أكفان شهداء غزة محت عار القميص الشفاف!
تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT
في حرب تموز 2006 التي حررت "جنوب لبنان " من الاحتلال الإسرائيلي، ظهرت خيبة "مبارك" ونظامه الحاكم في مصرَ، وتجلت الخيبة في تصريح قاله الرئيس العسكري الطيار الذي شارك في حرب أكتوبر 1973: ".. خلصونا من البِتَاع دِهْ.."، ولغير المصريين نترجم نص كلامه: "اقضوا على هذا الشيء، المسمى حزب الله"، ولم يسكت الرئيس بل نصح الناس: "حد يقدر يحط صُباعه في بُق الأسد"، والرجل كان يتكلم عن "الجيش الذي لا يقهر"، وهو المعني بقوله: "الأسد" وتبين ـ في الميدان ـ أن الجيش الذي لا يقهر، هو جيش من قش، وأنه جيش الطيران المحلق الذي يقصف المدارس والمستشفيات، ونحن في مصر عرفنا بطولاته هذه في "مدرسة بحر البقر الابتدائية " التي قصفها في "أبريل 1970″، ومصنع "أبو زعبل " الذي أغار عليه، فقتل عشرات العمال، والحقيقة التي لم يفهمها الناس هي أن "حرب التحرير الشعبية " تختلف عن "حرب الجيوش النظامية"، الحرب الشعبية تعتمد من الوسائل ما لا تعتمده الجيوش النظامية التقليدية، وكما كان استشهاد الطفل "محمد الدرّة " بداية لثورة "25 يناير"، أصبحت أكفان شهداء "غزة" التي سترت أبدان أطهر من في هذه الأمة، الحد الفاصل بين زمن" القميص الشفاف" وزمن " الكوفية الفلسطينية"، وزمن " محمد رمضان " ـ صديق الصهاينة ـ وزمن "أبوعبيدة" الناطق العسكري باسم المقاومة الفلسطينية، فمنذ فترة قصيرة، ارتدى الممثل المصري "محمد رمضان " قميصًا شفافًا " وهو من أزياء النساء"، وظهر وهو يعانق فنانًا إسرائيليًا، وتسربت صوره، وصب عليه الناس جام غضبهم، خاصةً الذين علموا أنه "صعيدي" من القرية ذاتها التي أنجبت الشاعر الراحل "أمل دنقل"، الشاعر الذي وهب قصيدته للمقاومة الفلسطينية في زمن كان فيه الشعراء أسْرى أحلامهم الفردية وذواتهم المحبطة، وهاج الناس وغضبوا من إقدام ـ رمضان ـ على التطبيع الفني مع الصهاينة، ولكن في يوم "السابع من أكتوبر 2023″، تولدت إرادة جديدة للمقاومة في فلسطين، قوامها العلم والتدريب والتسليح والوعي بالمشهدَين: المحلي والدولي، ومضت المعارك، والناس غير مصدقين ما يجري في "غزة"، وغيرها من مدن فلسطين المحتلة، فالجيل الذي شهد "انتفاضة الحجارة"، وشهد الجدل الديني حول "العمليات الاستشهادية " ضد "جيش العدو" لم يصدق أن المقاومة امتلكت الوسائل التي تجعلها قادرة على رسم خريطة الوطن العربي، والشرق الأوسط، وتغيير الثقافة التي سادت في العالم منذ سقوط "الاتحاد السوفييتي " وسيطرة "واشنطن " على الكوكب، وظهور "العولمة الثقافية "، والعولمة كان المقصود بها، تطبيق الخُطة الأميركية الأوروبية الهادفة إلى صهر "إسرائيل " في الشرق الأوسط، واعتبارها "القائد الأعلى " للمنطقة، والقضاء على مكونات الثقافة العربية التي تتكون من "العروبة والإسلام ورواسب الحضارات القديمة "، واستبدال "الأخلاق القديمة " بأخلاق "القميص الشفاف" التي تستهدف إيقاف "التناسل الطبيعي " الناتج عن زواج شرعي في نطاق الأسرة، وفي سياق أخلاق وقوانين مستمدة من الأديان والموروثات الحضارية، حتى لا تكون الملايين من المواليد الجدد عبئًا يعطل "تعظيم الأرباح" وتكديس الثروات في العواصم الغربية.
ولكن الذي حدث في "السابع من أكتوبر"، هو "الزلزال" الذي أخزى أنصار" القميص الشفاف"، وفضح الأكاذيب الأوروبية- الأميركية، خاصة فيما يتعلق بملف "حقوق الإنسان"، فالذي يحكم واشنطن وعواصم أوروبا في الوقت الحالي هو "العقل الاستعماري" البدائي، الذي لا يسمع ولا يرى غير ما يناسب مصالحه، لا يهمه "الإنسان" ولا تعنيه "الديمقراطية"، ومن نتائج هذا الزلزال الفلسطيني، زوال الرؤى الثقافية التي حاولت واشنطن خلق قواعد لها في الوطن العربي، وهذا يعني عودة الأدب الواقعي الصادق المهموم بالمجتمع، الهادف إلى إحداث نهضة وتقدم ورفاهية للذين وقع عليهم القمع والتجويع في السنوات الثلاثين الماضية، وزوال "الشعر المدلس" الذي يحتفي بالعلاقات غير السوية الخارجة عن الفطرة ويجعلها مركز الكون، وزوال جماعات "التطبيع وقبول الآخر"، بعدما تبين للقاصي والداني أن " الآخر" مجرم حرب، يقتل النساء والأطفال، ويدافع عن العنصرية والدكتاتورية وإفقار الشعوب لصالح الجماعات الحاكمة في أوروبا وأميركا "يسمونه العالم المتحضر"، والأهم من هذا كله، سوف تتغير خريطة "القوى السياسية " المصرية والعربية، لن يكون هناك مكان للذين تَعْولَموا وفتحوا "مراكز حقوق الإنسان" وقبضوا من أموال خزائن حكومات "كندا" و"باريس" وتحولوا من العداء الجذري، الراديكالي للإمبريالية الأميركية إلى "قبول الآخر " والدفاع عن الأهداف السياسية للمانحين، ولن يكون هناك مكان لكل من خذل المقاومة وتدثر بالحكمة الزائفة، وطلب من المقاومة حماية "المستوطنين الآمنين "، وساوى بين صاحب الأرض والمغتصب المحتل.
للأزهر كلمتهومن راقب المشهد المصري في الأيام التي تلت بداية "طوفان الأقصى " رأى انحياز الناس للشيخ "أحمد الطيب" شيخ الأزهر، عقب إصداره البيان الذي دعا فيه إلى دعم الصامدين في غزة وغيرها من مدن فلسطين، وهو بيان رفع أسهم الشيخ وجعل الناس يشيدون به، والحقيقة التي لا يعلمها كثيرون أن الشيخ الطيب، هو حفيد اثنَين يحملان الاسم ذاته": أحمد الطيب "، الجَد الأول له الذي كافح ضد دكتاتورية "محمد علي " الجندي الألباني الذي خدع القيادة الشعبية المصرية التي حاربت الاحتلال الفرنسي "حملة نابليون"، واستولى على السلطة والثروة لنفسه ولأولاده من بعده، والجَد الثاني هو مَن تصدى للخديو إسماعيل الذي استولى على أراضي أهل الصعيد ليزرعها بمحصول "قصب السكر" لحسابه الشخصي "الدائرة السنية" ولما تصدى له ـ الطيب ـ والثوار، أرسل "الجيش" وقصف قرى الثورة بالمدافع، ونصب المشانق في سجن القلعة بالقاهرة، وسجن إبسنا في جنوب مصر، وأعدم "الشيخ الصوفي أحمد الطيب"، وبقيت ثورته في التاريخ المصري الحديث مشهورةً لدى الباحثين باسم "ثورة الفؤوس"؛ لأنها ثورة "فلاحين"، ولأن رجالها الأبطال قطعت السلطة الخديوية الغاشمة رؤوسَهم بالفؤوس، فالشيخ "الطيب" شيخ الأزهر الحالي، اختار الوقوف في الخندق الصحيح، وكل من اختار خندق العدو، سيكون مصيره الفناء في مزبلة التاريخ مثله مثل الذي ارتدى "القميص الشفاف"، وخان دم شهداء غزة و"كوفية " فلسطين.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssالمصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
اعتمد على المباغتة.. الجزيرة تحصل على تفاصيل كمين خان يونس
قال الصحفي بقناة الجزيرة تامر المسحال إن الكمين الذي نفذته كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- أمس الثلاثاء، ضد ناقلتي جند إسرائيليتين في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، كان معقدا وجرى في مكان تسيطر عليه دبابات الاحتلال.
ووفقا للمسحال، فقد نفذ اثنان من مقاتلي القسام العملية التي تمت في منطقة مسجد علي بن أبي طالب، لكن عددا آخر من المقاتلين شارك في عملية الرصد والمراقبة.
ويكشف هذه الكمين تصاعد عمليات المقاومة في المناطق التي تتمركز فيها قوات الاحتلال بقوة، لأن منطقة معن التي تمت فيها العملية شهدت توغلا كبيرا من دبابات الاحتلال خلال الفترة الماضية، كما يقول المسحال.
مباغتة الجنودوتمت العملية -وفق المسحال- عن طريق مقاتلين ينتمون للواء خان يونس الذي أعلن الجيش الإسرائيلي سابقا اغتيال قائده مهدي كوارع، وهو نفسه الذي اشتبك مع قوات الاحتلال خلال توغلها في المدينة في وقت سابق من الحرب.
ووقعت العملية وسط تشكيل قتالي إسرائيلي وتم التخطيط والإعداد لها أياما من الرصد والقيادة وصولا إلى التنفيذ الذي اعتمد على المباغتة، كما تشير المعلومات التي حصلت عليها الجزيرة.
وألقى أحد المقاتلين الاثنين عبوة شواظ في قمرة إحدى الآليتين وهي عبوة تتطلب سحب صاعقها قبل تفجيرها مباشرة، وألصق المقاتل الآخر عبوة العمل الفدائي بجسم الناقلة الثانية.
وباغت المقاتلان الناقلتين حيث خرجا من أحد البيوت المدمرة واتجها نحو الآليتين في وضح النهار ودون أي غطاء ثم انسحبا بعد التنفيذ، رغم وجود آليات وجنود على بعد أمتار منهما.
وانتشل الجيش الإسرائيلي جثثا متفحمة من داخل إحدى الناقلتين اللتين استهدفتا في منطقة عمليات تقول إسرائيل إنها تسيطر عليها، في عملية ليست الأولى من نوعها خلال الأيام القليلة الماضية.
7 قتلى بينهم ضابط
وأسفرت العملية عن مقتل ضابط و6 جنود وإصابة عدد كبير من الجنود بعدما عجز الجيش عن إطفاء النار التي اشتعلت في ناقلة جند بعدما ألصق بها أحد المقاتلين عبوة ناسفة.
إعلانوتم استدعاء قوات إطفاء عسكرية إلى المكان، وبذلوا جهودا لإطفاء الناقلة المشتعلة، لكنها لم تتمكن من فعل شيء، وفقا لإذاعة جيش الاحتلال.
كما تم إحضار جرافة من نوع "دي 9" إلى الموقع وغطت الناقلة بالرمال في محاولة لإطفائها، لكن كل محاولات الإطفاء باءت بالفشل.
وإزاء ذلك، تم اتخاذ قرار في الميدان بسحب ناقلة الجنود وهي لا تزال مشتعلة، وبالفعل تم جرها أولا إلى شارع صلاح الدين في خان يونس، ومن هناك إلى خارج قطاع غزة، بينما كان العسكريون السبعة لا يزالون بداخلها.