بين الشعب والمُحرضين على استمرار الحرب (جدار من الدماء) !!
تاريخ النشر: 12th, October 2023 GMT
د. مرتضى الغالي
هذا هو ما جلبه علينا الانقلاب وقبله نظام الإنقاذ المُجرم..(وانقلاب البرهان نفسه صنيعة إنقاذية بامتياز)..وما جلبته علينا مليشياته التي صنعها وبوأها وغذّاها من صميم مخصصات الغذاء والدواء والصحة والتعليم وأمدها بالسلاح ونشرها في المواقع وجعلها (سلاح مشاته) بنية أن يضرب بها الشعب..! وعندما انقلبت عليه اتهم أنصار الثورة بأنهم أصبحوا الحاضنة الشعبية لهذه المليشيات…تعالى الشعب السوداني الثائر عن ذلك علواً كبيراً.
وحتى (ميكافيللي) أستاذ الانتهازية الأصيل يقدم تحذيراً قوياً من استخدام المقاتلين المرتزقة والمأجورين باعتبار أنهم ليسوا أصحاب قضية وليس لديهم دوافع نفسية أو أخلاقية أو وطنية لممارسة القتال..ويقول إنه متى ما تأخرت عن المقاتلين المرتزقة الرواتب والأعطيات تحوّلوا للسرقات والنهب وارتكاب الأعمال الوحشية والساقطة..! فالمقتل المرتزق بطبيعة الحال إما صاحب (خلفية مشبوهة) أو سابقة إجرامية أو يعاني فقراً مدقعاً و(وضاعة اجتماعية)..!
المرتزق المقاتل والمرتزق الحركي والمرتزق الإعلامي لا يتورّع عن انتهاك أو عيب..ولا يرعى حُرمة ولا يخشي عاقبة أو محاسبة أو وخذ ضمير..فهو في حالة ابتزاز مستديمة..ولسان حاله يقول لمن يدفع له: (أنا اقوم بما تريد..أو بما لا تقدر عليه….فماذا تريد مني أكثر من هذا..؟!
هذه هي خلاصة ما حذر منه عرّاب الانتهازية السياسية “نيكولو ميكافيللي” صاحب نظرية (الأيدي القذرة والقفازات النظيفة) وهو ما يحدث الآن في الوطن من فظائع في مختلف أقاليمه..وهي الجريمة الممتدة من الثلاثين من يونيو 1989 وحتى الآن..! وكاذب كذوب من يستطيع التفريق بين ما تصنعه مليشيات الدعم السريع وما يصنعه مجندي انقلاب البرهان وكتائب الكيزان وجماعة كرتي وعلي عثمان وأحمد هارون ومن يطلقون عليهم اسم المستنفرين..! وما المستنفرون إلا جماعات من الفلول..أو أيفاع خدعهم الفلول وجعلوهم وقوداً لأطماعهم الخاصة….! فكيف يتسنى لمواطن شريف سليم العقل أن ينهض ليشارك في حرب ملعونة (قال البرهان نفسه إنها حرب عبثية) تطرده من بيته وتقتل أبنائه وبناته وأطفاله في وضح النهار..؟! وإذا كان البرهان نفسه (ومتى كانت له نفس) يقول بأنها حرب لعينة..كيف جاز له وجماعته أن يدعو إلى استمرارها..؟! وكيف جاز لأبواق الضلال أن تتهم من يدعو إلى وقفها بأنه خائن لوطنه أو انه يناصر مليشيا الدعم السريع..؟! وإذا كانت الحرية والتغيير هي التي صنعت الحرب..فلماذا يتبنى الاخونجية مواصلتها..؟!!
ألا إنها لفرية مفضوحة (ورب الكعبة) يروّج لها منزوعو الضمير من (استراتيجيين بلهاء) و(إعلاميين أجارك الله) و(أشباه سفراء مخابيل) وأبواق ضلال وشراذم من مدفوعي الأجر من المرتزقة أصحاب أربطة العنق الملونة..أصحاب (العواسة النتنة) من أرزقية كيبوردات الظلام وأصحاب الإطلالة العاطلة الباطلة من شاشات الكذب والتمويه والتضليل..!
وإذا كان ميافيللي على وضاعة نظريته في استخدام الوسائل غير النظيفة من اجل تحقيق الغايات الملغومة يحذر من استخدام المقاتلين المأجورين..فمن باب أولى أن يسري هذا التوصيف على (الأقلام المرتزقة) و(حناجر الأجرة) التي تحرّك الأصابع واللغاليغ حرصاً على استمرار (الدفع الذاتي) وتدفق الأموال والأعطيات بالتباري في الاختلاق ورفع وتيرة الكذب والتلفيق والسباب والشتائم من اجل المغالاة في إرضاء (أولياء النعمة) لحصد المال المغموس في الدم…!!
تجد بين هؤلاء من يحاول إعلاء سعر الارتزاق عبر (العواء الإعلامي) وحملات التخوين والتلفيق والتمادي في الوقاحة..وتجد بينهم (صنائع الإنقاذ) الذين انتشلتهم من (الخبوب والربوب) فهم يقومون لآن بهذه المناصرة الخسيسة المبخوسة بسبب ما أغدقته عليهم في سنواتها السوداء..وتجد بينهم من يخاف من ابتزاز الاخونجية وكشف المستور..وتجد بينهم من يعشم (في ريع قادم) أجراً على ارتزاقه الحالي…ومنهم كذلك أصحاب (النفوس الصغيرة) الذين يقنعون بفتات ما يصلهم من مصاريف و(مظاريف) وأعطيات على قدر قاماتهم القصيرة..! وإنك لتكاد يا صديقي أن تشير إلى هؤلاء (بالاسم) حيث لا تخفى على المجتمع السوداني خافية..فهو مجتمع (شديد ولضيض) ومنفتح على مراقبة لصيقة تعلم حال هؤلاء وأولئك من مستجدي النعمة..وتعرف حقيقة أوضاعهم (قبل الإنقاذ وبعدها)..و(قبل الانقلاب وبعده)..وتعرف مرامي الصغار ركيكي السلوك فقراء المروءة.. خلاصة رميم الرميم ونفاية النفايات..!
لقد أصبح بين هؤلاء المتاعيس المُحرضين وبين الشعب السوداني (جدار من دماء الأبرياء)..وليعلموا أنهم يشاركون مشاركة كاملة في ما يجري الآن..وأنهم مسؤولون مسؤولية مباشرة عن كل هذا التدمير والتخريب والتهجير و(القتل التجاري)..!
هؤلاء قضيتهم معروفة..لكن موضع الغرابة يتجسّد في بعض الذين كانوا يناصرون الثورة ولكن تبدّلت الآن مواقفهم وأقوالهم ودعاويهم وأصبحت تتطابق مع مواقف وأقوال ودعاوي أبواق الفلول..وباتوا ينادون بمواصلة الحرب (وهم في مأمن)..! بل أصبحوا يقولون أن قوى الحرية والتغيير تجنح نحو تأييد الدعم السريع مثلما يجنح الاخونجية إلى تأييد حرب البرهان وانقلابه…! هذا والله من البهتان العظيم و(اللولوة الخاسرة الخائرة)…!
ما هذا (التفكير البرهاني الأردولي)..؟! وما هذا الاستخفاف والخفة التي تشبه المراهقة السياسية والتي لا تليق مع الأهوال التي تحيط بالوطن..؟؟ الله لا كسّب الفلول وكل من يقف في صفهم عامداً…أو متعالماً..!
الوسومد. مرتضى الغاليالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
إقرأ أيضاً:
نتنياهو تحت النار: انتقادات داخلية وضغوط دولية مع تصاعد حرب غزة
صراحة نيوز ـ تواجه الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو موجة متصاعدة من الانتقادات الحادة في ظل استمرار الحرب على قطاع غزة، حيث حذرت تقارير إسرائيلية من أن سلوك نتنياهو السياسي والعسكري يدفع البلاد نحو عزلة دولية متزايدة وانقسام داخلي عميق، بينما يواصل تجاهل الضغوط الأميركية والدعوات إلى وقف القتال.
وسائل إعلام إسرائيلية أبرزت اتصالًا هاتفيًا بين وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ونتنياهو، أعرب خلاله المسؤول الأميركي عن قلق واشنطن من تدهور الوضع الإنساني في غزة، داعيًا إلى تسريع دخول المساعدات، في إطار مشروع أميركي لإنشاء صندوق إنساني خاص بالقطاع يبدأ العمل به قريبًا. وأشارت المراسلة غيلي كوهين إلى أن هذا التوجه يمثل تحولًا في موقف واشنطن، رغم أن روبيو يُعرف بمواقفه الداعمة لإسرائيل.
في الداخل الإسرائيلي، قال باراك سري، المستشار السابق لوزير الدفاع، إن نتنياهو غير قادر على اتخاذ قرار بإنهاء الحرب بسبب قيود حزبية، معتبرًا أن التردد المستمر يعرّض إسرائيل لخطر الاستنزاف ويُهدد علاقاتها مع الولايات المتحدة، التي قد تقرر التخلي عن دعمها وترك إسرائيل “تغرق في طين غزة”.
وفي السياق ذاته، رأت الصحفية سريت أفيتان كوهين أن الخطر الحقيقي يكمن في بقاء حركة حماس في غزة بعد الحرب، معتبرة أن ذلك قد يُعيد سيناريو السابع من أكتوبر في مناطق أخرى أيضًا، إلا أن باراك سري رد على هذا الطرح مشيرًا إلى أن استمرار الحرب لا يرتبط باعتبارات أمنية بل بدوافع سياسية داخلية.
كما حذرت عضوة الكنيست ميراف كوهين من التغيرات الجيوسياسية في المنطقة، مشيرة إلى اتفاقيات وصفقات تسليح متقدمة بين دول الخليج والولايات المتحدة، قد تعيد تشكيل ميزان القوى الإقليمي، بينما تظل إسرائيل غائبة عن طاولة التفاوض وتبدو كأنها الطرف المستهدف لا الشريك في التسويات.
رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك وجّه انتقادات لاذعة لنتنياهو، واصفًا إياه بأنه “قائد التيتانيك” و”سائق الحافلة القاتلة” و”جراح الموت”، معتبرًا أن هذه التوصيفات ليست استعارات بل تعكس واقعًا خطيرًا، وداعيًا قادة المعارضة إلى عدم الالتحاق مجددًا بحكومة يقودها نتنياهو، الذي اتهمه بالتضحية بالجنود والمختطفين من أجل حلفائه في التيار الديني المتطرف.
من جهتها، شددت وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني على أن استمرار الحرب لم يعد مبررًا بذريعة “عدم وجود بديل”، معتبرة أن الحكومة تسعى إلى احتلال غزة لأهداف سياسية، لا إلى نصر عسكري فعلي. وربطت ذلك بمساعي بعض الوزراء لنقل مستوطنين إلى القطاع.
ورأى المحلل السياسي ميخائيل فليغيفرت أن صورة إسرائيل في العالم تتدهور بشكل متسارع، مشيرًا إلى أن أوروبا باتت ترى إسرائيل كطرف يعرقل الحلول ويمارس القوة المفرطة، ما قد ينعكس على ملفات كبرى مثل اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي التي ستُناقش قريبًا.
وأكد أن النظرة الدولية لإسرائيل تتجه نحو تصويرها كـ”الولد السيئ”، ما يزيد من الضغوط الخارجية ويُفاقم الأزمة السياسية الداخلية.