مراقبون إسرائيليون يدحضون الرواية الرسمية عن الحرب: المقاومة شرسة
تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT
#سواليف
رغم أن الناطق العسكري الإسرائيلي، دانئيل هغاري، قد قال، صباح أمس الأحد، إن قوات الاحتلال هاجمت 2500 هدف داخل قطاع غزة منذ بدء العملية البرية وتواصل خوض المعارك وجها لوجه، وسط توجيه الطائرات لتدمير البنى التحتية لـ «الإرهاب»، لكن مراقبين إسرائيليين ينبّهون لقدرة «حماس» على إطلاق الصواريخ، ويؤكّد عدد منهم ممن عادوا من جولة ميدانية، رواية مغايرة للرواية الرسمية، ضمن مشاهداتهم وانطباعاتهم.
ويوضح محلل الشؤون العسكرية في صحيفة «هآرتس» عاموس هارئيل أن ملامح الحملة البرّية ما زالت ضبابية وأهدافها أيضا غير واضحة.
خلافا لرواية الناطقين العسكريين حول حقيقة ما يجري على الأرض وتشير له أحيانا فيديوهات صادرة عن المقاومة الفلسطينية في القطاع. يوضح هارئيل أن رغم كثافة النار الإسرائيلية التدميرية فإن قوات «حماس» ما زالت في الأنفاق وتنتظر وتجبي أثمانا من القوات الغازية ولا يلاحظ بعد انهيار في منظومات حماس. ولفت إلى خطورة الاجتياح الواسع والكبير، بقوله إن كثرة الآليات العسكرية الإسرائيلية داخل القطاع تخلق أهدافا كثيرة لحماس وللمسلحين الفلسطينيين.
وبما يتعلّق بالجبهة الشمالية ومخاطرها يقدّر هارئيل أن، رغم عدم رغبة أمني عام «حزب الله» حسن نصر الله بفتح حرب، فإن الباب مفتوح على تصعيد شامل في الشمال.
ويتابع «بعد خطاب نصر الله: اسرائيل والولايات المتحدة تعتقدان أن حزب الله وإيران غير متحمّسين لدخول حرب، ولكن الفرصة مفتوحة على حرب في الشمال، إما لأن هناك قرارا لدى حزب الله بالانضمام إلى الحرب وخطابه جزء من عملية تضليل استراتيجية كما فعلت «حماس» في «طوفان الأقصى» أو أن تنشب حرب نتيجة خطأ في تقديرات واحد من الطرفين».
هارئيل الذي كان قد حذّر منذ البداية من تسلق إسرائيل شجرة عالية بعد إعلانها عن أهداف كبيرة، يشير إلى أن تحديد الهدف الإسرائيلي من الحرب ووسائل تحقيقها غير واضح مما يزيد انشغال الإسرائيليين بعد عدد الجنود القتلى بما يمس بالحصانة المعنوية لديهم.
وبما يختلف عن الرواية الرسمية المعلنة يوضح زميله المراسل العسكري في «هآرتس» يانيف كوبوفيتش العائد من جولة ميدانية داخل القطاع أن القوات الإسرائيلية تبحث عمليا عن تدمير «حماس» قبل الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين، ويبين أن القتال مهمة صعبة.
وهذا ما يؤكده المراسل العسكري في «يديعوت أحرونوت» يوسي يهوشع الذي يقول ضمن انطباعاته ومشاهداته إن هذه هي البداية فقط. وعن ذلك يضيف: «في أحاديث معهم يرسل ضباط في الميدان رسالة : هذه البداية والجيش بحاجة الى وقت فهذه ليست جولة بل حرب هدفها إزالة تهديد بني طيلة 30 سنة ولا نستطيع إدارة حياة طبيعية الى جانبه».
ويركّز روعي شارون، محلّل عسكري للإذاعة العبرية العامة، على هذه النقطة بوضوح عقب عودته من جولة رافق فيها قوات إسرائيلية على بعد ثلاثة كيلومترات من الحدود بقوله صباح أمس : «لا نعرف حقيقة ما يحدث والواضح أن هناك اشتباكات وصدامات واسعة مع حماس والجيش يعلن مرة واحدة فقط عن قتلاه. الجيش يحاصر مدينة غزة ولكن ليس بشكل مطبق. رغم الضربات القاسية حماس تنجح في إدارة المعركة وما زالت تفاجئنا كما تجلى في صاروخ على إيلات وفي كيسوفيم أمس. التوغّل أكثر في المدينة يصعّب تحقيق هدنة مؤقتة. الجيش يعمل ببطء ويستخدم قوة هائلة على مبدأ الأرض المحروقة لكننا ما زالنا بعيدين عن تعطيل قدراتهم الصاروخية . دخلت القطاع 30 دقيقة ووصلنا منطقة العطاطرة وشاهدت دمارا شاملا، وشاهدت ثلاثة اشتباكات والتهديدات على قواتنا ملموسة جدا».
في تقرير مشبع بالمواد الدعائية الأقرب للرواية الإسرائيلية الرسمية يزعم محلل الشؤون العسكرية في موقع «واينت» رون بن يشاي الذي غطى حروبا كثيرة منذ 1967 إن عناصر حماس «سيموتون داخل الأنفاق».
الامتحان الكبير
في تقرير نشر ليل أمس الأول يوضح يشاي العائد هو الآخر من جولة ميدانية أمس الأول أن سلاح الجو الإسرائيلي لم يبق حجرا على حجر، لافتا إلى أن القصف عشوائي ويسبق تقدم القوات البرّية التي تدفع في البداية جرافات عملاقة لاكتشاف وتدمير فوهات الأنفاق.
ويرى أن الامتحان الكبير أمام الجيش الإسرائيلي يكون عندما تستفيق حماس من الصدمة وتشخّص جنودنا وستكون لديها أهداف تضربها. وعن ذلك يتابع «بعد اقتحام الحدود مرحلة البقاء في الميدان هي الأخطر علينا وينبغي فعل كل شيء من أجل حماية قواتنا. عدت بانطباع بأن الضباط والجنود واعون لهذا الخطر».
وحول مستقبل الحرب وحالة التململ الرسمي والاحتجاج الشعبي المتصاعد في حواضر غربية، يرى القنصل الإسرائيلي الأسبق في نيويورك ألون بينكاس أن «صبر الولايات المتحدة بدأ ينفد». في مقال نشرته صحيفة «هآرتس» أمس حذّر بينكاس من أن «الانتقادات داخل الولايات المتحدة بدأت تزعج الرئيس الأمريكي جو بايدن، فهو على بعد سنة من الانتخابات وبلاده متداخلة في حربين: أوكرانيا وغزة (وربما أكثر من غزة) ولدى الشباب الأمريكيين من أبناء الفئة العمرية 18-25 سنة تتواصل شعبية بايدن بالهبوط».
ويعتبر في تحذيره من متغيرات وشيكة في الرأي العام وفي الإدارة الأمريكية أن النقطة التي تشخّص فيها واشنطن فجوات بين رؤيتها ومصالحها وبين رؤية ومصالح اسرائيل باتت تقرب. ويخلص للقول في هذا المضمار: «عندما نصلها فإن دينامكية العلاقة بين أمريكا وإسرائيل ستختلف». يشار أن ماكنة الدعاية الإسرائيلية تحاول تسجيل نقاط في المعركة الكبرى على الرواية والوعي في العالم، خاصة في منتديات التواصل الاجتماعي حيث تنتصر الرواية الفلسطينية، في محاولة لتخفيف الانتقادات والاحتجاجات. ضمن هذا المسعى تواصل الخارجية الإسرائيلية إطلاع صحافيين ودبلوماسيين أجانب على فيلم يوثّق ما زعمت أنه «جرائم» حماس في «طوفان الأقصى» داخل مستوطنات غلاف غزة.
في سياق الحديث عن الاحتجاجات شهدت إسرائيل للمرة الأولى مظاهرات واسعة في عدة مدن هاجمت الحكومة ووصفت نتنياهو بالقاتل، وتطالب بالإفراج الفوري عن الأسرى والمخطوفين من خلال صفقة تبادل ومفاوضات تسبق التوغّل البري في القطاع، معربين عن قلقهم البالغ من أن القصف العشوائي يقتل أقرباءهم داخل القطاع، وهذا ما أشار له بيان «حماس» أمس الأول حول ارتفاع عدد قتلى الأسرى جراء القصف إلى 60.
القدس العربي
مقالات ذات صلة مراسل فوكس نيوز .. مقتل أكثر من 20 جندياً اسرائيليا وقعوا في كمين / فيديو 2023/11/05المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
محللون: تصعيد المقاومة الأخير محاولة لإقناع ترامب بعدم جدوى الحرب
صعدت المقاومة الفلسطينية من عملياتها ضد القوات الإسرائيلية بقطاع غزة، في الوقت الذي يستعد فيه جيش الاحتلال لتوسيع هجومه، وهي إستراتيجية يقول خبراء إنها تستهدف دفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف الحرب أو تجويع السكان على أقل تقدير.
فقد أعلن جيش الاحتلال -اليوم السبت- إصابة 9 جنود بينهم قائد الكتيبة 6310، ونائب قائد الكتيبة 252، في انفجار لعبوة ناسفة في حي الشجاعية شمالي القطاع. وذلك بعد الإعلان عن مقتل اثنين من جنوده في اشتباك وقع جنوب غزة.
وبالتزامن مع هذا التصعيد العملياتي من جانب المقاومة، بدأت الولايات المتحدة تستخدم نبرة مختلفة، حيث قالت متحدثة باسم الخارجية الأميركية إن الحرب والمجازر الجماعية لن تكون حلا.
في الوقت نفسه، تصاعدت المطالبات المنادية بوقف الحرب داخل إسرائيل، وأكدت استطلاعات الرأي الأخيرة تدني مستوى التأييد الشعبي والسياسي لما تقوم به حكومة بنيامين نتنياهو في غزة.
دليل على جهوزية المقاومة
ووفقا لمراسل الجزيرة في فلسطين إلياس كرام، فإن المحللين الإسرائيليين يرون في العمليات الأخيرة دليلا على استعداد المقاومة لأي هجوم بري محتمل على القطاع، بعد أن كبدتهم 8 قتلى ونحو 40 جريحا خلال الأسبوع الماضي، في إشارة إلى حصيلة خسائر جنود الاحتلال في القطاع.
إعلانوعلى الصعيد الإسرائيلي الداخلي اتهمت المعارضة الحكومة بإلقاء الجنود إلى حرب لا نهاية لها ولا هدف سوى خدمة مصالح نتنياهو وحكومته، كما قال كرام، الذي أكد أن توسيع القتال يفتقد للشرعية السياسية والشعبية.
وخلال مشاركته في برنامج "مسار الأحداث"، لفت كرام إلى أن استطلاعات الرأي الأخيرة تظهر أن الائتلاف الحاكم خسر 20 مقعدا من مقاعده الـ68 في الكنيست، مما يعني أن قراراته تفتقر للشرعية.
كما كشف آخر استطلاع لمعهد الأمن القومي أن 71% يفقدون الثقة في نتنياهو وأن 56% يقولون إن الحرب أصبحت مسيسة، بينما 69% يريدون وقف القتال والذهاب لاتفاق، لا سيما وأن نتنياهو يفصّل قانونا لإعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية.
لذلك، فإن كل الأعين معلقة حاليا على نتائج الزيارة التي سيجريها ترامب للمنطقة هذا الأسبوع، لأن الرسائل الأميركية الأخيرة تعكس تغيرا في نبرة الحديث والميل نحو وقف الحرب لاستعادة الأسرى، كما يقول كرام.
ومن الناحية العسكرية، يقول العميد إلياس حنا، إن الكمين الأخير الذي وقع في الشجاعية يعتبر جزءا من عملية تصعيد مستمرة انتهجتها المقاومة خلال الأسابيع الماضية لتكبيد إسرائيل أكبر قدر ممكن من الخسائر البشرية.
وتحاول المقاومة من خلال هذه العمليات التي وقعت في أكثر من مكان إرباك الإستراتيجية الإسرائيلية في عموم القطاع، سيما وأن كمين الشجاعية استهدف فرقة كانت تقوم بعمليات استطلاع، وفق حنا.
هذا الأمر يعني -برأي الخبير العسكري- أن فرقة الاحتياط كانت تستطلع من أجل القيام بعملية مستقبلية في المكان وهو أمر يتعارض مع حديث رئيس الأركان إيال زامير الذي أكد أن مشاركة الاحتياط في العملية المقبلة ستكون محدودة، مما يعني أن الهندسة الأمنية والاستخبارية الإسرائيلية تبدلت بشكل كبير.
إعلانوإن مضى الاحتلال في تنفيذ خطته، فسيكون أمام المقاومة بنك أهداف كبير يمكنها ضربه خصوصا وأنها تأقلمت بشريا على القتال بما لديها من سلاح، وأصبحت تستهدف أهم نقاط الضعف الإسرائيلية المتمثلة في الخسائر البشرية، حسب حنا.
ويرى حنا أن تراجع معنويات الجيش وزيادة الخسائر رغم استخدام كل ما يمكن استخدامه من قوة يعزز لدى الجنود فكرة أن الحرب لم تعد مجدية وأنها تجري لأسباب خاصة، مؤكدا أن هذا يعزز قدرة المقاومة على الصمود.
وإلى جانب ذلك، يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي الدكتور مهند مصطفى إن المشهد الداخلي في إسرائيل يتغير منذ انتهاك وقف إطلاق النار، وإن العامل المهم حاليا هو غياب الإجماع على العملية العسكرية شعبيا وسياسيا وفق استطلاعات الرأي كلها.
ويعزو مصطفى هذا التغير لرغبة الإسرائيليين في العودة لحياتهم الطبيعية، وإلى أنهم يعتقدون أن الحرب لم تعد تخدم قضية الأسرى ولا ترميم العلاقة بين الشعب والدولة، فضلا عن أنهم لا يثقون في الحكومة التي تتحرك وفق مصالح خاصة وأيديولوجيا ليست محل اتفاق.
وحتى فكرة التهجير لم تعد تحظى بنفس القبول داخل إسرائيل، لأن الرغبة في الانتقام والتضحية لم تعد كما بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، كما يقول مصطفى، الذي يعتقد أن وقف الحرب بات بيد ترامب.
لكن هذا التوقف لن يتحقق -برأي مصطفى، إلا بضغط جاد من ترامب على نتنياهو، وإقناعه بأن إسرائيل لن تكون جزءا من الشرق الأوسط الجديد الذي يريده، وذلك لأن أي اتفاق يتضمن الانسحاب من غزة يعني سقوط الحكومة واليمين كله ما لم ينص على نزع سلاح حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
استغلال زيارة ترامب
وفي السياق، يعتقد الباحث السياسي سعيد زياد أن تصعيد المقاومة يهدف لإقناع ترامب بعدم جدوى الحرب ودفعه لوقفها أو لوقف التجويع على الأقل.
والسبب في ذلك، برأي زياد، أن المقاومة ترى في زيارة ترامب للمنطقة وتغير اللهجة الأميركية فرصة مواتية لإقناعه بأن إسرائيل غير قادرة على الحسم عسكريا كما تزعم من بداية الحرب.
إعلانورغم عدم وجود فراق إستراتيجي بين الولايات المتحدة وإسرائيل، لكن المقاومة -برأي زياد- تعتقد أن عدم زيارة ترامب لتل أبيب وإلغاء زيارة وزير دفاعه لها، أمور قد توفر فرصة أكبر للدول العربية لإقناع ترامب باتخاذ قرار وقف الحرب أو التجويع والذهاب للمفاوضات دون الحديث عن نزع سلاح حماس.