تقرير: غزة تواجه سيناريو الغرق في "جحيم مستعر"
تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT
قال وزير خارجية السويد في الفترة ما بين 2006 و2014، ورئيس الوزراء من 1991 إلى 1994، كارل بيلت، إن غزة عرضة الآن للغرق في جحيم جديد مُستعر.
ورأى أنه لا توجد أعذار لهجوم حماس الشرس على إسرائيل، والذي أودى بحياة 1600 شخصاً، والعالم كله يؤكد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
وأضاف بيلت، الذي شغل منصب المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي إلى يوغوسلافيا السابقة، والممثل السامي للبوسنة والهرسك، والمبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى البلقان، في مقاله بموقع "بروجيكت سيندكيت": "علينا أيضاً أن ننظر كيف وصلنا إلى وصلنا إليه، وما إذا لا يزال هناك أي مسار يمكن أن نسلكه وصولاً إلى السلام والاستقرار للفلسطينيين والإسرائيليين على حدٍ سواء".
We will soon witness a massive Israeli armed operation to destroy Hamas’s leadership and infrastructure within the heavily populated Gaza Strip. But what will come after that goal has been achieved? asks @carlbildt. https://t.co/c7JoPUmBuD
— Project Syndicate (@ProSyn) October 19, 2023 سنياريوهات مختلفةوتابع: "رغم أننا نعيش الأيام الأولى لهذه الحرب الأخيرة، من واجبنا أن نفكر في السيناريوهات المختلفة".
وتابع: "بعد أن تحقق السلام بين إسرائيل واثنتين من جيرانها، أولاً مصر ثم الأردن، أمسى من الممكن للجميع الالتفات إلى قضية الفلسطينيين الذين يعيشون تحت نير الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967. وتحقيقاً لهذه الغاية، أتاحت اتفاقيات أوسلو 1993- 1995 إمكانية أن نعيش مستقبلاً تحيا فيه دولة فلسطين إلى جوار إسرائيل بسلام، وتتقاسمان القدس حتى عاصمةً مشتركة لهما.
في الوقت الحالي، سيشير الجميع بأصابع الاتهام. فقد استمرت المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في التوسع، وأنشأت نظامَ فصل عنصريّاً بحكم الأمر الواقع في الضفة الغربية، وفقدت السلطة الفلسطينية مصداقيتها بالكامل. وتمكَّنَ اليأس من الشباب الفلسطيني من مستقبلهم، وخلصَ البعض إلى أن العنف هو الحل الوحيد.
#LIVE: #Israel strikes and seals off #Gaza after incursion by Hamas, which vows to execute hostages https://t.co/IOXqzeQlXl pic.twitter.com/YaafxVK5Q4
— Arab News (@arabnews) October 10, 2023 ماذا بعد الاجتياح؟سنشهد قريباً عملية مسلحة إسرائيلية واسعة النطاق لتدمير الحركة وبنيتها التحتية داخل قطاع غزة المكتظ بالسكان. ولكن، ماذا سيحدث بعد أن يتحقق هذا الهدف؟ هل ستعيد إسرائيل تأكيد سيطرتها المباشرة على غزة التي دُمِّرَت؟، هل سيسمح لمئات الآلاف من الفلسطينيين النازحين بالعودة إلى ديارهم؟، أم أن إسرائيل ستنسحب ببساطة وتخاطر بالسماح لتهديد جديد لأمنها بأن يضرب بجذوره في المنطقة؟ لا أحد يعرف يقيناً. وذلك لأنه لا يوجد حل حقيقي.
بعد أن تضع الحرب أوزارها ويُحصَى القتلى، سيتعين على القادة السياسيين تجديد مساعي السلام. ولكن، يجب أن نسأل أنفسنا ما إذا كان الممكن أن نجعل عام 2023 بدايةً لعملية سلام جديدة.
ويؤكد الكاتب أن الوضع اليوم مختلف كل الاختلاف، لأن المواقف أمست أكثر تصلباً من الجانبين. غير أن نقطة البداية السديدة تتلخص في العودة إلى المبادئ الأساسية لمبادرة السلام العربية لعام 2002. فقد كان المقترح الذي بادرت إليه المملكة العربية السعودية هو عرض التطبيع الدبلوماسي مع إسرائيل مقابل إنهاء الاحتلال ومنح الفلسطينيين مستقبلاً جديداً. فبعد جيل من الإخفاقات، ربما ظهر زعماء جدد من الجانبين يرجعون إلى هذا الإطار.
وبحسب الموقع، أي عملية سلام لا بد أن تنطلق من الاعتراف بالمبادئ الأساسية، يقول الكاتب، ولابد أن تكون جزءاً لا يتجزأ من سياق دولي أكبر يشمل القوى الكبرى كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وربما الصين أيضاً الآن. وهذا محض حلم في الوقت الراهن. وأفضل ما يمكن أن يتحقق هو وقفة مؤقتة لحين وقوع المأساة التالية.
There is a developing humanitarian crisis in Gaza. Israel has warned all civilians to head south ahead of a pending ground operation. pic.twitter.com/XhWWHSML3i
— Trey Yingst (@TreyYingst) October 14, 2023 أهوال جديدة في الانتظاروقال كارل بيلت: "تنتظرنا أهوال جديدة خلال الأيام والأسابيع المقبلة. ومع بدء دخول الدبابات إلى غزة، لا يسع المرء سوى أن يعقد الآمال على أن تُدار الحرب بطريقة لا تفسد إمكانية السلام مستقبلاً"، وأكد بيلت أن احترام القانون الدولي، ولا سيما القانون الإنساني الدولي، أمر بالغ الأهمية والأساس الذي يمكن أن يُبنى عليه مستقبل سلميّ.
واختتم الكاتب مقاله بالقول: "في فترة من الفترات، غرست هذه الأراضي في البشرية الأمل في الفردوس. ويجب ألا نسمح بأن تنزل بها النوازل فتمسي جحيماً. إن هذه لأيام ثقال. ومن المهم أكثر من أي وقت مضى أن نبقي نور الأمل متوهجاً".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل
إقرأ أيضاً:
ترامب يرفض فكرة أن تكون الحرب خيار بوتين ونتنياهو الوحيد
حظي بنيامين نتنياهو وفلاديمير بوتين بثرثرة هاتفية ودية في مطلع الشهر الجاري بمناسبة الذكرى الثمانين لهزيمة ألمانيا النازية. وبين القائدين الإسرائيلي والروسي مشتركات كثيرة. فكلاهما يزعم أنه لا يزال ببسالة يحارب النازيين في غزة وأوكرانيا على الترتيب. ويجري استعمال هذا الوهم لتبرير القتل الجماعي للمدنيين ومفاقمة خسائر القوات والتكاليف الباهظة المدفوعة من الاقتصاد والسمعة. ولعل ذلك الوهم هو الذي يساعدهما على النوم ليلا.
بيبي وفلاد هما أكثر رجلين مطلوبين في العالم، ولعلهما الأكثر ازدراء.
ينكر نتنياهو وحلفاؤه في اليمين المتطرف على الفلسطينيين حق إقامة دولة مستقلة، وهو الحق الذي أكده مؤسسو دولة إسرائيل. وبالمثل، يرفض بوتين واقع أوكرانيا بوصفها بلدا مستقلا. وكلاهما يطرح رؤى توسُّعية مشيحانية، فهي رؤية إسرائيل الكبرى لأحدهما ورؤية بعث الإمبراطورية السوفييتية للآخر. وتقوم كلتا الرؤيتين على عقلية عنصرية قومية متطرفة.
يتنبأ زعماء أوروبا بأن بوتين- ما لم يلق جزاءه- سوف يدير فوهة سلاحه عليهم في نهاية المطاف. أما نتنياهو فقد وسّع حرب غزة بالفعل إلى لبنان واليمن وسوريا. وتشير تقارير مخابراتية أمريكية حديثة إلى أنه يستعد لضرب إيران، راجيا من ذلك إفشال المحادثات النووية الجارية بين واشنطن وطهران.
ولكن ثمة تشابها عميقا بين الرجلين يعجز عن إدراكه صناع السلام المحتملون، وبخاصة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهو أنه ليس بين الاثنين من يريد فعلا سلاما دائما. فالحرب المستمرة هي خيارهما الأمثل، ووضعهما الأساسي. وكلاهما يعتمد في بقائه على العنف. وهما يعلمان أنهما في حال توقف القتال سوف يواجهان حسابا قد يجهز عليهما.
فما الذي سوف يقوله الناس في روستوف-نا-دونو، أو أومسك، أو نيجني نوفجورود حينما يرجع آلاف المحاربين ويتكلمون عما جرى في الجبهة؟ وكم يحتمل أن يطول بقاء بوتين حينما تبدأ النخب الروسية في حصر التكلفة الاقتصادية والاجتماعية المذهلة لمقامرته الفاشلة؟ وعندما يتحقق السلام، سوف يواجه نتنياهو الانتخابات، والهزيمة المحتملة. وقد يعقبها الحبس بسبب مزاعم الرشوة والفساد. وسوف تطالب المحكمة الجنائية الدولية أخيرا بتسليمهما.
ولذلك فإنهما يخافان من السلام. ولذلك السبب فإن الإصرار الدولي المستمر على إنهاء الحربين، بدعم من زيادة المساعدات العسكرية والاقتصادية لأوكرانيا وتشديد العقوبات والضغط الدبلوماسي على حكومة إسرائيل، هما السبيل إلى إزاحة اثنين من أشد أشرار زماننا هذا شرا. فلا عجب في أن الاثنين، اللذين ترجع العلاقة ـ المتوترة في بعض الأحيان ـ بينهما إلى عقدين من الزمن، قد تبادلا «التهنئات الحارة» عبر الهاتف. فكل منهما الآن بحاجة إلى الآخر.
ولعلهما تناقشا في سبل الانتصار على منتقديهما من أمثال كير ستارمر، فذلك ما حاوله نتنياهو بشدة الأسبوع الماضي. فنتنياهو يظن أن أعمال حماس في السابع من أكتوبر سنة 2023 تعني أن له الحرية في أن يفعل أي شيء يشاء، حتى لو تنافى مع الشرعية والأخلاق. وهو مخطئ فيما يتصوره. ولعله هو وبوتين قد تبادلا النصائح بشأن التلاعب بترامب، بالإطراء والخداع، فهذه لعبة يبرع فيها كلاهما.
يمثل ثلاثي نتنياهو وبوتين وترامب هذا، بالتضليل والخداع والتآمر، عقبة كبيرة في وجه السلام على جميع الأصعدة اليوم. فالفوضى السياسية التي اتسمت بها ولاية ترامب الأولى تبلغ الآن في ولايته الثانية مستويات جديدة وخطيرة من التناقض. ولو كان مقدورا للحربين أن تضعا أوزارهما، ولعهد نتنياهو وبوتين أن يبلغ نهايته، فلا بد من استعمال قوة الولايات المتحدة ونفوذها استعمالا كاملا في تعاون وثيق مع حلفاء واشنطن.
ولكن ما يجري في الوقت الراهن هو العكس. ففي زيارته إلى الخليج، بدا ترامب أشبه كثيرا ببائع متجول ماهر منه برئيس للولايات المتحدة. وبرغم عدم اكتراثه على المستوى الشخصي بالفلسطينيين الجياع في غزة، فإنه يحاول متأخرا أن يكبح تجاوزات نتنياهو المحرجة، ويمنعه من قصف إيران. لكن هذا لا يعني أن ترامب قد فهم أخيرا أمر فلسطين. فالآن وقد فشلت فكرته الخاصة بريفيرا غزة، يبدو أنه فقد الاهتمام. فلم تعد في الأمر فائدة ترجى بالنسبة له.
وإذا ما أُعيد فرض وقف إطلاق النار المؤقت في غزة، وتم إُطلاق سراح المزيد من الرهائن، فسوف ينسب ترامب الفضل لنفسه. ولكن المشكلة الأساسية سوف تستمر قائمة: وهي أنه يساعد ويسلّح رئيس وزراء مارقا وزمرة حاكمة من اليمين المتطرف تحذو حذو المحافظين الجدد الأمريكيين بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، إذ تستغل فظائع حماس لتحقيق أجندة شوفينية مع تجاهل للقانون الدولي، بل وتمضي إلى أبعد من ذلك من خلال التهديد بالإبادة الجماعية.
والوضع في أوكرانيا ليس أفضل حالا. فقد أطاح ترامب بإنذار نهائي مشترك من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبولندا يطالب بوتين بقبول فوري وقف إطلاق نار لمدة ثلاثين يوما، قائلا: إنه أعلم بالوضع من هذه الدول. لكنه رضخ عندما تحدث إلى الرئيس الروسي يوم الاثنين الماضي. ومرة أخرى، خدع بوتين ترامب وفرّق بين الولايات المتحدة وأوروبا.
إدراك ترامب المبكر بأنه ليس بإله ولا ببابا، وبأن قوة شخصيته لا تكفي وحدها لحل جميع مشاكل العالم، يقدم بصيص أمل لغزة وأوكرانيا. ويحدث على سبيل التهكم أن يهدد ترامب بالانسحاب. فليته يفعل! يجب أن تبقى الولايات المتحدة منخرطة على مستويات متعددة. لكن موقفا رئاسيا ترامبيا صامتا من شأنه أن يدعم قضية السلام بشكل كبير. شأن طبيب جاهل يخطئ في تشخيص المشاكل، يزيد ترامب من تفاقم الأوضاع. ففي كل يوم، يفلت نتنياهو وبوتين من العقاب على جرائم القتل، ويعود ذلك إلى حد كبير إلى أن في البيت الأبيض صديقا لهما نرجسيا ولا يفقه أي شيء. وفي كل يوم، تتعرض حياة المزيد من الأطفال للدمار.
يجب أن يتوقف ترامب عن التباهي وأن يفوض صنع السلام في غزة وأوكرانيا إلى دبلوماسيين أمريكيين محترفين ذوي خبرة، ومبعوثين للأمم المتحدة، ووسطاء عرب وأوروبيين، ورؤساء استخبارات، وخبراء عسكريين. باختصار، عليه أن يترك الأمر لمن هم أعرف بشعابه. أما بالنسبة لنتنياهو وبوتين، فعليه أن ينفض يديه من كليهما.
سيمون تيسدال معلق الشؤون الخارجية في صحيفة ذي جارديان
عن الجارديان البريطانية