يرفض العاملون في هوليود الذكاء الاصطناعي، وترحب أستوديوهات ديزني ونتفليكس به ليحل محل البشر، وهو ما أدى إلى ثورة بين صناع السينما رغم أن الجمهور معتاد بالفعل على الشخصيات المصنعة بواسطة الحاسوب.

حدث ذلك في سلسلة أفلام مثل "حرب النجوم"، وأيضا فيلم "سريع وغاضب" بعد وفاة بول ووكر في حادث سيارة عام 2013، إذ تم استكمال تصوير الفيلم بشخصية مصممة بواسطة الحاسوب، فقد تم رسم وجهه على جسم اثنين من إخوته من خلال 350 لقطة رقمية بناء على أرشيف من اللقطات من مشاهد وعروض ووكر السابقة.

مزايا وأخطار

وكان الذكاء الاصطناعي قد تحول خلال السنوات القليلة الماضية إلى جزء أساسي من كل مجالات الحياة، خاصة صناعة السينما، ولم يعد تأثيره يقتصر على صناعة المحتوى فقط، ولكنه امتد إلى تقليل ساعات الإنتاج وتحسين مستوى الصورة، فضلا عن كتابة السيناريو.

ورغم الفوائد الملموسة للذكاء الاصطناعي في السينما فإن ثمة خطرا وجوديا يهدد الصناعة نفسها بالفناء، إذ يحل محل الجميع تقريبا، خاصة أنه يتعلم من تجاربه ويصبح أكثر قدرة على الإنجاز بمرور الوقت.

وتثير قضية استخدام الذكاء الاصطناعي الكثير من الجدل بين صناع الأفلام، سواء من المخرجين أو الممثلين أو الكتاب، ولعل إضراب الكتاب والممثلين في هوليود -والذي تسبب في شلل بالصناعة- هو مجرد بداية لصراع كبير بين الإنسان والذكاء الاصطناعي بشأن الوظيفة والقدرات الإبداعية.

تيم بيرتون: الذكاء الاصطناعي يشبه روبوتا يستولي على روح المخرج وإنسانيته وأفكاره (رويترز) روح المخرج

المخرج تيم بيرتون الملقب بـ"سيد الفانتازيا" وصاحب فيلميْ "عودة باتمان" (1992) و"الكابوس الذي سبق الكريسماس" (1993) يرى أن الذكاء الاصطناعي يشبه روبوتا يستولي على روح المخرج وإنسانيته وأفكاره، حيث بدأ الأمر بالمساعدة على تطوير الصناعة، ثم أصبح يستخدم لتقليد أسلوب المخرج وأسلوب المؤلف.

يقول بيرتون إنه "من الجنون أن ترى آلة تحاول تقليد هويتك"، وتعرض "سيد الفانتازيا" لتجربة انتحال أسلوبه عند تقليد الذكاء الاصطناعي شخصيات ديزني بأسلوب بيرتون، وظهرت شخصية "إلسا" من فيلم "فروزن" بوجه أبيض شاحب وترتدي فستانا أسود وتقف في غابة مسكونة، كما ظهرت شخصية "أورورا" بوجه شاحب أيضا مع غرز على خديها وترتدي فستانا داكنا.

ورغم اعتراف بيرتون بأن بعض الإبداعات كانت جيدة جدا فإنه لم يرغب أبدا في رؤية أسلوبه مقلدا.

تحذير قديم

يبدو المخرج الكندي الحائز على جائزة الأوسكار جيمس كاميرون أكثر تشاؤما من بيرتون، إذ يرى أن السباق مع الذكاء الاصطناعي يشبه السباق مع التسلح النووي، ويجب أن ننتبه حتى لا يتصاعد الأمر.

ويقول كاميرون "لنتخيل الموقف علينا أن نتصور الذكاء الاصطناعي صامدا في ساحة القتال، فيما لم تعد لدى البشر القدرة على التحكم أو وقف التصعيد"، ورغم قلقه فإن كاميرون يرى أن الذكاء الاصطناعي لا يمكنه كتابة سيناريوهات مقنعة لأن هذه الهبة تخص البشر فقط.

أخرج كاميرون فيلم "ترميناتور" وشارك في كتابته واعتبر فيلمه الذي صدر عام 1984 تحذيرا قديما من مخاطر الذكاء الاصطناعي.

المخرج كريستوفر نولان يرى أن الأمر لا يتعلق بالذكاء الاصطناعي بل بكيفية استخدامه (مواقع التواصل الاجتماعي) نولان متفائل

بعكس بيرتون وكاميرون لا يبدو كريستوفر نولان قلقا بشأن تقنيات الذكاء الاصطناعي وتأثيرها على عالم صناعة السينما، وهو مستعد لاستخدامها في تحسين أعماله.

ويشير نولان إلى أن الأمر لا يتعلق بالذكاء الاصطناعي، بل بكيفية استخدامه، لأن هذه التقنيات يمكن أن تقدم مساعدة كبيرة، خاصة في ما يتعلق بالمؤثرات البصرية.

ولا يتجاهل نولان الجانب المظلم للذكاء الاصطناعي، ويفكر في الاحتمالات المرعبة لوجوده، ويصل بأفكاره إلى أن الذكاء الاصطناعي ربما يصبح مسؤولا عن الأسلحة النووية، ويرى أن العالم يجب ألا يتعامل معه ككيان منفصل، بل يبقى البشر مسؤولين عما يفعلونه بالأدوات المتوفرة لديهم، ومن بينها الذكاء الاصطناعي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی یرى أن

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي كمرآة للإنسان: هل نحن فعلًا بهذا القبح؟

محمد بن زاهر العبري

 

لطالما تغنّى الإنسان بتفوّقه العقلي وتفرده الأخلاقي بين الكائنات الحية، وظل يؤمن بأن عقله هو ما يميزه ويرفعه فوق سائر الموجودات، حتى جاءت حقبة الذكاء الاصطناعي لتطرح سؤالًا جديدًا مقلقًا لا يتعلق فقط بتفوق الآلة؛ بل بكيفية انعكاس الإنسان نفسه في تلك الآلة.

الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية أو أداة حيادية، بل هو بناء إنساني يحمل في طياته القيم والميول والانحيازات التي يغرسها فيه الإنسان بشكل واع أو غير واع، لذلك فإن الذكاء الاصطناعي لا يكشف فقط عن قدرات الإنسان؛ بل يعرّي نواياه ونقاط ضعفه وصراعاته الأخلاقية.

فحين درّبنا الخوارزميات على التعرّف على الوجوه مثلًا اكتشفنا أنها أكثر ميلا مع الوجوه البيضاء عن الوجوه السمراء، وحين تركنا الذكاء الاصطناعي يطوّر نفسه اعتمادًا على المحتوى المتاح على الإنترنت صار عنصريًا وكارهًا للنساء ومليئًا بالتحيّزات ذاتها التي حاولنا نفيها عن أنفسنا.

الذكاء الاصطناعي إذًا لا يخترع القبح من فراغ، بل يعكس القبح الموجود فينا، في بياناتنا، في مواقفنا، وفي قراراتنا اليومية التي لم ننتبه أحيانًا إلى ظلمها وعدم عدالتها.

كل صورة نمطية ترسّخت في المجتمع ستجد طريقها إلى الخوارزمية، وكل تحيّز مرّ دون مراجعة سيتحوّل إلى منطق برمجي محايد ظاهريًا لكنه مشوّه جوهريًا، لدرجة أننا يوما قد نجده يقول لنا: فعلا ينبغي محو فلسطين من خارطة العالم!

نحن اليوم لا نقف فقط أمام مرآة تقنية؛ بل أمام مرآة أخلاقية تسألنا عمّا فعلناه في مجتمعاتنا، وتساءلنا ماذا فعلناه بأنفسنا. الذكاء الاصطناعي لا يبتكر الشر؛ بل يستعيره من الإنسان وهذا ما يجعل سؤال المستقبل سؤالًا أخلاقيًا قبل أن يكون تقنيًا، وهو:

كيف نمنع الذكاء الاصطناعي من أن يكون امتدادًا لقبحنا؟ وكيف نحوّله إلى فرصة لإعادة النظر في أنفسنا وفي ما نعتبره طبيعيًا أو مقبولًا؟

ربما لا يكون الذكاء الاصطناعي نقمة في حد ذاته؛ بل لعنة صادقة ومرآة تكشف ما نخجل من رؤيته في وجوهنا، وإن كانت هذه الحقيقة قاسية فهي البداية الضرورية لأية محاولة تصحيح أو تغيير فحين نعرف أننا نرسم القبح في خوارزمياتنا يمكننا أن نتعلّم كيف نرسم الجمال أيضا.

رسالة المقالة هذه هي: أيها الإنسان، ما لم تزرع في قلبك الجمال والمحبة والخير، لن تجد الذكاء الاصطناعي يوما سيقترحه عليك، لأنه وببساطة انعكاسك الأخلاقي.

مقالات مشابهة

  • وزير الثقافة يبحث مع المخرج محمد ملص سبل النهوض بواقع السينما السورية
  • مختص: لن نستطيع الاستغناء عن الذكاء الاصطناعي.. فيديو
  • دور الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة في الصراعات العسكرية
  • حمدان وسلطان الشحي.. «رحلة توأم في عصر الذكاء الاصطناعي»
  • الذكاء الاصطناعي كمرآة للإنسان: هل نحن فعلًا بهذا القبح؟
  • استشاري تكنولوجيا: هناك مهام لا يستطيع البشر أن يقوموا بها لولا الذكاء الاصطناعى
  • مؤسس المنتدى العربي للاقتصاد الرقمي: الذكاء الاصطناعي سيغير مستقبل التعليم في مصر
  • داعمة لـ السينما وكوادرها.. يسري نصر الله يهنيء سلمي الشماع بتكريمها
  • مميزات جديدة لواتساب من خلال الذكــاء الاصطناعي ..فيديو
  • كم من الأطفال يجب أن يَـقـتُـل الذكاء الاصطناعي؟