#شاحنة #الموت_المثلّج
سواليف الإخباري – أحمد حسن الزعبي
مقال الخميس 19 – 10 – 2023
في #غزّة فقط تصبحُ شاحنة المثلّجات سيارة نقل موتي..وتصبح حبّة “البوظة” المنكّهة بالتوت ، طفلاً كان يصارعُ بالأمس الا يموت ، ويصبح إصبع المثلجات بطعم المنجا.. رضيعة قصفت في الملجأ..في غزّة فقط الأطفال أرقام على عواجل الأخبار ، الأطفال بملابسهم بضحكاتهم ببراءتهم بمراحل نموّهم بعبوات حليبهم بألعابهم البلاستيكية يصبحون رقماً بين تقريرين اخباريين.
في غزّة فقط ، تصبح شاحنة المثلّجات سيارة نقل موتى..هل هي مصادفة؟ أن السيارة التي كان يحبّها أطفال الحي ، يرقبونها ، يلحقونها ، يهرعون الى البقالة عند وصولها ،ينظرون داخل رفوفها ، هي من تحملهم الى المقبرة الجماعية. وأن أغلفة “الآيس كريم ” الملوّنة الشهية ، تتحوّل الى أكفان بيضاء وكأنها اغلفة موحدة للموت المثلّج.. في غزّة يولد الأطفال في الملاجئ ،يلعبون على أنقاض حي مهدّم تسكنه الأشباح ،يدرسون في مدارس الأونروا، يتعالجون لدى الصليب الأحمر ،وعندما لا تطيق وجودهم اسرائيل برغم كل هذه العذابات تقصفهم ،فينقلونهم الى مقبرة جماعية بشاحنة “المثلجّات” دون اسم أو أوراق ثبوتية..في المقبرة كما في شاشة الأخبار يمنحونهم رقماً تسلسلياً..فيصبح هذا الرقم “وطنهم” الأخير..يا لهذا الانسان الذي ولد ليكون “رقماً” فقط.. دمه مجرد “sauce” في صحون الساسة ، أشلاؤه “ستيك” النقاش ، كفنه “منشفة” الأفواه، ودمعتاه المتجمدتان ألماً عند شهقة الموت..مجرد مكعبي ثلج ..يذوبان في نخب “الموت المثلّج”!!.
#أحمد_حسن_الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
مستودعات الموت … من علي الكيماوي إلي البرهان الكيماوي !!
musahak@icloud.com
مستودعات الموت ...من علي الكيماوي إلي البرهان الكيماوي !!
لم يكن علي حسن المجيد والذي عرف ب( علي ال كيماوي ) آخر أبطال الخزي والعار في ذاكرة الحروب والاستبداد في خارطة الوطن العربي .فلقد عرف بذلك لاستخدامه للأسلحة الكيماوية ضد أكراد شمال العراق في العام 2007والتي راح ضحيتها مئات الألوف من أبناء الشعب العراقي الكرد وغيرهم ثم أعدم لاحقاً إمام العدل العراقي في 25يناير 2010 بعد سقوط نظام صدام حسين وبعد أن ألقت عليه القبض القوات الامريكية في أغسطس 2007.
و وفق ذلك الوجدان الشعري العربي (خلف كل قيصر يموت يولد قيصر جديد ) فقد ولد في بلاد السودان ذلك المستبد (الحالم ) عبد الفتاح البرهان الذي إنقلب علي الديمقراطية الوليدة في إكتوبر 2021 ثم عاد ليشعل حرباً كارثية لم تزل فصولها جارية في 15 إبريل عام 2023.
التفكيك البنيوي لخطاب حرب قائد الجيش البرهان ومؤسساته قد تفضحه رائحة غاز الكلور والفوسجين والخردل الذي يفوح من أدبيات تلك الحرب ، وزارة الخارجية السودانية أصدرت أول بياناً حربياً بعد إندلاع الحرب وهي تتوعد عدوها ب (الاستسلام أو الفناء ) إما خطابات البرهان فلم تغادر ذلك الوعيد (ما عندنا ليهم حاجة إما يستسلمو أو حننتهي منهم كلهم ) ،( ولا يكملونا او كملناهم )ثم هو الذي يبتدع في حربه ذلك التعريف (سنقضي علي حواضنهم )وفق ذلك الخلط الاجتماعي الذي لايبقي ولا يذر .
هذا غير إشارات الإبادة التي تصدر من مساعديه،(ياسر العطا ) علي سبيل المثال و غير ذلك الطفح الخطابي علي صفحات الميديا من جنود وإرهابيين وجماعات مسلوبة العقول في خضم تلك الحرب التي إخذت ( الفناء) للخصم شعاراً لها .
إذن فإن خيار استخدام العنصر الكيميائي ليس حالة نظرية لجماعات الهوس الديني أو ذلك الجيش المؤدلج الذي يقوده عبد الفتاح البرهان .
ولعل مستودع البراء بن مالك في كلية التربية بام درمان والذي تحول إلي ترسانة لقنبلة (الفقراء) أي غاز الخردل والذي لعب دوراً رئيسياً في حرب المدن في الأسبوع الثاني من شهر مايو عام 2025 ،
والذي تحاول مؤسسات البرهان تصوير عواقبه التي تجتاح المواطنين بإنه (كوليرا) حيث يقضي مئات من الناس نحبهم جراء استنشاق تلك الغازات الوخيمة ،ففي حين أن حكومة البرهان ظلت وعلي مدي أعوام تنكر كل الإشارات للأوبئة من كوليرا او حمي الضنك وخلافه فها هي تغض مضاجع العالم بالعويل إن موجة من جائحة الكوليرا تجتاح مدينة أمدرمان وذلك في غضون المعارك الاخيرة التي شهدتها مدينة ام درمان .
لم تكن علاقات السودان العسكرية ونظام بشار الأسد في التزويد بالسلاح خافية علي أحد ، فقبل رحيل الأسد بثمان وأربعين ساعة ، رصدت اجهزة الملاحة الجوية طائرة سورية انطلقت من مطار دمشق الي مطار الخرطوم وهي من طراز يوشن روسية الصنع مسجلة تحت المعرف YK-ATAفي تمام الساعة 02:58 و حطت في مطار بورتسودان فجر الجمعة 6 ديسمبر 2025 وقضت ثمان ساعات لتفرغ حمولتها من الأسلحة (السرية ) ثم تغادر الي جهة ما .في عالم لم تعد فيه أسرار الفضاء بذلك الغموض الذي يتصوره نظام بورتسودان .
وفق ذلك التطور الدرامي فقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات علي السودان في يوم الخميس 22مايو 2025 وفق اتهام باستخدام الجيش السوداني لاسلحة كيميائية في الحرب الأهلية الجارية الان ،وبما ان السودان قد وقع علي قانون الرقابة علي الأسلحة الكيمائية والبيولوجية لعام 1991
والتي تعرف إختصاراً ب (CBW) ،فليس له مجالاًللمناورة كما ظل يفعل ويراوغ مع اتفاقية روما الجنائية ، يعني ذلك أن يشرع ابوابه للجان التقصي الدولية والرضوخ لنتائجها وتلك نقلة في حرب البرهان التي يخالها بمنأي من عيون العالم .
وهكذا يأخذ البرهان الدولة السودانية الي مغارة العزلة والعقوبات التي إنفك منها السودان بجهود خرافية عقب انتفاضة ديسمبر وبجهد حكومته الانتقالية التي اطاح بها بانقلابه المشؤوم في اكتوبر 2021 ثم لاحقاً في حربه الكارثية في ابريل 2023.
ليس مستغرباً ردة فعل الحكومة السودانية تجاه تلك العقوبات والتي وصفها وزير إعلام البرهان خالد الأعيسر وهو يشرع قبضة يده تجاهها بانها ابتزاز سياسي وبذلك التبسيط الفج للازمة القائمة وهو يصورها بانها استهداف للجيش السوداني في حرب الكرامة !
وهكذا يدخل السودان في نفق العقوبات الكيميائ الخانق والذي غادرته سوريا هذا الأسبوع .
محمد موسى حريكة