"طوفان الأقصى" ونتائج قمع الوعي العربي
تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT
علي بن مسعود المعشني
ali95312606@gmail.com
يُعرِّف علم النفس نظرية قمع الوعي بأنَّها "طريقة لإبعاد الذكريات أو الأفكار أو المشاعر غير السارة لتجنب التعامل معها. والذكريات المكبوتة هي ذكريات يتم تخزينها في العقل اللاواعي ولا يمكن للعقل الواعي الوصول إليها. وقد لا يُدرك الفرد حتى إنه يقوم بقمع ذكريات أو أفكار أو عواطف مُعينة.
يتبينُ لنا مما ورد أعلاه أن طريقة قمع الوعي في الأساس، هي طريقة ووسيلة علاج لمن يعانون من تراكم الذكريات والمشاعر السلبية، عبر مراحل عمر الإنسان والتي لا تخلو منها نفس، ولا ينجو منها إنسان. ومن هنا يمكننا التسليم بأنها طريقة علاجية لحالة نفسية معروفة لدى علماء النفس والمشتغلين به.
لكن الإنسان بطبيعته وعبر مراحل تاريخ الحضارة الإنسانية، بين شغفه بتوظيف العلوم والمعارف بطرق أخرى في سياق الصراع بين الخير والشر؛ فالعالِم السويدي ألفريد نوبل مثلًا اخترع الديناميت لكي تساعد الإنسان في التغلب على تحديات الطبيعة من جبال وصخور ووديان سحيقة، ولكن من أتى بعد نوبل وجدها سانحة لتطوير الديناميت إلى قنابل وأسلحة مدمرة للبشر والشجر والحجر، لهذا كفَّر نوبل عن غلطته متأخرًا بتخصيص جزء من ثروته لجائزة تحمل اسمه تُخصص للساعين لإحلال السلام، والتي تفرَّعت بعد مماته إلى أفرع علمية أخرى ثم حولها الغرب إلى أداة لشراء الذمم واستقطاب من يخدم أجنداتهم، فتحولت جائزة نوبل من هدف نبيل إلى نوايا سيئة، حين تم توظيفها في الصراعات الحضارية بين الغرب والآخر.
وبالعودة إلى عنوان المقال، يمكننا القول إن نظرية قمع الوعي وظَّفها الغرب كذلك وحوَّلها من نظرية وطريقة علاج نفسي، إلى نظرية وطريقة تفريغ الذاكرة الجمعية للشعوب المستهدفة وإعادة تشكيل وعيها؛ بما يُمهِّد لسكب وعي بديل، يتقبَّل الطرح الغربي ويتجنب موروثه وقيمه تحت شعارات براقة وفضفاضة. صراعنا الوجودي مع الغرب كأمّة عصِيَّة في ضعفها وعصِيَّة في قوتها، لم يخلْ يومًا من مفردات قمع الوعي حتى يتمكن الإلحاح من إحلال الوعي الجديد في عقول ووجدان أبناء الأمة قسرًا.
لم يتمكن مخطط قمع الوعي من تحييدنا من موروثنا القيمي، ولا من إعلاء شأن الموروث الآخر عليه فحسب؛ بل تمكن المخطط من إيصالنا إلى مرحلة التجاسر على الموروث والثوابت بصورة جارحة ومستفزة. وقد أُوكلت هذه المهمة للأسف إلى من يُرجى منهم تحصين الوعي والدفاع عنه وقيادته؛ وهم فئة النُخب الفكرية، والتي مارست بث مفردات ثقافة البؤس والفجيعة بين أجيال الأمة بذريعة الغيرة والاستنهاض، وبغرض آخر غير مُعلن وهو المكانة والحظوة والوجاهة الفكرية.
"طوفان الأقصى" اليوم لم يكتف بإظهار عوارنا السياسي والعسكري والاقتصادي رغم القدرات والخيارات التي لا تُحصى فحسب؛ بل أظهر حجم العوار الفكري والاستلاب اللذين تحولا إلى أعمال وسلوك على الأرض وجعلنا نتجرع الهزائم الفكرية قبل الفعلية وننتجها بجدارة. لهذا أصبح حالُنا شبيهًا بحال جُحا في التراث العربي، حين هاجمه اللصوص وهو حامل للسيف في يمينه والعصا في يساره؛ حيث برر عدم مقاومته للصوص بانشغال كلتا يديه بالسيف والعصا، فهل يُقاتل اللصوص بأسنانه؟! فحين تنقسم الأمة وتختلف في تعريف العدو والمحتل، والمظلوم وصاحب الحق، وتساوي بين الجلاد والضحية، ويتعذَّر عليها فهم المصطلحات وتفسيراتها، وتختلف على فهم الثابت والمتحول، والخلاف والاختلاف، والأصول والفروع، فهذه دلائل دامغة على وصولها مرحلة مُتقدمة من أعراض قمع الوعي وبلا وعي منها.
قبل اللقاء.. يسعى الغرب عبر قاعدته المُتقدمة واستثماره الاستراتيجي المسمى بـ"إسرائيل"، إلى إطلاق رصاصة الرحمة على ما تبقى من الوعي لدى عرب زماننا عبر ما يُسمى بـ"السلام والتطبيع" وأخواتهما.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
المغني الأوغندي بوبي واين يعلن عزمه الترشح للرئاسة
أعلن زعيم المعارضة الأوغندية والمغني المعروف بوبي واين، أمس الجمعة، عن عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة بداية العام المقبل.
وفي مقابلة له مع رويترز، قال واين إنه قرّر الترشح للانتخابات الرئاسية بهدف فضح النظام السيّاسي الحاكم، وتحفيز الشعب الأوغندي على النهوض من أجل تحرير نفسه من الظلم والاضطهاد الذي يعيش فيه.
بوبي واين، واسمه الحقيقي روبرت كياجولاني (43 عامًا)، إذا ترشّح للانتخابات المقرّرة في يناير/كانون الثاني 2026، قد يكون في مواجهة مع الرئيس الحالي يوري موسيفيني (80 عامًا)، الذي يُتوقّع على نطاق واسع أنه سيسعى لولاية رئاسية جديدة.
وكان واين قد خسر الانتخابات الرئاسية عام 2021، ورفض نتائجها، حيث اتّهم السلطات بالتزوير واللّعب بإرادة الناخبين، وترهيب المعارضين وضربهم، وهي أمور نفتها الحكومة والمسؤولون عن سير العملية الانتخابية.
انتقادات للغربوانتقد واين الحكومات الغربية لصمتها حيال ما وصفه بانتهاكات متزايدة لحقوق الإنسان، تشمل عمليات خطف واحتجاز غير قانوني وتعذيب لأنصاره.
واعتبر الزعيم المعارض أن الغرب ليس مهتما بمعاناة الشعب الأوغندي. وأضاف "بعض القادة في الغرب شركاء في معاناتنا، يأتون فقط لإبرام صفقاتهم التجارية ولا يكترثون لحقوق الإنسان".
وقال واين إن الغرب ليس صادقا في الشعارات التي يرفعها حول القيم الديمقراطية والحريات العامة، إذ لم يتحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث بشكل متكرّر في أوغندا.
إعلانوأكّد واين أن برنامجه الانتخابي يركّز على استعادة الحقوق السياسية والمدنية، والتصدّي للفساد المستشري في البلاد.
وتعتبر أوغندا شريكًا رئيسيًا للغرب في جهود مكافحة الإرهاب، حيث تنشر قوات ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال.
وفي سياق متّصل، قال قائد الجيش الأوغندي موهوزي كاينيروغابا، نجل الرئيس موسيفيني، إنه احتجز المعارض إديدي موتوي في قبو منزله.
وموتوي، هو أحد أعضاء حزب "المنصة الوطنية الموحّدة" الذي يقوده واين ويعمل كحارسه الشخصي، وينشط في مناهضة نظام موسيفيني، ويتّهمه بالفساد وسوء التسيير، وقمع المعارضين المطالبين بالتعدّدية السياسية.
وكان موتوي قد اختفى لمدة أسبوع قبل أن يُعرض على المحكمة يوم الاثنين الماضي بتهمة السرقة ويتمّ توقيفه، وقال واين إن موتوي أبلغه بتعّرضه للصعق الكهربائي والتهديد بالغرق.