الجديد برس| في عمق مدن مأرب وتعز وعدن وغيرها من المناطق الواقعة تحت سلطة المجلس الرئاسي وحكومة عدن الموالية للتحالف السعودي الإماراتي، يعيش آلاف الجنود معاناة وجودية حقيقية، لا تقتصر على جبهات القتال بل تمتد إلى بيوتهم الصغيرة، حيث تغيب لقمة العيش، ويتحول الراتب الشهري إلى رمز للإذلال الوطني. رغم مرور ثلاث سنوات على تشكيل المجلس الرئاسي، لا يزال كثير من جنود ما يعرف بـ”الجيش الوطني” يتقاضون رواتب شهرية لا تتجاوز ٨٠ ريالاً سعودياً (أقل من ٢١ دولاراً)، في ظل انهيار تاريخي للعملة المحلية، وتردٍ معيشي غير مسبوق.

صرخة من الداخل: “جريمة وطنية مكتملة الأركان” سيف الحاضري، رئيس تحرير صحيفة “أخبار اليوم”، والقيادي الإعلامي المقرّب من حزب الإصلاح، كتب على صفحته في “فيسبوك”: “جريمة أخلاقية ووطنية مكتملة الأركان يرتكبها مجلس القيادة بحق أبطال الجيش الوطني… يُترك من يحمل البندقية ليجوع مع أطفاله” وفق قوله. الحاضري عبّر عن مرارة الصدمة من التمييز بين الجنود، حيث يتقاضى بعضهم رواتبهم بالريال اليمني المنهار، فيما يحصل آخرون – في تشكيلات موازية ومدعومة من التحالف – على رواتب بالريال السعودي المستقر نسبياً. واعتبر الحاضري أن هذا التفاوت لا يمثل فقط ظلماً اقتصادياً، بل يُعد “تفكيكاً متعمداً للجيش الوطني”، متهماً المجلس الرئاسي بممارسة “سياسة تمييز وإهانة بحق الجنود الذين يقاتلون تحت راية الجمهورية اليمنية” وفق تعبره. المأساة في تفاصيل البيوت في منازل هؤلاء الجنود، تحوّلت الأم إلى آخر خط دفاع عن الكرامة، تقف حائرة أمام طفل يبحث عن حليب، أو مدرسة تطالب بالأقساط، أو خبز مفقود على مائدة متواضعة. راتب ٨٠ ريالاً سعودياً لا يكفي اليوم لشراء قارورة غاز منزلي، ولا حتى لتغطية مصروف أسبوع واحد لطفل في المدرسة. أموال تُهدر.. وكرامة تُدفن في ذات السياق، اتهم الحاضري المجلس الرئاسي بإهدار ملايين الدولارات على مشاريع رمزية ومجالس وهمية وامتيازات شخصية، في حين يُترك الجندي – عماد الدولة – للجوع.. وقال الحاضري: “بينما تُصرف الملايين على المجالس الوهمية والامتيازات الخارجية، يُترك من يحمل البندقية ليجوع مع أطفاله”. هذه المأساة المتراكمة ليست مجرد أزمة رواتب، بل هي قنبلة اجتماعية وسياسية موقوتة، ما لم يُسرع مجلس القيادة الرئاسي وحكومة عدن في معالجة جذرية لتوحيد الرواتب، وإنصاف الجنود، وإنقاذ ما تبقى حياتهم المنهارة.

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: المجلس الرئاسی

إقرأ أيضاً:

إحباط داخل إسرائيل.. حكومة نتنياهو لا تملك السيطرة على تنفيذ اتفاق غزة

بينما تعتقد قطاعات واسعة من الاسرائيليين أن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب تقدم فرصةً برزت بعد عامين منها، عندما أدرك الاحتلال وحماس أن الاتفاق أفضل من الجمود الدموي، بجانب إطلاق سراح الرهائن، لكن الخطة ذاتها تحمل في طياتها نقاط ضعف قد تعيق تنفيذها بالكامل، وبالتالي فقد تُصبح هذه الفرصة النادرة إخفاقًا تاريخيًا آخر أمام الاحتلال.

البروفيسور إيلي فوديه أستاذ الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية في الجامعة العبرية، وعضو المجلس التنفيذي لمنظمة "ميتافيم"، وعضو تحالف الأمن الإقليمي، ذكر أنه "بعد عامين من هجوم حماس، وُقّع اتفاق قد يُبشر ببداية عهد جديد، وقد جاء نتيجة اجتماع مسألتين: أولاهما ضغوط هائلة مارسها ترامب ومساعدوه، ومن خلال حلفائه، مصر وقطر وتركيا، على حماس، وثانيهما أن الاحتلال وحماس وصلتا نقطة تُسمى في العلاقات الدولية "الجمود المؤلم للطرفين"، حيث أدركا أن الاتفاق أفضل من الوضع الحالي".


وأضاف في مقال نشرته القناة 12العبرية، وترجمته "عربي21" أن "حماس التي تعرضت لضربات عسكرية قاسية، وتم القضاء على معظم قياداتها في غزة، حصلت على ضمانات بعدم تجدد القتال، وإلا لما وافقت مُسبقًا على التخلي عن ورقة الرهائن، وهذا يُبقيها عاملًا مهمًا في المفاوضات حول مستقبل القطاع والقضية الفلسطينية عمومًا، ويُقدم انتصارًا على مستوى الوعي، بصمودها في المعركة، رغم كل الصعاب، بل وإعادتها القضية الفلسطينية لمركز الاهتمام الإعلامي".

وأشار أن "الاحتلال حقق إنجازات عسكرية على جبهات متعددة، وألحق أضرارًا بالغة بحماس، لكنه لم يُقضَ عليها بعد، ونجا قادتها من محاولة الاغتيال في الدوحة، وبعد عامين من الحرب، أدرك الجيش، الذي يعتمد بشكل كبير على جنود الاحتياط، أنه يُجرّ إلى حرب استنزاف في غزة، قد تستغرق وقتًا طويلًا، وتُسفر عن سقوط العديد من الخسائر، كما أدى إرهاق المجتمع الاسرائيلي من الحرب، والضغط المستمر من المظاهرات من أجل المخطوفين، إلى شعور بالإرهاق من التحرك العسكري، وإدراك أن الوقت لا يعمل لصالح المخطوفين".

وأوضح أن "خطة ترامب تتيح فرصة عظيمة للحل، ومن خلال في بحثي حول إخفاقات الصراع العربي الإسرائيلي، اكتشفت أن المشكلة تكمن في أن كل فرصة مثالية لا تُستغل فعليًا، وهناك أمثلة كثيرة على الإخفاقات: خطة ريغان 1982؛ مبادرة السلام العربية 2002، خارطة الطريق 2003، وغيرها، وتكمن مشكلة خطة ترامب المكونة من 20نقطة في أنها عبارة عن عدة خطط أو خطة واحدة بمراحل متعددة، دون جدول زمني مفصل، وشروط الانتقال من مرحلة لأخرى".

وأشار أنه "يجري حاليًا إنجاز المرحلة الأولى، وتشمل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين، وتقديم المساعدات الإنسانية، وقد أُدخلت بالفعل تغييرات على خطة ترامب الأصلية في هذه المرحلة، سواءً فيما يتعلق بعدد الأسرى المفرج عنهم، أو بخط انسحاب الجيش، ويرجّح أن تنتهي هذه المرحلة بنجاح، لأن شروطها مقبولة من جميع الأطراف منذ البداية، ولكن بجانب الفرحة التي سادت نهاية الحرب وإطلاق سراح الرهائن، فإن استمرار المفاوضات بشأن المراحل التالية يطرح مشاكل معقدة".

وأضاف أن "القضايا الرئيسية التي تنتظر الأطراف هي إنشاء إدارة مؤقتة لحكم غزة مسؤولة عن تنفيذ خطط التنمية الاقتصادية، وقد طُرحت أسماء لقيادتها مثل رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير الذي يثير العداء لدى الجانبين العربي والإسلامي، وصولا لتفكيك حماس، ونزع سلاح القطاع، وانسحاب الجيش، ودخول قوة عربية/دولية.

وبالتالي والكلام للكاتب، فإن هذه هي المرحلة الحاسمة التي ستُختبر فيها جدية جميع الأطراف في الالتزام بالاتفاق، ويُحتمل أن تُشكل كل قضية بؤرة لتأخير المفاوضات، وربما حتى انفجارها، مع أن حماس تقدّم الاتفاق كوصفة لتعزيز شرعيتها في المجتمع الفلسطيني".


وختم بالقول إن "تأثير الاتفاق على السياسة الداخلية في دولة الاحتلال كبير جدا، فقد خلق تنفيذ المرحلة الأولى من خطة ترامب الشقوق الأولى في الحكومة اليمينية، ومن المفترض أنه مع تقدم المفاوضات، ستزداد معارضة اليمين، مما يهدد بقاء الحكومة، ومن المنطقي افتراض أن انتهاء الحرب وعودة المختطفين سيؤديان لتعزيز المطالب بتشكيل لجنة تحقيق رسمية، وهذه المطالب، بجانب استمرار المفاوضات، ستؤدي للتقدم في الانتخابات".

وتشير هذه القراءة الاستشرافية لمآلات الاتفاق في غزة أن الرؤية الإسرائيلية تعتمد الإصرار على مواصلة المفاوضات الفورية بوساطة أمريكية ومصرية، وربط مراحلها المختلفة، مما يعتبر الوصفة الأمثل لنجاح خطة ترامب، رغم أن تنفيذها يعتمد على عوامل عديدة خارجة عن سيطرة الاحتلال، وهنا قد يكشف حجم الإخفاق الذي مني به منذ اللحظة الأولى التي شنّ فيها حرب الإبادة على غزة، حتى نهايتها.

مقالات مشابهة

  • حكومة كوردستان تطالب بغداد بصرف رواتب الموظفين بعد تنفيذ الاتفاق الثلاثي
  • إحباط داخل إسرائيل.. حكومة نتنياهو لا تملك السيطرة على تنفيذ اتفاق غزة
  • أمراء المناطق ونوابهم والوزراء والمسؤولون يهنئون القيادة بمناسبة تأهل المنتخب الوطني لمونديال 2026
  • بارزاني يبحث مع المجلس الوطني الكوردي السوري تطورات المنطقة
  • تحليل أمريكي: غياب الإصلاحات الجادة لمجلس القيادة الرئاسي يُبقي اليمن على حاله (ترجمة خاصة)
  • رئيس مجلس القيادة من عدن: الأولوية لاستعادة مؤسسات الدولة وبنائها وتخفيف معاناة المواطنين
  • عاجل.. العليمي يتباهى بزيادة الاعتمادات الدبلوماسية ويعتبرها أحد مكاسب المجلس الرئاسي.. ووزارة الدفاع وموظفو الدولة بلا رواتب منذ أشهر
  • عضو مجلس القيادة الرئاسي البحسني يشيد بجهود وزارة الخارجية في تعزيز الحضور الدبلوماسي
  • هنأت ملك إسبانيا بذكرى اليوم الوطني لبلاده.. القيادة تعزي أمير قطر في ضحايا الحادث المروري بشرم الشيخ
  • قبيل صلح مع الرئاسي.. الزبيدي يلوح بضم حضرموت للسعودية