أفادت تقارير في الصحافة الإسرائيلية -الثلاثاء- أن إسرائيل والولايات المتحدة تدرسان تشكيل قوة عمليات خاصة في البحر الأحمر، ردا على الهجمات التي تشنها جماعة الحوثي اليمنية على السفن الإسرائيلية.

 وحسب هذه التقارير فإن تل أبيب توجهت لدول بينها بريطانيا واليابان لتشكيل قوة عمليات خاصة للعمل بالبحر الأحمر، مشيرة إلى أن الطلب الإسرائيلي جاء إثر هجوم الحوثيين ضد 3 سفن تجارية مرتبطة بإسرائيل ومدمرة أميركية.

وأوضحت أن القوة الخاصة التي تسعى إسرائيل لتشكيلها ستعمل بإطار تحالف متعدد الجنسيات في باب المندب.

وأمس الاثنين أعلن البيت الأبيض أن واشنطن ربما تشكل قوة عسكرية لمرافقة السفن التجارية في البحر الأحمر.

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إن واشنطن تناقش هذه الفكرة مع حلفائها، موضحا أنه لم يتم القيام بشيء على أرض الواقع حتى الحين.

وجاء في تصريحاته أن واشنطن تتحدث مع دول أخرى حول تشكيل قوة بحرية لتأمين الملاحة البحرية.


هجمات وتحذيرات

وكانت جماعة الحوثي اليمنية استهدفت مؤخرا سفنا إسرائيلية، وذلك للتضامن مع قطاع غزة الذي يتعرض منذ نحو شهرين لعدوان إسرائيلي مدمر أدى لاسشتهاد أزيد من 16 ألف مدني فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب تدمير مختلف المرافق الحيوية وتهجير السكان.

وفي 19 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، سيطر الحوثيون على السفينة الإسرائيلية غالاكسي ليدر، واقتادوها مع طاقمها إلى السواحل اليمنية.

وفي 25 من الشهر ذاته، هاجمت مسيّرة يمنية سفينة كلاندار المملوكة لشركة زيم الإسرائيلية. وقبل يومين قصفت مسيرة يمنية سفينتين إسرائيليتين في البحر الأحمر.

وقالت الجماعة في بيان إن "القوات المسلحة اليمنية مستمرة في منع السفن الإسرائيلية من الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن إلى أن يتوقف العدوان الإسرائيلي على أشقائنا الصامدين في غزة".

وقد أجبرت هذه العمليات السفن الإسرائيلية على سلوك مسارات الشحن الأكثر تكلفة حول أفريقيا.

وقالت خطوط الشحن الدولية إن هذه المسارات يمكن أن تضيف 18 يومًا إلى المدة الزمنية التي كانت تستغرقها السفن الإسرائيلية قبل هجمات الحوثيين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: السفن الإسرائیلیة فی البحر الأحمر

إقرأ أيضاً:

العمليات اليمنية لإسناد غزة (2-2) فعالية التكتيك، ودروس الإنجاز

استراتيجية اليمن البحرية – من الدفاع إلى الهجوم

أعلنت صنعاء بوضوح دعمها العسكري للمقاومة الفلسطينية من خلال منع السفن المرتبطة بالكيان من عبور البحر الأحمر، وهو ما أدى فعليًا إلى إغلاق ميناء أم الرشراس الإسرائيلي، وحرمان العدو الصهيوني من أحد منافذه البحرية الحيوية. هذه الخطوة لم تكن فقط رمزية، بل أحدثت آثارًا اقتصادية مباشرة على التجارة الإسرائيلية، وأسهمت في تحويل البحر الأحمر إلى ساحة مواجهة مفتوحة.
لم تكن تلك العمليات ضربات استعراضية، بل سلسلة هجمات دقيقة باستخدام صواريخ مضادة للسفن، وطائرات مسيّرة، وحتى قوارب انتحارية، في تكرار لتكتيكات الحروب غير المتماثلة التي أظهرت فعاليتها في المواجهة مع أساطيل بحرية مدججة.

 الاشتباك مع البحرية الأمريكية

عندما قررت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا وبعض الدول الأوروبية تشكيل تحالف بحري لمواجهة تهديدات اليمن، كانت تتوقع صراعًا خاطفًا ينتهي بإخماد "التمرد اليمني". غير أن ما حدث كان العكس تمامًا: دخلت واشنطن وحلفاؤها في أطول مواجهة بحرية غير تقليدية منذ الحرب العالمية الثانية تقريبًا، دامت أكثر من عام ونصف.
أطلقت القوات اليمنية سلسلة من العمليات النوعية ضد القطع البحرية الأمريكية، بل وتجرأت على مهاجمة حاملات طائرات أمريكية في البحر الأحمر، وهو ما لم يحدث منذ عقود. أظهر ذلك تحول اليمن إلى فاعل قادر على كسر هيبة القوة البحرية الأمريكية في واحدة من أهم نقاط التجارة العالمية.
وبينما حاولت الدول الأوروبية الظهور بمظهر الحليف القوي، فإن غالبية السفن الحربية الأوروبية انسحبت من البحر الأحمر خلال الأشهر الأولى من المواجهة، بعد أن تبين ضعف قدراتها الدفاعية في مواجهة الهجمات اليمنية. هذا الانسحاب لم يكن تكتيكيًا، بل كاشفًا لمدى هشاشة الجيوش الغربية أمام حرب غير تقليدية تدار من ساحل فقير، لكنه مليء بالإرادة والابتكار العسكري.

نقاط التحول الكبرى - هشاشة القوة الغربية

المعركة كشفت أن التفوق التكنولوجي لا يضمن النصر في الحروب الحديثة، خاصة حين تواجه قوى تمتلك الإرادة والتكتيك المناسب. تعرض السفن الغربية لهجمات متكررة دون ردع حاسم أبرز ضعف أنظمة الدفاع البحري الغربية أمام صواريخ دقيقة وطائرات مسيّرة فعالة.
ولم يكن حال القوات البحرية الأمريكية بأحسن من حال البحرية الأوروبية التي انخرطت في البحر الأحمر، مبتعدة مسافة عن البحرية الأمريكية وتحالف الازدهار، واختارت لنفسها أن تبقى في خطوة للخلف، تحت مسمى تحالف أسبيدس، لكن المعركة البحرية كشفت هشاشة تلك القوة أيضا، حيث انسحبت السفن الأوروبية واحدة تلو الأخرى، تحت ضغط النيران التي وصفها قائد الفرقاطة الفرنسية بأنها غير مسبوقة.
وقد تعرضت عدة سفن حربية أوروبية لهجمات مباشرة، ما كشف عن نقاط ضعف في القدرات الدفاعية لتلك السفن:
الفرقاطة الفرنسية "أكيتان": تعرضت لهجمات بطائرات مسيرة وصواريخ، ما أدى إلى انسحابها من المنطقة بعد تقييم التهديدات الأمنية، فأعلنت انسحابها بعد 71 يوما فقط، لأسباب تتعلق بنفاد الأسلحة والذخائر، وفقا لقائدها جيروم هنري، الذي أكد بدوره في مقابلة مع صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، أن البحرية الفرنسية لم تتعامل مع هذا المستوى من التسلح والعنف، مؤكدا أن التهديد الذي واجهوه في البحر الأحمر، أكبر بكثير.
الفرقاطة الدنماركية "إيفر هويتفيلد -وقد جاء انسحابها بعد فضيحة عملياتية خطيرة- فشلت في التصدي لهجوم بطائرات مسيرة يمنية، وتقول التقارير حينها، إن الأنظمة الدفاعية للسفينة تعطلت وانفجرت قذائفها الدفاعية مباشرة بعد إطلاقها؛ الأمر الذي شكِّل خطرًا على طاقهما، ودفع وزير الدفاع الدنماركي إلى إقالة رئيس الأركان في البلاد؛ لأَنَّه لم يبلِّغْ بهذا التعطل. 
السفينة البريطانية HMS Diamond، وهي مدمرة من طراز Type 45، عملت الى جانب البحرية الأمريكية خلال الفترة من ديسمبر 2023 حتى يوليو 2024، في إطار عملية "حارس الازدهار"، لكنها غادرت إلى جبل طارق لإجراء الصيانة، وإعادة التسليح، قبل أن تغادر نهائيا في يوليو 2024، تحت ضغط ماتسميه التقارير الغربية: "التحديات اللوجستية التي تواجه البحرية الغربية في مثل هذه البيئات عالية التهديد"، وهو تعبير واضح عن عدم قدرة هذه السفينة على مواجهة النيران اليمنية.
الفرقاطة الألمانية "هيسن": كانت ثاني سفينة تغادر البحر الأحمر، بعد تعرضها لهجمات مماثلة، ما أظهر تحديات كبيرة في مواجهة التهديدات غير التقليدية.
 وفي تعليقه عقب مغادرة السفينة الحربية البريطانية ريتشموند، ومن ثم السفينة الحربية الدنماركية إيفر هويتفيلدت، قال عضو المجلس السياسي الاعلى محمد علي الحوثي: “بعد انسحاب مدمرة (البيض) البريطانية ريتشموند من الأحمر تنسحب فرقاطة (الزبدة) الدنماركية إيفر هويتفيلدت أيضًا، لتبقى قصص البحر الأحمر شاهدةً على طغيان دول الاستكبار ضد غزة، ولتسطّر لقواتنا المسلحة اليمنية مواقف النصرة والمساندة في وجدان الأحرار بإذن الله بأحرف الإنجازات المشرقة”. 

 وقف إطلاق النار مع أمريكا وتحولات المكانة اليمنية

في تحول غير متوقع، أعلنت الولايات المتحدة وقف إطلاق النار مع اليمن في 2025، بعد أن فشلت كل محاولاتها في تحقيق الردع عسكريًا، ووسط تزايد الضغوط الداخلية لإنهاء الاستنزاف في البحر الأحمر، وإبعاد الولايات المتحدة عن التورط في حرب طويلة، هذا الإعلان لم يكن مجرد نهاية لمرحلة صراع، بل اعتراف ضمني بمكانة اليمن الجديدة بكونها قوة إقليمية بحرية فاعلة، قادرة على فرض شروطها في ملفات الأمن الإقليمي، وإعادة تعريف النفوذ في القرن الإفريقي وممرات الطاقة العالمية.
المفاوضات غير المباشرة التي سبقت وقف النار شهدت - بحسب تقارير متقاطعة - مطالب يمنية تضمنت تخفيف الحصار على اليمن، وضمانات لحرية الملاحة اليمنية، ورفع اسم أنصار الله من قوائم الإرهاب. هذا ما جعل من إعلان الهدنة انتصارًا دبلوماسيًا يعادل الانتصار العسكري.
وبعد ايام من إعلان ترامب وقف النار، وقف نائبه "جي دي فانس" أمام حفل تخرج دفعة بحرية، وأعلن صراحة عن انتهاء عصر الهيمنة الأمريكية، على خلفية المعركة البحرية مع القوات المسحلة اليمنية.
في تعليقها على ذلك قالت صحيفة ذا هيل الأمريكية إن وقف النار بين اليمن والولايات المتحدة يُنظر إليه على نطاق أوسع، ليس سلامًا بقدر ما هو إرهاق في البحرية الأمريكية، وأن أكثر من مليار دولار غرقت في الرمال دون أي مكسب استراتيجي ملموس، مضيفة أن ترامب، المُروّج الدائم لشعار "أمريكا أولاً"، قد أدرك أن عوائد الاستثمار العسكري في اليمن معدومة. وأكدت أن الحملة الأمريكية لم تفشل في تحييد "الحوثيين" فحسب، بل ربما عززت مكانتهم إقليميًا ورمزيًا. 

تعاظم القوة اليمنية - من الحصار إلى الهيبة

استطاعت اليمن، رغم الحصار والحرب العدوانية، منذ العام 2015،  أن تطور قدرات بحرية نوعية قائمة على الاستشعار الإلكتروني، الحرب السيبرانية، والضربات الدقيقة الموجهة. هذه القدرات حولت اليمن من "دولة منهكة" إلى "قوة مؤثرة" في أمن الممرات المائية الدولية.
اليمن التي كانت محاصرة قبل عقد، أصبحت الآن طرفًا يُحسب له ألف حساب في البحر الأحمر، وورقة أساسية في معادلات الأمن البحري العالمي. ومن خلال دعمها لغزة عبر الضغط العسكري البحري، لم تحقق فقط نصرة رمزية، بل غيّرت شكل الجغرافيا السياسية للمنطقة.
نجاح اليمن في فرض تحديات حقيقية على القوى البحرية الغربية أدى إلى تعزيز مكانتها الإقليمية حيث أصبحت اليمن لاعبًا مؤثرًا في أمن الملاحة الدولية. وساهمت في رسم التحالفات وتشكيلها في المنطقة، حيث أضعف الإسهام اليمني الفاعل في إسناد غزة من قدرات الولايات المتحدة في بناء تحالف يضم دولا في المنطقة، كالسعودية والإمارت ومصر، التي رفضت الانخراط في تحالف الازدهار، كما أن الدول الأوروبية هي الأخرى اختارت لنفسها أن تتموضع بعيدا عن التحالف العدواني الأمريكي البريطاني، وذهبت لتشكيل تحالف خاص، مفضلة عدم الانخراط بشكل أكثر عدائية، وبمجرد أن كانت سفنها تشتبك مع القوات اليمنية، كانت تشعر بالخطر، وتفضل سحب تلك السفن، حتى أصبح البحر الأحمر خاليا من أي تواجد عسكري أوروبي.
وبالمحصلة فإن العمليات التي بدأت كتضامن مع فلسطين، أسفرت مرة بعد أخرى، عن اعتراف عالمي بمكانة اليمن كقوة بحرية ناشئة. لم تعد صنعاء في الهامش، بل على طاولة التفاوض، بشروطها.

مقالات مشابهة

  • بقيمة 190 مليون جنيه.. القوات البحرية تحبط تهريب مخدرات بالبحر الأحمر
  • حاملة الطائرات الأمريكية تعود إلى قاعدتها بعد معارك شرسة ضد الحوثيين في البحر الأحمر
  • تنفيذاً لتعليمات مشددة.. حملة موسعة ترصد مخالفات جسيمة بعدد من المحال والمطاعم بالغردقة
  • الحوثي: سمحنا بمرور حاملة طائرات بريطانية بالبحر الأحمر
  • بعد أخذ الإذن منهم.. أنصار الله الحوثيون يسمحون بمرور حاملة طائرات بريطانية بالبحر الأحمر
  • العمليات اليمنية لإسناد غزة (2-2) فعالية التكتيك، ودروس الإنجاز
  • حميد الأحمر يدعو للتحقيق في تمكين الحوثيين من طائرات اليمنية ومحاسبة المتورطين
  • "أسبيدس": فرقاطة فرنسية تستكمل مهمة جديدة ضمن عملية حماية الملاحة في البحر الأحمر
  • صحيفة بريطانية: الضربات اليمنية أجبرت واشنطن ولندن على الانسحاب وترك “إسرائيل” تواجه مصيرها منفردة
  • لجنة بيئية تتفقد المجازر وشوادر الأضاحي استعدادًا لعيد الأضحى بالبحر الأحمر