هوامش ومتون :زوجة الشاعر وأوجاع القصيدة
تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT
قبل ارتباطه بزوجته عطية الله إبراهيم التي تصغره بـ 35 سنة، كان الكاتب الكبير نجيب محفوظ مضربا عن الزواج الذي يراه معطّلا لقواه الإبداعية، فعاش حياة عاصفة، وكانت والدته تقوم بكلّ ما يتطلبه من طعام وغسيل ملابس، لكنه أدرك خطأه فهو يقول: «كنت أعتقد أن الزواج سيحطم حياتي الأدبية، وللأسف كان كلامي غير صحيح فالحقيقة أن حياتي الزوجية ساعدتني»، وحين سأله الناقد رجاء النقاش عن زواجه لم يجبه جوابا رومانسيا، وهو القائل: «كثير من زملائي الذين تزوّجوا على أساس الحب الرومانسي فشلوا» ولم يتحدّث عن علاقة الحب التي جمعتهما كلّ تلك السنين، بل أعطاه جوابا واقعيا، هو «كنت بحاجة إلى زوجة توفّر لي ظروفا مريحة تساعدني على الكتابة، ولا تنغّص عليّ حياتي فاخترتها».
فهل وفّرت د.سلوى عبدالله زوجة الشاعر الكبير عبد الرزاق عبد الواحد التي رحلت صباح الاثنين الموافق 18 سبتمبر الماضي في مدينة فينكس بولاية أريزونا الأمريكية عن (93) سنة، حياة مريحة ساعدته على الكتابة؟
في البداية، لا بدّ من القول: إنّ (أمّ خالد) من أقرباء الشاعر، وقد عاشت معه ظروفا صعبة، في مقتبل حياتهما الزوجيّة، التي مرّت بتقلبات كثيرة، وتحمّلت مزاج الشاعر، الذي كان محاطا بالمعجبات، وقد ذكر د.وليد الصرّاف أنها سألت بلقيس زوجة الشاعر نزار قباني، كما روت له: كيف تحتملين المعجبات بنزار؟ فأجابتها: ألست أنت الأخرى زوجة شاعر؟ أجابت: بلى، فردّت عليها بلهجتها العراقية: «كلهم نفس الشيء».
لكنها بقيت زوجته المخلصة، وأم أبنائه، وطبيبته، ورغم أن سفينتهما لم تجرِ في مياه هادئة على الدوام، لم يشتكِ يوما منها، بينما كانت كثيرة الشكوى منه، سواء في الجد أو المزاح، وكان يقابل تلك الشكوى بابتسامة، وقد أخبرتني ذات يوم، بحضوره، أن قناة تلفزيونية أجرت معه حوارا، ثم طلبت منها شهادة عن حياتها معه، فتكلّمت بصراحة اعتدنا عليها، وختمت كلامها لي باستنكارها عدم بثّ القناة شهادتها، وحين التفتُّ إليه، وجدتُه يضحك، ففهمتُ نوع الشهادة التي قدّمتها، لكنه كتب لها أجمل قصائده، ليس فقط في غربتهما وشيخوختهما بل حتى في شبابهما، ومن أوائل قصائده فيها (يوما ما) التي يؤكد د. عبد المطلب محمود أنه كتبها عام 1952 م وكان يخاطبها باسمها (سلوى)، قبل ولادة ابنهما البكر (خالد) وفيها يشكو غدر الأحبّة، وجور الزمان عليه:
وعينيكِ يا سلوى أُحِسُّ دمي يجري
وأبسمُ للدنيا كأنّيَ لا أدري
طعينٌ وكفّي فوق جرحي تشدُّهُ
وأضحكُ حتى لا يرى ألَمي غيري
وأعلمُ يا سلوى بأنّ هواجسي
ثقالٌ على كلّ الصدور سوى صدري
فأُودِعُها في أضلعي كلما قسَت
تملمَلَ في الأوراق حرفٌ على سطرِ
سأضحكُ يا سلوى وإن كان في دمي
سعيرٌ أُقاسي منه فوق مدى صبري
وماذا تبقّى لي لآسَفَ.. بعدما
رأيتُ أعزّ الناسِ أدنى إلى غدري
وبقي يشكو لها، في غربته حتى بعد أن بلغ من العمر عتيا، ففي قصيدته (يا أم خالد) يقول:
لا.. لا تلحي في سؤالي
هي بعض أوجاع الليالي
هي بعض ما تركت صرو..
..ف الدهر زادا في رحالي
العمر يسعى للمحاق
فما حديثك عن هلالي؟
يا أمَّ خالد حَسْبُنا
أنَّا غَوالينا غَوالي
يا أمَّ خالد والحياةُ
من انتقالٍ لانتقالِ
وكثيرا ما أشار إلى أنها كانت تدير حياته، بل ولا يستغني عن ملاحظاتها، ومن بينها سؤالها له عندما قرأ على مسامعها قصيدته (هذي ذرى مصر):
رتّلْ قصيدك كالآيات ترتيلا
واجعل حروفك من ضوء قناديلا
قالت له: أراك نسيت بغداد، فانتفض وعاد إلى أوراقه، وهو الذي يكتب قصائده دفعة واحدة في الغالب، فأضاف إليها الأبيات التي غناها المطرب كاظم الساهر:
نسيت بغداد؟ قالت لي فجفّلني
سؤال زوجتي المذبوح تجفيلا
نسيت بغداد؟ ويلمي وويل أبي
لو ليلة بت عن بغداد مشغولا
نسيت بغداد أنسى كيف إن لها
عدّ المسامات في جلدي تفاصيلا
تبرعمت في دمي حتى غدت ورما
دماملا ملء روحي أو ثآليلا
وفي ذكرياته خصّها بحلقة أسماها (قصيدة اعتذار لأمّ خالد) نشرها بجريدة (الزمان) في ديسمبر 2014م قبل أن تصدر الذكريات بكتاب، ففيها يذكر أدق التفاصيل التي جمعتهما على المودة ويذكر أنه كتب لها عندما كانا في باريس قصيدة (اعتذار) يبدو أنها لم تعجبها فانتفضت وقالت له: هل هذه قصيدة اعتذار؟ عندها كتب لها:
لا تحرميني من رضاك
أنا ليس لي أحد سواك
نفسي وما حاكت يدي
وجميع أشعاري فداك
شيطان شعري كنت أنت
وأنت أنبل من ملاك
حتى الرؤى بقصائدي
في الحب أجملها رؤاك
ستّين عاما عشتهنّ
يرفّ قلبي في حماك
وظل قلبه يرفرف في حماها إلى يوم رحيله بباريس في 8 نوفمبر 2015م لتلتحق به بعد ثمانية أعوام.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
«محكمة الأسرة» ترفض استئناف زوجة وطليقها لخلاف على «قائمة المنقولات»
قضت محكمة استئناف الأسرة، المنعقدة بمجمع محاكم التجمع الخامس، برفض استئناف زوجة وطليقها بسبب تبديد قائمة المنقولات الزوجية والمصوغات الذهبية، وتأييد الحكم المستأنف وألزمت كل مستأنف بمصروفات استئنافه و100 جنيه أتعاب المحاماة.
صدر الحكم برئاسة المستشار صلاح توني رئيس المحكمة وعضوية المستشارين مصطفى عبد الرحمن أبو العلا وحسام شكري الرئيسين بالمحكمة وبحضور محمد أسامة وكيل النيابة وأمانة سر محسن حسني نظمي.
صراع بين زوجة وطليقها على تبديده قائمة المنقولات الزوجية أمام محكمة الأسرة بالقاهرة بعدما أصدرت محكمة الجنح حكمها بحبسه شهرين بتهمة التبديد، ويعرض موقع صدى البلد تفاصيل تلك القضية.
تتلخص وقائع الدعوى أن «نورا .ع»، (المدعية) اقامتها بموجب صحيفة قيدت وأودعت قلم كتاب محكمة أول درجة ومعلنة قانونا للمستانف في الاستئناف الاصلي رقم ۱۷۰۸٦ لسنة ١٤٠ ق أحوال شخصية المدعى عليه طلبت في ختامها الحكم بان يؤدى لها (۱) مشغولات ذهبية قدرها (۳۸۹) ثلاثمائة وتسعه وثمانون جراما عيار (۲۱)۲ – (2) مبلغ ۱۹۰۰۰ جنيه قيمة غرفة النوم ٣ - مبلغ ۸۰۰۰ جنيه قيمة شاشة وترابيزة ٤ - مبلغ ۳۹۳۵۰ جنيه مستلزمات مطبخ - مبلغ ۲۰۰۰ جنيه قيمة سخن كهربائي -٦- مبلغ ٧٤٠٠ جنيه قيمة السجاد ۷ - مبلغ ۲۰۰۰۰ جنيه قيمة المفروشات والزامه بالمصروفات ومقابل اتعاب المحاماة.
وأضافت المدعية أنها كانت زوجته بموجب عقد الزواج الشرعي الصحيح ودخل بها وعاشرها معاشرة وزفت اليه باعيان جهازها وحرر عن ذلك قائمة بالمنقولات ثابته بها منقولاتها ومشغولاتها الذهبية وقد طالبته وديا بأن يرد تلك المنقولات والمشغولات إليها فرفض الأمر الذي دعاها إلى إقامة جنحة تبديد وقضي فيها بحبسه شهرين وبالتعويض المؤقت وقدره ۱۰۰۱ جنيه وقام بعرض المنقولات الزوجية ناقصة وغير كاملة ولم يعرض المشغولات الذهبية المطالب بها وقضي في الاستئناف بإيقاف عقوبة الحبس والتأييد فيما عدا ذلك ولم يطعن على الحكم الجنائي بالنقض وقد طالبته وديا بان يرد اليها منقولاتها ومشغولاتها الذهبية فرفض الأمر الذي حدا بها الى اللجوء لمكتب تسوية المنازعات الأسرية دون جدوى فأقامت دعواها بغية القضاء لها بطلباتها سالفة البيان.
وحيث لم يلق هذا القضاء قبولا لدى المستأنف فطعن عليه بالاستئناف بموجب صحيفة قيدت وأودعت قلم كتاب هذه المحكمة ومعلنة قانونا للمستانف ضدها طلب في ختامها الحكم أولا: بقبول الاستئناف شكلا ثانيا وفي الموضوع (أ) احالة الاستئناف للتحقيق ليثبت أن القائمة والذهب هو مهر المستأنف ضدها وقد تنازلت عنه بالطلاق على الابراء - إلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا برفض الدعوى وإلزام المستأنف ضدها بالمصروفات ومقابل اتعاب المحاماة عن درجتى التقاضي على اسباب حاصلها : مخالفة القانون والخطا في تطبيقه حيث ان قائمة المنقولات بما تضمنته من منقولات ومشغولات ذهبية كان مهر للمستانف ضدها قد طلقت على الابراء وتنازلت عن جميع حقوقها ومن ثم فلا تستحق رد لهذه المنقولات والمشغولات الذهبية إلا أن الحكم المستأنف قضي لها بذلك مما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، ومازالت القضية منظورة في المحكمة.