كثر الحديث في الآونة الأخيرة عمّا يُسمى مشروع غزة الكبرى، الذي تهدف إسرائيل من ورائه، حسبما تردد، إلى توسيع مساحة قطاع غزة غربا على حساب شبه حزيرة سيناء، صدرت تحذيرات عن الأوساط الرسمية والشعبية الفلسطينية والمصرية على السواء من خطورة مشروع كهذا.

وقد تصاعدت تلك التحذيرات بشكل أكبر بعد أن أكد وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين لإذاعة الجيش الإسرائيلي قبل أيام أنه "في نهاية هذه الحرب، لن يتم القضاء على حماس في غزة فحسب، بل سيتم تقليص مساحة غزة أيضا".

حكاية مشروع غزة الكبرى

وحذر الرئيسان عبد الفتاح السيسي والفلسطيني محمود عباس في تصريحات سابقة من مخطط إسرائيلي لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة المكتظ بالسكان، حيث يعيش 2.3 مليون نسمة تقريبا على مساحة 365 كيلومترا مربعا من الأرض، إلى سيناء.

ويهدف مشروع غزة الكبرى، الذي يقتضي أيضا تقليص مساحة قطاع غزة من جهة الشرق، إلى إيجاد منطقة عازلة تفصل بين حدود القطاع والبلدات والمستوطنات الإسرائيلية القريبة منه لتوفير مزيد من الأمن لهذه البلدات.

ويأتي ذلك بعدما أظهر هجوم حركة حماس على المستوطنات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر الجاري والذي أسفر عن مقتل نحو 1400 إسرائيلي وأسر ما بين 200 - 250 آخرين، ثغرة تتعلق بالمساحات الجغرافية، حيث وصل مقاتلو الحركة إلى نحو 10 كيلومترات من الضفة الغربية.

كما مثل ذلك خطورة شديدة على إسرائيل، إذ إن وجود اتصال بري بين الضفة والقطاع يعني عزل وسط إسرائيل وجنوبها عن باقي الأراضي، وإجبار القوات الإسرائيلية على العمل في ظروف صعبة للغاية وجرها لقتالٍ دامٍ داخل المدن المكتظة على الأراضي التي قامت عليها إسرائيل في 1948.

وهذا المشروع قديم وسبق أن طرحه مستشار الأمن القومي الإسرائيلي آنذاك جيورا آيلاند عام 2004، وهو إقامة (دولة غزة الكبرى) بحيث تقتطع مساحة من غزة لإسرائيل وتُضم مساحة من سيناء لغزة. 

وبحسب النائب البرلماني مصطفى بكري فإن هدف إسرائيل الآن هو خلق مشكلة فلسطينية مصرية من خلال التهجير القسري لسكان غزة، مشيرا إلى أن إسرائيل تريد منطقة عازلة بين المستوطنات الإسرائيلية ومنطقة حدود غزة.

وقال أستاذ العلوم السياسية الدكتور طارق فهمي، إن مشروع غزة الكبرى هو عبارة عن إقامة "دولية" دولة غزة، تبدأ من العريش وتمر إلى قطاع غزة، ويتم فيها توسيع القطاع، بصورة كبيرة، وتغير البعد الديموغرافي، وهي ما تعرف بتقاسم الأراضي، وتبادل الأ راضي بين العرب وإسرائيل. 

وأضاف فهمي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن وراء هذا المشروع الجنرال آيلاند، وهو من يؤسس تقسيم الأراضي وتوزيعها، وطرحها في إطار سياسي منذ سنوات طويلة، حتى يتم إعادة تدويرها بصورة أو بأخرى، وهذا المشروع يقابله رفض عربي، ولكن مشروع غزة يتم اقتراحه من آن لأخر عندما تنشأ الخلافات والأزمات العربية الاسرائيلية، وبالتالي يبدأ الحديث حولها بصورة أو بأخرى عن إمكانية التغير.

تصفية القضية الفلسطينية

وأشار فهمي، إلى أن ارتباط هذا المشروع بإنهاء وتصفية القضية الفلسطينية، وإغلاق باب الحل، باعتبارها قضية أزعجت العالم، إذا نحن أمام مشروع قديم جديد يتجدد من آن لأخر على حسب الأسس المرطوحة فيه، حيث أنه يشغل بال واهتمام إسرائيل وورائها أمريكا، ولا يعتبر هذا المشروع حل لقضية فلسطين على الإطلاق.

السقوط الكبير لإسرائيل.. طوفان الأقصي تعصف باقتصاد الاحتلال والخسائر تتجاوز 200 مليار أوجاع إسرائيل تتزايد.. هل تمحو حكومة الحرب عار السقوط يوم طوفان الأقصى؟

ومن جانبه، قال الكاتب الصحفي والإعلامي مصطفى بكري أن المطروح الآن هو مشروع قديم سبق أن طرحه مستشار الأمن القومي الإسرائيلي آنذاك جيورا آيلاند عام 2004، وهو إقامة (دولة غزة الكبرى) بحيث تقتطع مساحة من غزة لإسرائيل وتُضم مساحة من سيناء لغزة.

وأضاف بكري- خلال تصريحات له، إنه وفقا لمشروع آيلاند، فإن القطاع بحاجة إلى أن تزيد مساحته بواقع ثلاثة أضعاف واقترح ضم 600 كيلومتر مربع من سيناء للقطاع.

وأوضح أن هدف إسرائيل الآن هو خلق مشكلة فلسطينية مصرية من خلال التهجير القسري لسكان غزة، مشيرا إلى أن إسرائيل تريد منطقة عازلة بين المستوطنات الإسرائيلية ومنطقة حدود غزة.

وأشار بكري، إلى أن هذا الأمر لا يهدف إلى حل مشكلة الديموغرافيا "حيث يعيش مليونان ونصف المليون على مساحة 365 كيلومترا مربعا، ولكن الهدف هو تصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي". وحذر من مخطط التهجير الكامل لأهالي غزة إلى مصر والتهجير الكامل لأهالي الضفة الغربية إلى الأردن ومن "تحقيق هدف يهودية الدولة الإسرائيلية من النهر إلى البحر بحيث تكون خالصة لليهود".

واقترح آيلاند تعويض مصر بمساحة 200 كيلومتر مربع من صحراء النقب شمال غرب مدينة إيلات، بحيث تُساهم هذه المنطقة في الربط بين مصر والأردن وتحقيق منافع اقتصادية للبلدين ودول الخليج عبر إيجاد ممر إلى البحر المتوسط لتصدير النفط إلى أوروبا.

وتهدف إسرائيل من خلال هذا المشروع إلى ضمان أمنها ومنع توغل المقاتلين من حماس في البلدات الإسرائيلية القريبة من قطاع غزة، وتأتي هذه الخطوة بعد هجوم حماس على المستوطنات الإسرائيلية في أكتوبر 2023، الذي أسفر عن سقوط ضحايا من الجانبين.

ويعتبر وجود اتصال بري بين الضفة الغربية وقطاع غزة خطرًا على إسرائيل، حيث يمكن أن يؤدي إلى عزل مناطق وسط إسرائيل وجنوبها عن بقية الأراضي، ويجبر القوات الإسرائيلية على العمل في ظروف صعبة وصراعات داخل المدن المكتظة على الأراضي التي استولت عليها إسرائيل في عام 1948.

تهجير الفلسطينيين لسيناء  

جدير بالذكر، أن التهجير كان بهدف قيام الدولة والكيان الإسرائيلي على الأرض التي تم احتلالها في هذا الوقت.

وينقسم إلى تهجير خارجي وتهجير داخلي، حيث أن التهجير الداخلي كان حوالي 160 ألف مواطن فلسطيني، ورغم أنه قد صدر قرار من الأمم المتحدة بحق رجوع الفلسطينيين، ولكن حتى الآن هذا القرار لم يجد النور وظل الفلسطينيون ولا يزالون في شتى أنحاء العالم.

ومساحة غزة لا تكفي أبناء فلسطين حيث تبلغ 362 كم، وجاء مشروع إيلان في 2004 مقترحا أن تكون دولة غزة الكبرى تضم مساحة من مصر حوالي 720 كم من رفح إلى العريش، وهذا يعني أنك تقتطع جزءًا من سيناء المصرية لحساب تفريغ غزة ولحساب انشاء الوطن البديل بدلا من الدولة الفلسطينيىة المستقلة، والتي أقرت بها اتفاقية أوسلو والكثير من القرارات الدولية.

هناك طرح أن تكون الأردن وطنا بديلا أيضا، ومن ثم فإن الخطة الإسرائيلية تهجير أهالي الضفة وعرب 1948 إلى الأردن، وتهجير أهالي غزة البالغ عددهم الآن حوالي 2 مليون ونصف المليون إلى مصر لإقامة الدولة الفلسطينية في سيناء وغزة.

والقيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني أعلنوا رفضهم لهذه الفكرة ومقاومتهم له، ولكن هناك أطرافا دولية متواطئة وتمارس ضغوطًا شديدة على الأردن ومصر، ولكن مصر والأردن لن يسمحا بهذا المخطط ليكون موجودًا على الواقع بأي حال من الأحوال.

فيما قال الرئيس  السيسي في المؤتمر الصحفي المشترك مع المستشار الألماني أولف شولتس الذي عقد الأربعاء: "لو استدعى الأمر أن أطلب من المصريين الخروج للتعبير عن رفض تهجير الفلسطينيين لسيناء سترون خروج الملايين من المصريين الذين يؤيدون موقف الدولة".

وأكد الرئيس، أنه "لا يمكن السماح بالتهجير القسري للفلسطينيين"، مضيفا أنه بحث مع المستشار الألماني جهود مصر لتهدئة الأوضاع في غزة، مشيرا إلى أنه "أقترح نقل المدنيين من غزة إلى صحراء النقب الإسرائيلية لحين انتهاء العمليات العسكرية".

وتابع السيسي، قائلا: "تهجير" الفلسطينيين من غزة إلى مصر قد يؤدي إلى "تهجير" من الضفة الغربية إلى الأردن، مؤكدا أن مصر ترفض تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، مشيرا إلى أن مصر لم تغلق معبر رفح منذ بداية الأزمة لكن القصف الإسرائيلي حال دون تشغيله.

وكذلك أكد أن استمرار العمليات العسكرية والتصعيد في غزة يهدد المنطقة بأكملها، مشيراً إلى "ضرورة حل القضية الفلسطينية من منظور شامل يضمن تحقيق حل الدولتين".

وقال الرئيس، إن الحصار المطبق على قطاع غزة أضحى قضية خطيرة، هدفها النهائي تصفية القضية الفلسطينية، مضيفا: الحصار يشمل منع دخول المياه والوقود والكهرباء والمساعدات الإنسانية إلى غزة، وتهديدات بنقل المواطنين الفلسطينيين من القطاع إلى مصر.

وأكد الرئيس رفض مصر لتصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، متابعا أن "مصر دعت إلى قمة لبحث التطورات ومستقبل القضية الفلسطينية وعملية السلام".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: إسرائيل قطاع غزة عبد الفتاح السيسي مشروع غزة الكبرى سيناء تصفیة القضیة الفلسطینیة المستوطنات الإسرائیلیة تهجیر الفلسطینیین الفلسطینیین من الضفة الغربیة هذا المشروع من سیناء قطاع غزة مساحة من دولة غزة إلى مصر من غزة

إقرأ أيضاً:

الإنفاق الحكومي وتأثيره على النمو الاقتصادي في العراق

بسام رعـد | باحث اقتصادي 

يعتبر الإنفاق الحكومي أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر على النمو الاقتصادي في العراق . حيث يلعب دوراً أساسياً في تحفيز النشاط الاقتصادي المحلي، وله تاثيرات متعددة تترواح بين الايجابية والسلبية . في تصريح صحفي للمستشار الاقتصادي لرئيس مجلس الوزراء الدكتور مظهر محمد صالح، نشرته جريدة المدى في العدد (5916) الصادر يوم الخميس 29 أيار 2025. قال المستشار أن " البلاد تعتمد على واردات النفط في تمويل النفقات العامة بنسبة تصل الى 90% من أجمالي الايرادات الكلية ، في حين يشكل الإنفاق الحكومي نسبة تقارب 50% من الناتج المحلي الإجمالي ، مما ينعكس على نحو 85% من الطلب الكلي أو الإنفاق على النشاط الاقتصادي " أنتهى .

في هذه المقالة سنستعرض تأثير الإنفاق الحكومي على النمو الاقتصادي على ضوء تصريح السيد المستشار. 

أهمية الإنفاق الحكومي 
عندما تشكل النفقات الحكومية نسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي ، فهذا يعني أن الحكومة تلعب دورا رئيسيا في الاقتصاد. ويساهم الإنفاق الحكومي في توفير البنية التحتية ، التعليم ، الصحة ، مما يعزز قدرة الاقتصاد على النمو. 

الأعتماد على الايرادات النفطية 
يعتمد العراق بشكل كبير على الإيرادات النفطية ، مما يجعل الإنفاق الحكومي عرضة لتقلبات أسعار النفط . شهد العراق خلال العامين الماضيين زيادة في الإنفاق الحكومي نتيجة لارتفاع أسعار النفط ، ولكن يبدو الآن أن هذه الزيادة غير مستدامة مع اتجاه الأسعار للانخفاض حاليا.
الفجوة بين الانفاق التشغيلي والاستثماري 
 توجد فجوة كبيرة بين  الإنفاق التشغيلي الذي يشكل 70 % من إجمالي الإنفاق العام والإنفاق الاستثماري . ويعتبر تقليص هذه الفجوة أمرا ضروريا لتعزيز النمو الاقتصادي.

العجز المالي 
تشير البيانات المنشورة على موقع البنك المركزي الى ارتفاع إجمالي الدين الداخلي من 70 تريليون دينار في شهر كانون الثاني 2024  إلى 80 تريليون دينار في شهر تشرين الاول 2024 . ذلك يعني ان هناك عجزاً فعلياً في موازنة 2024 ، جرت تغطيته من خلال الاقتراض الداخلي وخصم حوالات الخزانة. وتقدر نسبة العجز 4.2% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي في عام  2024  ، هذا العجز يعكس حجم الإنفاق الكبير مقارنة بالإيرادات المتاحة ، مما يزيد من الضغوط على الاقتصاد .

التأثير على النمو الاقتصادي 
يعتمد النمو الاقتصادي في العراق بشكل كبير على الإنفاق الحكومي ، خاصة مع ضعف القطاعات الاقتصادية الأخرى مثل الصناعة والزراعة هذا الاعتماد قد يؤدي إلى مخاطر اقتصادية مثل الانكماش في حال حدوث تقلبات في دورة الأصول النفطية.

الخلاصة 
إن نسبة الإنفاق الحكومي التي تقارب 50 % من الناتج المحلي الإجمالي تعكس اعتمادا كبيرا على الحكومة في النشاط الاقتصادي، مما يثير القلق بشأن النمو الاقتصادي المستقبلي على ضوء عدم استدامة الإنفاق في حال انهارت عوائد النفط.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • الخارجية الفلسطينية تطالب بآليات دولية فاعلة لوقف مخططات الضم الإسرائيلية
  • توضيح من الطاقة: لا علاقة لقرض المشروع الثاني لإمدادات المياه لبيروت الكبرى بسد بسري
  • الحكومة الإسرائيلية تعلن عن مشروع استيطاني ضخم يضم 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية
  • وزارة الطاقة توضح: لا علاقة لقرض مشروع إمدادات المياه الثاني لبيروت الكبرى بسد بسري
  • ماكرون يلوّح بتشديد الموقف ضد إسرائيل ويؤكد: الاعتراف بالدولة الفلسطينية واجب
  • خبير سياسي: واشنطن تسعى لإعادة تفتيت المنطقة لصالح إسرائيل الكبرى
  • أخبار جنوب سيناء| لجنة وزارية لتقييم مشروع البطل الأولمبي.. واستمرار اجتماعات حزب الجبهة الوطنية
  • الإنفاق الحكومي وتأثيره على النمو الاقتصادي في العراق
  • لابيد: على إسرائيل أن تقبل علنا وبشكل فوري مخطط ويتكوف الجديد بشأن صفقة التبادل
  • إسرائيل تعزز قبضتها على الضفة لعرقلة قيام الدولة الفلسطينية