مسؤول أممي لـ«الاتحاد»: التغير المناخي أزمة إنسانية.. و«COP28» تفرد بـ«الإغاثة والسلام»
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
وائل بدران (أبوظبي)
أخبار ذات صلةقال جيرنوت لاغاندا، مدير برنامج «الغذاء العالمي» التابع للأمم المتحدة لشؤون المناخ وخفض المخاطر في حالات الكوارث، إن تأثيرات التغيرات المناخية تضاعف أعداد الأشخاص الذين يعانون من الجوع حول العالم، لاسيما بسبب حالات الجفاف، والفيضانات والعواصف، محذراً من تفاقم الاحتياجات الإنسانية في المستقبل.
وأوضح أن هذه تمثل مشكلة كبيرة، لأن هناك بالفعل كثيراً من الناس يعيشون في مخاطر جمة بسبب الصراعات وحالات الطقس المتطرفة، والصدمات الاقتصادية، ممن ينبغي علينا تقديم الدعم لهم.
وأضاف لاغاندا، في حوار خاص مع «الاتحاد»: نؤكد في مؤتمر الأطراف أن التغير المناخي أزمة إنسانية لم تحدث من قبل، و«COP28» تفرد بإعلان «المناخ والإغاثة والسلام»، وأشاد بأن رئاسة الإمارات لـ «COP28» جعلت من العمل المناخي في السياقات الهشة أولوية، مؤكداً على دعم برنامج الغذاء العالمي لهذه الجهود. وقال: نأمل أنه من خلال هذا الإعلان، أن يكون لدينا استثمارات أقوى في التمويل المناخي، لاسيما في المناطق الهشة. وذكر أن «COP28» بدأ بالفعل بتطور إيجابي جداً، وهو التعهدات الخاصة بـ«صندوق الخسائر والأضرار»، موضحاً أن العديد من البلدان، وفي مقدمتها دولة الإمارات، أعلنت عن تقديم تمويل لهذا الصندوق.
وأضاف: «أعتقد أن هذه خطوة مهمة جداً لأننا نحن الآن، في «COP28» ، وهذا يعني أنه مضت 28 عاماً من المحادثات حول التغير المناخي، ولكن منحنى درجة الحرارة يتصاعد، والظواهر المناخية المتطرفة تتكرر، وكانت استثمارات التكيف غير كافية ومتأخرة جداً».
ولفت إلى أن العالم الآن على بعد موسم واحد من مواجهة أزمة غذائية، وهو ما يجعل من صندوق الخسائر والأضرار الذي تم الاتفاق على تفعيله هنا في الإمارات نقطة انطلاق للتأكد من أن هذه المجتمعات قادرة على التعامل مع هذه الظواهر المناخية.
وأعرب لاغاندا عن أمله في تجديد تمويل صندوق الخسائر والأضرار بصورة منتظمة، لأن الاحتياجات اللازمة على الصعيد العالمي هائلة جداً، ولابد من التعاون العالمي، قائلاً: إن كل الحكومات المشاركة في «COP28» لديها استراتيجيات مناخية وطموحات وطنية، ولذلك نحن نتفاعل مع الحكومات لمحاولة معرفة كيف يمكننا دعمهم لتحقيق هذه الطموحات، فالعديد من الحكومات ترى، على سبيل المثال، صلة بين أزمة المناخ وأنظمتها الغذائية، لذلك، هناك بلدان تمتلك أنظمة زراعية ضعيفة جداً، خاصة في أفريقيا. وأضاف: «العديد من البلدان الأفريقية تعتمد على الزراعة كجزء كبير من اقتصادها، نحو 30% إلى 40% من الناتج المحلي الإجمالي يعتمد على الزراعة، وهي نشاط حساس للغاية تجاه التغير المناخي». وتابع: «لذلك يحاولون تنويع الزراعة واستخدام أصناف محاصيل مقاومة للجفاف أكثر، والعمل مع آليات التأمين للمزارعين الصغار، وتوفير معلومات جوية أفضل للمزارعين الصغار حتى يعرفوا متى يزرعون وماذا يزرعون وأين يزرعون».
ونوّه إلى أن منظمة الغذاء العالمي تدعم هذه المبادرات، فهي وسيلة لتقليل احتياجات الإغاثة في المستقبل، لأنه عندما يكون الناس مستعدين بشكل أفضل، وعندما يكون هناك مزيد من المرونة في الزراعة، يعني ذلك أن هناك انهيارات أقل في نظم الغذاء في حالات الكوارث، وأن هناك أقل عدد من الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة الخارجية.
وحول تأثير التغير المناخي المباشر على الأشخاص في الدول الهشة، أوضح أنه كلما ارتفعت درجة الحرارة على سبيل المثال، زادت الخسائر في الإنتاج الزراعي، بدءاً من تضرر المحاصيل إلى عدم القدرة على الوصول إلى الأسواق بفعل الفيضانات والعواصف.
وقال في النهاية: هناك مسألة الاستهلاك، فالناس لا يحتاجون فقط إلى شراء المنتجات، بل يحتاجون أيضاً إلى الطهي، ونحن، في منظمة الغذاء العالمي، نريد التأكد من أن عندما يقوم الناس بإعداد طعامهم، يمكن أن يتم ذلك أيضاً باستخدام حلول طهي لا تؤثر سلباً على البيئة.
ونوّه إلى أنه في العام الماضي، تسببت الظواهر المناخية المتطرفة في دفع 57 مليون شخص إلى أزمات غذائية أو انعدام الأمن الغذائي الحاد، ومعظم هؤلاء الأشخاص في الدول الأفريقية، وقد شهدنا ظواهر مناخية غير مسبوقة هناك.
وأوضح لاغاندا أن العام الجاري شهد ارتفاع درجات الحرارة إلى مستوى قياسي، حيث كان العام الأكثر حرارة على الإطلاق، وأنماط هذه الظواهر المناخية تتغير.
وفي وقت مبكر جداً هذا العام، على سبيل المثال، كان هناك إعصار فريدي في مدغشقر، وعادةً، يصل إعصار إلى اليابسة ويصبح أبطأ ثم يضمحل، لكن هذا الإعصار وصل إلى مدغشقر، ثم انتقل إلى موزمبيق، وثم انعكس إلى المحيط، واستمد طاقة جديدة ثم وصل إلى موزمبيق مرة أخرى وانتقل إلى مالاوي، لذلك هو أطول إعصار تم تسجيله على الإطلاق في أفريقيا بأطول فترة من النشاط فوق اليابسة. وذكر أن هذه الأنواع من الظواهر المناخية يتعرض لها المزارعون الصغار الآن، وليسوا مستعدين لذلك. وتوقع زيادة عدد الأشخاص الذين يتعرضون لمستويات من انعدام الأمن الغذائي الحاد، لأننا مرة أخرى نواجه ظاهرة «النينيو» التي تُسبب الجفاف في جنوب أفريقيا وفيضانات في القرن الأفريقي. وتابع: ليس في أفريقيا فحسب، ولكن أيضاً في أميركا اللاتينية، خصوصاً نيكاراجوا وغواتيمالا والسلفادور وهندوراس، فهذه المناطق تعاني الجفاف بشكل كبير الآن. ولفت إلى أن منظمة الغذاء العالمي تعمل على زرع الأشجار على الشواطئ أو تدريج المنحدرات أو بناء خزانات مجتمعية حتى يتمكن الناس من تخزين المياه للماشية في حالات الجفاف.
كما تعمل المنظمة، بحسب غورنيت، على وضع نظم التنبؤ والتحذير المبكر حتى يكون الناس على علم بما إذا كانوا في مأمن أم لا، نحاول دمج هذا التحذير المبكر مع وسائل لدعم الأشخاص والاستعداد للتأثير.
وقال: على سبيل المثال، بدلاً من الانتظار حتى تضرب الكارثة ومن ثم تقديم المساعدة الإنسانية، نحاول بالفعل إجراء تحويلات نقدية صغيرة مبنية على التنبؤ، لذا قبل 4 أيام من التأثر الأشخاص بالكارثة، قد يحصلون على تحويل نقدي بقيمة 50 أو 60 دولاراً، وبهذا يمكنهم شراء مخزون من الطعام وتأمين منازلهم، ويمكنهم إجلاء الماشية أو أفراد الأسرة الضعفاء.
وحذر من أن المساعدات الإنسانية تكلف الكثير من الأموال، فقد تكون وسيلة مكلفة جداً لإدارة مخاطر المناخ، ولا بد من الاستثمار أكثر قبل أن يتعرض الناس للمخاطر لأن كل دولار واحد يجري استثماره في تقليل مخاطر الكوارث، والوقاية، يوفر أضعافاً مضاعفة من الإغاثة بعد وقوع الكارثة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإمارات كوب 28 التغير المناخي المناخ تغير المناخ مؤتمر المناخ العالمي الظواهر المناخیة على سبیل المثال التغیر المناخی الغذاء العالمی أن هذه إلى أن
إقرأ أيضاً:
رغم الانتهاكات ونهب المساعدات.. الغذاء العالمي يعود للعمل تحت عباءة الحوثي
بشكل مفاجئ وفي خطوة أثارت الكثير من التساؤلات والجدل، أعلن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة عن استعداده لاستئناف أنشطته في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، بعد أشهر من التوقف جراء انتهاكات متكررة تعرضت لها برامجه من قبل الجماعة، بما في ذلك أعمال نهب وعرقلة متعمدة لعمليات الإغاثة.
وجاء إعلان العودة، بحسب وكالة "سبأ" بنسختها التابعة للحوثيين، على لسان القيادي الحوثي جمال عامر، المعين وزيراً للخارجية في حكومة الجماعة غير المعترف بها دولياً، حيث أفادت الوكالة أن عامر تسلم إشعاراً رسمياً من القائم بأعمال الممثل المقيم لبرنامج الأغذية العالمي، باي ثابا، يؤكد على "التحضير لاستئناف البرنامج صرف الدورة الثانية من المساعدات الغذائية الطارئة".
الخطوة الأممية أثارت دهشة المراقبين والناشطين في الشأن الإنساني، خاصة أن برنامج الغذاء العالمي نفسه سبق وأن اتهم الحوثيين بشكل مباشر بـ"سرقة الطعام من أفواه الجائعين"، في حين وثّقت تقارير دولية انتهاكات واسعة النطاق ارتكبتها الجماعة ضد البرنامج والعاملين فيه، من ضمنها نهب مخازن المساعدات، كما حدث في محافظة صعدة خلال مارس 2025. وإيضا مقتل أحد موظفي البرنامج أثناء فترة احتجازه داخل سجن في صعدة مطلع فبراير من ذات العام.
وأفادت مصادر إغاثية عاملة في صنعاء لـ "نيوزيمن" إن عودة برنامج الغذاء العالمي للعمل في مناطق سيطرة الحوثيين تمثل خطوة مثيرة للقلق، كونها تأتي دون أي ضمانات حقيقية لوقف الانتهاكات، أو توفير بيئة آمنة وشفافة لتوزيع المساعدات.وتؤكد المصادر أن القرار سيظل "مختطفاً" من قبل الجماعة، التي تعمل على توظيف المساعدات لصالح أجنداتها العسكرية والسياسية، من خلال حصر توزيعها على الموالين لها، أو استخدامها كأداة للابتزاز المجتمعي وإجبار الأسر على تقديم أطفالها للقتال، في انتهاك صارخ للقوانين الدولية والإنسانية.
ويرى مراقبون أن هذا التطور يعكس ما وصفوه بـ"ازدواجية المعايير" في تعامل المنظمات الأممية مع جماعة الحوثي، خصوصاً أن إعادة تفعيل الأنشطة الإغاثية جاءت دون معالجة الملفات الشائكة السابقة أو إعلان آليات رقابة جديدة تضمن عدم تكرار عمليات النهب أو التلاعب بالمساعدات.
ومطلع يونيو الماضي قد شهد تطورًا لافتًا في مسار العلاقة بين برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة وجماعة الحوثي، إذ وافق البرنامج على تبني اشتراطات الجماعة المتعلقة بآلية إدخال المساعدات الإنسانية إلى مناطق سيطرتهم. وبحسب وثائق وبيانات رسمية، فقد وافق البرنامج الأممي على اعتماد سلطنة عُمان كممر وحيد لدخول المساعدات، بدلاً من موانئ ومنافذ الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، وهو ما أثار انتقادات واسعة من منظمات وناشطين اعتبروا الخطوة "خضوعًا لضغوط الحوثيين".
وكانت جماعة الحوثي قد رفضت بشكل قاطع إدخال المساعدات عبر موانئ الشرعية، مشترطة أن تمر كافة الشحنات الإنسانية عبر سلطنة عُمان، حيث تنشط عدد من الشركات التجارية التابعة للقيادي الحوثي محمد عبدالسلام فليته، رئيس وفد الجماعة المفاوض. ووفقًا لبيان حديث صادر عن البرنامج، فقد أبلغت الجماعة المنظمات الإنسانية أنها "تسمح" بمرور المساعدات إلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، لكن بشرط أن يكون مصدرها سلطنة عُمان فقط.
وتبنّى برنامج الغذاء العالمي هذه الشروط، وعممها على جميع شركائه الإنسانيين، داعيًا إلى أخذ هذا التوجيه "في الاعتبار" عند وضع خطط الطوارئ، وذلك لحين استئناف حركة الشحن إلى ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين.
وأشار البرنامج إلى أن نشاط الميناء ما يزال متوقفًا بسبب أضرار جسيمة لحقت به إثر غارات جوية منتصف مايو الماضي، متوقعًا استئناف العمل فيه بحلول يوليو المقبل. غير أن الحوثيين يصرون على أن تكون شحنات المساعدات القادمة إلى مناطقهم عبر المسار العماني فقط.