فى يوم الطفل العالمي: أوقفوا قتل وتهجير وتدمير حياة ومستقبل أطفال وطفلات السودان !
تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT
فيصل الباقر
مدار أوّل:
“وما الحربُ إلّا ما علمتم وذُقتم .. وما هو عنها بالحديث المرجّم .. متى تبعثوها تبعثوها ذميمة .. وتضر إذا ضريتموها فتضرم .. فتعرككم عرك الرحى بثقالها .. وتلفح كِشافاً ثمّ تحمل فتُتئمِ .. فتنتج لكم غِلمان أشأم كُلّهُمُ .. كأحمر عادٍ ثُمّ تُرضع فتفطم” ((زهير بن أبي سلمى))
-1-
أكتب صباح اليوم الإثنين 20 نوفمبر 2023، والعالم من حولنا يحتفل بـ((اليوم العالمي للطفل)) فى يوم (20 نوفمبر) من كل عام .
-2-
وجاء اليوم الأعظم، والنصر الأكبر، فى 20 نوفمبر 1989، بإقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لـ((اتفاقية حقوق الطفل)) بموجب معاهدات حقوق الإنسان، التي أقرت الحقوق المدنية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية والصحية والثقافية للـ(الأطفال)، فتمّت دعوة جميع الدول، إلى التصديق والإمتثال بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، وما زال الطريق طويلاً أمام جهود النضال العالمي، لتحقيق المزيد من الحقوق والرفاه والحماية للأطفال والطفلات، وبخاصةٍ فى عالمٍ تدمره الحروب، وتحرم أطفاله – عنوةً – من السلام، الأمن والأمان والإطمئنان، والحلم المشروع بالمستقبل السعيد!.
-3-
ثُمّ جاء البروتوكولان الإختياريان فى عام 2020، لاتفاقية حقوق الطفل، لزيادة الحماية للأطفال، من العنف أثناء النزاعات المسلحة، ومن البيع، والإستغلال فى البغاء، وفى المواد الإباحية، وقد أُقرّ فى عام 2014، بروتوكولاً إختيارياً ثالثاً، يتيح للأطفال “رفع شكاوي” بصفة مباشرة إلى ((لجنة حقوق الطفل)).
-4-
كما أنّ هناك آليات إقليمية، تمضى فى ذات المنحي الأممي لتعزيز حقوق الأطفال والطفلات، وتعني بحمايتهم/ ن، لم نتعرض لها فى هذا المقال والمقام، المكرّس للإتفاقية الأُم، والبروتوكولات الأم، المعنية بحقوق الطفل فى أزمنة النزاعات المسلحة، وربما نعود لهذه الآليات، ولذكرها بالخير، فى مناسبات أُخري، ومن أهمها ومقدمتها ((الميثاق الأفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته)) الصادر فى عام 1990، عن ((منظمة الوحدة الأفريقية)) “وقتها”، والتي أصبحت لاحقاً ((الإتحاد الأفريقي))، وقد بدأ العمل به فى 29 نوفمبر 1999.
-5-
أتت كل هذه الجهود الأممية لتعزيز ((اتفاقية حقوق الطفل))، بالبروتوكولات الإختيارية، بقصد حماية الأطفال فى أوقات الحرب وأثناء النزاعات المسلحة، ولتاكيد وضمان حماية الأطفال والطفلات من التجنيد فى الجيوش والمليشيات – البعض يسميها “الحركات” – المسلحة، ولضمان حماية الأطفال والطفلات من البيع والإستغلال، بما فى ذلك، الإستغلال الجنسي، أثناء النزاعات، مضافاً إلى تمكين الأطفال والطفلات من تقديم الشكاوي إلى ((لجنة حقوق الطفل))، كما أسلفنا من قبل، وهي الهيئة الأممية الرقابية، غير القضائية، المسؤولة عن مراقبة تنفيذ أحكام اتفاقية حقوق الطفل وبروتوكوليها الإختياريين، ومهامها ملزمة للدول الأطراف فى الإتفاقية، والتي يجب أن تلتزم بإجراءاتها ((المادة 44 من اتفاقية حقوق الطفل)).
-6-
نقول هذا، ولن ننسي أن نذكّر أن السودان دولة مُصادقة على ((اتفاقية حقوق الطفل))، و((الميثاق الأفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته )) الذي بدأ العمل به فى 29 نوفمبر 1999. وكل هذا وذاك، يلقي على طرفي الحرب الكارثية فى السودان، كامل المسئولية القانونية، وكل تبعات عدم الإلتزام تجاه حماية الأطفال، وفق ((القانون الدولي لحقوق الإنسان))، فى أزمنة السلم، وكذلك، وفق ((القانون الدولي الإنساني))، فى أوقات الحروب والنزاعات المسلحة، ويعني هذا، عدم تجنيد الأطفال أو إستغلالهم، بأيّ شكلٍ من الأشكال فى الحرب.
-7-
هذا يعني ببساطة، إنّ مسؤلية زيادة حماية الأطفال أثناء النزاعات المسلحة، تقع على طرفي النزاع المسلح الدائر فى السودان منذ 15 أبريل 2022، دون أدني احترام لحقوق الأطفال والطفلات، وهذا يشكّل انتهاكاً بائناً وصريحاً لحقوق الأطفال والطفلات، يجعل مرتكبوا هذه الجرائم، مُسائلين وفق الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، بما فى ذلك، القانون الدولي لحقوق الإنسان، ووفق القانون الدولي الإنساني، ولن تمر هذه الجرائم المرتكبة بحق الطفولة والأطفال والطفلات فى السودان، بغير حساب، طال الزمن أم قصّر!.
-8-
نعم، أكتب صباح اليوم الإثنين 20 نوفمبر 2023، أي بعد سبعة أشهر، وخمسة أيّام، منذ أن اندلعت الحرب “المليجيشية” الطاحنة بين (قوات الدعم السريع والجيش)، والتي بلا شك حرمت – ومازالت تحرم – ملايين الأطفال من الحق فى الحياة والحق فى التعليم والحق فى الصحة، بما فى ذلك، الصحة النفسية، والحق فى العلاج، والحق فى عدم إستخدام الأطفال والطفلات فى الحرب، بل، والحق فى أن يتمتع الأطفال والطفلات بالحماية أثناء النزاع المسلح. نقول هذا وهناك عشرات التقارير الموثقة بصورة احترافية عن استغلال الاطفال فى الحرب المليجيشية الطاحنة، وهي جرائم حرب تمر دون مساءلة، ودون أن يرعوي طرفا الحرب، ودون أن يشعر قادة وجنرالات ومليشيات الحرب، بأيّ مسئولية تجاه أطفال السودان وحاضرهم/ ن، ومستقبلهم/ن الذي أصبح وأضحي وبات فى مهب الريح، بسبب هذه الحرب الخاسرة.
-9-
مازلنا نذكر كيف حذّرت – وما زالت تحذر – منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) فى تقارير دورية كثيرة منشورة، كان أوّلها بعد شهرٍ واحد من اندلاع الحرب، وثّقت فيه لمقتل 190 طفلاً، قُتلوا بسبب المعارك، فى تلك الأيام، واليوم وبعد سبعة أشهر، ونيف، نعيد السؤال ذات السؤال القديم والمتجدّد، تُري كم من الأطفال والطفلات ماتوا – ويموتون – بعد مرور أكثر من سبعة أشهر، كم عدد من حرموا، وحُرِمن من الحق فى الصحة والصحة النفسية؟!.. كم عدد من حرموا وحرمن من الحق فى الحياة أو التعليم، أو فى السكن الآمن ؟!.. كم من الطفلات بيعن فى الأسواق الجديدة، التي تحدثت عن بعضها التقاير الموثقة ؟!.. كم من الأطفال – دون الثامنة عشر – اُستخدموا وقوداً فى هذه الحرب الكارثية اللعين؟!. كم من الأطفال المفقودين، وكم من الطفلات المفقودات، وماهو مصيرهم، وأين هم/ن الآن، وفى أيّ أوضاعٍ صعبةٍ يرزحن ويرزحون ؟!..كم .. وكم .. وكم ؟!.. إنّها أسئلة مشروعة، ستظل تُلاحق جنرالات الحرب “المليجيشية”، إلى يوم الدين؟!.
-10-
فى اليوم العالمي للطفل، دعونا نختم بالسؤال المشروع فى أوجه جنرالات الحرب هل مات طفلٌ واحدٌ من أطفالكم وطفلاتكم بسبب الطلعات الجوية والقصف العشوائي للبيوت والشوارع والأسواق، أو بنيران المدافع والمسيرات التي تنفقونها فى المزيد من التقتيل والتهجير القسري، أم أنهم/ ن فى مقاركم المحصنة يلعبن ويلعبون؟!… أما يكفيكم سبعة أشهرٍ ونيف، مازال فيها شعاركم المفضّل، كلمات فارغة ووعود زائفة بإقتراب “ساعة النصر”، فى الحرب الخاسرة، التي يسميها بعضكم “حرب الكرامة”، وعن أيّ كرامةٍ تبحثون على جماجم وأشلاء أطفال وطفلات السودان، وفى المقابل يقول بعضكم عنها إنّها حرب الدفاع عن الديمقراطية والانتقال !.
-11-
تُري عن أيّ نصرٍ وانتصار تبحثون، فوق جماجم الأطفال، وأشلائهم المبعثرة فى كل جبهات معارككم الخاسرة.. ما هذا الهراء الذي به تنطقون، وأطفال وطفلات السودان يموتون، جماعات ووحدانا دون أن يرمش لكم جفن، ولا تدمع عين ؟!… فلنرفع الصوت عالياً ضد الحرب، ولنطالب بوقها اليوم قبل الغد، فأطفال السودان هم بذرة مستقبله الذي ننشد ونتطلّع لأن يكون!.
جرس أخير:
“من يعرف الحرب .. لا يدنو لمرقدها .. الريح تعصف .. والكبريت يتّقد .. الحرب نارٌ.. إذا اشتعلت مواقدها.. من يطفىء النار .. لا ينظر لها أحد.. نحن الشعوب .. ضحاياها .. فيا أسفي.. ضعنا.. وضاعت دوننا البلد…” ((نجيب محمد علي))
فيصل الباقر
faisal.elbagir@gmail.com
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: النزاعات المسلحة القانون الدولی لحقوق الإنسان حمایة الأطفال حقوق الأطفال حقوق الإنسان سبعة أشهر فى الحرب
إقرأ أيضاً:
بالتعاون مع المجلس القومي لحقوق الإنسان..ندوة بعنوان "نشر وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان" بمكتبة الإسكندرية
ندوة بعنوان "نشر وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان"
طالب عدد من الخبراء في مجال التعليم وحقوق الإنسان بتطوير مناهج حقوق الإنسان في المدارس والجامعات، وجاء ذلك في الندوة المشتركة التي نظمتها مكتبة الإسكندرية بالتعاون مع المجلس القومي لحقوق الإنسان بعنوان "نشر وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان".
وافتتح الدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية والسفير الدكتور محمود كارم رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان أعمال الندوة.
وجاءت الجلسة النقاشية الأولى بالندوة تحت عنوان "رؤية تحليلية نقدية لمناهج حقوق الإنسان في التعليم العالي" بمشاركة الدكتورة إلهام عبد الحميد، أستاذ المناهج وطرق التدريس بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة، ونجاد البرعي الناشط الحقوقي والمحامي بالنقض وأدار اللقاء الدكتور يسري الجمل، وزير التعليم الأسبق.
وتحدث "الجمل" في البداية قائلًا: إن الحكومة المصرية في العام 2009 خلال فترة توليه الوزارة قامت بفحص المحتوى في مرحلة التعليم ما قبل الجامعي للتأكد من أن المناهج لا تحتوي على أي مواد تعارض ثقافة حقوق الإنسان وتم إعداد تقرير بهذا الشأن.
وأكد الجمل على أهمية نشر وتعزيز ثقافة الإنسان سواء في التعليم الجامعي أو ما قبل الجامعي، ليس فقط في النصوص والمناهج التعليمية ولكن أيضًا في الممارسات.
وأشار إلى أن التطور التكنولوجي يفرض تحديات جديدة على نشر ثقافة حقوق الإنسان حيث تلعب وسائل التواصل الاجتماعي وكذلك الذكاء الاصطناعي دورًا كبيرًا لدى الأجيال الجديدة، لافتًا إلى ظهور مشاكل تتعلق بحقوق الملكية الفكرية والتزييف العميق باستخدام الذكاء الاصطناعي وهو ما يحتم ضرورة أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار.
من جانبها اضافت الدكتورة إلهام عبد الحميد: إن نشر ثقافة حقوق الإنسان هو نتاج مشوار طويل عبر التاريخ وسيظل متواصلًا، مستعرضة مناهج التعليم الخاصة بحقوق الإنسان.
وأشارت عبد الحميد إلى أن المنهج التربوي لا يعني فقط الكتاب الدراسي ولكنه سياسة متكاملة تتداخل فيها عوامل كثيرة، لافتة إلى أن تطوير نماذج هذه المناهج يجب أن يشمل المنظومة ككل وليس المحتوى المتواجد في الكتب فقط.
من جانبه، قال نجاد البرعي، إن مقررات حقوق الإنسان في الجامعات المصرية نظرية ويغلب عليها السطحية وليس لها وزن أو تأثير سواء عند الطالب المتلقي أو حتى مقدم الخدمة التعليمية.
وتابع "البرعي": أن الحديث عن مناهج التعليم الجامعي لا يجب فصله عن الحديث عن التعليم الجامعي وأوضاع الجامعات نفسها، لافتًا إلى ضرورة الاهتمام بانتخابات الاتحادات الطلابية، التي لا يمكن فصلها عن ممارسة حقوق الإنسان.
وفي هذا السياق طالب "البرعي" بضرورة إصلاح المنظومة التعليمية بداية من تطوير مناهج كليات التربية التي تخرّج المدرسين الذين هم في الأساس صلب العملية التعليمية في المرحلة الأساسية.
وجاءت الجلسة الثانية بعنوان "نشر ثقافة حقوق الإنسان مجتمعيًا.. القيمة والغاية"، شارك فيها الدكتور هاني إبراهيم، أمين عام المجلس القومي لحقوق الإنسان والدكتورة يسرا شعبان، مدرس القانون المدني بجامعة عين شمس، وأدارت الجلسة الدكتورة أماني الطويل، مدير البرنامج الإفريقي بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بمؤسسة الأهرام.
وخلال الجلسةتحدثت "شعبان"، عن ثقافة تقبل الآخر، مشيرة إلى وجود قوانين كثيرة في مصر تتعلق بمنع ممارسات التنمر بأشكاله والتنمر الإلكتروني وما يتصل بذلك من صور مشوهة عن الآخر المختلف.
وفي هذا الصدد، أفادت "شعبان" بأن الدستور المصري ينص على أهمية حقوق الإنسان وهناك نصوص خاصة بذلك، واستعرضت بعض مواد الدستور التي تتطرق إلى ثقافة حقوق الإنسان.
وأضافت: إلى أن القوانين المصرية تكفل حقوق الإنسان ولكن الممارسات على أرض الواقع تعاني من بعض القصور.
وأكدت على ضرورة أن يكون هناك حملات توعوية للتوعية بحقوق الإنسان، لافتة إلى أن التوعية بحقوق الإنسان هي أول الطريق لتحقيق الهدف من ذلك.
من جانبه تحدث الدكتور هاني إبراهيم، عن دور المجلس القومي لحقوق الإنسان في مراقبة أوضاع حقوق الإنسان في مصر، لافتا إلى أن هذا الدور يتضمن متابعة القوانين الخاصة بحقوق الإنسان في البلاد بالإضافة إلى متابعة الشكاوى الواردة من المواطنين والبحث فيها.
وختم قائلًا: أن المجلس القومي لحقوق الإنسان من حقه وفق الدستور والقانون تشكيل لجان تقصي حقائق في بعض القضايا التي تهم المواطنين ويقوم المجلس بتقديم تقرير بنتائج هذه اللجنة للجهات المسؤولة.