بوابة الوفد:
2024-06-12@04:29:54 GMT

حاجتنا إلى الشعر

تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT

كلما ازدادت التقنية والتقانة والآلة والميكنة والرقمنة احتاج الإنسان أكثر إلى من يوقظ مشاعره ويحرّك سواكن روحه. كنتُ أذهب فى ألمانيا إلى حلقات العلاج بالشّعر والموسيقى «كلما ابتعد العالم عن الروح ضل طريقه ولو كان غنياً» انظر إلى تعداد حالات الانتحار تجد أن أعلاها فى الدول التى حققت نمواً اقتصادياً ودخلاً عالياً لأفرادها ولكنهم يفقدون الجانب الروحى.

على محركات البحث نجد جلال الدين الرومى أكثر الناس بحثاً عنه فى العالم لماذا؟ لأن الشّعر والأدب عامة والموسيقى مكوّن من مكوّنات الذات البشرية وإذا ضلّت منه ذاته بحث عنها فإن لم يجدها ضاعت ذاته، لكل هذا أرى أنّ الشّعر بخير وسيظل ما ظل الإنسان حيًّا ربما يختبئ فى نص روائى أو مسرحى أو موسيقى لكنه سيظل. ولا أنسى أنى عندما كنت طفلاً دون الخامسة طلبت منى أختى حميدة وهى أكبر منى جاءت من بيت زوجها لتلد عندنا طلبت منى فى السادس من فبراير 1964 أن أذهب لشراء جريدة الأخبار وكانت متلهّفة عليها، منحتنى قرشين ثمن الصحيفة ووعدتنى بمثلهما عند عودتى، سألتها ولماذا اليوم بالذات؟ قالت لأن أم كلثوم ستغنّى أغنية «إنت عمرى» مساء وأنا أريد أن أحفظ كلمات الأغنية قبل ذلك، وقالت إن جريدة الأخبار تنشر القصيدة التى تغنيها أم كلثوم فى عددها الصادر صباحاً. وذهبتُ إلى بائع الصحف الذى كان ينتظر وصول القطار المُحمّل بالصحف وعدت بالجريدة ورأيت فرحة فى عيون أختى وأخواتى وهى تقرأ القصيدة بصوت عال قبل أن تشدو بها أم كلثوم مساء.

كم نحن فى حاجة للشعر.

مختتم الكلام

ترجمتى رباعيات الخيام 

فَلْتسقِنى قلبى إليكِ مَشُوقُ/

هاتى شفاهكِ فالكؤوس تعوقُ

وتمتَّعى فغدًا سيصنعُ عظمُنا/

كأسـا لغانيةٍ ليُسـقَى صديقُ

الكونُ يرقصُ إذْ تمرُّ فتاتي/

والخمر يعزفُ مُطربا أشتاتى

اليوم ألهو فى الخميلة شاديا/

مَن ذا سيلهو عابثا برُفاتي؟

الكأسُ ذاك لكمْ تألَّم عاشقا/

مثلى وكان أسيرَ حُبِّ فتاةِ

هذى اليدُ اللاتى تُرى محنيةً/

كانت تضمُّ حبيبَها قُبُلاتِ

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: جلال الدين الرومي

إقرأ أيضاً:

التزييف العميق

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكثر ما يمكن أن يشكل خطرًا قويًا ومدمرًا هو التضليل، تزييف وعي الناس، وأكثر ما هو مؤسف أن يكون مصدره أو حلقة من حلقاته شخص محسوب على الوسط الثقافي، شخص نحسبه مفكرًا، قارئًا، واعيًا، لأن هذه الصفات تميزه عن بقية الناس، تصنع له مساحة من الثقة والصدق في القلوب، لكنه في الحقيقة مضلل.

قراءة الصفحات الرسمية لبعض الكتاب والمثقفين والشعراء، تشير إلى حالة من الاستسهال واللامبالاة، فيها تجري إعادة تدوير الأخبار الكاذبة والشائعات، تلاحظ أنه بسهولة يرص مجموعة من الأخبار المتداولة بعضها صحيح والآخر مزيف، يصنع ظاهرة ويعلق عليها بثقة بالغة، وتظهر انفعالاته من بين سطوره، وأسأل نفسي: هذا المثقف العظيم، لماذا لم يفتح صفحة جوجل ليقوم بعملية بحث بسيطة للتأكد من المصدر؟ هل تداوله بين الصفحات الافتراضية جعله يكتسب قوة الحقيقة؟.

هنا لا أتحدث عن الجمهور العادي، الذي يندفع وراء الحماس أو الفرح أو الغضب لمشاركة أي محتوى على فيسبوك دون التحقق من مصدره، لكنك أمام عدد من أدعياء الثقافة والشعر والكتابة والرواية، صفحاتهم مليئة بالأخبار الملفقة، فضلًا عن ترديد الشائعات، ليزيد من ترسيخ حالة الفوضى، فلا أهمية للتأكيد من الخبر أو الشائعة.

ولا يكتفي أن يكون الشخص مساعدًا في زيادة موجة الأخبار الكاذبة، والمعلومات الزائفة، بل يصل الأمر لأن يكون مصدرها ومنبعها.

كسل بعض المثقفين ليس وحده في هذا المشهد المخيف، إنما يتبعه بالضرورة الانجراف مع موجة الغوغائية، لا تقف لحظة، لا تفكر، لا تتأمل، فقط انجرف وتحدث مثلما يتحدث الجميع، لا تسمح لأحد أن يختلف معك، لا تعطه فرصة للتعبير عن رأيه، انجرف دون وعي، لن يرضى عنك أحد طالما لم تنجرف مع الغوغائية، لذا فإن فحص الأخبار، والتوقف قليلا من أجل التفكير، وعرقلة الغوغائية عندما تصل إليك، مطالب صعبة.

والأصعب ليس الكشف عن الحقائق في زمن التزييف، إنما انتقالنا لعصر الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي يتمتع بفهم وتوليد استجابات دقيقة ومناسبة للسياق، ويتيح قدرات إضافية وعالية من التزييف، يسميها الخبراء بالتزييف العميق.

الخبراء قالوا أيضا إن الحوادث التي وقعت مثل إجراء مكالمة بصوت الرئيس الأمريكي جو بايدن يدعو فيها الناخبين بولاية نيوهامشر الأمريكية لعدم التوجه للانتخابات التمهيدية وغيرها من حوادث الاحتيال والسرقة، مجرد بداية، والقادم سيكون أكثر وحشية.

فكرت كثيرًا، كيف تستغل الجماعات الإرهابية هذه التقنيات الحديثة، بإمكان أي جماعة أن تبث تسجيلا صوتيا ومرئيا لزعماء قُتلوا في معارك أو غارات جوية، لكنها تريد إيهام صفوف الجماعة أن زعيمها بخير، أو إيهام الخلايا النائمة في أماكن أخرى بأنه مازال حيًا، ويأمرونها بالمزيد من عمليات القتل والعنف، هذه أيضا مجرد بدايات هامشية.

وبالفعل، بثَّ تنظيم داعش الإرهابي مقطعًا مرئيًا، بعد أيام من هجومه على قاعة للموسيقى بالقرب من موسكو، مارس الماضي، لأحد عناصره المسلحين، يتحدث عن الحرب مع الدول التي تحارب الإسلام، وقالت تقارير إن هذا المقطع مزيف ومصنوع بطريقة الذكاء الاصطناعي، ما يعني أن الإرهاب بالفعل وصل للتقنية، أو بمعنى آخر التقنية جرى توصيلها له!

 أفكر كثيرًا، وأتساءل: ماذا سيفعل التزييف العميق في مجتمع يتسم عدد من مثقفيه بالكسل، وبعض نخبته بالوقوع تحت تأثير الغوغائية؟ مثقف يستثقل البحث حول حقيقة المعلومات التي ينشرها، كيف يفعل أمام التزييف العميق والاحتيال المفتوح؟

في حديث له حول مخاطر الذكاء الاصطناعي، قال العالم الأمريكي الشهير نعوم تشومسكي إن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على التسبب في ارتكاب جريمة بجدية. آلاف المشجعين والمستخدمين له وقعوا على عرائض تدعو إلى وقف تطويره وتنظيمه؛ بسبب الأذى الكبير الذي يمكن أن يتسبب فيه، أفهم بسهولة لماذا يوجد قلق من الأذى المباشر الذي يسببه؟ فهو تقنية عجيبة للتشهير ونشر الأخبار الكاذبة، واستغلال سذاجة الناس الذين يميلون إلى الاعتقاد بأن هذه الأمور حقيقية. فالإساءة لسمعة الآخرين سهل جدا، يمكن تركيب صوت وصورة اصطناعيا لتقليدك ويقول شيئا مشينا، كيف يمكنك إيقاف ذلك؟!

في ظني، لا أحد يمكنه إيقاف ذلك، والحل وسط كسل التأكد من المعلومة، والأخبار الزائفة، والتزييف العميق الذي ندخل عصره بثقة زائدة تشبه سذاجة الحمار الذي فلت من قبضة الأسد مرتين، في الأولى قطع أذنه، والثانية قطع ذيله، وظن أنه في الأولى قطع الأذن من أجل إلباسه تاج ملك الغابة، وفي الثانية قطع ذيله لتسهيل جلوسه على كرسي العرش، لذا ذهب إليه في المرة الثالثة بنفس راضية، فلم يفلته الأسد وقضى عليه؛ حسبما تحكى لنا قصص "كليلة ودمنة".

والحل هو أن يتمتع الإنسان منا بعقل شكوكية، فلا يستسلم لأي متداول بسهولة، لا يضم المعلومات السائلة أمامه إلى خانة اليقينيات مرة واحدة، عليه أن يتذكر أنه أمام عالم مزيف، ومحكم في التزييف، ولن تستطيع التفريق بينه وبين الحقيقي، لأنه ولسخرية الواقع أصدق من الحقيقي أيضا.

مقالات مشابهة

  • أم كلثوم بتقنية الهولوغرام يوم 25 يونيو في مهرجان موازين
  • بلينكن: كلما طالت الحرب في غزة زادت احتمالات اتساع الصراع (فيديو)
  • نوستالجيا... أجر لبنى عبد العزيز في فيلم الوسادة الخالية وسر احراجها لأم كلثوم وإصابتها بلعنة الفراعنة
  • بالصور.. احتفالية المصري اليوم بمناسبة 20 عامًا على تأسيسها
  • مهرجان موازين 2024|ليلة إضافية لمحبي أم كلثوم بالـ "هولوجرام"
  • بالصور.. تفاصيل حفل كلثوميات بمسرح معهد الموسيقى العربية
  • من مذكرات مغتربة.. آمال صالح تكتب: مصالحة
  • التزييف العميق
  • شاهد| كتائب القسام تنشر: نعلمكم أنه مقابل هؤلاء قتل جيشكم 3 أسرى في المخيم ذاته أحدهم يحمل الجنسية الأمريكية
  • الفصائل الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي يقتل 3 محتجزين في غزة بينهم أمريكي (فيديو)