منتدى الدقم الاقتصادي يؤكد على مستقبل الصناعات الخضراء فـي المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
ناقش الأسباب التي تجعل سلطنة عمان قوة اقتصادية متجددة فـي المستقبل
الدقم ـ من ليلى الرجيبية:
ناقش منتدى الدقم الاقتصادي الأول في ختام فعالياته أمس والذي استمر على مدى يومين في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم مستقبل الصناعات الخضراء في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم وآفاق نموها بمشاركة صناع القرار في الشركات المستثمرة في المنطقة والمسؤولين عن قطاع الهيدروجين الأخضر والنقل والطاقة في سلطنة عُمان والعديد من الخبراء المحليين والدوليين.
وشهد المنتدى على مدى يومين طرح العديد من الرؤى التي استهدفت دعم الجهود المبذولة في قطاعات الصناعات الخضراء بدءا من إمدادات الطاقة المتجددة، وأهداف الاستدامة، وصولا إلى مستوى الطلب المتوقع على المواد الخضراء، والحلول العملية التي يوفرها الهيدروجين الأخضر في الدقم للصناعات الثقيلة لإزالة الكربون والنهوض بالصناعة نحو مستقبل أكثر استدامة.
كما ناقش المنتدى الأسباب التي تجعل سلطنة عُمان قوة اقتصادية متجددة في المستقبل، والدور الذي تلعبه الدقم في ترسيخ مكانة سلطنة عُمان كمنتج ومصدر عالمي للوقود الخالي من الكربون في الأسواق الدولية، وهو ما يمنح سلطنة عُمان ميزة تنافسية في مجال الطاقة الخضراء.
وسلط المنتدى الضوء على كيفية دعم الإمكانات الهائلة للطاقة المتجددة في الدقم لتطوير مجموعة واسعة النطاق من صناعة الصلب الأخضر، وما يترتب على ذلك من إيجاد فرص كبيرة في مشروعات الشق السفلي في صناعة السيارات وتصنيع الألواح الشمسية، وتوربينات الرياح وغيرها.
وأكد المنتدى الدور المحوري للمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم في سلسلة التوريد والإمكانات الهائلة للدقم كمركز اقتصادي وتجاري وصناعي متعدد الأغراض، ومركز رئيسي لتدفقات التجارة العالمية وتوزيع الطاقة الجديدة.
وناقش المنتدى أيضا دور قطاع البتروكيماويات في تعزيز أنشطة الطاقة الخضراء من خلال تصنيع العديد من الأجزاء المطلوبة لنظام الطاقة المتجددة.
وأكد سعادة المهندس أحمد بن حسن الذيب نائب رئيس الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة أن المنتدى أسهم في مد جسور التعاون مع الشركات العالمية لإقامة شراكات اقتصادية تدعم الجهود المبذولة لتنمية قطاع الصناعات الخضراء وتقليل الانبعاثات وإزالة الكربون.
وقال سعادته: إن جلسات النقاش التي شهدها المنتدى على مدى يومين كشفت بوضوح دور الدقم في قيادة التغيير في مصادر الطاقة المتجددة والتصنيع وتدفقات التجارة العالمية والعديد من الموضوعات الأخرى، مؤكدا أن المنتدى كان بمثابة نافذة على الإمكانيات التي تزخر بها المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم وجاذبيتها الاستثنائية كوجهة استثمارية تزخر بفرص استثمارية تنافسية متميزة. منوها سعادته بإمكانيات الاقتصاد العماني والفرص العديدة التي يوفرها للاستثمار، مشيرا في الوقت نفسه إلى الدور المحوري المتوقع أن تلعبه المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم في تحقيق أهداف وطموحات رؤية عُمان 2040، مؤكدا أن الدقم تعتبر الأكثر جاذبية للتجارة والصناعة والابتكار وبوابة التجارة العالمية.
بدوره أكد صاحب السمو السيد الدكتور أدهم بن تركي آل سعيد على أن المنتدى يعكس مدى التطور الاقتصادي في الدقم، موضحا أن المنتدى جمع خبراء ومستثمرين ورؤساء تنفيذيين في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، بهدف تذليل التحديات وتعزيز التعاون والاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة والحديد الصلب والهيدروجين الأخضر والمشاريع المصاحبة لها وصناعة البتروكيماويات.
وقال: تعد المنطقة نقطة ارتكاز رئيسية، وتمتلك إمكانيات اقتصادية كبيرة تدفع الاقتصاد العماني إلى النمو والاستدامة. مؤكدا على أهمية التوسع في المنتديات التي تقام في المنطقة، لما لها من دور محوي في زيادة الحركة السياحية والتجارية، وتعزز متابعة التطورات الاقتصادية في المنطقة. لافتا إلى أن العديد من المشاركين في منتدى الدقم الاقتصادي هم إما مستثمرين أو على مشارف توقيع عقود، حيث تم توقيع اتفاقيات وشراكات واعدة تعزز مستقبل صناعات المنطقة.
من جانبه قال سعادة المهندس خميس بن محمد الشماخي وكيل وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات للنقل ان سلطنة عمان تبذل جهود حثيثة لتحقيق أهداف رؤية عُمان 2040، والتي تحظى بدعم من كافة الاستراتيجيات من بينها الاستراتيجية اللوجستية. مؤكدا على أن المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم تعتبر أحد العوامل الممكنة لتحقيق أهداف رؤية عمان 2040، بفعل حجم الاستثمارات الموجودة فيها بمجال الطاقة النظيفة والمتجددة والهيدروجين الأخضر.
وأشار سعادته إلى أن الوزارة تعمل لأن تكون المنطقة الاقتصادية بالدقم مركزا قويا للدعم اللوجستي، حيث عمدت الوزارة على توقيع اتفاقيات وإقامة العديد من حلقات العمل في هذا الصدد، موضحا القطاع اللوجستي يشهد تطورا مطردا ويعد في المرتبة الثانية بعد قطاع النفط والغاز من حيث حجم المساهمة في الناتج المحلي الاجمالي.
وأشار سعادته إلى أن سلطنة عمان وقعت اتفاقيات تجارية حرة مع العديد من الدول، بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي. مؤكدا أهمية توفير وسائل اتصال فعالة بين متخذي القرارات لتسهيل العمليات التجارية. لافتا إلى ضرورة وجود معايير لتنفيذ المبادرات في منطقة الدقم. وشدد على أهمية التعاون والتحسينات في اللوائح والأنظمة. ويرى سعادته أن سلطنة عمان لديها فرص مستقبلية كبيرة، مما يتطلب وجود تنسيق لدعم اللوجستي بمشاركة خمس وزارات.
وأكد الشماخي أن الوزارة تركز على تطوير الصناعات ، وتعتبر الدقم مركز دعم للصادرات العمانية، وتسعى الوزارة إلى تحسين الربط داخليا وخارجيا ومع تنفيذ مبادرات ومشاركة في محادثات في الإمارات والسعودية. موضحا ان هناك حاجة ملحة للقيام بالمزيد من التحسينات في الموانئ، وقد تم مناقشة مسألة الربط الإلكتروني بهدف معالجة جزء من تحديات القطاع اللوجستي.
بدوره قال عمر بن محمود المحرزي الرئيس التنفيذي للمنطقة الحرة بصحار ونائب الرئيس التنفيذي لميناء صحار ان أغلب ما يطلبه المستثمرون في الوقت الراهن هو الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، مشيرار إلى توقيع العديد من الاتفاقيات في المنطقة، كما ان هناك رغبة حقيقة من مستثمرين آخرين الاستفادة من امكانيات سلطنة عمان. مشيرا إلى ضرورة زيادة التعاون في مجال العرض والطلب، حيث تشهد خدمات الموانئ، ويأمل ان تكون هناك استدامة واستفادة في جمع البيانات لتعزيز هذا التعاون. منوها ان صحار بها مصانع للأمونيا والميثانول، وهناك سوق لهذه المنتجات.
كما تحدث المهندس عبدالله الهاشمي المدير التنفيذي لشركة مرافق عن مهام الشركة في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، وقال: قامت الشركة بالاستثمار في توفير المياه للكثير من الصناعات المنطقة، وتزويدها بالكهرباء. وأضاف: عندما بدأت جائحة كورونا غيرنا عملياتنا، حيث وجب علينا بناء سياسات جديدة لضمانها استمرار الطاقة المتجددة.
مؤكدا على الاستمرار في تحقيق الحياد الكربوني بالمنطقة، حيث نفذنا عددا من المبادرات، كمحطة توليد الكهرباء التي تعمل بالغاز؛ فقلت الانبعاثات حوالي 20 ألف طن، كما نعمل مع شركة شل لنكون احد الممكنين للطاقة النظيفة.
وقام المشاركون في المنتدى بزيارة عدد من المشروعات في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، واطلعوا خلال الزيارة على إمكانيات الدقم في القطاع اللوجستي والقطاعات الأخرى الداعمة لقطاع الصناعات الخضراء.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الاولي فی المنطقة الاقتصادیة الخاصة بالدقم الصناعات الخضراء الطاقة المتجددة سلطنة عمان العدید من الدقم فی
إقرأ أيضاً:
البناء الاقتصادي في سلطنة عُمان.. بين الطموح والتحديات
في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة التي تواجه قطاع الإنشاءات، يبرز "البناء الاقتصادي" كأحد الحلول الفعّالة لتحقيق التوازن بين الجودة والتكلفة. وبينما تسعى سلطنة عُمان إلى تعزيز كفاءة المشروعات العمرانية وتطوير بيئة البناء، تثار تساؤلات حول مدى تطبيق هذا المفهوم على أرض الواقع، والمعوقات التي تحول دون استدامته؟
في هذا الاستطلاع نستعرض آراء عدد من المختصين والمهندسين حول واقع البناء الاقتصادي في سلطنة عُمان، ونرصد أبرز الإيجابيات والتحديات والدور الذي يمكن أن تلعبه العمارة التقليدية العُمانية في تقديم حلول مستدامة واقتصادية في آن واحد..
واقع البناء الاقتصادي
يوضح الدكتور ياسر الجابري مهندس مدني أن مفهوم "البناء الاقتصادي" في عالم المقاولات يعنى بتقليل التكلفة الإجمالية للمشروع دون المساس بجودة أو سلامة أو كفاءة الأداء، وذلك عبر تصميم ذكي واختيار مواد فعّالة وتطبيق تقنيات تنفيذ تسهم في تقليص الزمن والتكاليف.
وفي تقييمه لواقع البناء الاقتصادي في سلطنة عُمان، أوضح الجابري أن هناك تطورًا ملموسًا في هذا المجال، إلا أن التحديات المرتبطة بالتكاليف والكفاءة لا تزال قائمة، وأشار إلى أن هذا الواقع يمكن تحليله من خلال رصد عدد من الإيجابيات التي تعزز بيئة البناء، وفي المقابل بعض المعوقات التي تتطلب حلولا مبتكرة.
كما أوضح أن أبرز الإيجابيات في واقع البناء الاقتصادي بسلطنة عُمان هي توفر المواد الأساسية محليا، كوجود مصانع وطنية لإنتاج الإسمنت والطابوق والحديد مثل "حديد مسقط" و"حديد صلالة" و"جندال" أسهم في تقليل الاعتماد على الاستيراد وخفض تكاليف النقل، كذلك وجود كفاءات وخبرات محلية، حيث يوجد في السوق العُماني عدد كبير من المهندسين العُمانيين والمقيمين ذوي خبرة عالية في التصميم والتنفيذ، وهو ما يعزز جودة الإنشاءات ويزيد الاعتماد على الكفاءات المحلية.
كما أن تبنّي الأنظمة الحديثة في البناء يسهم في التحول تدريجيا نحو استخدام أنظمة مثل الهياكل المعدنية الجاهزة (Precast & Steel Structures)، والتي تساهم في تقليل مدة التنفيذ وخفض التكلفة الإجمالية، لا سيما في المشروعات الكبرى.
بالإضافة إلى وجود رقابة حكومية على الأسعار، حيث تمارس الجهات المعنية رقابة نسبية على الأسعار للحد من أي تلاعب من قبل الموردين أو المقاولين، خصوصا في مشروعات القطاع العام، ما يعزز من شفافية السوق ويحمي الميزانيات العامة.
كما أشار الجابري إلى أن تعزيز مفهوم "البناء الاقتصادي" يتطلب دعما مستمرا للتقنيات الحديثة وتطوير منظومة التدريب، وتحقيق توازن بين الجودة والتكلفة ضمن الأطر التنظيمية المعتمدة.
وأضاف الجابري أنه على الرغم من التطورات الإيجابية التي يشهدها قطاع البناء في سلطنة عُمان، إلا أن الواقع يكشف عن مجموعة من التحديات التي تؤثر بشكل مباشر على كفاءة البناء الاقتصادي واستدامته.
حيث إن أحد أبرز هذه التحديات يتمثل في ارتفاع تكلفة الأيدي العاملة، نتيجة للتشريعات المتعلقة بالحد الأدنى للأجور ومتطلبات التأمينات الاجتماعية، وهو ما أدى إلى زيادة الكلفة التشغيلية، لا سيما في قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، كما يواجه القطاع ضعفا في كفاءة بعض المقاولين، حيث يسهم غياب الخبرة الفنية لدى بعضهم في ارتفاع معدلات الهدر وتأخير الإنجاز، الأمر الذي ينعكس على التكلفة النهائية للمشروعات.
كما أضاف: إن الاعتماد على الأساليب التقليدية في البناء لا يزال شائعا، مثل الصبّ اليدوي واستخدام البلوك الإسمنتي، وهو ما يحد من الاستفادة الكاملة من تقنيات البناء الحديثة التي تُعد أكثر توفيرا من حيث الوقت والتكلفة. كما يلاحظ ضعف في ثقافة "القيمة مقابل التكلفة" لدى بعض الملاك، حيث يتم التركيز على تقليل التكاليف في المراحل الأولى من المشروع دون النظر إلى التكاليف المستقبلية التي قد تنجم عن استخدام مواد منخفضة الجودة تتطلب صيانة متكررة.
مشيرا إلى أنه لا يمكن إغفال محدودية التنافس الحقيقي في بعض الولايات، حيث يؤدي نقص المقاولين والموردين في هذه المناطق إلى ضعف في الخيارات المتاحة واحتكار نسبي في السوق، مما ينعكس سلبا على الأسعار وجودة الخدمات المقدمة.
كما أكد الجابري أن المهندسين في قطاع المشروعات العمرانية اليوم يواجهون مجموعة من التحديات الاقتصادية المتزايدة، تؤثر بشكل مباشر على قدرة التنفيذ ضمن الإطار الزمني والمالي المحدد، ومن أبرز هذه التحديات ارتفاع أسعار المواد الأساسية مثل الحديد والأسمنت والخرسانة ومواد التشطيب، حيث تتأثر هذه الأسعار بعوامل خارجية مثل تقلبات السوق العالمية وسعر صرف العملات، ما يضيف عبئا إضافيا على ميزانيات المشروعات.
كما تشكل أزمة السيولة وتأخر صرف مستحقات المقاولين والاستشاريين إحدى أبرز العراقيل التي تؤثر على استمرارية العمل، وتضاعف من احتمالات تعثر أو توقف بعض المشروعات، حيث إن تكلفة الأيدي العاملة سواء نتيجة لزيادتها أو لندرتها أصبحت من العوامل المقلقة، خاصة في ظل السياسات الجديدة التي تقنن استقدام الأيدي العاملة الوافدة، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع التكاليف التشغيلية.
وأوضح الجابري أن المهندسين يجدون أنفسهم في كثير من الأحيان تحت ضغط كبير من قبل الملاك لتقليص التكاليف إلى أدنى مستوى ممكن، في وقت يتطلب فيه الحفاظ على جودة وسلامة التنفيذ، ما يضعهم أمام معادلة صعبة بين الالتزام بالميزانية وضمان المعايير الفنية.
كما أن التضخم وتغير الأسعار أثناء مراحل التنفيذ، خاصة في العقود طويلة الأمد يشكلان تحديا حقيقيا، إذا لم تتضمن العقود بنودا للمراجعة السعرية، ما يعرض بعض الشركات لخسائر غير متوقعة. كما لا يغيب عن المشهد ضعف التخطيط المالي أو سوء إدارة الميزانية في بعض المشروعات، حيث تُهمل أحيانا الدقة في توزيع الميزانيات على البنود المختلفة، ما يؤدي إلى استنزاف الموارد قبل اكتمال الأعمال.
وأضاف الجابري: "في ظل تقلبات السوق العقاري وتذبذب الطلب على المشروعات السكنية أو التجارية، تبرز الحاجة إلى دراسات جدوى دقيقة لتفادي الاستثمار في مشروعات قد تفتقر إلى الاستدامة، حيث إن أية تغييرات مفاجئة في الضرائب أو الرسوم الحكومية، مثل تطبيق ضريبة القيمة المضافة أو تعديل المتطلبات الرسمية، يمكن أن ترفع الكلفة الإجمالية وتربك حسابات التنفيذ".
العمارة التقليدية
من جانبه أكد المهندس المعماري عيسى بن صالح البهلاني مدير الموارد البشرية والإدارة والقيمة المحلية المضافة في شركة الصاروج للإنشاءات أن العمارة العُمانية التقليدية كانت فعّالة بشكل لافت في مقاومة الحرارة، بفضل اعتمادها على مواد طبيعية مثل الطين والحجر والجص، التي تتميز بقدرتها العالية على العزل الحراري، كما أن تصميماتها كانت تراعي التهوية الطبيعية وتوجيه المباني بشكل يقلل من التعرض المباشر لأشعة الشمس.
وقال البهلاني إن تصاميم البيوت القديمة كانت أكثر كفاءة في هذا المجال مقارنة بالمباني الحديثة، حيث كانت تعتمد على الإضاءة والتهوية الطبيعية، مما يقلل الحاجة إلى أجهزة التكييف والإضاءة الاصطناعية، وبالتالي يؤدي إلى خفض استهلاك الطاقة بشكل ملحوظ.
وأضاف البهلاني إن دمج بعض عناصر العمارة القديمة في المباني الحديثة، مثل الأفنية الداخلية والنوافذ المرتفعة، يمكن أن يساعد في تحسين التهوية وتقليل الحاجة إلى التكييف، مما يساهم في تقليل التكاليف التشغيلية.
كما أوضح البهلاني أن استخدام مواد البناء التقليدية مثل الحجر والجص في العصر الحالي لا تزال تتمتع بقيمة اقتصادية كبيرة، خاصة في المناطق الحارة، فهي تتمتع بعمر افتراضي أطول وتتطلب صيانة أقل، مما يقلل من التكاليف على المدى الطويل.
ويؤمن البهلاني بأن التوجه نحو البناء المستدام المستوحى من التراث العُماني يمكن أن يكون مجديا اقتصاديا على المدى الطويل، حيث يقلل من استهلاك الطاقة ويحسن جودة الحياة داخل المباني، كما يعزز الهُوية الوطنية ويزيد من جاذبية المشروعات السكنية والتجارية والسياحية.
أما عن التحديات التي قد تواجه تطبيق عناصر العمارة التقليدية في مشروعات البناء الحديثة، فيشير البهلاني إلى أن أبرز هذه التحديات تكمن في ارتفاع كلفة بعض المواد التقليدية، وقلة الكوادر المتخصصة في هذا النوع من البناء وكذلك غياب بعض التشريعات التي تشجع على الدمج بين التراث والتقنيات الحديثة.
كما يرى البهلاني أن هناك جهودا مبذولة من بعض الجهات الحكومية والمستثمرين لدعم هذا التوجه، خاصة في مشروعات السياحة والتراث، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من الدعم من خلال السياسات والحوافز التي تشجع على الابتكار وتعزز الدمج بين التراث والتقنيات الحديثة في مشروعات البناء.
وأوصى بتبني تصاميم معمارية مستوحاة من التراث العُماني في المشروعات القادمة، مؤكدا أن هذا النوع من التصميم لا يقتصر فقط على تقديم حلول بيئية واقتصادية، بل يساهم في ترسيخ الهُوية العمانية وإعطاء المشروعات طابعا فريدا ومميزا.
فوائد البناء التراثي
من جانب آخر، يعتبر المهندس المعماري عثمان بن خلفان الحبسي أن العمارة العُمانية القديمة كانت تملك القدرة الفائقة على مقاومة الحرارة، رغم التحديات البيئية القاسية التي كانت سائدة في تلك الفترة، إذ تمتاز المباني العُمانية بجدران سميكة تصل سماكتها إلى 50 سم ونوافذ صغيرة وأفنية مركزية، وهي جميعها عناصر صممت خصيصا لتقليل درجات الحرارة وزيادة تدفق الهواء داخل المباني، مما يعزز الراحة ويقلل من الحاجة لاستخدام الطاقة.
وفيما يتعلق بتصاميم البيوت القديمة، يرى الحبسي أن هذه المباني كانت تساهم بشكل كبير في تقليل استهلاك الطاقة، فالبيوت الطينية كانت تمنع امتصاص الحرارة، مما يساعد في الحفاظ على درجات حرارة معتدلة بداخلها دون الحاجة لاستهلاك الطاقة الكهربائية.
وأكد الحبسي أن البناء التقليدي المتأثر بالتصاميم القديمة العُمانية يعد أعلى تكلفة مقارنة بالبناء الحديث، ويعود ذلك إلى التفاصيل المعمارية الدقيقة مثل الأقواس والزخارف، إضافة إلى الحاجة للعمل اليدوي المتقن في تنفيذ هذه التصاميم.
ويعتقد الحبسي أن دمج بعض العناصر التقليدية في المباني الحديثة يمكن أن يساهم بشكل كبير في تقليل التكاليف التشغيلية مثل الكهرباء والتكييف، فعلى سبيل المثال استخدام الحجر كطبقة خارجية أو الطين والجص كعازل خارجي يساعد في تقليل انتقال الحرارة من الخارج إلى الداخل، مما يساهم في تقليل استهلاك الطاقة.
وأشار الحبسي إلى أن استخدام المواد التقليدية مثل الحجر والجص يعد خيارا صديقا للبيئة، ويقدم العديد من الفوائد الاقتصادية على المدى الطويل، فالجص الجيري يسمح بمرور الرطوبة عبر الجدران، مما يحافظ على صحة المبنى ويمنع نمو العفن، كما أن هذه المواد تدوم طويلا وتساعد في تقليل تكاليف الترميم والصيانة.
أما فيما يخص البناء المستدام المستوحى من التراث العُماني، فيعتقد الحبسي أنه سيكون مجديا اقتصاديا على المدى الطويل خاصة مع توفر المواد المحلية بأسعار أقل مقارنة بالمواد الحديثة المستوردة، ومع ذلك يواجه هذا التوجه بعض التحديات الاقتصادية منها تكاليف العمل اليدوي المرتبطة بالتفاصيل الدقيقة للمباني التقليدية، وكذلك صعوبة توفر بعض المواد المحلية.
ويؤكد الحبسي أن الجهات الحكومية والمستثمرين قد بدأوا في دعم هذا التوجه نحو العمارة المستدامة المستوحاة من التراث العُماني، ولكن هناك حاجة أكبر لتعزيز الوعي حول الفوائد الاقتصادية والبيئية لهذا التوجه.
وأكد الحبسي أنه يعتزم الاستمرار في استخدام التصاميم المعمارية المستوحاة من التراث العُماني، نظرا لما تحمله من جمال فني وابتكار ثقافي خاصة في العناصر المعمارية مثل المداخل والأقواس والمشربيات التي تضفي على المباني طابعا مميزا يعكس الهُوية العُمانية.
كما اقترح الحبسي عددا من المبادرات لتعزيز الوعي حول أهمية العمارة العُمانية في تقليل الأعباء الاقتصادية الناتجة عن الحرارة مثل إنشاء مساحات خضراء داخل المدن لتقليل تأثير الاحتباس الحراري، وتشجيع استخدام الطاقة الشمسية لتقليل استهلاك الطاقة، وأيضا تعزيز استخدام المواد التقليدية مثل الحجر والجص في البناء لتحقيق استدامة اقتصادية وبيئية.