود" ودعمها الدبلوماسي والبيع المستمر للمعدات ذات الاستخدام المزدوج.
وتزعم غارديان أن أيا من موسكو وبكين لا ترغب في رؤية كوريا الشمالية تطور قدراتها باعتبارها "شريكا مكلفا وغير موثوق به"، ذلك بأنهما تريدان تجنب انتشار للأسلحة النووية في المنطقة، والحد من تطور الشراكة بين الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية. ومع أن هذه الشراكة تشكل في المقام الأول ردا على تنامي قوة الصين، فإن المخاوف من بيونغ يانغ هي التي ساهمت فيها.
ولكن حتى لو امتنع بوتين عن تبادل التكنولوجيا مع كيم، فإن من الأرجح أن تستخدم بيونغ يانغ عائدات مبيعات الأسلحة لموسكو في تمويل برنامجها لتطوير الأسلحة بدلا من إطعام شعبها "الذي يعاني من سوء التغذية".
ولربما تشجع المشتريات الروسية من تلك الأسلحة آخرين لكي يحذوا حذو موسكو، على حد تعبير الصحيفة البريطانية، التي تختم افتتاحيتها بالقول إن العلاقات المتجددة بين روسيا وكوريا الشمالية مثار قلق شديد ليس لأوكرانيا وحدها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: کوریا الشمالیة بیونغ یانغ
إقرأ أيضاً:
غارديان: لماذا يُعد البرنامج النووي جزءا أساسيا من هوية إيران؟
قال تقرير مطول نشرته صحيفة غارديان إن إصرار إيران على امتلاك برنامج نووي مستقل ليس مجرد مسألة تقنية أو اقتصادية، بل يعكس جوهر هويتها الوطنية وتاريخها الطويل في مقاومة الهيمنة الغربية ورفض التبعية في اتخاذ القرارات السيادية.
وأكد التقرير أن تمسك إيران بحق تخصيب اليورانيوم لطالما شكّل النقطة الأصعب في محادثاتها مع الغرب، وقد اعتُبر السبب الرئيسي في الهجمات الأخيرة التي شنتها إسرائيل والولايات المتحدة على المنشآت الإيرانية النووية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هآرتس: ترشح أول مسلم لمنصب عمدة نيويورك يثير رعب المؤسسة المؤيدة لإسرائيلlist 2 of 2هل يمكن لكل من إيران وإسرائيل وأميركا أن تدعي النصر؟end of listوأشار التقرير إلى أن إيران تعدّ امتلاك التكنولوجيا النووية السلمية دليلا على الاستقلال والكرامة، لا سيما بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018، وفرضها عقوبات أعاقت قدرة إيران على التجارة مع أوروبا.
وأوضح أن الشعور الإيراني بالخيانة من الغرب عزّز خطاب السيادة والاعتماد على النفس في إيران، لا سيما بعد أن وضعت شخصيات معتدلة -مثل الرئيس السابق حسن روحاني ووزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف– سمعتها السياسية على المحك لتوقيع الاتفاق، ليقابل الغرب ذلك بالتنصل والمراوغة.
ورأى التقرير أن إيران تنظر بعين الريبة إلى التناقض الغربي، حيث تُقصف هي بسبب برنامج نووي خاضع للرقابة الدولية، في حين يحظى برنامج إسرائيل بدعم مالي وسياسي غير مشروط، رغم أنها لم توقع على معاهدة حظر الانتشار النووي.
واستعرض التقرير، بقلم باتريك وينتور المحرر الدبلوماسي في الصحيفة، جذور برنامج إيران النووي، وكيف تحولت الطاقة النووية من مشروع يدعمه الغرب إلى جزء من هوية إيران واستقلالها.
وذكر التقرير أن مبدأ الاستقلال في السياسة الإيرانية يعود إلى ثورة 1979 عندما أصر آية الله الخميني على إدراج "الاستقلال" مبدأ ثالثا في بيان الثورة، إلى جانب الديمقراطية والإسلام، رافضا التبعية للغرب بعد قرون من التدخل الاستعماري.
إعلانوأضاف أن الكاتب الإيراني ولي نصر، في كتابه "الإستراتيجية الكبرى لإيران"، اعتبر أن مبدأ الاستقلال هو ما تبقى من قيم الثورة بعد تآكل الديمقراطية وتحريف الإسلام السياسي، وأنه لا يزال يشكل جوهر هوية النظام الحالي.
وأشار التقرير إلى أن إيران كانت ضحية تدخلات أجنبية متكررة، أبرزها الانقلاب على رئيس الوزراء محمد مصدق عام 1953 بدعم من وكالة الاستخبارات الأميركية بعد محاولته تأميم النفط، مما رسّخ قناعة بأن الاستقلال يتطلب السيطرة على الموارد الوطنية.
دعم غربيووفق التقرير، لم يبدأ البرنامج النووي الإيراني بعد الثورة، بل كان مشروعا أميركيا-بريطانيا في عهد الشاه الإيراني الأسبق محمد رضا بهلوي ضمن مشروع "الذرة من أجل السلام"، وكان من المخطط أن تبني إيران 23 مفاعلا نوويا لتصدير الكهرباء للدول المجاورة.
وذكر التقرير أن واشنطن وافقت حينها على المشروع، ولم تكن لديها مخاوف من الانتشار النووي، بل إن وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر قال لاحقا إنه لم يرَ في ذلك الوقت خطرا من المفاعلات التي بُنيت بمساعدة ألمانية.
وبعد انتصار الثورة الإيرانية، أوقف مرشد الثورة آية الله الخميني المشروع النووي باعتباره تجسيدا "للتأثير الغربي" وعلامة على اعتماد إيران على التكنولوجيا الغربية.
تحول قوميولفت التقرير إلى أن إيران بدأت تنظر في المشروع النووي بجدية مع تزايد الطلب على الكهرباء والحرب مع العراق.
وأسهم استهداف العراق مفاعل بوشهر أثناء حرب الخليج الأولى وعدم تحرك المجتمع الدولي لحماية إيران في بلورة "القومية النووية" الإيرانية، وتولد شعور وطني بأن المشروع النووي ضرورة سيادية وأمنية.
وأشار التقرير إلى أنه بحلول عام 1990 أعلنت إيران نيتها بناء 10 مفاعلات نووية لإنتاج 20% من طاقتها، ودعا الرئيس الإيراني الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني العلماء النوويين للعودة والمساهمة في المشروع.
وأكد أن البرنامج النووي الإيراني ظل لسنوات محاطا بالغموض إلى أن كشفت جماعة معارضة -بدعم من الموساد– عن منشآت سرية عام 2002 في نطنز وكاشان، الأمر الذي فتح باب المواجهة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمجتمع الدولي.
وفي المقابل، قالت إيران إنها لم تبدأ تشغيل المفاعلات بعد، وبالتالي لا توجد أي مخالفة لمعاهدة حظر الانتشار، وأضافت أن تخصيب اليورانيوم لا يعني السعي نحو سلاح نووي، رغم صعوبة تفسير الهدف من العملية في غياب مفاعلات فعالة.
وتحت ضغط دولي، جمّدت إيران جميع عمليات تخصيب اليورانيوم مؤقتا في 2004 ضمن "اتفاق باريس"، دون أن تعتبر هذا التجميد التزاما قانونيا، بل بادرة ثقة فقط، حسب التقرير.
وعد التقرير انتخاب محمود أحمدي نجاد عام 2005 نقطة تحوّل، إذ تبنى الرئيس الإيراني خطابا أكثر تحديا، واعتبر أن التكنولوجيا النووية "مشروع علمي سلمي" وحق لأبناء إيران، وأن الطاقة النووية تخدم أغراضا طبية وزراعية، وتعد مصدرا لا غنى عنه للطاقة النظيفة.
وأورد أن هذا التصعيد في الخطاب قابله إصرار أميركي على منع أي تخصيب لليورانيوم، في حين تمسكت طهران بحقها في ذلك، لتبقى الدول الأوروبية عالقة بين الموقفين، دون أن تفضي الحلول الوسطية إلى أي نجاح حاسم أو انفراجة دبلوماسية طويلة الأمد.
إعلانونقل التقرير عن محمد البرادعي النائب السابق للرئيس المصري قوله إن إيران لا تسعى لسلاح بقدر ما تسعى للاعتراف بها كقوة إقليمية، وأن التكنولوجيا النووية بالنسبة لها تمثل رمزا للهيبة والمكانة، وليست بالضرورة أداة للدمار.
واختتم الكاتب التقرير بالإشارة إلى ما كتبه الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست، بأن "امتلاك الطاقة النووية هو تعبير عن الهوية الإيرانية ومطلب للاحترام الدولي، ولا يمكن فهم إصرار إيران على امتلاك برنامجها النووي الخاص -رغم جميع العواقب- دون فهم أثر الهوية الإيرانية على سياسة البلاد الخارجية.