ناشرون يدعون لترسيخ الاستدامة في صناعة الكتاب
تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT
العين (الاتحاد)
أخبار ذات صلةفي مدينة العين التي تكاد الطبيعة فيها تنطق لتحكي عن ثقافة الاستدامة، باعتبارها وصية الأجداد والآباء، وسلوكاً تتجلّى ثماره في جماليات واحاتها النابضة بالخير على امتداد النظر، التقى 150 ناشراً في الدورة الجديدة من «مهرجان العين للكتاب 2023»، الذي ينظمه مركز أبوظبي للغة العربية تحت شعار «العين أوسع لك من الدار»، لتزهر المدينة معرفة وثقافة، ويتسابق مجتمعها على اقتناء الكتب والإصدارات التي يتيحها المهرجان لروّاده.
ولأن الاستدامة عنوان لهذا العام في دولة الإمارات، وضرورة ومطلب مُلحّ يفرض نفسه على مختلف القطاعات، ليتكامل دور العطاء والاستمرارية التي تضمن حصول الأجيال القادمة على نصيبها من الموارد والإنتاج في مختلف حقوله، كان لابدّ من استطلاع آراء عدد من الناشرين المشاركين في المهرجان حول الاستدامة في قطاع النشر. وقد خرجنا بهذه الحصيلة التي تضمّنت قاسماً مشتركاً تمثّل في إجماع الناشرين على الدور الحاسم للتوجّه نحو زيادة النشر الإلكتروني لتعزيز استدامة قطاع النشر والحدّ من استهلاك الورق والحبر والطاقة التي يحتاج إليها إنتاج الكتاب المطبوع.
رحلة الكتاب مع الاستدامة
وتعليقاً على هذه المسألة، قال الناشر فواز المطيري، صاحب دار قهوة لخدمات نشر الكتب: «تقوم المعادلة في إنتاج الكتاب واختيار الورق على حرص الناشر وسعيه لإبراز شخصية الدار وهويتها التي تحقّق لها ولإصداراتها الصورة الراسخة في ذهن الجمهور. ونحن نعتمد على الورق الخفيف الذي يجعل خامة الكتاب أقل وزناً، وهذا ينسجم مع التوجّه نحو الاستدامة والتقليل من استخدام الورق كما كان يحدث في طبعات الكتب السابقة».
وعن الخطوات العملية التي تتيح للناشرين والقرّاء القيام بدور جوهري في مجال الاستدامة، يرى خبير النشر أحمد عفيفي، الذي يعمل في هذا القطاع منذ 20 عاماً ويدير جناح دار كتاب الإماراتية، أن الممارسات الصديقة للاستدامة في قطاع النشر تبدأ بالتضامن المشترك بين الناشرين والقرّاء من حيث الإقبال على اقتناء الكتب التي تستخدم الورق المعاد تدويره، وصولاً إلى رفع نسبة الإنتاج من الكتب التي تعتمد في طباعتها على هذا الورق ليكون مناسباً للقراءة ويساعد في التقليل من وزن الكتاب، وبالتالي يخفّف من تكاليف الشحن، والحاجة إلى استخدام الورق الجديد، إلى جانب اعتماد الطباعة بالحبر الصديق للبيئة، وتكثيف التوعية المجتمعية حول الاستدامة وتحفيز مجتمع القرّاء على دعم هذا التوجّه في مختلف جوانب الاستهلاك.
أما عامر متولي، مدير المبيعات في دار مكتبة كلمات الإمارات، فيرى أن صناعة النشر بما تستهلكه من خامات وثيقة الصلة بموارد الطبيعة ملزمة بتبنّي الاستدامة، وتصدّر غيرها من القطاعات، وقال: عملية النشر ليست مجرد صناعة بل ثقافة وتأصيل للقيم الجمالية وترسيخ لكل ما يعزّز من جودة حياة المجتمعات على صعيد الفكر والممارسة. ومن هنا ظهر مفهوم «الكتاب الأخضر» في قطاع النشر، وهو مفهوم بدأت مظاهر تطبيقه تأخذ طريقها إلى التنفيذ، كاستجابة من المساهمين في هذا القطاع في الرحلة نحو الاستدامة، واستجابة للتحدّيات البيئية العالمية، وإدماج صناعة النشر بالاستدامة في مختلف مراحل صناعة الكتاب.
تحقيق التوازن
تعتبر جمعية الناشرين الإماراتيين الاستدامة مسؤولية تكاملية، ولذا فإن تكريس هذا النهج يتطلّب تحقيقاً للتوازن بين حاجة مجتمع المعرفة وجمهور القرّاء إلى إنتاج الكتاب من جهة، وبين أداء دور فاعل يسهم الناشرون من خلاله في الحفاظ على البيئة من جهة أخرى. وأكدت الجمعية ضرورة الشروع في تبنّي البدائل وتكثيف الأبحاث والدراسات حول ما يمكن أن يسهم به القطاع في تعزيز الاستدامة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: العين العين للكتاب الإمارات مهرجان العين للكتاب الاستدامة قطاع النشر
إقرأ أيضاً:
بين نوبل وبوليتزر.. لماذا رفض سارويان الجوائز؟
في عالم الأدب، يُعد الفوز بجائزة بوليتزر أو نوبل قمة الإنجاز، لحظة تتويج يحلم بها الكُتاب طوال حياتهم.
لكن ويليام سارويان، الكاتب الأمريكي الأرمني، قرر قلب المعادلة: عندما فاز بجائزة بوليتزر عام 1940، رفض استلامها، وأثار بذلك جدلًا واسعًا لم ينتهِ حتى اليوم.
حصل سارويان على جائزة بوليتزر عن مسرحيته الشهيرة The Time of Your Life (“زمن حياتك”)، وهي مسرحية لاقت نجاحًا جماهيريًا ونقديًا كبيرًا، واعتُبرت لحظة نضوج في تجربته المسرحية.
لكن المفاجأة لم تكن في الفوز، بل في رفضه الجريء للجائزة. كتب قائلاً:
“جائزة لا تعني شيئًا إذا جاءت من مؤسسة لا أفهم دوافعها.”
لماذا رفض سارويان الجائزة؟سارويان كان دائمًا مناصرًا للحرية، لا في السياسة فقط، بل في الأدب أيضًا.
رأى أن الجوائز حتى الرفيعة منها قد تكون شكلًا من أشكال الهيمنة أو التقييم السلطوي للفن، وهو ما يتعارض مع إيمانه بأن الأدب لا يقاس ولا يحكم عليه بمعايير ثابتة.
قال في أحد تصريحاته:
“الأدب ليس سباق خيول. لا أحد يفوز. الجميع يحاول أن يقول الحقيقة بطريقته.”
فلسفة سارويان: اكتب كأن لا أحد يراقبككانت كتابات سارويان مليئة بالإيمان بالإنسان، بالبساطة، بالحياة العادية التي تمنح المعنى العميق.
وهو ما يتماشى مع موقفه من الجوائز: لا يريد تكريمًا، بل تواصلًا حقيقيًا مع القارئ، لم يكتب ليربح، بل ليُضيء جزءًا صغيرًا من روح الإنسان.
تمرد رافق مسيرتهرفض سارويان لاحقًا أيضًا بعض الأشكال الرسمية في النشر، وكتب بنفسه عن صراعاته مع دور النشر والنقاد.
موقفه من بوليتزر كان حلقة في سلسلة مواقفه “العنيدة” تجاه كل ما يمكن أن يقيد حرية الكاتب أو يُضعف صدق الكتابة.
موقف نادر… لكن ليس وحيدًارغم أن موقف سارويان كان نادرًا، إلا أنه ألهم لاحقًا أدباء آخرين في العالم رفضوا جوائز كبرى، مثل جان بول سارتر الذي رفض نوبل، وألبرتو مورافيا الذي شكك في مصداقية بعض الجوائز الأدبية.
أصبح رفض الجوائز أحيانًا علامة على النزاهة لا على الجحود.