بوابة الوفد:
2025-05-28@01:47:19 GMT

غزة وحرب بفائدة

تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT

صدمنى الكاتب الصحفى السعودى طارق الحميد رئيس تحرير جريدة الشرق الأوسط السابق بمقاله الذى كتبه فى اليوم التالى للعمليات الفلسطينية ضد إسرائيل حيث راح يكتب مقالاً بعنوان «غزة وحرب بلا فائدة». جانب من الصدمة هو قدرة الكاتب على السباحة ضد التيار على هذا النحو البيّن، وهو موقف قد يعبر عن شجاعة فى الرأى من منظور البعض، فيما قد يعبر عن بجاحة وغياب للكياسة وعدم مراعاة مشاعر الجماهير والنظرة السياسية الضيقة من منظور آخرين.

لكن الرجل لا يقدم عنوانه هكذا دون سند من المنطق، وإنما يبرر طرحه فى أن الحرب بلا فائدة، كما يرى لأنها بلا هدف استراتيجى وإنما لتحقيق مصالح خاصة بالفصائل ومن خلفهم إيران وأتباعها. كما أن عواقبها ستدمى القلوب وسيكون الضحية كالعادة الفلسطينيين بينما قيادات حماس والفصائل فى فنادق فخمة، فيما الحقيقة تقول إن تلك القيادات فى قلب المعمعة وإن الحميد الذى يكتب مقاله برؤية فصائلية ربما كان يكتب من فندق فخم فى باريس أو لندن!

الغريب أن الحميد يشير إلى أن توقيت العمليات مشبوه، لأنها تأتى فيما تجرى مفاوضات مع الولايات المتحدة لخلق فرص سلام مع إسرائيل تضمن ظروف حياة أفضل للفلسطينيين. بغض النظر عن ملاحظة أن الكاتب اختزل الهدف من المفاوضات فى مجرد حياة أفضل وليس حصول الفلسطينيين على حقوقهم السياسية كاملة، فإنه لم يسأل نفسه كم مضى على تلك المفاوضات المزعومة التى يجريها العرب جميعا بكافة دولهم بما فيها السلطة الفلسطينية ذاتها دون أن يتقدم الفلسطينيون قيد أنملة، إن لم يكن على العكس يمثل كل يوم مفاوضات خطوة على طريق مزيد من ضياع حقوقهم.

شخصياً أخشى على الفلسطينيين من العواقب التى حذر الحميد منها، وأقول الفلسطينيون دون فرز بين ضفة وغزة، أو بين حمساوى وغير حمساوى، وأتمنى من كل قلبى لو أن من أقدم على تلك العملية من القيادات فى غزة أجرى الحسابات الدقيقة لسيناريوهاتها المتوقعة على مصير ومسار القضية الفلسطينية. لكن الهاجس الذى يراودنى بعيدا عن مثل هذه الحسابات هو السؤال: هل كان أمام الفلسطينيين طريق آخر؟

لا أظن أن الحميد أو غيره فى الشرق أو فى الغرب يمكن أن ينفى أن مسار القضية الفلسطينية على النحو الذى يسير فيه إنما كان إلى موات، وأظن، وليس كل الظن إثماً، أن المفاوضات التى يشير إليها الحميد، إنما كانت بمثابة مسمار إضافى وربما أخير فى نعش القضية.

رغم مزيج المشاعر المختلطة التى تنتابنى على وقع قعقعة السلاح، واحتدام القتال، ما بين قلق وتوتر، وبين أمل ورجاء، إلا أن العملية الفلسطينية تعيد إلى ذهنى الفيلم الأمريكى «300» والذى يعرض لملحمة 300 إسبرطى قتلوا جميعا ما عدا واحدا، فى مواجهة الجيش الفارسى الغازى المكون من 300 ألف جندى. ربما تعجل عملية حماس بموت القضية الفلسطينية وربما تكون فائدتها أنها ستعيد تلك القضية للواجهة، ولكن بافتراض أنها ميتة ميتة فإن الموت بكرامة ربما يكون أكرم وأقوم، عملا وتأكيدا على مبدأ أن «الحق فوق القوة».

اللهم انصر إخواننا فى فلسطين.

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: تأملات طارق الحميد للعمليات الفلسطينية

إقرأ أيضاً:

الصين وواشنطن وحرب سلاسل الإمداد

روب ويتمن وناديا شادلو

أثار قرار الحزب الشيوعي الصيني الأخير بفرض قيود على تصدير العناصر الأرضية النادرة والمغناطيسات صدمة لدى كثير من المراقبين والمحللين. لكن بالنسبة لأولئك الذين تابعوا حملة الصين المستمرة منذ عقود للسيطرة على صناعة العناصر الأرضية النادر؛، لم يكن هذا القرار مفاجئا.

فالصين سبق أن لعبت بهذه الورقة. ففي عام 2010 أوقفت تصدير العناصر الأرضية النادرة إلى اليابان؛ بسبب خلاف حول الصيد البحري. وقد أدركت بكين حينها أمرا لم تدركه واشنطن، وهو أن هذه المواد تمثل واحدة من أكثر نقاط الضعف حرجا في سلاسل الإمداد الأمريكية وحلفائها، خاصة في مجال إنتاج المغناطيسات الضرورية لجميع الإلكترونيات المتقدمة تقريبا.

وقد تجاهلت واشنطن تلك الإشارات التحذيرية في السابق، لكنها لم تعد تملك رفاهية التجاهل الآن. يمكن للعمل المشترك بين الكونغرس وإدارة الرئيس دونالد ترامب أن يُحدث تحوّلا جذريا، ويكسر الحواجز البنيوية التي تعيق صناعة المغناطيسات المحلية، ما يضمن مستقبل أمريكا الاقتصادي وأمنها القومي.

فالمغناطيسات ليست مجرد سلع عادية؛ فهي - إلى جانب البطاريات وأشباه الموصلات - تشكل أساس الحياة الحديثة والأمن القومي. فبينما تقوم البطاريات بتخزين الطاقة، وتقوم أشباه الموصلات بتوصيلها؛ تقوم المغناطيسات بتحويلها إلى حركة. وهي العمود الفقري للمحركات والمولدات وأجهزة الاستشعار والمشغّلات، أي: المكوّنات التي تمكّن تقريبًا كل الأجهزة الإلكترونية المتقدمة، من الهواتف الذكية والمركبات ذاتية القيادة ومراكز بيانات الذكاء الاصطناعي إلى مصانع أشباه الموصلات، والأقمار الصناعية، والطائرات المسيّرة، وجميع المنصات العسكرية تقريبًا.

ولا يمكن لتلك التكنولوجيا أن تعمل من دون مغناطيسات نادرة - خصوصًا مغناطيسات النيوديميوم الحديد البورون الخفيفة والمقاومة للحرارة -التي تحتكر الصين إنتاجها عالميا.

في الواقع؛ تسيطر الصين فعليا على سلسلة توريد مغناطيسات الأرض النادرة. وقدرتها على فرض حظر تصدير واحد كفيلة بإيقاف معظم خطوط الإنتاج الحيوية في قطاعات الدفاع والتجارة الأمريكية؛ فمعظم شركات تصنيع المغناطيس في العالم مرتبطة بالصين إما من خلال الملكية وإما الاعتماد على موادها ومعداتها. هذا يعني أن الأسطول الأمريكي من السفن والغواصات، وكل جهاز تصوير بالرنين المغناطيسي في الولايات المتحدة، وجميع الأقمار الصناعية، تعتمد على مغناطيسات صينية.

لقد أشار تقرير مجموعة العمل الخاصة بالمعادن الحيوية في ديسمبر الماضي إلى ضرورة إعادة التفكير في نهج الولايات المتحدة تجاه سلسلة الإمداد بأكملها في هذا القطاع.

وقد علّمتنا أزمة أشباه الموصلات أثناء الجائحة درسًا قاسيًا؛ ففي عام 2021 أدّت الإغلاقات الصينية إلى نقص في الرقائق الإلكترونية، ما كلف صناعة السيارات الأمريكية خسائر تُقدّر بـ 210 مليارات دولار. ويمكن أن تواجه القوات المسلحة الأمريكية أزمة مماثلة، ولكن بعواقب وجودية.

ولا يمكن لأمريكا أن تواصل الاعتماد على الصين في مكونات دفاعية حساسة قد تحتوي - في أسوأ الاحتمالات - على أجهزة تعقّب خفية يمكن تفعيلها أثناء الصراع. وهذا ما دفع البنتاغون إلى وقف إنتاج مقاتلات (إف 36) مؤقتًا بعد اكتشاف سبيكة صينية داخل أحد المغناطيسات.

وإذا لم يطرأ تغيير على هذا المسار ستزداد تبعية أمريكا للصين مع توسّع الشركات الصينية لتلبية الطلب العالمي المتزايد بتمويل غير مباشر من المستهلكين الأمريكيين ودافعي الضرائب. ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على العناصر الأرضية النادرة بنسبة 400% بحلول عام 2040. وإذا لم تطوّر أمريكا قدرة إنتاج محلية فستغوص أعمق في قبضة بكين.

لذلك؛ يجب على الكونجرس وإدارة ترامب معالجة ثلاثة تحديات هيكلية:

أولًا: على الرئيس أن يُعيد التوازن في المنافسة الدولية من خلال فرض إجراءات تحمي المنتجين الأمريكيين من الممارسات التجارية غير العادلة للصين، مثل: دعم الدولة، وانخفاض تكاليف القوى العاملة، وغياب المعايير البيئية. وقد فرض الرئيس السابق جو بايدن تعرفة بنسبة 25% على مغناطيسات النيوديميوم الحديد البورون الصينية تدخل حيز التنفيذ في 2026. ويمكن لترامب أن يضيف تعريفات مستهدفة ومستمرة توجّه رسالة واضحة لبكين بأن تقويض الشركات الأمريكية لن يمر دون رد.

ثانيا: ينبغي لترامب أن يوجه استثمارات كبيرة نحو شركات أمريكية لإنتاج مغناطيسات النيوديميوم الحديد البورون لا ترتبط بأي شكل بالصين. وخلال الأشهر الـ 18 الماضية بدأت بعض الشركات الأمريكية الواعدة في هذا المجال بالبروز. وقد شكّل أمر ترامب التنفيذي في 20 مارس المتعلق بزيادة الإنتاج المحلي للمعادن خطوة أولى قوية، وينبغي على وزارة الدفاع استكمالها بتمويل فعلي.

ثالثًا: يجب معالجة التدهور الحاد في الكفاءات الأمريكية بهذا القطاع؛ فحتى آلات تصنيع المغناطيسات تُستورد حاليًا من الصين. وهذا يتطلب خطة تشريعية متكاملة لإعادة بناء القوى العاملة المحلية عبر برامج تدريبية متخصصة، وتعاون مع الحكومات المحلية.

إن جبهة جديدة من حرب سلاسل الإمداد الصينية قد فُتحت، والتهديد واضح وجلي. وعلى أمريكا الآن أن تفعل ما تجيده وهو المنافسة، والابتكار، ثم الانتصار.

مقالات مشابهة

  • الصين وواشنطن وحرب سلاسل الإمداد
  • محمد محمود يكتب: التصدعات بين الفيفا واليويفا.. تحركات إينفانتينو الـدبلوماسية وأولويات مثيرة للجدل
  • معركة هارفارد وضرب غزة بالنووي
  • الحوثي ذراع إيران يهاجم المغرب تحت غطاء الدفاع عن القضية الفلسطينية
  • عُمان تُجدد التأكيد على محورية القضية الفلسطينية وضرورة وقف حرب الإبادة في غزة
  • ثمَّن موقف الدول الداعمة لـ”القضية الفلسطينية”.. وكيل الخارجية: المملكة حريصة على توسيع التعاون بين «الخليج» و»آسيان»
  • وزير الخارجية والهجرة يشارك في الاجتماع الوزاري الموسع لمجموعة مدريد بشأن القضية الفلسطينية
  • الميراث.. "قصة حزينة"
  • وزير الخارجية والهجرة يتوجه إلى مدريد للمشاركة في الاجتماع الوزاري الموسع لمجموعة مدريد بشأن القضية الفلسطينية
  • مصر.. سيناريو وتداعيات وكلام عن القضية الفلسطينية وأذرع الإخوان.. ضجة يثيرها أحمد موسى وساويرس يعلق