لننظر إلى الحل وليس إلى المشكلة
تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT
د. قاسم بن محمد الصالحي
الممكنات أكثر من المستحيلات، وكل مستحيل يُحيط به ألف ممكن، فلابد من تجربة ما لم يجربه غيرنا، وأن نكون مرنين حتى مع ما يعترضنا من صعاب أو مشكلات، عندما نحاسب النفس لا يعني من أجل إصدار أحكام إدانة أو براءة عليها، وإنما لتحسينها وتطويرها؛ إذ إن جميعنا دون استثناء، عندما نواجه مشكلة ما تجدنا نفكر فيها إلى درجة التأثير على ذاتنا، وفي غالب الأحيان لا نصل إلى حل لها، لماذا؟ لأننا نتوجه فورًا بالتفكير في أساس المشكلة، ونعيش داخلها إلى أن نصبح جزءًا منها، في حين أن هناك فرقًا كبيرًا بين أن نركز في المشكلة والسعي في إيجاد حل لها، رغم أن الحل دائما أمامنا، ولكننا نكثر التركيز في المشكلة، ونضخمها، فتصبح الحلول القريبة بعيدة عنا، بل أحيانا لا نراها، في حين لو حاسبنا أنفسنا، وفكرنا لحظة واحدة بموضوعية، سنجد الحل داخل المشكلة نفسها.
على الفرد منا ألا يكون كمن يجلس على جانب الطريق، وقد وضع بجانبه لوحة مكتوب عليها أنا أعمى أرجوكم ساعدوني، ولم يكن أحد من المارة يضع أي نقود في الصندوق الصغير الموجود بجواره، ينتظر أحد المارة ليفكر نيابة عنه في تغيير ما هو مكتوب على اللوحة الموجودة أمامه، ثم يلاحظ بعد حين أن هناك زيادة في النقود التي في الصندوق الذي وضعه بجانبه، وأن الناس يتوقفون عنده، وكان قد شعر بحركة بجانبه بجوار اللوحة، فنادى أحد المارة قائلا كانت هناك لوحة بجانبي، هل هي موجودة، فيرد عليه، نعم موجودة، ومكتوب عليها "نحن في فصل الربيع ولكن لا أستطيع أن استمتع بجماله"!
العبرة- إذن- تكمن في ضرورة التغيير في وسائلنا عندما تكون الحياة على غير ما يرام، وأن لا نركز في أساس المشكلة التي تواجهنا بل علينا التركيز في الحل، لأن مهارة الحياة تكمن في قدراتنا المكتسبة والإجراءات التي نتخذها، والاستعانة بما لدينا من إمكانيات وخبرات سابقة وتجارب مشابهة، ومعرفة ما سبق لنا تعلمه في مجال السيطرة على المواقف الجديدة بكل حيثياتها ومعطياتها لأجل الوصول إلى الحل المناسب أو للحد من أي تأثير سلبي يتركه هذا الموقف الذي سبب لنا الضرر، فالحل يعتمد بشكل رئيس على ردة فعلنا تجاه أي مشكلة وكيفية التعامل معها لإيقاف تبعاتها السلبية والوصول لمرحلة التوازن، لأن المشكلة هي موقف غامض أو سؤال محير يستدعي الفهم والحل، ولا يمكن الإجابة عليه بردة فعل متعجلة، غير محسوبة؛ بل يجب أن تكون استجابتنا عملًا إيجابيًا يستهدف حل الغموض أو اللبس الذي يتضمنه الموقف.
يعتقد الكثير أننا لا بُد أن نتجنب المشاكل أو الفشل أو السلبية دائمًا، وأن لا نتذكرها أبدًا، وهذه النظرة جيدة فهي محفزة، لكن مهلًا، هل حُلّت المشكلة؟ وللإجابة علينا أن نطرح على أنفسنا أولا سؤالًا آخر "هل المشكلة حقيقية"؟، والابتعاد عن المشاكل لا يعني الضعف؛ بل يعني أننا أكثر قدرة على الاستمتاع بالحياة، لذا سنجد فعلا من يؤيد الابتعاد عن المشاكل التي لا تؤثر على مجريات الحياة ولا تسبب لنا عقبات - مشاكل غير حقيقية - والتي يجب تجنبها فعلا، إما المشاكل الحقيقية والتي يجب مواجهتها والوقوف عند أسبابها وعلاجها، فيجب أن ننظر إلى حلولها لا أن ننظر فيها، حيث إن بعد الفشل يأتي النجاح، وإذا تركنا علاج الفشل وأسبابه سيزداد استفحالاً إلى درجة يصعب السيطرة عليه فيما بعد.
إذن.. لنحدد أبعاد المشكلة والتأثير الذي أحدثته سواء على الصعيد الآني أو المستقبلي، ومدى علاقتها بالمشاكل الأخرى إن وجدت، مستذكرين الأحداث التي كانت جزءًا أو كلا في حدوثها، ومن ثم استحضار آليات الحل، واضعين التقييم المناسب للحل ودراسته للحصول على مسار أفضل وأسرع وأكثر أمانا من خلال العصف الذهني، بأقل جهد لطرق الحل، ومن ثم نبدأ في تنفيذ الحل الذي وضعناه للحصول على النتائج، بحيث يصاحب ذلك كله الثقة بالنفس، والمرونة، والشجاعة لاختيار الأفضل، على أن نرمي المشكلة خلف ظهورنا دون أن ننساها كأنها لم تحدث لأن تذكرها يساعد في الاستفادة منها مستقبلا، لكن علينا تجاوزها وعدم الاستمرار بلوم أنفسنا على الفشل، وأن لا نبقى عالقين في دائرة غير قادرين على تجاوزها وتخطي آثارها، ونضعف ثقتنا بأنفسنا إلى درجة التعرض للاكتئاب، والعزلة، وعدم تقدير الذات.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
رغم استمرار الاشتباكات.. تايلاند تُصرّ على الحل الثنائي دون وساطة دولية
يعود أصل النزاع إلى خلاف طويل الأمد بشأن السيادة على مناطق حدودية تعود لأكثر من قرن. واتهم كل طرف الآخر بإشعال شرارة القتال صباح الخميس. اعلان
وسط تصاعد حدة القتال على طول الحدود المتنازع عليها بين تايلاند وكمبوديا، أكدت بانكوك رفضها للوساطة الدولية مفضلةً حلّ النزاع العسكري عبر مفاوضات ثنائية مباشرة. وقال مسؤولان تايلانديان، يوم الجمعة، إن بلادهما لا ترى في الوقت الراهن حاجة لتدخل أطراف خارجية، رغم استمرار الاشتباكات المدفعية لليوم الثاني على التوالي.
ويشهد الشريط الحدودي بين البلدين أسوأ مواجهات عسكرية منذ أكثر من عقد، حيث اندلعت أعمال العنف في مواقع متعددة على الجبهة المشتركة، وسط اتهامات متبادلة بشأن مسؤولية إشعال القتال. ووفق وكالة "رويترز"، تبادلت القوات التايلاندية والكمبودية القصف المدفعي يوم الجمعة، بعد يوم واحد فقط من اندلاع القتال.
Related أكثر من 100 ألف نازح مع تصاعد الاشتباكات بين تايلاند وكمبوديا... وبانكوك ترفض الوساطة الدوليةتوتر آخر في آسيا.. قتلى وجرحى وحركة نزوح في اشتباكات حدودية بين تايلاند وكمبودياخلاف حدودي قديم يتطوّر إلى حرب.. ماذا نعرف عن القدرات العسكرية لتايلاند وكمبوديا؟وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة والصين وماليزيا – الرئيس الحالي لرابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) – عرضت تسهيل حوار بين الطرفين، إلا أن تايلاند أعلنت تمسكها بالحل الثنائي. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التايلاندية، نيكورنديج بالانكورا، في تصريح لـ"رويترز": "لا نعتقد أننا بحاجة إلى وساطة من دولة ثالثة في هذه المرحلة".
من جانبه، كشف رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، الذي يرأس آسيان هذا العام، أنه أجرى اتصالات مع قادة كل من كمبوديا وتايلاند، ودعا الطرفين إلى التوصل لتسوية سلمية. ورغم إشادته بمبادرة أنور، صرح نائب وزير الخارجية التايلاندي، روس جاليشاندرا، للصحفيين: "نقدّر العرض، ولا نستبعد تمامًا تدخل طرف ثالث، لكننا نؤمن بأن الآليات الثنائية لم تُستنفد بعد".
في المقابل، قال رئيس الوزراء الكمبودي هون مانيت، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي مساء الجمعة، إن بلاده وتايلاند وافقتا في البداية على اقتراح وقف إطلاق النار الذي قدّمه أنور، إلا أن تايلاند تراجعت عن الالتزام لاحقًا. ولم يصدر عن الحكومة التايلاندية أي تعليق فوري على تصريحات هون مانيت، وفق "رويترز".
ويعود أصل النزاع إلى خلاف طويل الأمد بشأن السيادة على مناطق حدودية تعود لأكثر من قرن. واتهم كل طرف الآخر بإشعال شرارة القتال صباح الخميس. وقال نيكورنديج إن تايلاند ما زالت متمسكة بموقفها: "نؤمن بأن الآلية الثنائية هي أفضل طريق للخروج من هذه الأزمة، فهذا نزاع بين دولتين"، مضيفًا أن "على الجانب الكمبودي وقف العنف أولًا"، ومؤكدًا: "أبوابنا ما زالت مفتوحة".
وفي تطور موازٍ، طلبت كمبوديا من مجلس الأمن الدولي التدخل لوقف التصعيد، متهمةً تايلاند بـ"عدوان عسكري غير مبرر ومخطط له مسبقًا"، بحسب وصف هون مانيت. ووفق "رويترز"، أعلن المجلس أنه سيعقد جلسة مغلقة يوم الجمعة لبحث التصعيد.
وكانت الأزمة قد شهدت تصعيدًا دبلوماسيًا أيضًا، إذ استدعت تايلاند سفيرها لدى بنوم بنه وطردت السفير الكمبودي، بعد إصابة جنود تايلانديين بانفجارات ألغام أرضية. وأشارت بانكوك إلى أن الألغام زُرعت مؤخرًا، وهو ما نفته كمبوديا بشكل قاطع.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة