لجريدة عمان:
2025-05-16@16:01:43 GMT

ماذا بعد حرب حماس؟

تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT

هذه العملية المتعددة المسارات التي شنتها حركة حماس ضد إسرائيل بعد يوم واحد من حلول الذكرى السنوية لحرب يوم الغفران (حرب أكتوبر الأول) 1973 تشبه إلى حد مخيف ذلك الصراع. فقد باغت الهجومان الجريئان المفاجئان إسرائيل ووجها ضربات مميتة لشعورها بأنها لا تُـقـهَـر. ويتبقى لنا أن نرى ما إذا كان هجوم حماس، كما حدث في عام 1973، لـيُـفـضي إلى تحول جذري في السياسة الإسرائيلية وعلاقة إسرائيل بالفلسطينيين.

في عام 1973، فاجأت مِـصر وسوريا إسرائيل، فتوغلت قواتهما عميقا في أراضيها. في أيام ذلك الصراع الأولى، كان الوضع رهيبا حتى أن وزير الدفاع موشيه ديان أوصى باستخدام الأسلحة النووية. وقد صاغت لجنة أجرانات، التي جرى تكليفها لاحقا بمهمة التحقيق في أحداث الحرب، مصطلح «conceptziyya» (المفهومية) للتعبير عن غطرسة أجهزة الاستخبارات.

افترضت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية مفهوما مفاده أن القوة النارية الساحقة التي تملكها إسرائيل من شأنها أن تردع العرب عن الهجوم. كان من المعتقد على وجه التحديد أن مِـصر ستمتنع عن توجيه أي ضربة إلى أن تمتلك القوة الجوية الكافية لضرب أهداف في عمق إسرائيل وإخراس قوتها الجوية.

اليوم، تشبثت هذه المنظمات بمفهوم مفاده أن قوة إسرائيل الساحقة كفيلة بردع حماس عن شن حرب جديدة. وقد خلص سادتهم السياسيون، بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، إلى أن اندلاع أعمال العنف بشكل دوري من جانب الفلسطينيين ليس سوى مصدر إزعاج يمكن إدارته، في حين تصوروا أن الشعب المحتل سيقبل الاحتلال إلى ما لا نهاية. تثبت العملية التي شنتها حماس بطلان هذا النهج. وقد بات من الواضح الآن بما لا يدع أي مجال للشك أن حركة حماس التي تدعو بلا انقطاع إلى تدمير إسرائيل من غير الممكن أن تستمر في الوجود على حدود إسرائيل. بعد أن أصدرت لجنة أجرانات في عام 1974 النتائج الأولية التي توصلت إليها، استقالت رئيسة الوزراء جولدا مائير ووزير الدفاع موشى ديان. انسحبت مائير بلطف بينما رفض ديان الدعوات للقيام بالأمر ذاته لأن اللجنة لم تصدر توصيتها بذلك. من المؤكد أن نتانياهو يحاكي الآن موقف ديان، لكنه يواجه دون أدنى شك خاتمة مخزية لحياته المهنية السياسية التي دامت أربعين عاما. ورغم أن خطاب نتانياهو الفظ الغليظ الصارم أكسبه المؤيدين والأنصار في الداخل والخارج، فإنه لم يكن قط متطابقا مع الواقع، وكان حدوث عملية حماس أثناء ولايته سببا في تحويله على الفور إلى نـمر من ورق. فقد وَعَـدَ بأن سياساته كفيلة بإخضاع الفلسطينيين، فإذا بهم يطلقون العنان لأبشع هجوم في تاريخ إسرائيل. كما تعهد بأن الحزم الاقتصادية ستسترضي الفلسطينيين، لكنهم على العكس من ذلك وجدوا ارتباطهم بأرضهم أقوى من إغراء ملء محافظهم بالمال.

الواقع أن استراتيجيته لم تمتد قَـط إلى ما هو أبعد من السماح للمؤسسة العسكرية بإطلاق يدها والتصرف بحرية في الأراضي الفلسطينية.

لقد أثبت نتانياهو هذا منذ زمن بعيد. ففي سنواته الإحدى عشرة الأولى في السلطة، أبدى انزعاجه الشديد إزاء الضغوط التي مارستها الإدارات الديمقراطية في الولايات المتحدة وادّعى أن الصراع يمكن حله تحت رعاية رئيس جمهوري. ولكن أثناء إدارة دونالد ترامب، حصل نتانياهو على تنازلات أمريكية، مثل نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس، دون أن يقدم للفلسطينيين أي فوائد ملموسة. ورغم أن التخلص من نتانياهو سيكون عملية بطيئة، فإن التخلص من أتباعه سيحدث حتما في الأسابيع التالية لهدوء أعمال العنف. كانت لجنة أجرانات أوصت بإقالة عدد ضئيل من الضباط، أغلبهم في فرع الاستخبارات. أما عملية البحث في الذات التي جلبتها هذه الحرب فسوف تمتد إلى أكبر داخل الجيش وتنتشر لتشمل مستويات عليا في جهاز الأمن الداخلي. وقد تجد حركة حماس نفسها في مواجهة مماثلة مع الذات. كثيرا ما تتحدث المؤسسة الأمنية الإسرائيلية عن تدمير «البنية الأساسية لحماس». وسوف يزودها الهجوم بالفرصة للقيام بذلك. سوف ينطلق حتما غزو بري إسرائيلي واسع النطاق، والاحتلال الطويل الأمد احتمال مرجح. ورغم أن قادة حماس سينتقلون إلى مخابئ تحت الأرض، فمن المشكوك فيه أنهم قد يجدون مأوى آمنا. في عام 1996، احتجزت حركة توباك أمارو الثورية البيروفية مئات الرهائن في مقر إقامة السفير الياباني في ليما. واستحوذ الهجوم المذهل على اهتمام العالَـم. ثم تمكنت غارة عسكرية في وقت لاحق من تحرير الرهائن في حين وجهت للمنظمة ضربة مهلكة لم تتعاف منها قَـط. سوف يفسح المجتمع الدولي لإسرائيل مجالا واسعا لفعل الشيء ذاته مع حماس. وسوف تُـخـرَس صرخات القلق المعتادة بشأن الخسائر بين المدنيين، تماما كما حدث أثناء حرب إسرائيل في عام 2006 مع حزب الله. السؤال الأكثر أهمية هو ما إذا كان الهجوم ليغلق فصلا في التاريخ الإسرائيلي. في نهاية المطاف، تسببت حرب 1973، جنبا إلى جنب مع الكشف في عام 1977 عن أن زوجة خليفة مائير كانت تمتلك حسابا مصرفيا أجنبيا غير قانوني، في كسر قبضة حزب العمل على السلطة والتي دامت 29 عاما.

اليوم، تعلو أصوات أبواق إسرائيل المطالبة بالانتقام. وعندما تصمت هذه الأبواق، سيتبع ذلك حالة من التأمل وفحص الذات. سوف يشكك الإسرائيليون في مفهوم أنهم قادرون على جني فوائد الدولة القومية الغربية في حين يعتادون على المصاعب التي يسعى جيرانهم إلى فرضها عليهم. لكن إحياء اليسار الإسرائيلي وتنشيط عملية السلام احتمال غير مرجح. فمنذ رفض الفلسطينيون خطة السلام في عام 2000، كان اليسار في حالة ركود. واليوم تراجع حزب العمل من أوج السلطة ليصبح واحدا من أصغر الفصائل في الكنيست الإسرائيلي.

في عام 1973، أدى إدراك حقيقة مفادها أن إسرائيل ليست منيعة إلى وضعها على المسار إلى السلام مع مِـصر. أما المأساة الأعظم التي ستترتب على الحرب الحالية فستكون العجز عن الوصول إلى سلام مماثل مع الفلسطينيين.

باراك بارفي زميل باحث سابق في نيو أمريكا وزميل زائر سابق في معهد بروكينجز.

خدمة بروجيكت سنديكيت

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی عام

إقرأ أيضاً:

إسرائيل أمام مفترق طرق - يديعوت: لا تقدم حقيقي في المفاوضات إلا أنها مستمرة

قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، صباح اليوم الجمعة 16 مايو 2025، إنه "لا يوجد تقدم حقيقي في المفاوضات بشأن الصفقة إلا أنها مستمرة رغم ذلك".

وأضافت الصحيفة، إن "الوفد الإسرائيلي لا يزال موجودا في الدوحة صباح اليوم ولم يتم اتخاذ القرار بعد بشأن عودته إلى إسرائيل".

إقرأ أيضاً: صحيفة: آخر مستجدات هدنة غزة مع قرب انتهاء جولة ترامب

وأشارت إلى انه "من وجهة نظرها التزمت إسرائيل بالخطة الأصلية التي وضعها ويتكوف وأصرت على أنه لن تكون هناك نهاية للحرب من دون عودة جميع المختطفين واستسلام حماس ، مع ذلك فإن ويتكوف يدرس أيضا مقترحات إضافية من شأنها أن تشمل إطلاق سراح المختطفين على دفعات من أجل دفع الأطراف إلى وقف إطلاق النار".

وشددت الصحيفة، على أن الحكومة الإسرائيلية أمام مفترق طرق إما توسيع الحرب أو التوجه لصفقة، وستكون الساعات المقبلة مهمة بشأن ذلك.

وأوضحت أن هناك طريق مسدود في المحادثات حاليا بقطر، حيث ترفض حماس اعتماد مخطط ويتكوف الأصلي والذي يهدف إلى إطلاق سراح نصف المختطفين الأحياء في اليوم الأول من الاتفاق ثم فتح المفاوضات حول صفقة شاملة.

وبحسب مصادر في إسرائيل فإن حماس تشترط أن يتضمن أي اتفاق التزاما إسرائيليا بإنهاء الحرب.

وحول العمليات الإسرائيلية الأخيرة في قطاع غزة، أكدت الصحيفة، أن "أحد أسباب هذه الهجمات هو بالفعل الاستعداد لدخول قوات برية ومدرعة في حال بدء تنفيذ عملية "عربات جدعون" وفقا للخطط التي قدمها الجيش الإسرائيلي والتي وافقت عليها القيادة السياسية بالفعل".

وأوضحت مصادر عسكرية للصحيفة، أن هذه هجمات كبيرة لن تؤدي إلى تدمير أصول حماس فحسب بل ستساعد القوات المناورة أيضًا.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين مستوطنون يحرقون نحو 17 مركبة في سلفيت صحيفة: آخر مستجدات هدنة غزة مع قرب انتهاء جولة ترامب بالفيديو: مجزرة جديدة - أكثر من 100 شهيد في غارات إسرائيلية على شمال قطاع غزة الأكثر قراءة بالفيديو: شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي على غزة والنصيرات موقع عبري: ترامب بحث مع وزير إسرائيلي أمس الحرب على غزة هآرتس: ضغوط أميركية كبيرة على إسرائيل لعقد صفقة مع حماس قبل 13 مايو "مشروع عنصري خطير".. مسؤول فلسطيني ينتقد خطة توزيع المساعدات بغزة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • إسرائيل أمام مفترق طرق - يديعوت: لا تقدم حقيقي في المفاوضات إلا أنها مستمرة
  • هذه الشركات التي ألغت رحلاتها إلى إسرائيل خشية صواريخ الحوثي
  • كيف تعامل اللوبي اليهودي مع استبعاد إسرائيل من زيارة ترامب للمنطقة؟
  • مغردون يرحبون بصواريخ الحوثي التي ضربت إسرائيل
  • إسرائيل تكثف قصف غزة تزامنا مع زيارة ترامب للشرق الأوسط
  • إسرائيل تقر باغتيال الصحفي اصليح في استهداف مستشفى ناصر جنوب غزة
  • إسرائيل – محاولة اغتيال محمد السنوار تحاكي سيناريو تصفية نصر الله
  • وصول تسعة أسرى فلسطينيين إلى قطاع غزة بعد أن قضوا 19 شهرا في سجون إسرائيل
  • نتانياهو يهدد باجتياح غزة بكامل قواته
  • أول اتصال هاتفي بين نتنياهو وألكسندر.. ماذا قال عيدان؟