دعا كبير مسئولي الأمم المتحدة في ليبيا إلى آلية موحدة لقيادة إعادة إعمار المدينة الساحلية التي دمرتها الفيضانات المدمرة الشهر الماضي، وفق ما ذكرت صحف دولية. 

وقال المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا عبد الله باثيلي، إن مثل هذه الآلية مطلوبة وسط "مبادرات أحادية ومتنافسة" من قبل الجهات الفاعلة والمؤسسات الليبية بشأن إعادة إعمار مدينة درنة على البحر الأبيض المتوسط وغيرها من المناطق المتضررة من الفيضانات.

 

وضربت الأمطار الغزيرة والفيضانات الناجمة عن عاصفة البحر المتوسط دانيال أجزاء من شرق ليبيا الشهر الماضي.

وغمرت الفيضانات سدين خارج درنة في 11 سبتمبر، ما تسبب في حدوث تسرب ضخم للمياه التي جرفت المباني السكنية إلى البحر وأغرقت نحو ربع المدينة.

وحوَّلت السيول صحراء أوباري القاحلة في جنوب غرب ليبيا إلى بحيرة واسعة يلهو الأطفال فيها، وتجمّعت على شكل "شلالات" في منطقة الهروج، التي تضم أكبر مجموعة للجبال البركانية في شمال أفريقيا، وفق ما ذكرت شبكة “سكاي نيوز عربية”.

في الهروج، صبّت الأودية المحيطة بها مياهها في المنطقة، وهي عبارة عن "براكين خامدة منذ آلاف السنين".

وأصبحت الجيوب والحفر الوعائية بها إلى خزانات مياه طبيعية، كما أصبحت الجروف "شلالات" للمياه.

يأتي هذا استمرارا لهطول الأمطار منذ السبت الماضي حتى مساء الاثنين، على عدة مدن بجنوب غرب ليبيا، بنسبة جيّدة إلى غزيرة، وفق المركز الوطني للأرصاد الجوية.

وتشير التوقعات المناخية إلى استمرار الموجة، وتحديدا في جبال "تيبستي وأكاكوس" ومدينة غات قرب الحدود مع الجزائر.

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: 11 سبتمبر إعادة إعمار الأمم المتحدة الأمطار الغزيرة البحر الابيض المتوسط الفيضانات المدمرة المؤسسات الليبية المبعوث الخاص للأمم المتحدة المناطق المتضررة جنوب غرب ليبيا

إقرأ أيضاً:

ليبيا تستعيد حضورها في قمة المحيطات في نيس… لكن ما الذي ينتظر صياديها؟

في ميناء مدينة الخمس يجلس فرج عبدالصادق على حافة قاربه الخشبي القديم بعد رحلة صيد طويلة بدأت مع أولى ساعات الصباح. لم تكن الحصيلة وفيرة هذه المرة، بضع سمكات صغيرة وعدة زجاجات بلاستيكية عالقة في شباكه المهترئة.

يجلس فرج على حافة قاربه الخشبي، يمد ساقيه في المياه الضحلة، وينظر إلى البحر الذي كان يومًا مصدر أمل وتحول اليوم إلى عبء يومي. “نشتغل أكثر ونصطاد أقل. تعب البحر صار مثل تعبنا، بلا نتيجة”، يقولها بنبرة هادئة تخفي غضبة الصامت.

فرج، البالغ من العمر 46 عامًا، لا يخفي خيبته من السنوات الأخيرة التي شهدت تدهورًا حادًا في الثروة السمكية قبالة السواحل الليبية. يقول: “أنا في البحر من عمري عشرين سنة، ولكن ما عمري شفت الوضع بهذا السوء. الأسماك قلّت، والجرافات تصيد بعمق ولم تترك شي، والنفايات في كل مكان”.

غير بعيد عن فرج، كان الصياد الشاب محمد سويسي، 29 عامًا، ينقل صناديق فارغة من قاربه إلى الرصيف. سُئل عن محصول يومه فأجاب مبتسمًا بسخرية: “محصولي؟ خيطان ممزقة وسمك لم يسد فطور طفل”.

وأشار بيده نحو البحر قائلاً: “كنا نصطاد هناك. اليوم هذا المكان ميت. أنواع كثيرة اختفت تمامًا”.

وبينما يعيش الصيادون في ليبيا هذا الواقع المتدهور يوميًا، كانت أنظار العالم البيئي تتجه إلى مدينة نيس الفرنسية، حيث انطلقت في 9 يونيو 2025 فعاليات قمة الأمم المتحدة الثالثة للمحيطات، بمشاركة أكثر من 15 ألف شخص، بينهم 55 رئيس دولة وحكومة.

و رغم أن ليبيا تمتلك أكثر من 1900 كيلومتر من السواحل على البحر المتوسط، إلا أن بنيتها التحتية البحرية تكاد تكون معدومة.

لا توجد محميات بحرية فعلية، ولا مرافئ مجهزة لدعم قطاع الصيد، ولا حتى برامج حكومية مستدامة لحماية الشعاب المرجانية أو لتنظيم الصيد. بينما تعتمد مجتمعات كاملة على البحر كمصدر دخل، يُترك الصيادون وحدهم في مواجهة التدهور البيئي.

حضور رمزي

لأول مرة منذ سنوات، سجلت ليبيا حضورًا رسميًا على هذا المستوى، بوفد رفيع ضم رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ووزير البيئة إبراهيم العربي. حضور بدأ مهمًا من حيث الشكل، لكنه لم يترجم إلى مضمون فعلي، بحسب المراقبين.

الخبير البيئي التونسي بسام إبراهيم، الذي حضر القمة ضمن الوفد التونسي قال لقناة ليبيا الأحرار،: “تابعت الوفود العربية والأجنبية، لاحظت حركة كثيفة من الجزائر، مصر، المغرب، وحتى موريتانيا. أما الوفد الليبي، فكان حضوره بروتوكوليًا لا أكثر. لم يُنظم جلسات نقاشية، لم يعلن عن شراكات، وغادر في اليوم الثاني بصمت”.

وأضاف إبراهيم: “أمضيت ساعات أبحث عن جلسة أو عرض أو حتى كتيب يتضمن رؤية بيئية ليبية. لم أجد. حتى التصريحات كانت محدودة وعامة، ولا تُغني المختصين بشيء يمكن البناء عليه دراسات حقيقية وكان مقعد ليبيا في كل الجلسات شاغرا”.

ورغم هذا الغياب عن المبادرات النوعية، خصّ رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي قناة ليبيا الأحرار بمقابلة، قال فيها: “طلبنا من ممثلي اليونسكو والاتحاد الأوروبي القيام بزيارات ميدانية إلى السواحل الليبية بهدف إعادة تفعيل الدراسات البيئية التي توقفت منذ أكثر من عشر سنوات”. وأضاف أن ليبيا تأمل بالحصول على دعم فني من أجل إعداد خارطة بيئية شاملة.

لكن التصريح، رغم أهميته الرمزية، لم يتضمّن أي جدول زمني أو خطة تنفيذ، ما جعله في نظر كثيرين مجرد وعد آخر غير مُنجز.

غزو بلاستيكي

من جانبه، قال القائم بالأعمال الليبي في باريس، فتحي أميمة، في تصريح لموفد قناة “ليبيا الأحرار”، بعد تمثيله للدولة الليبية في قمة إفريقيا من أجل المحيط، إن حماية المحيطات والبحار من التلوث الناتج عن النفايات البلاستيكية والصيد الجائر أصبحت ضرورة ملحّة، لما لهذه الظواهر من تأثيرات بيئية تهدد الحياة البشرية.

وأوضح أن المحيطات تولد نحو نصف كمية الأكسجين على كوكب الأرض، وتلعب دوراً محورياً في استقرار المناخ العالمي، حيث تعتمد الحياة على الأرض بشكل غير مباشر على هذا التوازن الحيوي. كما أشار إلى أن ما يزيد عن 80% من التجارة العالمية تمر عبر المحيطات والبحار، في وقت يُتوقع أن تتجاوز كمية البلاستيك في المياه حجم الأسماك خلال العقود القادمة، إذا لم يتم اتخاذ إجراءات حاسمة.

بدوره، اعتبر الخبير البيئي عبدالمجيد مليطان مشاركة ليبيا في القمة خطوة رمزية لا أكثر، قائلاً: “ما جرى في نيس لم يتجاوز الحضور الشكلي. البحر لا تُنقذه المناسبات، بل السياسات الفعلية، والقرارات الجريئة، وبرامج الحماية والمحميات البحرية”. وأضاف: “ما تبقى من الحياة البحرية في ليبيا يتلاشى بوتيرة مقلقة، ونحن نقترب من نقطة لا عودة إذا استمر هذا الإهمال”.

وتابع: “المسألة ليست مجرد سمك أو ماء، بل مجتمعات بأكملها تعيش على البحر. الصياد اليوم لا يملك بديلاً، والبحر يُنهب أمام عينيه، دون رقابة أو محاسبة أو قوانين مُطبقة. نحن أمام كارثة بيئية صامتة”.

مبادرة 30×30

ويشير الخبراء إلى أن ليبيا متأخرة كثيرًا عن جيرانها في الانضمام إلى المبادرات البيئية الدولية. فبينما تعمل تونس ومصر بجدية لتنفيذ التزام “30×30” العالمي، الذي يهدف لحماية 30% من المناطق الساحلية والبحرية بحلول 2030، لم تعلن ليبيا عن أي رؤية مشابهة أو حتى خطة أولية.

في قمة نيس، تمحورت النقاشات حول قضايا الصيد غير القانوني، والتلوث البحري، وتغير المناخ، وشهدت القمة طرح مبادرات من عدة دول تهدف إلى حماية النظم البيئية البحرية، وتنظيم عمليات الصيد، ووضع خرائط للمحميات البحرية. في المقابل، غابت ليبيا كليًا عن هذه الجهود، دون طرح أي رؤية أو التزام واضح يعكس مسؤوليتها كدولة متوسطية.

في الخمس، لا تعني فرج عبدالصادق تفاصيل المؤتمرات أو البيانات الرسمية، فكل ما يريده هو دعم حقيقي. يقول: “نحن نشتري الشباك من جيوبنا، ونصلّح القوارب بالديون. البحر لم يعد يعيلنا، وكل شيء أصبح غاليًا بشكل لا يُطاق. نريد فقط أن تنظر الدولة إلى حالنا”.

ويعتقد السويسي أن الأمل يكمن في إشراك الصيادين في اتخاذ القرار. “نحن نعرف البحر أكثر من أي مسؤول في مكتب. نستطيع أن نعيد له الحياة… فقط أعطونا الوسائل”.

ورغم إحباطه، لا يُخفي السويسي أمله بأن تكون هذه المشاركة، ولو رمزية، بداية لتحرك فعلي. ويختتم بقوله: “إذا كانت هناك نية حقيقية، فليبدأوا منّا. نحن نعرف البحر، ونعرف كيف نعيد له عافيته… فقط استمعوا إلينا”.

ومع نهاية النهار، تنخفض الشمس نحو الأفق، ويستعد الصيادون لطيّ شباكهم ليوم آخر لا يعدهم بالكثير.

تم إعداد هذه المادة ضمن زمالة قمة الأمم المتحدة للمحيطات 2025 بتنظيم من شبكة صحافة الأرض التابعة لمنظمة “إنترنيوز”

إسلام الأطرش – نيس، فرنسا Total 0 Shares Share 0 Tweet 0 Pin it 0

مقالات مشابهة

  • المجموعة الخليجية تدعو مجلس الأمن للتدخل لوقف حرب إسرائيل وإيران
  • “الأمم المتحدة”: لجنة المتابعة الدولية بشأن ليبيا أدانت اشتباكات طرابلس
  • إيران تدعو مجلس الأمن لاتخاذ تدابير ملزمة وتنفيذية لوقف العدوان الإسرائيلي وفقًا للفصل السابع
  • برلين تحتضن اجتماعاً دولياً حاسماً لدعم حل سياسي شامل في ليبيا
  • اليوم العالمي للاجئين: الأمم المتحدة تدعو لتحويل التضامن إلى أفعال ملموسة
  • “الزكاة والضريبة والجمارك” تدعو المنشآت إلى تقديم إقرارات ضريبة القيمة المضافة عن شهر مايو الماضي
  • الأرصاد يبشر بتوسع رقعة الأمطار على اليمن  
  • ليبيا تستعيد حضورها في قمة المحيطات في نيس… لكن ما الذي ينتظر صياديها؟
  • إجلاء 70 ألف شخص جراء الفيضانات في هوايجي الصينية
  • فتاة تتعجب من صديقتها التي ترفض السفر مع زوجها إلى البحر .. فيديو