عبدالرزاق الربيعي يكتب: لا شيء يكسرنا؛ قراءة في صورة فلسطينية
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
أثير- عبدالرزّاق الربيعي
كلّنا تسمّرنا، أيام الانتفاضة الثانية، أمام الشاشات في 30 سبتمبر 2000م، ونحن نرى صورة الشهيد محمّد الدرّة التي التقطتها عدسة المصور الفرنسي شارل إندرلان مراسل قناة فرنسا2 وهو يحتمي من الرصاص خلف خزّان، أمام أنظار أبيه، الذي كان يهدّيء من روعه، تلك الصورة كانت أبلغ من الخطابات، والقصائد، التي كُتبت بوحي منها، فقد هزّت ضمير العالم، وكانت كافية لا يصال رسالة بليغة للمجتمع الدولي عما يجري في الأراضي المحتلة، فالرصاص لا يفرّق بين صغير وكبير، ولا بين جندي في ساحة قتال، وطفل أعزل ليس له سوى حضن والده يلجأ به، متحميا من وابل الرصاص المنهمر.
واليوم، ونحن في خضمّ متابعة الأخبار التي تنقل لنا ما يدور في فلسطين، وقطاع غزّة المحاصر، تتقطّع قلوبنا ألما عندما نشهد المأساة الإنسانيّة التي تحدث في الأرض المحتلّة، وقد لفتت نظري صورة لثلاثة أطفال خلال القصف بعثها لي الفنّان غنّام غنّام، جعلتني أتوقف عندها طويلا، فوجوه الأطفال الثلاثة وثيابهم وأجسامهم يغطّيها التراب، الصورة لولدين وبنت يبدو أنّهم أشقّاء نجوا من القصف، وخرجوا سالمين إلّا من التراب الذي كوّن طبقة سميكة على وجوههم وثيابهم، الولد والبنت حملا الثالث وهو طفل صغير، تلتفّ على عنقه الكوفية الفلسطينية، وتظهر عليها ألوان العلم الفلسطيني، وتأكيدا على روح التحدّي والتمسّك برمزيّة العلم، حمله بيده اليسرى، والثلاثة كانوا ينظرون للكاميرا بعيون متربة، ولكنّهم كانوا يبتسمون لعدستها، وينظرون نظرة تحدّ، فيما تظهر في الخلفية الرمادية بيوت مدمّرة، وأشخاص يبحثون عن ناجين بين الأنقاض، وبدلا من الدموع والبكاء، والخوف وهو أمر طبيعي في مشهد كهذا، كسر المصوّر ردّات الفعل المعتادة في مثل هذه الصور، وجعل الأطفال يبتسمون، ثمّ تلاعب بالألوان، فالتراب الذي غطّى الوجوه جعله المصوّر باللون الأخضر، ويظهر الأحمر على أجزاء من الوجوه، تتخلّله بقع السواد، ويظهر البياض على وجه الطفل، وكلّها إشارات لألوان العلم الفلسطيني، فيما صبغ الخلفية باللون الرمادي، ووضع على الصورة بيتين للشاعر محمود درويش أستلّا من قصيدته( مديح الظل العالي) هما “لا شيء يكسرنا، وتنكسر البلادُ على أصابعنا كفُخَّارٍ “.
لقد أراد المصوّر أن يقول لنا أنّ هؤلاء الأطفال هم مستقبل فلسطين، لذا صاروا هدفا لصواريخ قوات الاحتلال، وأنّهم مثل طائر العنقاء ينهضون من الرماد، والنظرة الواثقة لهم
تكمل السطور التي تلي ذلك:
“وينكسرُ المسدِّسُ من تلهُّفِكَ.
انتصرْ، هذا الصباحَ، ووحِّد الراياتِ
والأممَ الحزينةَ والفصولَ”
وأنّ ابتسامتهم، وعيونهم المضيئة، تفتح الطريق لغد مشرق، لشعب سيجعل المأساة خلف ظهره، ويقف بصلابة.
صورة الأطفال الفلسطينيين الثلاثة، في زمن تشكّل فيه الصورة اليوم من أهم وسائل الاتصال، والتعبير، وفّرت علينا الكثير من الكلمات، وقد جاءت لتقول :لا شيء يكسرنا .
المصدر: صحيفة أثير
إقرأ أيضاً:
مليشيا الحوثي تقصف منزل أحد شيوخ العلم وتشعل فيه النيران بعد محاصرته ومداهمته بسبب تدريسه للقران الكريم
باغتت مليشيا الحوثي الإرهابية، اليوم الثلاثاء، منزل الشيخ صالح حنتوس، مدير دار القرآن الكريم السابق في مديرية السلفية بمحافظة ريمة بقصف بقذائف الار بي جي وبالاسلحة الرشاشة بعد محاصرة المنزل ومهاجمته.
على خلفية مواصلته تدريس القرآن الكريم رغم إغلاق الدار قبل سنوات.
وافادت مصادر محلية بإصابة الشيخ صالح حنتوس وزوجته بجروح خطيرة إثر القصف الحوثي الذي استهدف منزله في مديرية السلفية بمحافظة ريمة.
وبحسب مصادر محلية، فإن الشيخ صالح حنتوس، الذي أفنى عمره في خدمة كتاب الله، وتخرج على يديه آلاف الحفاظ، وجد نفسه محاصرا داخل منزله، وتتساقط عليه القذائف الحوثية، دون مراعاة لكبر سنه أو حالته الصحية المتدهورة.
وقال الشيخ حنتوس في تسجيل صوتي نشره على تطبيق واتس اب، انه يتعرض لاعتداء صارخ، لافتا أن المليشيات قصفته الى داخل المسجد، وحاولت اغتياله، بعد أن نهبت مرتباته ومرتبات زوجته، والاعتداء بالرصاص على أولاده في سوق المنطقة.
وأضاف:" اتجهنا الى الدولة (قيادة المليشيا بالمنطقة)، لكنها لم تنصفه، والان جاءت المليشيا بقيادة فارس روبع تهدد بقصف منزلي"، وأضاف: من قتل دون ماله وعرضه فهو شهيد واتمنى أن أكون شهيدا".
وجاء تسجيل الشيخ حنتوس قبل أن تقوم المليشيا بمحاصرة منزله وقصف بالأسلحة المتوسطة والخفيفة، دون احترام لمكانته وسنه وتواجد عائلته داخل المنزل.
وأظهرت صورا تداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي منزل الشيخ حنتوس وهو يحترق بعد تعرضه للقصف من قبل المليشيا الإرهابية، وسط أنباء عن إصابته وزوجته.
وقد سبق لتلك المليشيا أن مارست الضغوط والتهديدات على شقيقه الشيخ سعد حنتوس، حتى أصيب بجلطة غادر على إثرها البلاد لتلقي العلاج.
ووفقًا للمصادر، تعود بداية القصة إلى نحو خمس سنوات، حين أغلقت المليشيا دار القرآن الكريم التي كان يديرها الشيخ حنتوس، الأمر الذي دفعه لاحقًا إلى مواصلة رسالته التعليمية من خلال فتح حلقات تحفيظ في أحد مساجد المنطقة، بمساعدة زوجته.
لكن تلك المبادرة قوبلت برفض من قبل المليشيات، التي حاولت وقف نشاط الشيخ، واعتبرت ذلك خروجًا عن تعليماتها، رغم الطابع السلمي والتعليمي البحت الذي تميّز به عمله.
وأكدت المصادر أن حياة الشيخ وأسرته في خطر محقق، مطالبين الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية للضغط على المليشيا لوقف انتهاكاتها بحق الشيخ حنتوس، واحترام مكانته ودوره التعليمي، ورفع الحصار عنه فورا.