غزة – يتنقل فريق من مدرسة غزة للسيرك، بين مراكز الإيواء في وسط وجنوبي قطاع غزة، لتقديم عروض سيرك ترفيهية لأطفال النازحين، بغرض التخفيف من الضغوط النفسية التي يواجهونها منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية.

وفي مركز إيواء عشوائي، أقامه النازحون في ساحة مستشفى شهداء الأقصى، بمدينة دير البلح، وسط القطاع، قدم الفريق، يوم الخميس 23 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، عرضا ترفيهيا نال إعجاب الأطفال وذويهم.

وتفاعل الأطفال، الذين يعيشون أوضاعا مأساوية منذ بداية الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مع العرض الذي أقيم بين خيام النازحين، والذي تنوع بين فقرات ترفيهية، وأخرى تتضمن عروض سيرك.

فريق غزة للسيرك يقدم عرضا ترفيهيا في مركز إيواء بمدينة غزة بغرض دعم الأطفال نفسيا (الجزيرة)

وقال قائد الفريق، محمد أبو عبيد، إنهم ينفذون مشروعا تطوعيا يحمل اسم "دليل السعادة"، ويهدف إلى تقديم "إسعاف نفسي أولي" لأطفال مراكز الإيواء في وسط وجنوبي قطاع غزة.

وأضاف أبو عبيد لـ"الجزيرة نت" إن هذه العروض تحمل في ظاهرها شكلا ترفيهيا، لكنها في الأساس تسعى إلى تقديم خدمات نفسية للأطفال.

وتابع "كل يوم نزور مركزا أو مركزين، ونقدم عروضا لنحو 200 إلى 400 طفل".

يتكون فريق غزة للسيرك من نازحين يعملون على تقديم الخدمات الترفيهية للأطفال (الجزيرة)

وذكر أبو عبيد أن الفريق يتلقى دعما ماليا من متطوعين إيطاليين وإسبانيين، لتقديم هذه العروض.

وأضاف "أغلب لاعبي فريق غزة للسيرك الآن نازحون أيضا، وهم يعملون على تقديم الخدمات الترفيهية للأطفال".

وتابع "بدأنا العمل قبل أسبوع، وتصلنا مناشدات كثيرة من مسؤولي المراكز لتقديم العروض".

تفاعل الأطفال مع العرض الذي أقيم بين خيام النازحين، والذي قدم فقرات ترفيهية وعروض سيرك (الجزيرة)

وأبدى أبو عبيد سعادته الكبيرة بردة فعل الأطفال، والذين يتفاعلون بشدة مع العروض، وهو ما يشير إلى رغبتهم في العودة لحياتهم الطبيعية، مشيرا إلى أنهم يلمسون خيبة أمل الأطفال حينما تنتهي العروض.

وتابع "نحاول تخفيف حدة الضغط النفسي على الأطفال، هذا إسعاف نفسي أولي، وهو طبعا لا يكفي، فهؤلاء الأطفال يجب أن يعرضوا على أطباء نفسيين فورا، كل ما نفعله هو محاولة إعادتهم لحالتهم الطبيعية، وبالطبع عملنا لا يكفي".

قائد فريق غزة للسيرك محمد أبو عبيد يلاطف طفلة فلسطينية في مركز إيواء (الجزيرة)

وكان استشاري الصحة النفسية في وزارة الصحة بغزة الدكتور محمد أبو شاويش، ذكر في تصريح سابق للجزيرة نت، أن الاحتلال الإسرائيلي يتعمّد إثارة حالة من الرعب في نفوس كافة شرائح المجتمع الفلسطيني بما فيهم الأطفال.

وأشار الاستشاري النفسي إلى أن ما تمارسه إسرائيل حاليا "يترك صورة ذهنية صعبة في نفوس الأطفال، ويتركهم في حالة تحفّز، ويترك عليهم آثارا جسدية مثل المغص ووجع الساقين والصداع وعدم القدرة على النوم، والتبول اللاإرادي، والالتصاق بالوالدين"، مؤكدا أن "كل الجروح الجسدية تشفى مع الوقت، لكنّ الندبات النفسية التي تحدث في نفوس الناس تحتاج إلى وقت طويل للتعافي".

وقال أبو شاويش إن "الأطفال يعتقدون أن الوجود مع الآباء آمن، وأن المنزل آمن وكذلك المستشفى والمدرسة والمسجد، وهذه مفاهيم تم تشويها في نفوس الأطفال، وستحتاج إلى فترات طويلة للتعافي منها وترميمها، وهذا سيمتد لأجيال، وليس فقط لهذا الجيل".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: أبو عبید فی نفوس

إقرأ أيضاً:

كاتبة بين النازحين: نحن سكان غزة نمحى من التاريخ على الهواء

اعترفت الصحفية والشاعرة الفلسطينية الشابة نور العاصي بكل ألم وخجل -كما تقول- بأنها تفكر جديا في مغادرة غزة، لأن إسرائيل نجحت في خطتها للتهجير القسري بتدميرها كل الاحتمالات.

وتذكّر الكاتبة التي نزحت من شمال غزة مرتين -في مقال لها بموقع ميديا بارت الفرنسي- بأنها نشأت على الاعتقاد أن غزة ليست مجرد مكان، بل هي روحها وتاريخها وهويتها، وهي لم تر فيها سوى معاناة مغلفة بالقداسة، وحرب مغلفة بالدفء، ودمار محاط بشعور لا يتزعزع بالانتماء، كما تقول.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مقال بتلغراف: هذه الانتخابات ستؤثر كثيرا في تحديد مستقبل أوروباlist 2 of 2واشنطن بوست: الشرع يواجه تحدي الأجانب الذين ساعدوه في الإطاحة بالأسدend of list

ومع ذلك، وبعد كل ما عانيناه -تقول نور العاصي- وبعد ليال لا تنتهي من القصف والجوع والتشرد والجثث المدفونة تحت الأنقاض، أترك الآن فكرة "ماذا لو غادرت؟" تكبر في ذهني، ككثير من الشباب الأذكياء المتجذرين في هذه الأرض، وهم يفكرون الآن في المستحيل، "فنحن نحلم ببناء شيء ما في الخارج، لأن كل ما نبنيه هنا مدمر ماديا وروحيا".

"تطهير ديمغرافي"

وتقول بنت حي التفاح بشمال شرق غزة، بكل ألم، إن إسرائيل نجحت في إستراتيجيتها الشيطانية المتمثلة في التهجير القسري من خلال الصدمة بجعل غزة غير صالحة للسكن، "فقد حولوا المنازل إلى أهداف، والمستشفيات إلى مقابر، والمدارس إلى أنقاض، جوعونا وشردونا وقصفونا مرارا وتكرارا. لم يكن هدفهم قتلنا فحسب، بل أرادوا قتل إرادتنا في البقاء".

إعلان

وتتابع "يؤلمني أكثر من أي صاروخ أو جرح أن أقول إنهم يدفعوننا إلى الرحيل، وقد بدأنا نضعف، لا في حب غزة، بل في إيماننا بأننا نستطيع العيش هنا، وسلاحهم الحاسم في ذلك ليس القنابل، بل اليأس".

ما تفعله إسرائيل في غزة ليس حربا، بل تطهيرا عرقيا وإبادة جماعية -كما تقول الكاتبة- فقد "دمروا كل شيء عمدا والعالم يراقب، والكاميرات تصور، وشاحنات المساعدات تصل محملة بفتات المساعدات والشعارات الزاهية، والمجتمع الدولي المتستر بلغة الدبلوماسية والديمقراطية، لم يعد متواطئا فحسب، بل هو المسؤول".

وذكّرت الكاتبة بإعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن عملية "عربات جدعون"، مشيرة إلى أنها اسم توراتي لمجزرة معاصرة، تعني غزوا عسكريا شاملا لمدن غزة المتبقية -كما تقول الكاتبة- "فها هي رفح التي كانت يوما مدينة جميلة ومزدهرة، قد محيت تماما، وخان يونس تحت الغزو الآن، ودير البلح تختنق تحت وطأة النازحين".

لا نموت بصمت

وأشارت الشاعرة إلى أن ما تريده إسرائيل هو إجبارهم على الاستسلام، وجعل الجيل القادم من الفلسطينيين يعتقد أنه لا يوجد ما يستحق المرء البقاء من أجله، لأن "بيوتنا غبار، ومدارسنا خراب، وشهاداتنا ودفاترنا وحتى أحلامنا ترقد تحت الأنقاض".

وتضيف نور العاصي: "نشهد شيئا يتجاوز القسوة، حيث الأطفال يحرقون أحياء، وتنتزع الأطراف من أجسادهم الصغيرة، نحن شعب غزة، نُمحى من التاريخ على الهواء، ومع ذلك لم يُتخذ أي إجراء، لأن العالم قد باع روحه للسياسة والتطبيع".

وذكّرت الشابة الفلسطينية بأنها لا تكتب هذه السطور بوصفها صحفية، بل بوصفها ابنة لم تعد قادرة على ضمان سلامة والديها، وأختا تسمع دوي الانفجارات وتتساءل هل ستكون هي الضحية التالية، هي الطالبة التي تحول تعليمها إلى رماد، والإنسانة التي تصرخ في الفراغ، متوسلة لأي شخص أن ينظر إلى هذه الحقيقة ولا يغض الطرف عنها.

إعلان

وختمت نور العاصي عمودها بأن حقوق الإنسان والقانون والأخلاق يجب أن تحفظ في غزة، وأن العالم الذي يشاهدنا نختفي دون أن يفعل شيئا، لا يدافع حقيقة عن شيء، "فنحن لا نموت بصمت، نحن نوثق دمارنا، وإذا سقطت غزة فلن تسقط في الظلام، بل ستسقط في دائرة الضوء، ويمضي العالم مفضلا النسيان".

مقالات مشابهة

  • حصيلة 5 أشهر.. إسعاف الكفرة ينقذ الأرواح ويتحدى المسافات
  • كاتبة بين النازحين: نحن سكان غزة نمحى من التاريخ على الهواء
  • يحيى بن خالق: فضلت العين على العروض الأوروبية
  • مراكز المساعدات بغزة تتحول لفخ للقتل الجماعي وأداة للتهجير
  • الإغاثة الطبية بغزة: قصف المدنيين خلال وجودهم في مراكز توزيع المساعدات إجرام وهمجية
  • محمود عبيد ومحبة الناس
  • فريق طبي بمستشفى أطفال بنها ينجح في استخراج بطارية من مريء طفل
  • تصل لـ50%.. مصر للطيران تطرح عروض تخفيضات على التذاكر بمناسبة العيد
  • حماية الطفل في القانون| دعم متكامل من التعليم إلى السلامة في الأزمات
  • “فكرة عيد” فعالية فنية ترفيهية للأطفال في مدينة شهبا بالسويداء