فن الدبلوماسية وبروتوكولات الزيارات الرسمية «المحلية والدولية».. زيارة دولة
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
اتفاقيَّة فيينا للعلاقات الدوليَّة عام 1961م هي اتفاقيَّة دوليَّة أوضحت الإجراءات والضوابط الخاصَّة بالعمل الدبلوماسي بَيْنَ الدوَل وفيها أبواب ومفردات ومفاهيم كثيرة مِنْها الحقوق والواجبات الخاصَّة بحصانة البعثات الدبلوماسيَّة كالمباني أو مقار أو سكن، بالإضافة إلى موظفي البعثة من حمَلة الجواز الدبلوماسي.
بروتوكول (الزِّيارات المحليَّة) يفرق كثير عن بروتوكول وإتيكيت الزِّيارات الدوليَّة أو الأجنبيَّة.
البروتوكول المحلِّي في الزِّيارة ومِنْها (الاستقبال والتوديع وهدف الهدف) يقصد فيه استقبال كبار الشخصيَّات ضِمْن البلد الواحد كزيارة وزير إلى وزير آخر أو يزور ويتفقَّد فروع وزارته، أو بروتوكول زيارة محافظ إلى ولايات ومُدُن الَّتي تقع تحت مظلَّته القانونيَّة، وغيرها من الأمثلة والَّتي تختصر بالعُرف الدبلوماسي (زيارة عائليَّة Family Visit) وهي لا تحتاج إلى بروتوكول مِثل فرش السجادة الحمراء أو توقيع اتفاقيَّات أو جدولة الزِّيارة ووقتها قصير ومحدَّد حتَّى وإن كانت من هرم الدَّولة الَّذي قَدْ يزور قاعدة عسكريَّة أو وزارة معيَّنة فوقتها لا يتجاوز ثلاث ساعات، بالإضافة إلى هدفها الَّذي يكُونُ الاطِّلاع والاستطلاع والوقوف على الإيجابيَّات والسلبيَّات والتَّوجيه المستقبلي، وقَدْ تكُونُ هناك عقوبات في حال المقصِّرين عن ممارسة العمل والمنصب، وبروتوكول الزِّيارة المحلِّيَّة قَدْ تكُونُ فرديَّة فقط، ولا تزيد عن شخصين بموعد معلوم أو زيارة مفاجئة.
واليوم سوف نتطرَّق إلى بروتوكول الزِّيارات الخارجيَّة على مختلف مسمَّياتها وإن كانت كثيرة، ولكن سوف نشرح بعض النقاط المشتركة المُهمَّة؛ لأنَّها قَدْ تحمل رسائل مبطَّنة سلبيَّة المعنى أو إيجابيَّة الهدف، وذلك من خلال الاستقبال البَهي والرائع والمهيب والشَّعبي والَّذي يعكس مدى عُمق العلاقة والرغبة في تطويرها مع الطرف الآخر والَّذين يكنُّون له كُلَّ الاحترام والتقدير والمَحبَّة، عكس إذا كان الاستقبال روتينيًّا ويفتقد إلى أبسط مفردات إتيكيت وبروتوكول الزِّيارة. بروتوكول الزِّيارة فيه عدَّة أنواع تبدأ من (زيارة دَولة، زيارة رسميَّة، زيارة خاصَّة، زيارة أخويَّة، زيارة سِريَّة، زيارة خاطفة) والعُرف الدبلوماسي السَّائد هو التحضير والإعداد لنَوْع الزيارة قَبل فترة معلومة، وخصوصًا زيارة دَولة أو الزِّيارات الأخرى.
ونتكلم اليوم عن بروتوكول وإتيكيت (زيارة دَولة):
تُعدُّ هي الأعلى مستوى بَيْنَ أنواع الزِّيارات الرسميَّة الَّتي تتمُّ بَيْنَ قادة الدوَل من ملوك وسلاطين وأُمراء ورؤساء دوَل وحكومات، ولها مراسمها الخاصَّة وبرامجها المميَّزة، إذ تُعدُّ أهمَّ البروتوكولات الدوليَّة في مجال العلاقات الدبلوماسيَّة والاقتصاديَّة والأمنيَّة والأكاديميَّة.. وغيرها.
وتبدأ (زيارة دَولة) بدعوة رسميَّة من رئيس الدَّولة المُضيفة لنظيره رئيس الدَّولة الزائر، فيكُونُ فيها ضيفه شخصيًّا ويسكن في أحد قصور إقامته الرسميَّة حتَّى نهاية الزيارة، وهي تقام لأيِّ رئيس من نَفْس الدَّولة مرَّة واحدة أثناء مدَّة حكمه. ويتضمن بروتوكول زيارة دَولة إقامة مراسم الترحيب في أبهى ما يكُونُ والَّتي تبدأ بعزف النشيد أو السَّلام الوطني للبَلدَيْنِ، ويستعرض بعدها الضَّيف والمُضيف حرس الشَّرف، وتطلق المدفعية 21 طلقة تحيَّة للملوك والسَّلاطين والأُمراء ولرؤساء الدوَل و19 طلقة لرؤساء وزراء الحكومات الَّتي يكُونُ منصب الرئيس في نظامها شرفيًّا، ويكُونُ طول السجَّادة الحمراء الَّتي يسير عَلَيْها بحدود 50 مترًا، وبعرض ما بَيْنَ 2.70 إلى 3 أمتار. ومن أفضل الأمثلة على ذلك من أشقَّائنا في السعودية وقطر في تطبيق بروتوكول زيارة الدَّولة من البداية حتَّى النِّهاية بكُلِّ دقَّة وإتقان وحِرفيَّة عالية بعيدًا عن عُمق العلاقات الأخويَّة بَيْنَ دوَل مجلس التعاون الخليجي، حيث نشاهد عرض السجَّادة الحمراء بحدود 3 أمتار من درج أو سُلَّم الطائرة إلى حين ركوب السيَّارة وبطول أكثر من خمسين مترًا، بالإضافة إلى وجود أعلام الدَّولتَيْنِ خلف هرمَي الدَّولة وتوقيع اتفاقيَّات خدمة لمصالح البلدَيْنِ الشقيقَيْنِ (سلطنة عُمان وقطر) أو (سلطنة عُمان والسعوديَّة) وهذه دلالة على حِرفيَّة دائرة المراسم في بُلدان مجلس التعاون الخليجي في تنفيذ (زيارة الدَّولة) بأعلى مراسم الترحيب وبأدقِّ مفردات البروتوكول الدولي فيها، ويقام حفل غداء أو عشاء للضَّيف، يدعو رئيس الدَّولة المُضيف إليه رئيس الدَّولة الزائر كضَيْف شرفٍ ويتمُّ خلاله تبادل الأوسمة والهدايا، بالإضافة إلى دعوة الضَّيف الزائر إلى زيارة المعالم الوطنيَّة للدَّولة المُضيفة وتكُونُ على مستوى عالٍ، ويُرافق هرم الدَّولة وفود تجاريَّة مع رئيس الدَّولة الزائر، لغرض توقيع أو الاطلاع على فرص تجاريَّة وتنمية اقتصاديَّة وثقافيَّة على وزراء الصناعة في الدَّولة المُضيفة، وفي نهاية زيارة الدَّولة يوجِّه الضَّيف الدَّعوة إلى رئيس الدَّولة المُضيفة لزيارة دَولته في المستقبل.
د. سعدون بن حسين الحمداني
دبلوماسي سابق والرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: بالإضافة إلى زیارة د ولة رئیس الد
إقرأ أيضاً:
رئيس الوزراء: زيارة الرئيس الصيني المرتقبة إلى مصر دفعة جديدة للعلاقات الاستراتيجية بين البلدين
أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، تطلعه للزيارة المرتقبة للرئيس الصيني إلى مصر، معتبرًا إياها دفعة قوية نحو تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وفتح آفاق جديدة للتعاون المشترك، خاصة في ظل التحديات الراهنة التي تتطلب تضافر الجهود الدولية لدعم التنمية والاستقرار على المستويين الإقليمي والعالمي.
جاء ذلك خلال استقبال رئيس الوزراء مساء اليوم بمقر الحكومة في العاصمة الإدارية الجديدة، لـ "لي شولي"، عضو المكتب السياسي، أمين الأمانة العامة، رئيس دائرة الإعلام باللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، والوفد المرافق له.
عاجل - مدبولي يفتتح مصنع "سوميتومو" الثالث في مصر.. استثمارات يابانية تتوسع بثقة في العاشر من رمضان عاجل- مدبولي يفتتح مصنع "إس إي وايرينج سيستمز" بالعاشر من رمضان ويوجه بإشادة بتجربة التصنيع المحليوحضر اللقاء كل من المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، والدكتور أحمد هنو، وزير الثقافة، والسفير لياو ليتشيانغ، سفير جمهورية الصين الشعبية بالقاهرة، والسفير أحمد شاهين، مساعد وزير الخارجية للشئون الآسيوية وشئون أستراليا ونيوزيلندا وجزر المحيط الهادئ.
رئيس الوزراء يشيد بدعم الصين لمصر ومبدأ "صين واحدة"
في مستهل اللقاء، رحب الدكتور مصطفى مدبولي بالوفد الصيني الرفيع المستوى، معربًا عن سعادته بهذه الزيارة التي تعكس متانة العلاقات الثنائية، خاصة بعد مرور عشر سنوات على ترفيع العلاقات إلى مستوى "الشراكة الاستراتيجية الشاملة".
وأشاد مدبولي بالدور الصيني في دعم مصر في مختلف المحافل الدولية، مؤكدًا التزام مصر الكامل بمبدأ "صين واحدة"، ومشددًا على تقدير الحكومة المصرية لدعم الصين لمبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول واحترام سيادة كل دولة.
مصر تطمح لجذب جزء من استثمارات الصين في إفريقياأعرب رئيس الوزراء عن تطلعه إلى أن يتم توجيه جزء من الاستثمارات الصينية المُعلنة للقارة الأفريقية، والتي تبلغ قيمتها نحو 52 مليار دولار، إلى السوق المصرية.
وأكد على رغبة الحكومة في تعزيز الاستفادة من هذه الاستثمارات في قطاعات البنية التحتية، لا سيما في مجالات النقل، والطاقة، وتطوير الموانئ.
كما أشاد الدكتور مدبولي بمساهمة الشركات الصينية في تنفيذ عدد من المشروعات القومية الكبرى في مصر، مثل مشروع القطار الكهربائي، وتطوير منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة.
الحكومة المصرية تسعى لنقل التكنولوجيا وتوطين الصناعات الصينيةأوضح مدبولي أن الحكومة تتطلع إلى توسيع التعاون مع الصين في مجالات نقل التكنولوجيا وتوطين الصناعة، خاصة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وأشار إلى أن مصر تسعى لتشجيع الشركات الصينية على نقل صناعاتها إلى الأراضي المصرية، مع التركيز على صناعات السيارات الكهربائية والهواتف المحمولة، انطلاقًا من التجربة الناجحة لمنطقة "تيدا" الصناعية الصينية.
وأضاف: "مصر تمتلك موقعًا جغرافيًا استراتيجيًا يمكّنها من النفاذ إلى العديد من الأسواق العالمية، ما يجعلها وجهة واعدة للاستثمارات الصينية".
مدبولي: نأمل في تعزيز التعاون من خلال قمة البريكس المقبلةأعرب رئيس الوزراء عن أمله في أن تسهم قمة مجموعة "البريكس" المقررة في البرازيل هذا العام في تعزيز أواصر التعاون بين دول التجمع، بما يخدم مصالح الدول النامية ويعزز التوازن في العلاقات الاقتصادية الدولية.
دعم السياحة والثقافة بين البلدينفي سياق متصل، أشار مدبولي إلى اهتمام الحكومة المصرية بتشجيع السياحة الصينية إلى مصر، لافتًا إلى أن الصين تم إدراجها مؤخرًا ضمن قائمة الدول التي يحصل مواطنوها على تأشيرة دخول فورية لدى الوصول إلى المطارات المصرية.
وأكد أن الشعب الصيني محب للثقافة والسياحة، وأن زيادة عدد الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين سيكون له أثر كبير في تنشيط حركة السياحة.
"لي شولي" يشيد بإنجازات مصر ويدعو لتوسيع التعاون الثقافي والإعلاميمن جانبه، وجه "لي شولي" الشكر لرئيس الوزراء على حفاوة الاستقبال، ناقلًا تحيات رئيس مجلس الدولة الصيني إلى الدكتور مصطفى مدبولي.
وأكد أن هدف الزيارة هو تعزيز الحوار وتبادل الرؤى حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يخدم العلاقات الثنائية.
وأعرب "شولي" عن انبهاره بالتطورات العمرانية التي شهدتها مصر خلال السنوات العشر الماضية، مشيرًا إلى أنه زار البلاد قبل 20 عامًا، ولكن زيارته الحالية أظهرت له نقلة نوعية في ملامح المدن المصرية، خاصة القاهرة والإسكندرية.
دعوة لتوثيق الحضارة المصرية في وسائل الإعلام الصينيةوأشار عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني إلى وجود رغبة حقيقية لدى المستثمرين الصينيين للاستثمار في مصر، مؤكدًا حرص الحكومة الصينية على التعاون في مجالات السياحة، والآثار، والثقافة، والإعلام.
وقال: "سأوصي وسائل الإعلام الصينية بنشر محتوى ثقافي عن الحضارة المصرية العريقة، ما من شأنه دعم حركة السياحة الصينية إلى مصر".
كما أعرب عن تطلع بلاده للتعاون مع مصر في مجال حماية الآثار والتراث التاريخي، مشيدًا بخبرة مصر في هذا المجال.
واختتم قائلًا: "خلال زيارتي للقاهرة والإسكندرية رأيت كيف تم الحفاظ على الطابع التاريخي للمباني، وهذا أمر يبعث على الإعجاب".