فى أحد صباحات الجمعة الهادئة، وتحديداً عام 1990، التقى المهندس الزراعى بمدرب كرة القدم ومهندس البترول والطبيب، على إحدى طاولات النادى بعد الانتهاء من التمرين داخل صالة الألعاب الرياضية صدفة، دار حوار صغير بينهم لم يتجاوز فى مدته العشر دقائق، تحولت الصدفة إلى عِشرة عمر وذكريات بينهم لا تسع الساعات لسردها.

رغم اختلاف تخصّصاتهم العملية اتسعت «شلة الصحاب» بعد تكرار اللقاءات الأسبوعية بينهم خلال ممارسة التمارين الرياضية، ويحكى المهندس محمود جواد، مهندس بترول بالمعاش، لـ«الوطن»، عن بداية التعارُف وأن اللقاء بينهم لم يكن ثابتاً، ولكن بمرور السنوات، خاصة بعد تفرغهم وبلوغهم سن المعاش، أصبح لهم موعد ثابت للقاء، حيث وجدوا فى تلك اللقاءات متنفساً لهم بعيداً عن ملل الوحدة والجلوس فى البيت.

لم يكن هناك شىء يشغل بالهم فى شبابهم أكثر من الحياة ما بعد سن الستين، كل منهم ظل مهموماً بحياته بعد التقاعد حتى كافأهم القدر بلقاء ثابت على طاولة النادى: «زمان كنا مشغولين فى أشغالنا يادوب نتقابل مرة فى الأسبوع، دلوقتى إحنا بنتقابل 3 مرات فى الأسبوع».

موضوعات نقاشية تمتد لساعات بينهم، دون سابق تخطيط منهم، تتنوع ما بين المشاركة فى إيجاد حل لمشكلة ما تواجه أحدهم، أو نقاشات عامة حول أمور البلد، أو حتى مساعدة فى مشكلة ما تواجه أحد أبنائهم: «بمرور الوقت والعِشرة بقت أسرارنا كلها مع بعض» حتى اتسعت الشلة وبلغ عدد أفرادها عشرين رجلاً فوق عمر الستين عاماً.

الحياة بعد سن الستين تختلف ملامحها تماماً عن الحياة اليومية فى أوقات الخدمة المهنية، كان لكل منهم وظيفة ومهام مختلفة تتطلب منه الوجود فى عمله بالساعات، ولكن يروى المهندس جواد عن أوجه الاختلاف: «دلوقتى بنتقابل نلعب رياضة، وأوقات بنجيب زوجاتنا نتغدا مع بعض فى أيام ثابتة فى الأسبوع، قدرنا نخلق لنفسنا حياة جديدة».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الأصدقاء سن الستين ممارسة التمارين الرياضة

إقرأ أيضاً:

سعد المواسم: لن تنالوا منهم حتى تُقصفوا الشمس أو تشربوا النيل!

سعد المواسم: لن تنالوا منهم حتى تُقصفوا الشمس أو تشربوا النيل!
قلنا يا سعد المواسم
عودك المليان جسارة
عودك الفجر المصادم
بالبصيرات والبصارى
مستحيل يرضخ “يساوم”
مهما كان الريح حصارًا
يفضل النخل البقاوم
في السقوط نخل الفقارى
“محمد الحسن سالم حميد”
مذ أن كتب الله للنيل أن يشق أخدوده في راسخ إفريقيا، قاطعًا بنصله المتدفق الدرع العربي النوبي، تقبع في أسفله مستحاثات المقاومة، لمجتمعات أقدم في وجودها من رمال وقباب ملح، لم يكن حظها في هذا العالم إلا التبعية الخبيثة.

تَلثم في الصباح نخلات هرمة دروب العابرين في سلم الخلق، من خطوا بخيولهم درب الباشا الكبير الذي يوصل ديار المقاتلين والمقاتلات بطرق التجارة القديمة التي تنقل خراج الأرض إلى السوق العالمي، حينها لم يكن الرجل الأبيض قد فكر في استرقاق المحيط أو غزو السافانا.
بعد آلاف الأعوام، وبمجهودات كضفائر البنات اللائي يخترقن رمضاء الخيران من أجل تعليم يرفعن به أعمدة البيت ليكون مَروقًا، وسواعد الآباء الذين انحنتهم ظهورهم وهم يغرسون فيهن قيمة الحياة.

لم تكن حرب الرابع عشر من عقود هذه الأرض إلا دالة على تحولات السوق العالمية التي تتوسع أطماعها كلما تطورت رأسماليتها، في مشهد يشبه سرطان الرئة، لربما كان سؤال الترابلة مفتوحًا لرأس الدويلة: “اشمعنى نحن وليش؟” أو حتى لتتار العصر: “لو كنت أنت أنا؟” في سؤال الضحية والجلاد.
لربما لم تكن أدوات الصراع هذه قد قُدّمت في مدرجات المعاهد، ما بين قمصان الكتان وتنانير البنات الأكاديميات اللائي تفوح منهن البرافانات المستوردة، وتعكس قصاصات الشعر الأفرنجية إضاءة المسرح. ولكن من يفلح الأرض ويتدثر “بعِرَاقي الدمورية” يكتفي من أرضه، يحمد ربه على شروق الشمس وجريان النيل، لا بد أن تكون القضية “واقعة ليهو”، مثل ما يقوم “بتوقيع الأرض” لينبت البرسيم، هنيئًا تأكله خرافه، لا يسأل البحر عن سلاسل الإمداد.

جاءت الخديوية على بوارج البخار، ومن ثم الإنجليز على ظهور القطارات التي تشق صحراء بيوضة من أجل حكم السودان الإنجليزي، ظهرت المقاومة “بالبصارة والبصيرة”، لا يريدون سوى أن يمتلكوا خراج أرضهم.

بالرغم من توسع السوق، وتطورات أودية السليكون في فنون استغلالها، واستجلاب التبعية من خلال الوقود الذي يحكم العالم والطاقة التي تجبر الشعوب على الركوع، ظهرت في هذه الرواسخ طين المقاومة، وصلصال العزة.

قصف البرابرة الجدد، وبؤر الاستتباع محطات الطاقة والوقود في محاولة من أجل تجويع الأهل، خصوصًا وأن موسم القمح قد كان في أوجه، وخراج الأرض من الفول والخضروات في قمته، رأيتُ كيف تموت السنابل، تجف زهرة البرسيم لتكون دلالة الفاقة والفقر.

لم يلبث شهر أو اثنين إلا وقف النخل من جديد شاهدًا على البصارى، حيث نهض الترابلة لثورة الشمس، قاموا بتحميل الألواح على جذوع النخل وصخور الرفعة ليضخوا ماء القوة في رحم الأرض لتبت لهم قوت عزتهم، لربما لم تشاهد “بت عجاج” كيف ينقذ لوح شمسي مدرسة أو شفخانة، أو ينير لأمونة بت الشيخ حمد دفاترها التي تحملها على حين غفلة من الزمن إلى مدرستها التي شيدت بسواعد الرجال الذين ينبتون مثل حقول البرتقال، خُضر لا تهين الريح أنوفهم، يعرفون الله ويعرفهم من فوق سماءه، إذا ما دعوه استجاب لهم.

هؤلاء الذين يحاربهم الشيطان رفيق الرأسمالية المتوحشة التي تهلك النسل والغرس، تريدهم أقنانًا في حقول السليكون، لن تنال منهم مسيرات أو غيرها، فأمام هذه البصيرة إما أن تشربوا النيل أو تقصفوا الشمس.

حسان الناصر

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • سعد المواسم: لن تنالوا منهم حتى تُقصفوا الشمس أو تشربوا النيل!
  • الدونيون وإفرازات رواسبهم الدونية
  • أذكار المساء كاملة كما قالها النبي.. ثواب كبير مع بداية الليل
  • حين هزم برشلونة غريمه ريال مدريد 4 مرات في موسم واحد
  • أذكار الصباح اليوم الأحد 11 مايو 2025
  • موسكو: قوات أوكرانيا حاولت اقتحام الحدود 4 مرات
  • محمود الونش: أزمات الزمالك تهد جبل
  • جائزة حاز عليها 3 مرات.. أرقام محمد صلاح تحكي الانجاز
  • أذكار الصباح اليوم السبت 10 مايو 2025
  • أمسينا وأمسى الملك لله.. أذكار المساء كما قالها النبي | اغتنم فضلها