صدر حديثا عن المركز القومي للترجمة برئاسة الدكتورة كرمة سامي كتاب «مدن تثير العاطفة.. أفكار حول التحول الحضري في بريلين والقاهرة»، للمؤلف جوزيف بن بريستيل، وترجمة ريهام أبو دنيا، مراجعة وتقديم الدكتور عاطف معتمد أستاذ بقسم الجغرافيا بكلية الآداب جامعة القاهرة.

الكاتب تردد على القاهرة واستعان بخبرة مؤرخيها

ووصف الدكتور عاطف معتمد الكتاب بالمهم، قائلا إن مؤلف الكتاب – جوزيف بِن بريستيل – حاصل على الدكتوراه عن هذا الموضوع من جامعة برلين، حيث تردد على القاهرة واستعان بخبرة مؤرخيها وقارن الوثائق التاريخية لتلك الفترة فكشف عن أوجه شبه بين هموم المدينتين.

وتابع: «لا أقول إن المؤلف وجد تطابقا بين حياة القاهرة وبرلين لكنه وجد اشتراكا في عدة مشكلات وحركات اجتماعية قريبة الصلة».

3 قضايا متزامنة شغلت هموم سكان العاصمتين

ومن أجواء التقديم: هناك ثلاث قضايا متزامنة شغلت هموم سكان العاصمتين البروسية والمصرية:

أولا: تعرض المدينتين لانتشار بؤر الدعارة والبغاء مما استدعى استنفارا من المفكرين لمواجهة الظاهرة على صفحات الجرائد وفي متون الكتب فضلا عن خوض صراع مع سلطات البلاد.

وفي هذا السياق يقدم المؤلف مراجعة لخريطة أحياء البغاء في برلين (شوارع مثل نيكولايكيرهوف، أورانينبرجر تور، هاينتر ديركونيجوماور، فضلا عن الحي المحيط بأشهر شارع للبغاء في تاريخ برلين: شارع فريدريتش)، حين يأتي للقاهرة يتناول المؤلف بؤر البغاء في تلك الفترة سيما المناطق المحيطة بحي الأزبكية.

 

في دراسته لهذه القضية يعود المؤلف لدراسة مؤرخ مصري مرموق هو د. عماد هلال الذي وضع في عام 2000 بحثا مهما صادر عن دار العربي للنشر والتوزيع بعنوان "البغايا في مصر" متتبعا فيه تاريخ هذه الظاهرة خاصة في العصرين المملوكى والعثماني. 

ثانيا: نهوض حركة فكرية تدعو لإعمال العقل والرشادة وتوجه السكان من خلال المنافذ الثقافية الرئيسة آنذاك الممثلة في صفحات الجرائد والمجلات. يتناول المؤلف عددا من الرواد الألمان ونظرائهم المصريين مثل على مبارك ، الأفغاني، قاسم أمين،، يعقوب صنوع، عبد الله النديم وغيرهم من الكتاب الذين ظهرت مقالاتهم في مجلات أشهرها: أبو نضارة زرقا، الأستاذ، الهلال، المؤيد، المشير ، التنكيت والتبكيت..إلخ.

ثالثا: الإصلاح العاطفي في المدينة وخارجها بإنشاء الأحياء المسماة "مدن الحدائق" وتشييد "مدن الضواحي" خارج المدينة، وفي هذا السياق يقدم لنا الكتاب دراسة دالة من القاهرة بالتركيز على تاريخ ضاحية حلوان التي كانت مكانا للإصلاح النفسي والجسدي بعيونها المائية ومناخها الفريد في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين. وضع المؤلف حلوان نظيرا جغرافيا لمدينة بوتسدام القريبة من برلين باعتبار كل منهما رئة تنفس صحي للمدينة. في هذه القضايا الثلاث يهدف المؤلف بدراسته المقارنة إلى تفنيد واحدة مما يعتبره الأوهام المضللة في الدراسات الاستعمارية القائلة بأن عالم الشمال والجنوب متباين تباين الأرض والسماء. يفند المؤلف القول بأن الهوة واسعة بين المدينة الأوروبية والمدينة الإسلامية ومن ثم وجود تاريخ مختلف كلياً لمدن القرن التاسع عشر وفقا للتباين "الحضاري" بين الأمم، ذلك التباين الذي اتخذ دوما ذريعة للاستعمار.

متابعا: ولكي يحقق المؤلف اختبارا لفرضيته قسم كتابه إلى ستة فصول قسمة عادلة على المدينتين: ثلاثة عن برلين (الأول والثالث والخامس) وثلاثة عن القاهرة (الثاني والرابع والسادس) وفي خلاصة الكتاب جمع ملاحظات مشتركة عن رحلة المدينتين عبر تلك الفترة من الزمن.

وفي الختام أقول إن الكتاب جدير بالقراءة خاصة للمهتمين بتطور المدينة العمراني ونشأة مدن الضواحي والحدائق، وقد استمتعت شخصيا بقراءة صفحات من تاريخ ضاحية حلوان (التي تعاني اليوم تلوثا وازدحاما خانقا).

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: القومي للترجمة الترجمة القاهرة برلين

إقرأ أيضاً:

تكوين الخطاب السردي العربي.. إصدار جديد لهيئة الكتاب يربط بين الأدب والتحول الاجتماعي

أصدرت وزارة الثقافة المصرية، ممثلة في الهيئة المصرية العامة للكتاب برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، كتابًا جديدًا بعنوان "تكوين الخطاب السردي العربي: دراسة في علم اجتماع الأدب العربي الحديث"، من تأليف الدكتور صبري حافظ، وترجمة الدكتورة يمنى صابر، وذلك في إطار حرص الهيئة على تقديم دراسات نوعية تعزز فهم التحولات الأدبية في سياقاتها الثقافية والاجتماعية.

يعد الكتاب دراسة رائدة تربط بين الأدب العربي الحديث والتحولات الاجتماعية والثقافية التي شهدتها المنطقة منذ بدايات النهضة. ويبدأ العمل بمقدمة علمية تضع الأساس النظري، مستعرضة مفاهيم رئيسية مثل "رؤية العالم" و"الخطاب" و"المجال الخطابي"، إلى جانب استعراض المناهج النقدية السائدة في الدراسات العربية والغربية حول الأجناس السردية الحديثة.

ينقسم الكتاب إلى عدة فصول تتناول عملية نشأة وتطور الخطاب السردي العربي، وتبحث في العوامل التاريخية والاجتماعية التي شكلته. ويركز الفصلان الأول والثاني على التحول الثقافي الذي بدأ منذ القرن الثامن عشر، وعلى علاقة هذا التحول بظهور جمهور قارئ جديد وتكوين حساسية قومية ساهمت في خلق أشكال سردية جديدة.

أما الفصل الثالث، فيتتبع المحاولات الأولى لتأسيس هذا الخطاب، متوقفًا عند أعمال عبد الله النديم، ثم يستعرض محاولات لاحقة في مختلف البلدان العربية، مسلطًا الضوء على إحياء شكل "المقامة" وعلى محاولات القطيعة مع الماضي الرومانسي. وينتهي الفصل بإعادة اكتشاف دور شخصيتين مهمشتين في هذا السياق هما مصطفى عبد الرازق وخليل بيدس.

ويتناول الفصل الرابع علاقة الخطاب السردي الوليد بالهوية القومية من خلال تتبع أعمال عدد من الكتّاب، بينما يُفرد الفصل الخامس لدراسة أعمال محمود تيمور، ويخصص الفصل السادس لـ"المدرسة الحديثة" وعلى رأسها محمود طاهر لاشين، الذي يُعد أحد أبرز ممثلي النضج الفني في القصة القصيرة العربية، خاصة في قصته "حديث القرية" التي تم تخصيص تحليل نصي معمق لها في الفصل الأخير.

ويؤكد الدكتور صبري حافظ في خاتمة الكتاب أن التحليل النقدي التفصيلي لنصوص بعينها هو الوسيلة الأصدق لإثبات صحة الفرضيات النظرية في تاريخ الأدب. كما يبرز التأثير الواضح للأدب الروسي على محمود طاهر لاشين، مما دفع المؤلف للاستعانة بإسهامات نقاد روس في تحليله النقدي.

ويختتم المؤلف الكتاب بشكر عدد من الأكاديميين المصريين والأجانب الذين ساهموا في مراجعة أجزاء من هذه الدراسة، مشددًا على أن الآراء والمواقف الواردة فيه تعبر عن وجهة نظره الخاصة.

بهذا الإصدار، تقدم الهيئة المصرية العامة للكتاب إضافة معرفية نوعية، تُثري المكتبة العربية في مجال علم اجتماع الأدب، وتفتح آفاقًا جديدة لفهم الخطاب السردي بوصفه مرآة لتحولات العالم العربي الحديث.

طباعة شارك وزارة الثقافة المصرية الهيئة المصرية العامة للكتاب الدكتور أحمد بهي الدين تكوين الخطاب السردي العربي الأدب العربي الحديث

مقالات مشابهة

  • الطقس غدًا الجمعة.. ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة وشبورة كثيفة صباحًا.. والقاهرة تسجل 36 درجة عظمى
  • طيران الشرق الأوسط: رحلة إضافية الى باريس والقاهرة (صورة)
  • توماس لونغمان.. رائد النشر الذي وضع أسس صناعة الكتاب الحديثة ماذا تعرف عنه؟
  • الجابر: الـ AI يشكل المرحلة التالية من التطور البشري
  • عصام الحضري: مبحبش شوبير الكبير ومصطفى عنده شخصية وقريب لقلبي
  • الحضري: أساطير العالم تفاعلوا مع هجمة حسين الشحات.. وبيكهام توقع فوز الأهلي على إنتر ميامي
  • كاميرات مراقبة وإضافة مرافق.. أبرز مطالب مرتادي واجهة الدمام البحرية
  • كفافي: لا عدالة في بقاء شقق مغلقة.. وبنود الإخلاء تستند إلى الضرورة لا العاطفة
  • فاروق حسني: مبارك طلب مني افتتاح معرض الكتاب يوم 29 يناير والناس في الشارع
  • تكوين الخطاب السردي العربي.. إصدار جديد لهيئة الكتاب يربط بين الأدب والتحول الاجتماعي