جدلية صراع الوعي والجهل في مجتمعنا
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
المنظومة المعرفية
تُتوارث كثير من الأعمدة المهمة لبناء المجتمع كانطباعات باعتبارها مهمة ومقدسة، وغالبا ما تكون هذه نتيجة النقل بأفهام محددة متعرضة للتشوه وتصور الناقل تماما كتجربة الأخبار باللمس في رتل ليتحول الموضوع إلى وصف لا يمت للأصل بصلة. ولعلنا من خلال هذا التقديس للهالات وتقدم الزمن حدث انفصال بين ما جعلناه مقدسا والتصور الحقيقي لحياتنا وعقائدنا، وهو أمر لا يُمس، فنقول لا تدخل الإسلام في السياسة أو تشريع الدولة فالسياسة قذرة وهذا دين وكتاب مقدس.
وهذا يأتي من انطباع عن معنى المقدس المنقول بواسطة التعليم إلى بلداننا مع الاحتلال الغربي وتهيئته لكادر تكنوقراط وظيفي موالٍ، يتعامل مع التدين الغريزي وليس كمضمون، واحترام غريب من نوعه، لدرجة عندما يرغب الطفل في جيلنا أن يقترب من القرآن المعلق على الحائط وفي "كنفه" تحذره أمه، فقد فهمت التقديس والمطهرون بطريق يمنع التفاعل بين الأطفال والقرآن، إنه كفن شنق فيه منهج أمة على جدار.
هذا الخلل أوجد نوعا من الهالات لرجال الدي، ولا رجال للدين في الإسلام، بل علماء. وهو ليس تخصصا ولا احتكارا، وهي حقيقة للأسف ستزعج هؤلاء العلماء وهم يعلمون أنها صحيحة، فرسّخوا الانطباعات، فمن ثار عليها متصورا أنها حقيقة الدين انحرف للإلحاد ومن حاول أن يتعامل معها بجزئية خرج متمردا مشوها بفكره، وكم من ازدواج وانحراف عندما يتلاعب هؤلاء ويلوون المعنى وفق الظرف والمصلحة وفق اعتقادهم أو لرغباتهم أنفسهم
هذا الخلل أوجد نوعا من الهالات لرجال الدي، ولا رجال للدين في الإسلام، بل علماء. وهو ليس تخصصا ولا احتكارا، وهي حقيقة للأسف ستزعج هؤلاء العلماء وهم يعلمون أنها صحيحة، فرسّخوا الانطباعات، فمن ثار عليها متصورا أنها حقيقة الدين انحرف للإلحاد ومن حاول أن يتعامل معها بجزئية خرج متمردا مشوها بفكره، وكم من ازدواج وانحراف عندما يتلاعب هؤلاء ويلوون المعنى وفق الظرف والمصلحة وفق اعتقادهم أو لرغباتهم أنفسهم، فيصبح الدين ضعيفا في النفوس ويبقى متعلقا في النفس غريزة، وهذا ليس فهما ولا يصنع حياة.
مخاض صعب وانتقال إلى الغربة:
الظرف والتحديات، وانحدار الأمة الحضاري تخلفها المدني المعاناة من الظلم وغياب القناعة ومعاني الحياة، كلها عوامل تثير تفكير المثقف والحصيف، فيتعرض إلى ومضات مبهرة وفهم لوقائع كانت راسخة عنده بشكل آخر تماما، فيقاومها إلى أن تستقر فارضة نفسها أنها أصل الفكرة وليس صورة من الذي يتصور انه الأصل عندما يتعمق في الفهم وتبدأ الإجابة عنده واضحة، وتقل التساؤلات لتصبح أسئلة عن الآليات والعمل، وهنا يتفاعل مع مجتمع وجهاز معرفي انطباعي لا يقبل التغيير يدعم كفاءة منظومة تنمية التخلف بانحدارها الفكري وتخلفها المدني بأن تكون عنصرا استهلاكي كما صممت عليه زمن احتلال لم تتحرر منه، ما دامت الأفكار التي وضعها في التعليم تحكم القرار والمنظومة.
الناس لن ينظروا إلى المثقف أو المفكر أنه توصل لما لا يعرفونه وأن اتباعه سيكون إنقاذهم من التخلف، فهم يظنون أنهم وصلوا قمة المعرفة ونجحوا في تحليل المتوارث من أفكار بالشروح والتوضيح، غير مدركين أنهم يركبون عجلات تدور في قفص السيرك. نعم هنالك حركة، هنالك إنتاج، ولكن في دوار السيرك، فكل فكر وفكرة في صندوق والحكم على الصندوق جاهز، حتى التفاح في الصندوق الواحد مختلف، لكن النظرة بجهاز معرفي متخلف ليست كذلك، فهو غريب والغريب من جُهلت حقيقته حتى وإن كان بين أهله وأولاده، عندما يتبحر بالعلم سيظنون أنه جنوح في نظرته للأمور، وأنه سيصحو لاحقا ليتبين له الحق (وهو ما يرون طبعا)، فإن ذهب بعيدا في تفنيد أفكارهم عندها هو مسكين فقد العقل أو منحرف، أو أكثر من ذلك، فإن عجزوا منه، فهو إما مطرود أو قتيل.
إننا نتعرض كأمة لسوء الفهم، فواجبنا ليس التقديس للتعاليم بل فهمها وتفعيلها وهذا التفعيل غير ممكن بتقديمها جامدة، فهي أتت لتفكر بها وتفاعلها مع أسئلة الواقع لتحلها فالحكمة هي خير كثير
هذه قصة تتكرر مع الأجيال ولا يفترض أن تتكرر مع الإسلام، لكنها تتكرر وبقوة بل يغادر المصلحون الحياة وهم متهمون، ويضيع من الشباب عمرا قبل أن ينفض هؤلاء الشباب السلبية عن طروحات عقلانية ربما لم يبق من صلاحيتها إلا منهج البحث لتتكرر المأساة، ذاك أن هنالك مصالح ذاتية تنمو بجهل الناس.
خلاصة:
إننا نتعرض كأمة لسوء الفهم، فواجبنا ليس التقديس للتعاليم بل فهمها وتفعيلها وهذا التفعيل غير ممكن بتقديمها جامدة، فهي أتت لتفكر بها وتفاعلها مع أسئلة الواقع لتحلها فالحكمة هي خير كثير.
أما المقدس فهو الأساس والإنسان، فأما الأساس فهو بأمر الخالق مثاني قابلة لإنتاج الجديد، وأما الإنسان فهو إرادة الله أن يكون في الأرض ليكون الإعمار وفاعلية السلالة. لكن أغلق التفكير سواء من المسلمين أو غيرهم من الرأسماليين أو الاشتراكيين، أو الملحدين الذين تحولت ثورتهم على جمود المؤسسة الدينية (البدعة أصلا وهي تعتبر التجديد بدعة) إلى دين ضد الدين، كذلك المؤمنين بأديان أخرى، كل جمد على أنه الحقيقة وعطل فاعلية التعارف من أجل البناء.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات الفكرة المسلمين التجديد المسلمين الفكر الوعي التجديد الجهل مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
كاتب إسرائيلي: كيف يستدعي الوزراء جنود الاحتياط وهم لم يخدموا عسكريا؟
قال الكاتب الإسرائيلي في موقع "واللا" العبري، نير كيبنيس: "إننا أمام حكومةٌ لم يخدم أعضاؤها في الاحتياط أصلا، بينما تُرسل عشرات الآلاف من أوامر الاحتياط، بزعم تكثيف الحرب على غزة"، وذلك في إشارة لكون قرارات حكومة الاحتلال الإسرائيلي، باستدعاء جنود الاحتياط في الجيش، ما زالت تترك تبعاتها السلبية على الإسرائيليين بشكل عام.
وأكد كيبنيس عبر مقال ترجمته "عربي21" أنّ: "حكومة اليمين التي لم يخدم معظم وزراؤها في الجيش إطلاقًا، ولو خدمةً قصيرةً، أو خدموا في مواقع بعيدة كل البعد عن القتال، فإن تجربة الاحتياط تبدو غريبةٌ على جميع وزرائها تقريبًا".
"صحيح أن الالتزام بقرار الاستدعاء للاحتياط مسألة قانونية، لكنه أمرٌ سخيفٌ عند النظر للمسألة من منظور أخلاقي، لأنه بأي منطق يرسل هؤلاء الوزراء المراوغون الجنود لساحة المعركة مجددا" تابع كيبنيس خلال المقال ذاته، الذي نشر في موقع "واللا".
وأضاف بأنّ: "الاستجابة لأوامر الاحتياط بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر كانت طبيعية، ووصلت نسبتها 130%، لكن اليوم بعد عام ونصف حوّل فيها الجيش غزة بحراً من الأنقاض، وجرّب كل شيء، وقُتِل مئات الجنود، وأصبح من الواضح أن الحكومة أوقفت المفاوضات لإطلاق سراح الأسرى".
وأردف: "وانسحبت الحكومة من العرض الذي قدمه نتنياهو نفسه، بعد أن ابتزّته الأحزاب اليمينية المتطرفة في حكومته، واتضح أن الحرب لا غاية عملية لها سوى وجوده، فإنها توحّد الحكومة، وتمنعها من الانهيار".
وأشار إلى أنّ: "أوامر الاستدعاء للاحتياط تصدر بينما تواصل الحكومة اختلاق الذرائع للحريديم للتهرب من الخدمة العسكرية، وصولا لاستكمال قانون التهرب الذي وُعدوا به، خاصة مع اقتراب عام انتخابي ساخن، الأمر الذي يستدعي من عموم الإسرائيليين الحذر من الاستجابة لأوامر الذهاب للقواعد العسكرية من جنود وضباط الاحتياط".
وأبرز: "لأن هذه الأوامر إنما تصدر فقط للحفاظ على الائتلاف اليميني الحاكم الذي يمنع هو نفسه إجراء الانتخابات المبكرة، لأن استطلاعات الرأي تواصل إخافته بأنه محكوم عليه بالهزيمة فيها".
إلى ذلك، أوضح الكاتب الإسرائيلي أنّ: "الحكومة تُصدِر اليوم قرارا بإصدار أوامر الاستدعاء للاحتياط لعشرات الآلاف من الجنود والضباط، وإن كان هذا صحيحًا ومبررًا تمامًا في بداية الحرب، وحتى مع استمرارها، عندما كانت لا تزال مرتبطةً بأمن الدولة، وليس فقط بأمن الائتلاف".
واستدرك: "صحيح أن رفض أمر الاحتياط يُعدّ انتهاكًا للقانون، ولكن عندما يُطلب من هؤلاء الجنود والضباط تنفيذه للمرة الخامسة أو السادسة، في دولة لا يتحمّل معظم مواطنيها هذا العبء، وجزء كبير منهم لم يتحمّله قط، فلا يحق للحكومة أن تطالبهم بأي شيء".
وختم كيبنيس بالقول: "لو كنت مكان هؤلاء الجنود والضباط في صفوف الاحتياط، فقد كنت سأخرج للدفاع عن الدولة مرة، مرتين، ثلاث مرات، لكن في المرة الخامسة، فهناك احتمال كبير أن أُجبر على الدفاع عن عائلتي وسبل عيشي، وإيجاد طريقة قانونية للتخلص من هذا العبء العسكري".
واستطرد: "لأننا في دولة فقدت كل معالمها، وجيشٌ يُستدعى جنوده الاحتياطيون للخدمة، بينما مؤسسات تعليم أبنائهم مُغلقة، ووزراءٌ فاشلون لا يؤدون وظائفهم، وميزانياتٌ لا تُخصّص لرجال الإطفاء، ولا للمعلمين، بل لمن يُشجّعون التغيّب عن المدرسة، والنتيجة أن الحكومة ستدرك قريبًا أن سياستها المريعة، في جميع القطاعات، بدأت تنهار تحت سيطرتها".