فى وجوب التفرقة بين إسرائيل واليهود
تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT
أنا ضد إسرائيل، والصهيونية، وخصيم لإيمان جنرالات الحروب المطلق بالقوة، ومنكر لقسوتهم المفرطة، ومندد بتوحشهم المقيت.
أدفع نصف عمرى من أجل بسمة طفل آمن يتطلع بأمل لمستقبل يعمه السلام وينتصر فيه العدل. وأقر وأعترف وأكرر بأن كل ما كتبته وأكتبه وسأكتبه لا يساوى لحظة رضا واحدة تعيشها صبية صغيرة فى غزة المنكوبة والمقلوبة على رؤوس أهليها.
جميعنا غاضبون، حزانى، وموجوعون بالعجز، ومستفزون بوهن السادة أصحاب الفخامة والجلالة، والذين كتب عنهم صديقنا الجميل سميح القاسم يوماً «وجيوشهم جرارة/ لا لاستعادة موقع أو مسجد/ أو زهرة برية/ لكن لسحق مظاهرة/ ولقتل طفل ما درى أن الحنين إلى أبيه مؤامرة».
مشتعلون مشتعلون كأعواد قش يابس سقطت خلسة على وهج نار، لكننا فى هوجة الغضب وحيرة الحزن ننفلت خارج إنسانيتنا، فنخلط خلطاً مريباً بين الصهاينة أصحاب المشروع الاستعمارى التوسعى الدموى، وبين اليهود أصحاب الديانة السماوية العظيمة.
ليس لدينا مشكلة مع اليهود، وليس لدينا مواجهة أبدية معهم، ولا ينبغى أن يكون. وفى رأيى، فإن دعاء أئمة المساجد كل يوم جمعة على اليهود هو جهل مرذول، وعمى فكرى، وخروج ساذج عن حلبة المواجهة، وإهدار لقيم ديانة سماوية عظيمة هى اليهودية.
إسرائيل ليست اليهود، وإلا لماذا يبلغ عدد يهود العالم خمسة عشر مليوناً ولا يعيش فى إسرائيل منهم سوى سبعة ملايين؟ ما يدفع 55 فى المائة من يهود الأرض أن يرفضوا إسرائيل مركزاً ومكاناً؟؟
لو كانت إسرائيل هى أرض الميعاد كما بشرت الصهيونية لاختارها كل اليهود وطناً لهم. ولو كانت تحقيقاً لوعد دينى ما تظاهر يهود نيويورك قبل أيام أكبر مظاهرة فى تاريخهم ضد إسرائيل وتوحشها، والتى كان شعارها الأول «أعيدوا الأرض لفلسطين»، والمقاومة الفلسطينية ليست إرهاباً.
إن معظم منظمات اليهود خارج إسرائيل ترى فى الصهيونية إرهاباً وعنصرية وتشويهها لليهود، الذين تعرضوا لاضطهاد كريه فى أوروبا عبر العصور. فمنظمة يهودية مثل ناطورى كارتا التى نشأت فى المجر يؤمن أعضاؤها بأن إعادة اليهود إلى فلسطين فيه مخالفة لنص دينى يهودى إذ يعتبر التلمود أن إخراجهم من فلسطين كان عقاباً إلهياً لا يجب الوقوف أمامه. وكان مما قاله الحاخام الأكبر ديفيد وايز «إن إسرائيل ضد التوراة، وستزول لا محالة».
إن اليهودية الحقة تقوم على قيم ومبادئ أخلاقية عظيمة تؤمن بالإنسان والخير والعدل، ولا يجب أن ننسى أن طوائف اليهود فى العالم أخرجوا لنا أعظم المفكرين والعلماء مثل كارل ماركس، فرويد، داروين، وإينشتاين.
والمؤسف أننا نخلط بين اليهود والصهاينة، فنسب اليهود عموماً، ونعتبرهم أساس كل بلوى فى ديماجوجية بلهاء تتصور أن داروين وماركس وعظماء الفكر كانوا جزءاً من المخطط اليهودى للسيطرة على العالم الحديث.ولم يكن غريباً أن تنزلق صحف عربية، ويتورط مثقفون وكتاب رأى كبار فى سب كل يهودى والسخرية من معتقداتهم وتصوراتهم الدينية.
والمُحزن أيضاً أن الخطاب الإسلامى العام يقع فى المشكلة ذاتها فيخلط بين الإسرائيليين واليهود، ويلوى أعناق نصوص قصص دينى تناولت العصاة فى اليهودية ليعممها على كافة اليهود، وكأنه ينتقم بذلك لما يحدث فى غزة.
ناهيكم عن خطاب الشارع العشوائى الحنجورى الذى لو رأى يهودياً لاعتدى عليه ظناً أنه ينصر فلسطين والإسلام. إننا فى ذروة الصراع الدائر نحتاج لمنصات عقل لضبط الغضب، ونبذ التعصب الدينى، والاعتصام بقيم العدل والتحضر، والتمسك بمنظومة الأخلاق التى لا خلاف عليها بين كافة الأديان.
والله أعلم
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: واليهود إسرائيل الصهيونية
إقرأ أيضاً:
رابطة علماء اليمن تؤكد وجوب إعلان التعبئة ضد العدو الإسرائيلي
وأوضحت الرابطة أن حالة الغضب والسخط يجب أن تتسع وتتحول إلى يقظة وثورة عارمة لاجتثاث الصهاينة وخوض معركة الآخرة.. مؤكدة أن مشاهد اقتحامات المغتصبين لباحات المسجد الأقصى يجب أن تُقابل بتحرك عربي وإسلامي جاد وقوي.
وأشارت إلى أن المجرم " بن غفير" يمثل التوجهات العدائية لليهود ويترجم مخطط الصهاينة ويعبر عن أيديولوجيتهم الحاقدة ولن يوقفهم ويردعهم ويغيظهم إلا الوعي بالثقافة القرآنية والإعداد المعنوي والتحرك الجهادي.
واعتبرت التمادي الصهيوني والوحشية اليهودية واستمرار جريمة الإبادة التي يرتكبها الجيش الصهيوني بحق النساء والأطفال كهواية وتسلية ويقودها المجرم نتنياهو بكل صلف وكراهية ضد المستضعفين من الرجال والنساء والولدان في غزة، أكبر شاهد وأقوى حجة على وجوب النفير العام وإعلان التعبئة الإيمانية الجهادية ضد العدو الإسرائيلي.. مؤكدة أن هذا الواجب الشرعي يتحتم اليوم أكثر على الأنظمة والجيوش والشعوب العربية خصوصا والإسلامية عموما.
وقال" إن حالة التبلد والجمود والاعتياد على مشاهد المجازر اليومية والإبادة الجماعية لخير برهان على حجم التفريط الكبير الذي لم يسبق له مثيل، وهو أوضح دليل على تواطؤ الأنظمة وانسلاخها من كل القيم الفطرية الإنسانية والعربية وتركها لكل الالتزامات الدينية والأخوية وإهمالها وإعراضها للمحكمات القرآنية التي توجب التحرك أمام مظلومية ومأساة أبناء غزة".
وأوضحت رابطة علماء اليمن أنه ومع طلوع فجر كل يوم وغروب شمسه ومرور ساعاته يمارس العدو الصهيوني القصف والقتل والحرق بدم بارد بل ويتسلى جيش الصهاينة بقتل الأبرياء والعزل من أبناء الإسلام بدعم وضوء أخضر من أمريكا والغرب الكافر ومجلس الأمن المنحاز للصهيونية وبتواطؤ أنظمة النفاق والعمالة.
ولفتت إلى أن المسؤولية الأولى في نصرة غزة وإغاثتها وفك الحصار عنها تقع على عاتق دول الطوق المجاورة لغزة ثم يتحتم الوجوب الشرعي على شعوب الدول نفسها ثم على الأمة بكلها ولا تبرأ ذمة الأمة ويُرفع عنها الوز الكبير والعار والخزي والعقاب العاجل والآجل إلا بنصرة غزة وإغاثتها وفك الحصار عنها.
وأكدت أن موقف الشعب اليمني وقرار قيادته الحكيم والموفق بالإسناد يمثل حجة وتجربة ملهمة للشعوب التواقة لتحرير المقدسات وكنس الاحتلال وطرد المحتلين.. مشيرة إلى أن الثقافة القرآنية والهوية الإيمانية الجامعة هي الحل والأساس والدستور لتوعية الأمة وتعبئتها وتوجيه بوصلة سخطها ومعاداتها لليهود والمنافقين المتولين لهم والمسارعين فيهم المنفذين لمخططاتهم.
وجددت رابطة العلماء التأكيد على أن المرحلة وتهديداتها تستوجب الإخلاص والالتجاء إلى الله والافتقار إليه والتوكل الصادق والكامل عليه، وتتطلب المزيد من التعبئة العامة والإعداد والجهوزية القتالية والالتفاف حول المشروع القرآني وقيادته وتجسيد قيم التآخي والتناصر والإسناد ونبذ الفرقة والتحريض المذهبي والطائفي.