الرباط- يدرس أبناء المغربية أسماء العلمي في المدرسة الحكومية، ابنتها الكبرى في مستوى البكالوريا وابنها في السنة التاسعة إعدادي، وهما سنتان حاسمتان في مسار التلاميذ المغاربة، بسبب ارتباطهما بامتحانات إشهادية تحدد المستقبل الدراسي.
تقول أسماء للجزيرة نت بنبرة حزينة ويائسة "منذ أكثر من شهر وأبنائي غير منتظمين في دروسهم، بسبب إضراب المعلمين، ولا أفهم إلى متى سيظلان في المنزل".
تضيف العلمي "لا يدرس أبنائي إلا 3 أيام في الأسبوع واليومين الآخرين يدرسان فيهما ساعات معدودة".
لتفادي الأسوأ، قررت تسجيل ابنتها في مؤسسة للدروس الخصوصية. أما ابنها الثاني، فيمكث أيام الإضراب في المنزل.
تبدو أسماء في حيرة من أمرها فهي لا تعرف ما العمل، وكيف ستعوض الدروس التي فاتت أبناءها، ولا تعرف من تخاطب لطلب التدخل لإيجاد حل لهذه المشكلة.
يخوض العاملون في قطاع التربية إضرابات واحتجاجات منذ أزيد من شهر رفضا لقانون جديد وضعته وزارة التربية الوطنية أطلقت عليه "النظام الأساسي"، وصادق عليه المجلس الحكومي بتاريخ 27 سبتمبر/أيلول الماضي، ونشر في الصحيفة الرسمية بتاريخ 9 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ويتضمن النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية 98 مادة تحدد هيئات ومهام ومسؤوليات وتعويضات الموظفين في القطاع فضلا عن العقوبات التأديبية.
وبينما يدافع وزير التربية الوطنية عن النظام كونه سيحسن وضعية موظفي التعليم، تقول النقابات والتنسيقيات الممثلة لهؤلاء الموظفين إنه مخيب للآمال، ويحرمهم من مكتسباتهم.
الآباء غاضبون
لا حديث في المجالس الأسرية إلا عن إضرابات واحتجاجات أساتذة المدارس الحكومية.
ويتفاقم غضب الأمهات والآباء، بسبب ضبابية المشهد، ويظهر هذا الغضب في النقاش الدائر بمواقع التواصل الاجتماعي، والذي انتقل إلى الواقع على شكل وقفات احتجاجية نظمها الآباء والأمهات مع أبنائهم أمام المدارس في عدد من المدن.
يستغرب أحمد فوناس رئيس الرابطة الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ بالمغرب تجاهل الوزارة الضرر الذي لحق بالأسر وأبنائها، بسبب الإضرابات المتتالية، ويقول للجزيرة نت "نخاف من تأثير الإضراب على المستوى الدراسي لأبنائنا، ونخشى سنة بيضاء".
بالنسبة لفوناس، فإن ما يحدث في قطاع التعليم يكرس عدم تكافؤ الفرص والتمييز وغياب العدالة الاجتماعية، ويقول "تلاميذ المدارس الخصوصية منتظمون في دراستهم، بينما المدارس الحكومية مغلقة، ولا تستقبل التلاميذ، بسبب الإضرابات والاحتجاجات".
ويضيف "نحن نتفهم مطالب الأساتذة في تحسين وضعيتهم وظروف عملهم، لأنهم عنصر أساسي في المنظومة التربوية لذلك نطالب الوزارة بسحب النظام الأساسي ثم فتح حوار مع نقابات التعليم، حتى يعود الأساتذة والتلاميذ لفصولهم".
وكانت الرابطة قد وجهت قبل يومين رسالة لرئيس الحكومة طالبته فيها بسحب النظام الأساسي الذي تسبب في احتقان كبير بين المهنيين، وأشارت إلى أن 195 يوما من الزمن المدرسي ضاع خلال الأربعة مواسم الدراسية الماضية، وأن التلاميذ حرموا من الدراسة منذ أكثر من شهر ونصف منذ بداية السنة الدراسية الحالية.
من جهته، قال نور الدين عكوري رئيس فدرالية آباء وأمهات وأولياء التلاميذ بالمغرب، "إن 70% من الأساتذة مضربون عن العمل، مؤكدا للجزيرة نت أن التلميذ هو الضحية في الاحتقان الحاصل بين الأساتذة والوزارة".
ويرى عكوري أن مسؤولية عودة الحياة المدرسية إلى طبيعتها تتحمله الحكومة داعيا إياها إلى العمل بجدية من أجل تسريع عودة التلاميذ إلى فصولهم ومنبها من خطورة ضياع الزمن التعلمي؛ إذ إن انقطاع الاستمرارية البيداغوجية سينتج -في نظره- مشكلات أخرى.
وأوضح الفاعل التربوي أن "توقف العديد من التلاميذ عن التعلم في المدرسة لأوقات طويلة سيتسبب في تراجع مستواهم، مما سيؤدي إلى انقطاع عدد منهم عن الدراسة ورفع معدلات التسرب المدرسي".

أولياء الأمور يحتجون على استمرار إضرابات الأساتذة أمام إحدى المدارس بمدينة آسفي (الجزيرة) إصلاح أم تراجع؟
منذ مصادقة الحكومة عليه في سبتمبر/أيلول الماضي، دافع وزير التربية الوطنية شكيب بنموسى عن النظام الأساسي، وقال في تصريحات صحفية "إنه يتضمن تحفيزات استثنائية، وسيعيد ثقة المواطنين في المدرسة العمومية، وسينصف رجال ونساء التعليم، مشيرا إلى أن هذا النظام سيكلف موازنة تصل إلى 9 ملايين درهم على مدى 4 سنوات".
بيد أن الأساتذة اعتبروه نكسة وتراجعا عن مكتسباتهم، واتحدوا في تجمع موحد أطلق عليه "التنسيق الوطني من أجل التعليم" يضم نحو 17 هيئة.
ونظم هذا التنسيق إضرابات ومسيرات احتجاجية جهوية ووطنية كان أضخمها مسيرة 7 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري بالرباط التي شارك فيها آلاف الأساتذة من مختلف المدن لإعلان رفضهم الجماعي لهذا النظام.
ويرى عبد الله غميمط -عضو التنسيق الوطني من أجل التعليم والكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم- أن "الحركة الاحتجاجية التي يخوضها الأساتذة هي نتيجة إقدام الوزارة على فرض نظام أساسي تراجعي لا يحل المشكلات المتراكمة منذ عقود، ولا يستجيب للمطالب المرفوعة منذ سنوات".
وأكد غميمط في حديث مع الجزيرة نت أن مطالب التنسيق الوطني من أجل التعليم وكافة رجال ونساء التعليم واضحة، وتتمثل في إلغاء وإسقاط النظام الأساسي الذي تم تمريره وفرضه.
وذكر المتحدث عددا من النقائص التي جاء بها هذا النظام، ومن أبرزها تكريس نظام التعاقد والتمييز بين الأساتذة وتحديد 30 سنة كعمر أقصى للتوظيف، إلى جانب وضع عقوبات جديدة وخطيرة تجاوزت ذلك المنصوص عليها في نظام الوظيفة العمومية.
وأضاف غميمط أن هذا النظام لم يحسن من وضعية المدرس، بل زاد من أعبائه ومهامه وغير مهمته الأساسية في التدريس مقابل عدم تطوير المنظومة الأجرية مشيرا إلى أن موظفي التعليم يتلقون أجورا هي الأدنى في مراتب الأجور في سلم الوظيفة العمومية.
وألقى المتحدث باللائمة في التوتر القائم في قطاع التعليم على الحكومة والوزارة اللتين لم تتحملا مسؤولية الاستجابة للمطالب الأساسية للأساتذة، واعتبر أنه دون زوال الأسباب، فإن الاحتقان والتوتر سيبقى.

احتجاج المدرسين على النظام الأساسي بالرباط-المغرب (الجزيرة) الحوار مع الحكومة
بعد انسداد قنوات الحوار بين المحتجين ووزارة التربية الوطنية، قرر رئيس الحكومة الاجتماع بالنقابات نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأبدى موافقته على مراجعة هذا النظام وإجراء بعض التعديلات على مواده، وكلف وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة بالاستماع لمطالب النقابات وملاحظاتها ورفع تقرير بشأنها لرئاسة الحكومة.
يرى عبد الله غميمط أن الحوار الذي أعلنت رئاسة الحكومة إطلاقه مع النقابات، محاولات غير جادة في التفاعل مع الملف لافتا إلى أن رئيس الحكومة أشرف بنفسه على الحوار لمدة سنتين ليفاجأ رجال ونساء التعليم بإخراج نظام أساسي يعتبر "أخطر قانون اجتماعي في قطاع التربية الوطنية منذ الستينيات" وفق تعبيره.
ولا تزال مساعي الحكومة لنزع فتيل التوتر متواصلة، إذ أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة الخميس عقب اجتماع المجلس الحكومي أنه آن الأوان للعمل على نحو مشترك وسريع لمواجهة تخوفات رجال ونساء التعليم في حوار هادئ وشفاف ومعقول، مضيفا أن الحكومة مستعدة للتفاعل والنقاش بشأن هذه التخوفات.
ونبه المسؤول الحكومي إلى أنه لا يمكن بقاء التلاميذ دون حصص دراسية واستمرار التسرب الدراسي.
وبينما ترى جمعيات الآباء والأمهات أن التلاميذ هم ضحية هذا الاحتقان في قطاع التعليم، يرى غميمط أن الأساتذة والتلاميذ هما معا ضحايا سياسات الحكومة وتدبيرها لهذا القطاع الحيوي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية:
رجال ونساء التعلیم
التربیة الوطنیة
النظام الأساسی
هذا النظام
فی قطاع
من أجل
إلى أن
إقرأ أيضاً:
استمرار نهب وفساد الطفيلية الاسلاموية بعد الحرب
تاج السر عثمان بابو ١ بعد انقلاب ٢٥ أكتوبر 2021 الذي أعاد التمكين للطفيلية الاسلاموية وبعض الأموال المنهوبة، وبعد اندلاع
الحرب في ١٥ أبريل ٢٠٢٣ ، واصلت الطفيلية الاسلاموية النهب بشراهة، ولاسيما بعد الحرب، كما هو الحال في استمرار تصدير الذهب والمحاصيل النقدية، والفساد والجبايات والرسوم العالية والارتفاع المستمر في الأسعار، وعدم صرف بعض العاملين لمرتباتهم لشهور، اضافة لما رشح في الصحف حيث اتهم مالك عقار في إطار الصراع علي السلطة والثروة حكومة بورتسودان بعمليات فساد واسعة، وما ماورد في الصحف، ان وزارة المالية في حكومة بورتسودان تقوم بصرف نثرية “2 مليار” شهريا لكل وزير في الحكومة منذ اندلاع الحرب في أبريل، علما بأن الأغلبية الساحقة من جماهير شعبنا تعيش معيشة ضنكا”.
٢ أشرنا في دراسة سابقة الي أن جذور الرأسمالية الطفيلية الاسلاموية في السودان ترجع إلى فترة الحكم المايوي ( 1969م- 1985م)
التي تدهور فيها الإنتاج الصناعي والزراعي بسبب تخفيض قيمة الجنية السوداني وارتفاع تكاليف الانتاج، وانتشر فيها الفساد، و النشاط الطفيلي غير المنتج مثل تجارة العملة وغيرها. في هذه الفترة تراجعت الرأسمالية السودانية التقليدية التي نشأت بفضل مشاريع الادارة البريطانية في النصف الاول من القرن العشرين باقسامها المختلفة وبدرجات متفاوتة والتي تتلخص في الشركات الاجنبية والرأسمالية المحلية من اصل اجنبي ، والرأسمالية السودانية (آل ابو العلا، البربري، آل عبد المنعم،..الخ)، وخاصة بعد قرارات التاميم والمصادرة في عام 1970. ومن الجانب الآخر صعدت فئات جديدة من الرأسماليين من المدنيين والعسكريين المتعلمين واتسع حجم هذه
الفئة في تلك الفترة، وكان من اهم مصادر تراكم هذه الفئة هي: – الدخول العالية والعمولات التي كانت تستحوذ عليها من خلال ادارتها للدولة. – دخول اعداد كبيرة من قيادات الخدمة المدنية والعسكرية، وخاصة الذين تم تسريحهم من الخدمة، الي ميدان الزراعة الآلية، وبالتالي حققوا ارباحا هائلة من هذه العملية. – التسهيلات التي كانت تتلقاها من البنوك التجارية لتمويل عملياتها التجارية ولتجارة السوق السوداء والعملات وبناء العقارات ودعم تجارة الصادر والوارد. – العائد السريع من النشاط الطفيلي (تخزين، سوق سوداء، تجارة العملة،السمسرة… الخ). ونلاحظ أن هذا النشاط اصبح هو الغالب في هذه الفترة ، وفي الوقت نفسه تراجعت الرأسمالية الوطنية المنتجة التي كانت تعمل في ميدان الانتاج الزراعي والصناعي نتيجة ارتفاع تكاليف مدخلات الانتاج ، وازمة الوقود والطاقة وانخفاض قيمة الجنية السوداني..الخ. وبالتالي سيطر النشاط الطفيلي الذي ارتبط بالثراء السريع علي مختلف اوجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية ، وظهرت فئة السماسرة التي تعيش علي العمولات ووكلاء البنوك الاجنبية والاسلامية والشركات الاجنبية ورؤوس الأموال البترولية وشركات النهب والفساد مثل شركة تراياد التي تحالفت مع مجموعة القصر.. وترجع اصول اغلب قادة هذه الفئة أو اصحاب الثروات منها الي خريجي الجامعات والمدارس الثانوية ، والذين أسسوا تنظيم الاخوان المسلمين في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي في جامعة الخرطوم والمدارس الثانوية وبقية المعاهد التعليمية ، وبعد التخرج عملوا في جهاز الدولة والخدمة المدنية . وبعد انقلاب 25/مايو/1969 ، تم تشريد بعض أفرادها ، وهاجر بعضهم إلى دول الخليج وولجوا ميدان العمل الاستثماري في التجارة، وتجارة العملات ، كما كدسوا الأموال التي كانت تصلهم وهم في المعارضة في الخارج ، كما اشتركوا في محاولات انقلابية مثل محاولة: انقلاب سبتمبر 1975، وأحداث 2/يوليو/1976 ، كما هاجر بعضهم إلى أمريكا ودول الغرب الرأسمالي وتأهل بعضهم علميا في تلك البلدان (ماجستير، دكتوراة، ..الخ)، وعمل بعضهم في النشاط التجاري في يوغندا وبعض بلدان شرق أفريقأف. ، واكتسبوا خبرات وتجارب في المهجر والعمل المعارض في الخارج.
٣ وبعد المصالحة الوطنية 1977 عادوا للسودان وشاركوا في مؤسسات وحكومات نظام النميري (مجلس الوزراء ، الاتحاد الاشتراكي ، مجلس الشعب..الخ)، وتوسعوا في ميدان العمل التجاري والاستثماري واسهموا في ادارة البنوك الإسلامية وشركات التأمين الاسلامية ومؤسسات الاستثمار الاسلامية ، كما تغير اسم التنظيم تبعا لتطور الحياة السياسية ، واتخذ اسم الإخوان المسلمين في الخمسينيات من القرن الماضي ، وجبهة الميثاق الإسلامي بعد ثورة اكتوبر 1964 ، والجبهة القومية الإسلامية منذ أواخر
النظام المايوي ، ثم المؤتمر الوطني الذي انشطر في عام 1999 الي وطني وشعبي. لقد كانت مؤسسات وبنوك وشركات التنظيم هي التي مولت كل نشاطاته وصرفه الكبير خلال فترة الديمقراطية الثالثة (الانتخابات، شراء الاصوات ، ..الخ)، وكانت تلك المؤسسات وراء تخزين قوت الناس في مجاعة: 1983/1984 ، كما تغلغلوا وسط الجيش باسم دعم القوات المسلحة ومحاربة الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق والطابور الخامس، خلال فترة الديمقراطية الثالثة حتى نفذوا انقلاب يونيو 1989 بالتحالف مع مليشيات الجبهة الاسلامية بعد تكوين الحكومة الموسعة والاقتراب من الحل السلمي لمشكلة الجنوب بعد اتفاق الميرغني – قرنق عام 1989.
٤ وبعد انقلاب يونيو 1989 ، تضاعفت ثروات هذه الفئة ، ويمكن تلخيص اهم مصادر التراكم الرأسمالي لهذه الفئة في الآتي: أ- نهب اصول القطاع العام عن طريق البيع أو الايجار أو المنح باسعار بخسة لاغنياء الجبهة أو لمنظماتها أو الاقمار التابعة لها ، والتي كونت اكثر من 600 شركة تجارية تابعة لها ولمؤسساتها. ب- اصدار قانون النظام المصرفي في العام 1991 م والذي مكن لتجار الجبهة ولمؤسساتها من الهيمنة علي قمم الاقتصاد الوطني وامتصاص الفائض مما ادي الي فقدان الثقة في النظام المصرفي ، اضافة لاجراءات تبديل العملة وتحميل المودعين التكلفة بخصم 2% من ارصدتهم وحجز 20% من كل رصيد يزيد عن 100 ألف جنية امتدت اكثر من عام وانتهاك قانون واعراف سرية النظام المصرفي وكشف القدرات المالية لكبار رجال الاعمال امام تجار الجبهة الاسلامية( دورة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني، أغسطس 2001). ت- التسهيلات والرخص التجارية من وزارة التجارة والبنوك التجارية والاعفاء من الضرائب . ث- الاستيلاء علي شركات التوزيع الاساسية وتمليكها لتجار وشركات الجبهة الاسلامية. ج- المضاربة في العقارات والاراضي والاستثمار في مشاريع الزراعة الآلية والثروة الحيوانية واستيلاء شركات ومؤسسات الجبهة الاسلامية علي مؤسسات تسويق الماشية. ح- من مصادر التراكم الرأسمالي لهذه الفئة ايضا عائدات البترول والذهب. خ- من الامثلة للنهب : طريق الانقاذ الغربي الذي وصل قمة النهب . وافقار المزارعين عن طريق نظام السلم والضرائب والجبايات التي لم يعرفها الشعب السوداني الا في العهد التركي. د- من مصادر التراكم والدعم لهذه الفئة رأس المال الاسلامي العالمي الذي دخل البلاد في التسعينيات من القرن الماضي والذي قدرته بعض المصادر ب 6 مليار دولار واسهم في دعم النظام ومؤسساته الاقتصادية والمالية. ذ- وتضيف د.فاطمة بابكر: (الخدمات الصحية والتعلمية التي اصبحت احد مصادر التراكم الرأسمالي في السودان بعد نظام الانقاذ 1989) (د.فاطمة بابكر: الرأسمالية السودانية: أطليعة للتنمية؟ ، الطبعة العربية 2006، ص 23). والشاهد أن هذه المصادر جاءت نتيجة للنهب الاقتصادي والقمع السياسي ، وعاشت تلك الفئة في ترف وبددت الفائض الاقتصادي في صرف بذخي أو في تحويله للخارج. ).
٥ نتائج سنوات حكم الطفيلية الاسلاموية: • نخلص مما سبق أن سنوات حكم الرأسمالية الطفيلية الاسلاموية كانت الاكثر فسادا في تاريخ السودان، والاكثر ارهابا وقمعا بحيث استطاعت الرأسمالية الطفيلية الاسلاموية انجاز تراكمها الرأسمالي بواسطة القمع حيث تم تشريد وتعذيب واعتقال الالاف من المعارضين السياسيين ومصادرة الحريات السياسية والنقابية،وتم توسيع نطاق الحرب ليشمل دارفوروجبال النوبا والنيل الأزرق وشرق السودان، وكانت النتيجة تمزيق اوصال البلاد واثارة النعرات العنصرية والقبلية، وانفصال الجنوب. • كان من أهم سمات حكم الطفيلية الاسلاموية نقض العهود والمواثيق المراوغة والتفريط في السيادة الوطنية وبيع أراضي البلاد بأثمان بخسة، والتدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار، وتبديد الفائض الاقتصادي اللازم للتنمية من خلال تهريبه للخارج، والاستثمار في النشاط العقاري في الخارج،وقدرت صحيفة امريكية أن رأس المال الاسلاموي في ماليزيا يقدر ب 22 مليار دولار، اضافة الى تبديد الفائض الاقتصادي في الصرف البذخي على الاحتفالات والمؤتمرات والافراح والاتراح والتي تقدر بملايين الدولارات. اضافة الفشل في إنجاز التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفشل المشروع الحضاري بسبب انتشار الفساد في البر وفي البحر بسبب السياسات الخرقاء لحكام الطفيلية الاسلاموية، بل تجاوزت ديون السودان الخارجية ٦٠ مليار دولار . حتي وصل النظام مرحلة التفسخ و التعفن والتحلل الشامل، أصبح ممزقا بتناقضاته الداخلية ومحاصرا من المجتمع الدولي بسبب جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان، وانفجرت ثورة ديسمبر التي كنست رأس النظام، ومازالت جذوتها متقدة.
٦ بالتالي اصبح لا بديل غير مواصلة التصعيد الجماهيري الواسع لوقف الحرب واسترداد الثورة، وتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية والصحية والأمنية، وترسيخ الحكم المدني الديمقراطي، وتفكيك التمكين وإعادة ممتلكات الشعب المنهوبة،وعدم الإفلات من العقاب بمحاسبة كل الذين ارتكبوا جرائم الحرب وضد الانسانية، ومواصلة الثورة حتى تحقيق أهدافها و مهام الفترة الانتقالية. الوسومتاج السر عثمان بابو