صدق وهو كذوب.. إنترسبت: بريغوجين فضح حقيقة حرب بوتين في أوكرانيا
تاريخ النشر: 4th, July 2023 GMT
يقول الكاتب بموقع "إنترسبت" (The Intercept) الأميركي جيمس رايسن إن قائد قوات مجموعة فاغنر الروسية يفغيني بريغوجين رغم أنه ضليع في الكذب وتزييف المعلومات، فإن أكثر ما ميّز عملية تمرده الفاشلة الأسبوع الماضي هو الصدق، وإن من أكثر أشكال عصيانه للنظام هو قول الحقيقة.
وأضاف رايسن في مقال له بالموقع أن بريغوجين كاذب بشكل مرضي ومحترف للتضليل اتُّهم في الولايات المتحدة فيما يتعلق بحقل الإنترنت الذي يديره، والذي كان في طليعة الجهود الروسية للتدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016 لمساعدة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على الفوز.
ومضى الكاتب يقول إن بريغوجين عندما بدأ تمرده أطلق خطبا على الإنترنت ضد ما قال إنها أكاذيب تستخدمها موسكو لتبرير "الغزو الروسي الوحشي لأوكرانيا"، وكانت تعليقاته صريحة للغاية وبعيدة عن الرسالة التي يجب إرسالها للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدرجة أنه بدا كما لو أن شخصا ما قد سلمه بالخطأ خطابا مخصصا للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
المزاعم الروسية حول سبب الحرب أكاذيبوقال بريغوجين إن "الغزو" لم يكن أكثر من استيلاء الأوليغارشية الروسية على الأراضي والهدف منه إثراء النخب القوية في البلاد بينما اتخذ الروس الفقراء وقودا للمدافع"، مضيفا أن المزاعم الروسية بأن النظام النازي في أوكرانيا، بدعم من الناتو، كان على وشك مهاجمة روسيا، أكاذيب.
لم ينتقد بريغوجين بوتين، بل ركز انتقاداته الصاخبة على النخبة الروسية الأوسع، وعلى وجه التحديد "عدوه الشخصي" وزير الدفاع سيرغي شويغو.
وقال بريغوجين إن وزارة الدفاع تحاول خداع الجمهور والرئيس وكتابة قصة تفيد بأن هناك مستويات مجنونة من العدوان من الجانب الأوكراني و"أنهم سيهاجموننا مع كتلة الناتو بأكملها"، لكن الحقيقة هي أنه لم يكن هناك شيء غير عادي عشية 24 فبراير/شباط 2022 وهو اليوم الذي هاجمت فيه القوات الروسية أوكرانيا، وأضاف أن أوكرانيا لم تكن تخطط لأي نوع من الهجوم على روسيا.
الحرب ضرورية لشويغو والأوليغارشيةوقال بريغوجين أيضا إن الهجوم الروسي "بدأ لسبب مختلف تماما"، فقد كان ضروريا لشويغو للحصول على نجمة بطل، ولحصول الأوليغارشية "المخادعين المصابين بأمراض عقلية" الذين يحكمون روسيا على المال.
ونقل الكاتب عن بريغوجين قوله إن شويغو قتل آلافا من الجنود الروس الأكثر استعدادا للقتال في الأيام الأولى من الحرب، مضيفا أن الغزو بدأ حتى مع رغبة زيلينسكي وأوكرانيا في السلام، وكان الزعيم الأوكراني "مستعدا للاتفاقيات؛ فكل ما يجب القيام به هو النزول من البرج العاجي والتفاوض معه".
وعلق رايسن بأن هذه هي الكيفية التي دحض بها بريغوجين الحجة الرئيسية التي استخدمها دعاة الدعاية الروس وأتباعهم الغربيون بأن توسع حلف الناتو باتجاه الشرق منذ نهاية الحرب الباردة هو السبب في اندلاع الحرب في أوكرانيا.
جدار النظام الروسيوأضاف الكاتب أنه رغم خروج بريغوجين من المشهد، فإن نوبة صدقه النادرة قد يكون لها تأثير متأخر. فإذا أصبحت تعليقاته معروفة على نطاق واسع في روسيا على الرغم من الرقابة الصارمة، فقد تؤدي إلى مزيد من تآكل الدعم الروسي للحرب، وإضعاف قبضة بوتين على السلطة بشكل خطير.
وختم رايسن مقاله بالقول إن بريغوجين هو رسول الحقيقة الرهيب، وإن من المؤكد أن لديه أسبابه الأنانية للقول إن حرب روسيا مبنية على الأكاذيب. ومع ذلك، فإن قول الحقيقة قد يساعد في النهاية في تمزيق الواجهة التي أقامها بوتين لإخفاء حقيقة حربه في أوكرانيا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی أوکرانیا
إقرأ أيضاً:
كيف تمكنت أوكرانيا من ضرب الطائرات في العمق الروسي؟
أعلنت أوكرانيا، أمس الأحد، تنفيذ واحدة من أكثر عملياتها الخاصة جرأة منذ اندلاع الحرب، حيث شنّت هجوماً جوياً واسعاً باستخدام طائرات مسيرة استهدف العمق الروسي. ووفقاً لتقارير غربية، أسفرت الضربات عن تدمير أو تعطيل أكثر من 40 طائرة عسكرية روسية موزعة على عدة قواعد جوية.
واستهدفت العملية – التي صُممت لتوجيه ضربة مباشرة لأهم أصول روسيا الجوية الإستراتيجية – تجهيزات لا يمكن تعويضها بسهولة أو بتكلفة معقولة. وأفادت هيئة الأركان العامة الأوكرانية، عبر تطبيق "تليغرام"، بأن الأضرار الأولية قُدّرت بما يزيد عن ملياري دولار، فيما ذكرت شبكة "سي إن بي سي" أن تقديرات استخبارات كييف تشير إلى أن الخسائر في الطيران الإستراتيجي الروسي قد تصل إلى 7 مليارات دولار.
وأشارت التقارير إلى أن هذه الخسائر لم تقتصر على الطائرات فقط، بل شملت أيضاً الذخائر والوقود والبنية التحتية التي دُمرت نتيجة انفجارات ثانوية. وبينما لم تصدر تأكيدات مستقلة حتى اللحظة بشأن حجم الأضرار، فإن التقديرات المتحفظة تشير إلى انتكاسة كبيرة في القدرات الجوية الروسية، مع خسائر مالية فادحة.
العملية التي أُطلق عليها اسم "شبكة العنكبوت" (Web)، شملت استخدام 117 طائرة مسيرة، ووفق ما أعلنه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطاب مسجّل، فقد استهدفت هذه الطائرات نحو 34% من منصات إطلاق صواريخ كروز الإستراتيجية الروسية في القواعد الجوية المعنية.
وأكد زيلينسكي أن منفذي العملية انسحبوا من الأراضي الروسية في الوقت المناسب، فيما نقل الصحفي الأوكراني سيرغي براتشوك عن مصادر أمنية أن عناصر العملية موجودون داخل أوكرانيا منذ فترة طويلة، وأن الادعاءات الروسية بشأن توقيف منفذين لا علاقة لها بالهجوم.
وكشف زيلينسكي أن التخطيط للعملية استغرق عاماً ونصف تقريباً – تحديداً سنة و6 أشهر و9 أيام – ما يجعلها من أكثر العمليات تعقيداً وطولاً في التحضير منذ بدء الحرب. وقد نُفذت الضربات الجوية المتزامنة في ثلاث مناطق زمنية مختلفة، واستهدفت أربع قواعد روسية رئيسية.
وبحسب مصادر أوكرانية، فإن القواعد المستهدفة تضمنت قاعدة "بيلايا" في إيركوتسك بسَيْبيريا، على بعد أكثر من 4000 كيلومتر من الحدود الأوكرانية، وقاعدة "أولينيا" في مورمانسك، و"ديغيليفو" في ريازان، و"إيفانوفو" شمال شرق موسكو. كما أظهرت مقاطع مصورة غير موثقة تعرض قاعدة "أولينيغورسك" لهجوم، بالإضافة إلى انفجارات قرب مقر الأسطول الشمالي الروسي، الذي يضم غواصات نووية من طراز "ياسن" قادرة على إطلاق صواريخ كروز. وقد نفت موسكو استهداف أسطولها في هذه العملية.
ووفق روايات أوكرانية، فقد جرى على مدى أشهر تهريب طائرات FPV صغيرة إلى داخل روسيا، وإخفاؤها داخل "كبائن" خشبية متنقلة تم تركيبها في مستودعات مؤجرة، منها مستودع في تشيليابينسك استُؤجر بمبلغ يعادل 4500 دولار. وعند ساعة الصفر، أُطلقت الطائرات من هذه الكبائن المتنقلة نحو أهدافها الجوية.
وأوضحت المصادر أن الطائرات المستهدفة شملت قاذفات إستراتيجية من طراز "تو-95 إم إس" و"تو-22 إم 3"، بالإضافة إلى طائرة إنذار مبكر من طراز "A-50". وأظهرت صور غير واضحة نشرتها الاستخبارات الأوكرانية اندلاع حرائق ضخمة في طائرات روسية.
كما تحدثت مزاعم، لم تؤكد بعد، عن تدمير قاذفتين من طراز "توبوليف-160" المعروفة بـ"البجعة البيضاء"، وهي من أندر وأهم منصات الردع الإستراتيجي النووي الروسي. وأشار الصحفي الأوكراني ألكسندر كوفالينكو إلى أن إصابات هذه الطائرات تُعد بالغة، وقد يصعب على المجمع الصناعي الروسي إعادة تأهيلها، في ظل توقف موسكو منذ سنوات عن إنتاج طائرات إستراتيجية جديدة.
وفي حال تأكدت هذه المعطيات، فإن الضربة تمثل اختراقاً غير مسبوق للمجال الروسي، إذ وصلت الطائرات المسيرة إلى أهداف عسكرية شديدة التحصين على مسافات بعيدة من الجبهة، محدثة خسائر تقدر بمليارات الدولارات، والأخطر أنها أصابت أصولاً مرتبطة مباشرة بالردع النووي الروسي، ما ينذر بتصعيد كبير محتمل.
وفي الداخل الروسي، أظهرت الصور المتداولة ومشاهد شهود عيان حالة من الفوضى في القواعد المتضررة، حيث شوهدت بقايا محترقة وطواقم إطفاء، فيما أكّد حاكم إيركوتسك وقوع هجوم على مطار بيلايا باستخدام طائرات مسيرة أُطلقت من شاحنة قرب القاعدة.
من جانبها، قللت وزارة الدفاع الروسية من أهمية العملية، ووصفتها بأنها "هجوم إرهابي فاشل". وأعلنت أن الضربات استهدفت خمس مناطق، لكنها زعمت التصدي لكافة الهجمات.
وردّت موسكو على العملية بهجوم صاروخي واسع النطاق خلال الليل، أطلقت فيه 472 طائرة مسيرة – معظمها من طراز "شاهد" الإيراني – إلى جانب صواريخ باليستية وكروز، لكن كييف أعلنت إسقاط 385 هدفاً جوياً عبر دفاعاتها.
ويكشف تباين الردين عن اختلاف في الاستراتيجية الجوية، إذ تركز أوكرانيا على ضرب أهداف عالية القيمة باستخدام مسيرات دقيقة، بينما تعتمد روسيا على تكتيك "إغراق الدفاعات" من خلال أسراب ضخمة من مسيرات منخفضة التكلفة تستهدف البنية التحتية والمعنويات.
ووفق تحليل صدر مؤخراً عن مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية (CSIS)، فإن الهجمات الروسية باستخدام مسيّرات "شاهد" تشير إلى تحوّل تدريجي نحو حرب استنزاف جوية تهدف إلى إنهاك الدفاعات الأوكرانية.
ويرى محللون أن عملية "شبكة العنكبوت" تمثل امتداداً للثورة في استخدام الطائرات المسيّرة التي تسارعت في نزاعات حديثة، لاسيما حرب قره باغ عام 2020، التي أثبتت فيها المسيّرات قدرتها على تدمير منظومات ثقيلة، وتغيير موازين المعركة.