عربي21:
2025-06-03@21:40:43 GMT

الأسرى هدف ضمن أهداف.. كيف نقيم نتائج الحرب في غزة؟

تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT

مع إعلان هدنة إنسانية في قطاع غزة بوساطة قطرية، شاركت فيها مصر والولايات المتحدة الأمريكية، وفي ظل تسريبات عن احتمال تمديدها يوما أو يومين إضافيين، بدأت تطفو على السطح الكثير من الأسئلة بخصوص المعركة ونتائجها ومآلاتها، وفي مقدمة هذه الأسئلة المقارنة بين حجم الخسائر البشرية من شهداء وجرحى وحجم الدمار في المباني والمؤسسات في غزة من جهة، وعدد الأسرى والأسيرات المفرج عنهم وفق الاتفاق كمخرج وحيد حتى اللحظة للحرب، من جهة ثانية.



كثيرون صاغوا السؤال بشكل مباشر: هل تحرير عشرات الأسيرات والأسرى بل والآلاف منهم بصفقة لاحقة "يستحق مقتل الآلاف وتدمير غزة"؟ البعض يسأل ذلك إشفاقا وحزنا، والكثيرون يسألونه تشكيكا وقدحا. وإذا كانت الفئة الثانية تصدر عن مواقف مسبقة وانحيازات معروفة، فإن الشريحة الأولى تستحق نقاشا وإجابات وافية.

لكن قبل محاولة المساهمة في هذا النقاش، يلفت النظر ملحوظتان مهمتان ولكن مقلقتان على هامش إعلان الهدنة، مختصتان بالنخب والهيئات والشعوب خارج فلسطين، وتصدران عن نوايا طيبة وأصل سليم، لكنهما مبنيّتان على افتراض أن الحرب قد انتهت تماما؛ الأولى الجزم بالانتصار والاحتفال به بدل الانشغال بالعمل على تثبيته بوقف الحرب والحيلولة دون استئنافها، والثانية التركيز على فكرة "ماذا علمتنا غزة" أو ماذا أفادتنا، بدل الانشغال بكيف ندعمها ونساعدها خلال الحرب وبعدها.

سؤال تقييم الحرب، فإنه سؤال سابق لأوانه، إذ لم تنته الحرب بعد ولا اتضحت كل أبعادها ونتائجها، ورغم ذلك وبافتراض أن الحرب ستنتهي مع هذه الهدنة وتمديدها، فإن تقييمها من خلال الدمار والخسائر مقابل الأسرى تقييم كمّيٌّ تتبدى في تبنيه أربع معضلات رئيسة
وبالعودة لسؤال تقييم الحرب، فإنه سؤال سابق لأوانه، إذ لم تنته الحرب بعد ولا اتضحت كل أبعادها ونتائجها، ورغم ذلك وبافتراض أن الحرب ستنتهي مع هذه الهدنة وتمديدها، فإن تقييمها من خلال الدمار والخسائر مقابل الأسرى تقييم كمّيٌّ تتبدى في تبنيه أربع معضلات رئيسة؛ الأولى أنه يقارن عدد الشهداء والجرحى بأعداد الأسرى المفرج عنهم، وتحديدا المفرج عنهم في الاتفاق الحالي، وهما أمران لا تقوم بينهما مقارنة سوية. والثانية أنه ينظر للخسائر البشرية لدى الجانب الفلسطيني دون "الإسرائيلي"، والثالثة أنه -إن قارنا بين الجانبين- تقييم مبنيٌّ على العدد وليس النسبة. والقصد هنا نسبة الشهداء والقتلى لعدد السكان في الطرفين، وقد فصّل الدكتور وليد عبد الحي في ذلك بالأرقام مؤخرا وبيّن كيف أن خسائر الاحتلال بهذا البعد أكبر.

والرابعة، وهو الأهم، أن التقييم الكمي من حيث المبدأ ليس المعيار الصحيح لحساب المكاسب والخسائر تحديدا في حالات الاحتلال والتحرر الوطني مثل القضية الفلسطينية، والتي لا توازُنَ فيها بموازين القوى ولا ندّية فيها في الإمكانات ولا الحرب فيها نظامية، وبالتالي فإن الخسائر لدى المقاومة والشعب تحت الاحتلال تكون دائما أكبر بكثير من الطرف المحتل، كما هي كل نماذج التحرر الوطني والمقاومة عبر التاريخ.

إن التقييم السليم للحرب الحالية هو من زاوية ارتباط نتائجها بالصراع مع الاحتلال ومشروع التحرير، وبالتالي مدى تأثيرها على مسارات جوهرية في القضية الفلسطينية على المدى البعيد. حتى فشل الاحتلال على مدى أكثر من شهر ونصف في تحقيق أهدافه من العدوان واعترافه ضمنا بالفشل من خلال قبوله الهدنة وتبادل الأسرى، وهي معايير صالحة لحروب سابقة، لا تكفي في الحرب الحالية -التي بادرت لها المقاومة- لتقييم كامل مسار الحرب على أهميته البالغة وتأثيره على نتائجها.

أول ما ينبغي أن يوضع في ميزان التقييم هو فقدان الاحتلال قوة الردع التي اعتمد عليها لعقود، وانهيار أساطير الجيش الذي لا يقهر والاستخبارات التي تعرف كل شيء، والقوة الإقليمية التي لا توازيها قوة ولا يمكن مجرد التفكير في مواجهتها. إن ما حققته كتائب القسام يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر قد مزّق هذه الأساطير، وتآكلت قوى الردع لدى الاحتلال ليس فقط أمام المقاومة الفلسطينية، ولكن كذلك أمام عدة قوى ودول في المنطقة.

ومن أهم معايير التقييم الخسائر الكبيرة التي تكبدها الاحتلال خلال الحرب على صعيد ضباطه وجنوده بين قتيل وجريح وأسير (علما أنه لا يعلن الأرقام الحقيقية)، وكذلك على صعيد دباباته وآلياته بين تدمير وإعطاب. وهذا، إلى جانب تأثيره المباشر عسكريا وميدانيا، ذو علاقة مباشرة بسمعة المؤسسة العسكرية "الإسرائيلية"، ومعنويات جنود الاحتلال مقابل معنويات المقاومة، ومدى قدرة جيش الاحتلال على الاستمرار في الحرب فضلا عن تحقيق إنجاز ما فيها.

بالتوازي مع ذلك، فإن أزمة الثقة بين حكومة الاحتلال والمؤسسة الأمنية والعسكرية، والتي تبدى شيء منها أمام وسائل الإعلام رغم التعتيم الرسمي المتبع، من أهم نتائج المعركة وارتداداتها التي ستتفاعل وتتفاقم بشكل كبير وعلني بعد الإعلان عن انتهائها، ويلحق بذلك تعمّق حالة الاستقطاب داخل الكيان وإذكاء صراعاته الداخلية، إضافة لأزمة الثقة بين المجتمع والدولة التي لم تستطع حمايته من المقاومة، بل أثبتت تحقيقات وتقارير لاحقة أنها هي مَنْ قتـَـلَت الكثيرين وليس المقاومة. وينتج عن ذلك مستقبل غامض لما يسمى مستوطنات غلاف غزة التي يبدو من المستحيل أن تعود لحالتها السابقة، وكذلك الهجرة العكسية التي سُجلت في الكيان منذ بداية الحرب.

وبنتيجة كل ما سبق، أدت الحرب لإذكاء الأسئلة الوجودية داخل الكيان، وأقصد بذلك علامات الاستفهام حول مستقبله واستمرار وجوده في المنطقة، فضلا عن فرص نجاح مسار التطبيع مع الدول العربية. وتبدو هذه الأسئلة أكثر وضوحا وإلحاحا اليوم لدى بعض الباحثين والسياسيين "الإسرائيليين" والغربيين الذين كانوا شككوا في إمكانية استمرار الكيان على المدى البعيد و/أو حذروا من أن عبئه على الغرب وتحديدا الولايات المتحدة قد لا يمكن تحمله في المستقبل البعيد.

خسائر الاحتلال وبالتالي مكاسب الفلسطينيين كثيرة وكبيرة في هذه الحرب، وهي مكاسب استراتيجية ذات علاقة جوهرية بالصراع ومستقبل القضية الفلسطينية، ولم نتطرق لمكاسب أخرى إضافية تبدو أقل أهمية من قبيل الصورة والإعلام والسردية وغير ذلك. وهي مكاسب ثبتت في اليوم الأول من الحرب ولم/ لن تؤثر عليها التطورات اللاحقة
وأخيرا، وبعد كل ذلك، هناك صفقة تبادل الأسرى المتوقعة بين المقاومة والاحتلال بخصوص الجنود والضباط مقابل المقاومين، وهي صفقة قد تكون قادرة على تبييض سجون الاحتلال من الأسرى الفلسطينيين، بما لذلك من تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على الصراع والمعنويات والتجاذبات داخل الكيان ومستقبل الكثير من قياداته السياسية والعسكرية وفي مقدمتها نتنياهو، وهي سياقات ليست بالقليلة ولا عديمة التأثير كما هو واضح.

وفي الخلاصة، فإن خسائر الاحتلال وبالتالي مكاسب الفلسطينيين كثيرة وكبيرة في هذه الحرب، وهي مكاسب استراتيجية ذات علاقة جوهرية بالصراع ومستقبل القضية الفلسطينية، ولم نتطرق لمكاسب أخرى إضافية تبدو أقل أهمية من قبيل الصورة والإعلام والسردية وغير ذلك. وهي مكاسب ثبتت في اليوم الأول من الحرب ولم/ لن تؤثر عليها التطورات اللاحقة. ومع عدم التقليل من بشاعة وفداحة ومأساوية وأهمية الخسائر البشرية من شهداء وجرحى والتدمير الحاصل، إلا أنها من قبيل الانتقام ومحاولة تقليل وقع هذه الخسائر على الداخل "الإسرائيلي" وبالتالي ارتداداتها على مستقبل الساسة والعسكريين.

إن حسابات الربح والخسارة بالمعنى الاستراتيجي والعسكري والأمني وبما يتعلق بجوهر الصراع ومستقبل القضية الفلسطينية تتبدى بوضوح لصالح الفلسطينيين ومقاومتهم رغم فداحة الثمن المبذول، وستكشف نهايات الحرب الكثير من هذه المعالم عاجلا أم آجلا.

twitter.com/saidelhaj

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الإسرائيلي إسرائيل اسرى حماس غزة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القضیة الفلسطینیة

إقرأ أيضاً:

إعلام إسرائيلي: 80% من الشعب يريد إنهاء الحرب وإعادة الأسرى

تناولت وسائل إعلام إسرائيلية تعثر المفاوضات بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وسط تصاعد الضغوط الداخلية والدولية لدفع حكومة بنيامين نتنياهو (المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية) نحو إبرام صفقة لوقف إطلاق النار، وإعادة المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة، في ظل اتساع الفجوة بين الطروحات المقدمة من الطرفين.

وحذّر محللون من أن رئيس الحكومة الإسرائيلية يواجه خيارين لا ثالث لهما، إما المضي في الحرب من دون أفق زمني واضح، أو الدخول في اتفاق يعيد الأسرى المحتجزين، مؤكدين أن غالبية الإسرائيليين يؤيدون إنهاء الحرب من أجل هذه الغاية.

وقال خبير السياسات والإستراتيجية في جامعة رايخمان الدكتور شاي هار تسفي للقناة 13 الإسرائيلية إن عدد الاسرى الإسرائيليين في غزة يبلغ 58 شخصا، محذّرا من أن إسرائيل لا تملك ترف الانتظار لشهور إضافية، لأن ذلك لن يغير موقف حماس.

وأضاف هار تسفي أن "استعادة الأسرى يجب أن تكون أولوية قصوى"، واصفا ذلك بأنه "واجب إنساني وقومي وأخلاقي"، مشددا على ضرورة التوصل إلى صفقة شاملة عاجلة من دون تأخير.

من جانبه، اعتبر المدرب السابق في جهاز الشاباك دفير كاريف، في مقابلة مع القناة ذاتها، أن الحكومة الإسرائيلية تقف أمام مفترق طرق، قائلا: "إما أن نستعيد المخطوفين أو نحافظ على الحكومة، وعلى نتنياهو أن يقرر".

إعلان معركة بلا نهاية

وتابع كاريف متسائلا "هل تريد يا نتنياهو انتصارا مطلقا وجميلا أم أنك تفضل البقاء في هذه المعركة إلى ما لا نهاية؟"، واستحضر المناسبة الدينية وقال: "نحن في عيد الأسابيع، عيد الوحدة، والشعب موحد بنسبة 80% على ضرورة إنهاء الحرب واستعادة المخطوفين".

وفي السياق ذاته، كشفت القناة 11 الإسرائيلية عن تطورات في الاتصالات السياسية، حيث نقل رئيس قسم الشؤون العربية في القناة روعي كايس أن رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني التقى قيادة حماس في الدوحة خلال الساعات الـ24 الماضية.

وأشار كايس إلى أن اللقاء جرى في إطار "محاولة لجسر الفجوة" بين المقترح الإسرائيلي الذي قدمه الوسيط ستيف ويتكوف، ورد حماس الذي وصفه بـ"المليء بالملاحظات"، مؤكدا أن الحركة الفلسطينية أبدت استعدادا للدخول في مفاوضات غير مباشرة فورية لتقريب وجهات النظر.

ورغم هذا، تساءل كايس عما إذا كان هذا التقدم كافيا لحدوث اختراق حقيقي في المفاوضات، مشيرا إلى استمرار التباعد بين مواقف الطرفين رغم الضغوط المتزايدة على حماس وإسرائيل معا.

وأعاد كاريف، في تصريح لاحق للقناة 13، تسليط الضوء على أهمية التوقيت في اتخاذ القرار، موضحا أن تاريخ 16 يونيو/حزيران يحمل رمزية خاصة، إذ يُعقد في ذلك اليوم حفل زفاف نجل نتنياهو، أفنير، وهو حدث لا يرغب رئيس الحكومة في تشويهه بأي تطور أمني سلبي.

زفاف نجل نتنياهو

وأوضح أن إمكانية استهداف الحوثيين للحدث لا تزال قائمة، قائلا إن "إسرائيل لا تحتمل صور سقوط صاروخ في أثناء الحفل، حيث ينبطح مئات الحضور على الأرض، بينما نتنياهو يستقبل التهاني".

وأشار كاريف إلى عامل آخر يتمثل في الحسابات السياسية الأميركية، إذ قال إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يسعى بشدة للحصول على جائزة نوبل للسلام، التي تُمنح مطلع أكتوبر/تشرين الأول، وهو ما يدفعه إلى تشجيع التوصل إلى صفقة تمتد لـ60 يوما.

إعلان

وذكر أن "صفقة من هذا النوع تنتهي منتصف أغسطس/آب، وهو ما يمنح ترامب فرصة طرحها كإنجاز سياسي يعزز ترشيحه للجائزة"، مضيفا أن "الدفع باتجاه التهدئة في غزة قد يرتبط أيضا بمساعيه للتوصل لاتفاق مع إيران في الإطار ذاته".

وفي تفاعل ضمني مع هذه القراءة، قال مذيع القناة 13 لكاريف بعد عرض تسلسله الزمني والتقديرات المرتبطة به: "لقد أقنعتني.. أنا أتقبل ذلك"، في إشارة إلى ترابط المعطيات وتلاقي المصالح السياسية والشخصية التي قد تحرّك عجلة المفاوضات.

وختم كاريف بالقول إن الأسبوعين أو الثلاثة المقبلة -وتحديدا حتى 16 يونيو/حزيران- تمثل نافذة زمنية حرجة لكلا الطرفين، مشيرا إلى أن لدى ترامب ونتنياهو دوافع واضحة لتسريع إنجاز الصفقة، كلٌّ لأسبابه الخاصة.

مقالات مشابهة

  • “حماس” تحذر من خطورة الوضع الكارثي للأسرى في سجون العدو الاسرائيلي
  • حماس تحذّر من خطورة الوضع الكارثي لـ الأسرى داخل سجون الاحتلال
  • إعلام عبري: 80% من الشعب يريد إنهاء الحرب وإعادة الأسرى
  • إعلام إسرائيلي: 80% من الشعب يريد إنهاء الحرب وإعادة الأسرى
  • الحرب تُطيل عُمر نتنياهو
  • رئيس المخابرات التركية يناقش مع حماس مقترحات الهدنة وتبادل الأسرى
  • مصادر: رد حماس على مقترح ويتكوف كان إيجابياً وهذه التعديلات التي تطلبها الحركة
  • والد أسير إسرائيلي يطالب ترامب بإجبار نتنياهو على إنهاء الحرب
  • عائلات أسرى الاحتلال بغزة: نطالب ترامب بمنع نتنياهو من تعطيل الاتفاق
  • قيادي بحماس: مرونة المقاومة عالية لكن نتنياهو يراوغ ويفاوض فقط على ملف الأسرى