ولنا كلمة : البحث عن ممكنات التغيير
تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT
الموظف بطبيعة الحال ليس لديه القدرة على احداث اي تغيير، فهو يأتمر بتنفيذ ما يرسم له من خطط وبرامج ضمن الاطار الخدمي الذي يقوم على تقديمه للمجتمع، فهو اولا واخيرا منفذ وهذا ينطبق على المسؤول في الحكومة لانه محكوم بمنظومة ادارية مغلقة تفلتر كل ما يمر عليها من رؤى ومشاريع ومطالب مجتمعية، يعتمد تنفيذها على قدرة الموظف وما يتوفر لديه من ادوات قانونية او فنية او ادارية او حتى مالية، ومع ان رئيس الوحدة مطالب ان يعمل على تغيير المشهد الخدمي الذي يقوم عليه بما يتوافق مع متطلبات التغيير المتسارعة، في ظل المتغيرات التي تشهدها التقنية في وقتنا الحاضر، الا ان التداخل في المنظومة في كثير من الاحيان لا تساعده على الاستعجال في التحديث، خاصة اذا كانت الخدمة التي يقوم على تقديمها مرتبطة بعدة جهات اخرى وعلى شكل دائرة مغلقة، نعم هناك العديد من المسؤولين عندما كلفوا بحقائب خدمية لديهم الكثير من الافكار لاحداث تغيير ، الا انهم صدموا بواقع لا يملكون القدرة على قيادة بوصلته وعقول لا تزال تدير الامور وفقا لنظام عمل التغيير فيه سيتسبب في احداث فجوة بين ما اعتادوا عليه والجديد القادم، فهل يفترض ان نستسلم للواقع؟ ام يجب علينا ان نبحث عن ممكنات التغيير ونؤكد عليه حتى ولو كان جزءا من تلك الممكنات مرتبط بعمل اجهزة اخرى؟.
لذا لابد من اعادة النظر في المنظومة التي تنظم عمل المؤسسات الخدمية، فالاجتهاد الحاصل في الوقت الحاضر من بعض المؤسسات والذي يؤدي في كثير من الاحيان الى عدم الرضا فيما يتخذ من قرارات، نتيجة حتمية لغياب منظومة العمل الموحدة والقراءات المتعمقة لقياس رجع الصدى ومؤشر ردة فعل المجتمع، حيث ان السلبية التي تمثلها بعض القرارات اثرها في بعض الاحيان آني واحيانا يأخذ بعض الوقت في التأثير، كل ذلك بطبيعة الحال يرجع الى تغييب المجتمع عن المشاركة في صناعة مثل هذه القرارات، التي يفترض ان يسبقها استطلاع رأي لمعرفة امكانية التطبيق من عدمة او بمعنى اخر التطبيق الذي يتوافق عليه ليكون نافذا، هذه هي الممارسة الديمقراطية الحقيقية لصنع القرار، الا اننا في الدولة الرعوية يبقى هذا الخيار مستبعدا على اعتبار ان الحكومة ترى نفسها بانها الاقدر في معرفة مصلحة افراد المجتمع، هذه النظرية في الادارة اي مسؤول ملزم بتطبيقها حتى وان كانت لديه قناعات ورؤى اخرى قبل ان يصبح مسؤولا او حامل حقيبة خدمية، بدليل ان كثير من المسؤولين بعيد تعيينهم لديهم رؤية مختلفة عن تلك التي يطبقها فيما بعد.
وبالتالي يفترض ان لا نلقي باللوم على هؤلاء المسؤولين نتيجة الفلسفة التي يتبعونها في ادارة مؤسساتهم، او نوع الخدمة التي تقدم وما يصاحبها من اجراءات يستهجنها افراد المجتمع ،لانهم يترجمون قناعة الحكومة بتلك الاجراءات والتشدد في تطبيقها غير المبرر، فهم يراهنون على قدرة المواطن على تحمل ذلك التشدد، همسة في أذن الحكومة بان لا تعول على ذلك الرهان على اعتبار ان ثقافة الناس تغيرت كثيرا، لذا لابد من الاسراع في تفعيل منظومة الخدمة واتاحة الفرصة للمجتمع للمشاركة فيما يتخذ من قرارات هدفها خدمته، وكذلك للمسؤول الجديد الذي لديه رؤى جديدة للتطوير في الخدمة وتعزيز علاقة افراد المجتمع بحكومته وقيادته.
طالب بن سيف الضباري
dhabari88@hotmail.com
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
حملة لاعتقال الحريديم الفارين من الخدمة وقادتهم يهددون بإسقاط الحكومة
أطلق الجيش الإسرائيلي، بإشراف مباشر من رئيس الأركان الجديد اللواء أيال زامير، حملة غير مسبوقة لملاحقة واعتقال الشبان اليهود المتشددين (الحريديم) الذين تهربوا من الخدمة العسكرية، في خطوة فجّرت غضب الأحزاب الحريدية التي حذّرت من انهيار الائتلاف الحكومي، واعتبرت أن ما يجري "إعلان حرب على الهوية الدينية للدولة".
وبدأت وحدات الشرطة العسكرية، فجر أمس الاثنين، باقتحام منازل العشرات من الشبان الحريديم الذين تجاهلوا أوامر التجنيد، في مدن مثل بني براك والقدس وإلعاد وأشدود، في إطار ما أُطلق عليه اسم عملية "الفارين"، وهي الأولى من نوعها بهذا النطاق، منذ عقود طويلة.
تنفيذ "أوامر 12"وتأتي هذه العملية في سياق تطبيق "أوامر 12″، وهي أوامر عسكرية تُصدر لمن تلقوا دعوات تجنيد أولية ولم يستجيبوا، رغم التحذيرات والإخطارات المتكررة. ووفقا للجيش الإسرائيلي، فإن كل من يتلقى أمرا بالتجنيد ويتخلف عنه دون عذر قانوني يعتبر فارا ويخضع لعقوبات قد تشمل الاعتقال، ومنع السفر، والملاحقة الجنائية.
وأعلن الجيش في بيان رسمي أن "الشرطة العسكرية ستصل إلى المنازل إذا لزم الأمر"، مؤكدا أنه "تم استنفاد كل الوسائل الأخرى، والآن حان وقت التنفيذ". وذكر مسؤول في قسم القوى البشرية أن الاعتقالات ستستهدف "مئات المتهربين"، مؤكداً أن الأزمة المستمرة في غزة واستنزاف الاحتياطيات دفعت الجيش إلى تشديد الإجراءات لرفد القوات النظامية.
وفي إجراء غير مسبوق، كشفت مصادر عسكرية أن الجيش يدرس دمج الشرطة العسكرية في دوريات الشرطة النظامية -مثل شرطة المرور- للتحقق من هوية السائقين المطلوبين لأداء الخدمة. وقال مسؤول في قسم القوى البشرية إن هذه الخطوة تهدف إلى "إغلاق كل الثغرات" وضمان اعتقال أي فار في الطرق العامة.
إعلانويبلغ عدد الجنود الذين يحتاجهم الجيش حاليا نحو 12 ألفا، بينهم 7 آلاف مقاتل، في ظل الاستنزاف غير المسبوق في صفوف جنود الاحتياط، الذين تم استدعاؤهم لجولات متعددة منذ بدء الحرب على غزة.
تهديدات حريديةوقد فجّرت هذه الحملة ردود فعل غاضبة داخل الأوساط الحريدية. وتوعد أعضاء كنيست من الكتلتين الحريديتين (شاس ويهدوت هتوراة) باتخاذ خطوات فورية للانسحاب من الحكومة في حال ورود تقارير عن قيام الشرطة العسكرية باعتقال أي شاب من طلاب المدارس الدينية. وقال أحد النواب لصحيفة "يسرائيل هيوم": "إذا تلقينا مكالمة من أحد مديري المدارس تبلغنا باعتقال طالب، فسننسحب من الحكومة فورا".
وحذّر عضو بارز في حزب "يهدوت هتوراة"، في تصريحات لموقع واينت العبري، من أن استمرار الاعتقالات "سيجعل أيام الحكومة معدودة"، مضيفا: "إذا تم اعتقال عشرات أو مئات من طلاب المدارس الدينية، فإن الائتلاف سيسقط فورا. لا يوجد ائتلاف بدون الحريديم".
كما قالت مصادر في الحزب ذاته إن "رئيس الأركان قرر إسقاط الحكومة"، متهمة المؤسسة العسكرية بالسعي إلى تغيير طبيعة المجتمع الإسرائيلي "من خلال استهداف قلب هويته التوراتية".
ونقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" عن مسؤول كبير في حزب "يهدوت هتوراة" قوله إن "المدارس الدينية ليست دورات تأهيلية، بل مؤسسات للتوراة، ودخول عناصر الجيش أو الشرطة إليها يعد تدنيسا للمقدس"، مضيفا: "من اللحظة التي يتم فيها اعتقال طالب واحد منها، سيتم طباعة رسالة استقالة، وسيُسقط الائتلاف". وأوضح أن أي عملية توقيف ستقود تلقائيا إلى انهيار الحكومة.
وفي موقف مماثل، أكد زعيم حزب "شاس" أرييه درعي أن حزبه لن يبقى في الائتلاف في حال جرى اعتقال أي طالب. وقال إن "المدارس الدينية هي عماد العالم التوراتي، ولن نقبل بالمساس بها تحت أي ظرف".
إعلانويشير المراقبون إلى أن رد الفعل الغاضب هذا ليس مجرد تهديد، بل هو تعبير عن موقف عقائدي لدى الحريديم الذين يرون في الإعفاء من الخدمة العسكرية حقا دينيا غير قابل للتفاوض، وقد شددوا مرارا على أن طلبة التوراة "يحرسون الدولة بتعاليمهم وليس بأسلحتهم"، على حد تعبيرهم.
وفي الشارع الحريدي، بدأت "منظمات الاحتجاج" بتنشيط خطوط الطوارئ ومراكز الاتصال، التي تهدف إلى إحباط حملات الاعتقال داخل الأحياء الدينية. ونشرت مجموعة بقيادة الحاخام تسفي فريدمان -أحد أبرز رموز فصيل القدس المتشدد- منشورا يدعو إلى "الاستعداد لساعة الحقيقة"، محذّرا من أن "الخاطفين وصلوا"، في إشارة إلى عناصر الشرطة العسكرية.
ويحث المنشور جمهور الحريديم على تلقي التنبيهات العاجلة من منظومة "وصول الخاطفين" والانتقال فورا إلى مواقع الاعتقال لمنع الجيش من تنفيذ عملياته. وتداولت الأوساط الدينية دعوات للتجمهر والاعتصام الفوري عند أي اعتقال.
وفي المقابل، رحبت المعارضة الإسرائيلية بتحركات الشرطة العسكرية وتطبيق قرار المحكمة، واعتبرتها خطوة نحو تحقيق المساواة بين مكونات المجتمع الإسرائيلي. وكتب زعيم المعارضة يائير لبيد منشورا قال فيه إن "الشرطة العسكرية لا تعتقل الحريديم، بل تعتقل من خالف القانون ولم يحضر لأداء الخدمة العسكرية". وأضاف: "الجنود الذين يقومون بهذا العمل لا يستحقون الشتم، بل الشكر".
أما رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان، المعروف بموقفه الحاد تجاه الحريديم، فقال: "في حكومتي سيتجند الجميع، لا توجد طائفة فوق القانون"، مؤكدا أن الحكومة الحالية خاضعة بالكامل لابتزاز الأحزاب الدينية التي تفرض أجندتها على حساب باقي المواطنين.
إعلانمن جهته، نشر الجنرال السابق ورئيس حزب الديمقراطيين يائير غولان رسالة قال فيها: "القانون يجب أن يُطبّق على الجميع، لا يوجد مواطنون درجة أولى وآخرون درجة ثانية. إذا كانت المحكمة قد قررت، فعلى الحكومة التنفيذ دون تأخير".
من جانبه، يحاول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التوازن بين التزامه تجاه الحريديم -وهم أحد أعمدة ائتلافه الحاكم- وبين ضغوط المؤسسة الأمنية، التي ترى أن الوضع لم يعد يحتمل استمرار الإعفاءات الجماعية.
وفي جلسة مغلقة للجنة الخارجية والأمن في الكنيست، قال نتنياهو: "في غضون عامين، سيتم تجنيد 10 آلاف و500 من الأرثوذكس المتشددين. أحترم طلاب التوراة، لكن الحريديم يجب أن يتحملوا دورا أكبر".
لكن الرد على نتنياهو لم يتأخر، إذ قال عضو الكنيست إليعازر شتيرن، يش عتيد: "العقوبات بيدك، يمكنك تنفيذها فورا. لا حاجة للانتظار لعامين"، في إشارة إلى المماطلة السياسية المتكررة في ملف التجنيد.
وفي السياق ذاته، نقلت صحيفة معاريف عن مصدر كبير في الليكود قوله إن "نتنياهو مصمم على تمرير قانون التجنيد الإجباري، مهما كان الثمن، بما في ذلك استبدال رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع، إذا توصل إلى استنتاج بأن هذا هو ما يجب القيام به. القضية الوحيدة التي يمكن أن تسقط الحكومة اليوم هي قضية التجنيد الإجباري للحريديم. ليست صفقة المختطفين ولا الحرب في غزة، فقط التجنيد الإجباري هو التهديد. إذا نجحت الحكومة في مسألة التجنيد الإجباري، فستكون هناك انتخابات في عام 2026".
وتُعد قضية تجنيد الحريديم من أكثر الملفات تفجرا في إسرائيل، إذ تحظى هذه الشريحة -التي تمثل أكثر من 13% من السكان- بإعفاءات شبه جماعية منذ قيام الدولة، استنادا إلى تفاهم تاريخي مع الأحزاب الدينية.
إعلانلكن مع تعمّق الأزمات الأمنية، وازدياد الحديث عن "تقسيم العبء"، بدأ الصوت العلماني يعلو في المطالبة بإنهاء هذا الامتياز. وتكررت محاولات تشريعية لتقنين الخدمة الإلزامية للحريديم، لكنها غالبا ما اصطدمت بالمحكمة العليا أو برفض الأحزاب الدينية.
وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية قد ألغت، منتصف العام الماضي، القانون الذي يمنح إعفاءات جماعية لطلاب المعاهد الدينية، مطالبة الحكومة بسنّ قانون جديد لا ينطوي على تمييز، وهو ما وضع نتنياهو أمام استحقاق سياسي وأمني شديد الحساسية.
ويخشى مراقبون من أن تؤدي حملة الاعتقالات الأخيرة إلى انفجار داخل الجبهة الداخلية، في وقت تخوض فيه إسرائيل حربا متعددة الجبهات. واعتبر معلقون في وسائل إعلام عبرية أن تجنيد الحريديم "أصبح قنبلة موقوتة"، مشيرين إلى أن المواجهة الحالية هي الأعمق منذ سنوات طويلة.
وقال مصدر سياسي لصحيفة معاريف: "لا نعرف إن كانت هذه الحملة جدّية أم مجرد استعراض، لكن إذا استمرت باعتقالات جماعية للحريديم دون غيرهم، فإن الحكومة ستدخل أزمة وجودية خلال ساعات".
ورغم محاولات نتنياهو امتصاص الغضب، إلا أن خياراته تزداد ضيقا. فإما أن يواصل حملة التجنيد ويفقد دعم الحريديم، وإما أن يُوقفها ويصطدم بالجيش والمحكمة العليا والجمهور العلماني.
وحتى اللحظة، تبدو الأحزاب الحريدية مصمّمة على استخدام سلاحها السياسي حتى النهاية، إذ قال مسؤول في أحد هذه الأحزاب: "لن يُجنّد أي طالب في المعهد الديني، لا اليوم ولا غدا. هذه معركة على وجودنا، ولسنا بصدد تقديم تنازلات. من يظن أنه سيكسرنا -سيصطدم بجدار من الإيمان".