السعودية.. إقبال على التحول للزراعة العضوية في عسير واستمرار الدعم الحكومي
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
مثّلت الزراعة بالطرق التقليدية في منطقة عسير حلولاً غذائية للسكان منذ آلاف السنين باعتبار خصوبة الأراضي ووفرة الحيازات الزراعية، وعلى الرغم من انتشار الزراعة بالطرق الحديثة والتسميد الكيميائي، إلا أن العديد من المزارعين يفضلون الزراعة العضوية التي أصبح تحفيزها ودعمها من أهم مبادرات وزارة البيئة والمياه والزراعة.
ويسرد المزارع سعد بن سعيد آل ضمك, تجربته في مجال الزراعة التي امتدت لأكثر من 20 عاماً ، مشيراً إلى أنه توصل إلى نتيجة مفادها أن الزراعة العضوية هي الخيار الأفضل لوفرة الإنتاج وجودته.
وقال آل ضمك: «الأسمدة الكيمائية تسببت في ارتفاع حموضة التربة وذبول الكثير من الأشجار والإنتاج الضعيف، وعندما علمت بمبادرة الزراعة العضوية التي تشرف على تنفيذها ودعمها وزارة البيئة والمياه والزراعة ، بادرت بتسجيل مزرعتي فيها ، وطبقت بشكل كامل جميع متطلبات وشروط هذا النوع من الزراعة»، مشيداً بالدعم غير المحدود من قبل فرع الوزارة بعسير من خلال البرامج التوعوية والتثقيفية للمزارعين عن الزراعة العضوية وفوائدها.
ويمتلك آل ضمك مزرعة تحتوي على أشجار متنوعة، من أبرز محاصيلها البرتقال واليوسفي والعنب والتين والرمان والزيتون والكمثرى والتفاح والخوخ والليمون والتوت، إضافة إلى النخيل والبن العربي، يعمل على تسميدها من خلال نثر السماد العضوي المستخلص من مخلفات الأبقار والأغنام ومعالجتها كيميائياً ثم توزيعه وسط أحواض أشجار الفاكهة ، ثم تقليبه في التربة لعدة مرات في العام.
والزراعة العضوية هي نظام لإدارة الإنتاج يشجع ويعزز استدامة الأنظمة الزراعية البيئية وإنتاج الغذاء الصحي والتركيز على المحافظة على الموارد الطبيعية - التربة الماء والتنوع الأحيائي, حيث تركز الزراعة العضوية على استخدام المدخلات الموجودة بالمزرعة وتشجع العمليات الحيوية لزيادة المغذيات الطبيعية المتاحة، وتعتبر التربة الجزء المحوري لنظام الزراعة العضوية، والهدف من ذلك زيادة خصوبتها إلى الحد الأقصى والمحافظة على حيويتها وصحتها على المدى الطويل.
وتعتمد الزراعة العضوية - حسب وزارة البيئة والمياه والزراعة - على دورة زراعية مغلقة، فهي تعتمد على الاستخدام المتبادل للبيئات ( التربة - النباتات - الحيوانات – البشر)، ويتم تدوير متبقيات المحاصيل والسماد الحيواني والسماد الأخضر إلى التربة، واستبعاد الأسمدة والمبيدات المصنّعة كيماوياً.
ويحرص فرع الوزارة بمنطقة عسير إلى تشجيع ودعم المزارعين للتحول إلى الزراعة العضوية بشكل كامل ، مؤكداً أن الزراعة العضوية من أهم المبادرات التي تدعمها الوزارة، مما ساعد في زيادة إقبال أصحاب الحيازات الزراعية إلى الزراعة العضوية وخاصة مزارعي الفواكه والمحاصيل الحقلية والخضروات ، كذلك تنامي الإقبال على شراء المنتجات العضوية من قبل المواطنين والمقيمين مما شجع المزارعين على التحول إلى هذا النوع من الزراعة لما لها من مردود مادي جيد إضافة إلى الدعم الحكومي (غير مسترد)، ومبادرة دعم إعادة تأهيل المدرجات الزراعية الموجه للمزارعين في منطقة عسير.
وتحولت 6 مزارع في المنطقة إلى الزراعة العضوية منذ إطلاق مبادرة الدعم ، ويجري حالياً تقييم ومتابعة 32 مزرعة ( تحت التحول)، فيما تزايدت أعداد طلبات التحول، حيث وصلت إلى أكثر من 30 طلباً خلال الأشهر القليلة الماضية.
ويسهم الإنتاج العضوي في تحسين خصوبة التربة على المدى الطويل، وخفض التكلفة المالية بسبب التقليل من استخدام المدخلات الكيمائية ، وزيادة احتفاظ التربة بمياه الري وبالتالي ترشيد استهلاكه في الزراعة والمحافظة على التنوع الأحيائي من خلال المحافظة على صحة الحيوان.
ويقبل المستهلكون على منتجات الزراعة العضوية لأنها تنتج أغذية خالية من متبقيات المبيدات والأسمدة الكيمائية أو تلك المعدلة وراثياً فهي منتجات ذات موثوقية عالية في الجودة وتسهم في التقليل من المخاطر الصحية، وهي كذلك تقلل من تلوث التربة والماء ببقايا الكيمائيات وتعزز التنوع الأحيائي وتسهم في توفير الماء.
وبدأ الاهتمام الحكومي في المملكة بالتحول إلى الزراعة العضوية عام 2005 من خلال تكليف إحدى الشركات الدولية المتخصصة في قضايا التنمية لإجراء دراسات لدعم وتطوير قطاع الزراعة العضوية في المملكة ثم تأسيس هياكل حكومية للتوسع في الإنتاج العضوي وتكوين خدمات داعمة لمزيد من النهوض فيما يخص تطوير هذا القطاع.
المصدر: صحيفة الأيام البحرينية
كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا إلى الزراعة العضویة من خلال
إقرأ أيضاً:
هل توجد صفقات لاستمرار الإنتاج بحقول النفط في هجليج؟
الخرطوم- بعد 3 أيام من انسحاب الجيش السوداني من منطقة "هجليج" النفطية في ولاية غرب كردفان، وسيطرة قوات الدعم السريع على المنطقة، باشرت الخرطوم وجوبا اتصالات لتفعيل اتفاق سابق لتأمين الحقول والمنشآت النفطية، وإجراء ترتيبات لاستمرار ضخ نفط دولة جنوب السودان وتصديره عبر الأراضي السودانية.
ويضم حقل "هجليج" 75 بئرا نفطية، ويحتوي على محطة معالجة مركزية لـ130 ألف برميل من نفط جنوب السودان، الذي ينتج في حقول ولاية الوحدة الجنوبية، ويصدر بخطوط أنابيب يبلغ طولها 1600 كيلومتر تقطع الأراضي السودانية حتى ميناء "بشائر" على البحر الأحمر.
ويمثل توقّف معامل الحقل خسارة دولة جنوب السودان لمعظم إيراداتها من العملات الأجنبية، إذ يشكل النفط أكثر من 90% من الإيرادات، كما يعني خسارة السودان نحو 21 ألف برميل من الخام يوميا، بالإضافة لرسوم العبور والتصدير التي تقدَّر بأكثر من مليون دولار يوميا.
بين الخرطوم وجوباكشفت مصادر رسمية سودانية للجزيرة نت أن اتصالات على مستوى عالٍ جرت بين القيادتين السودانية والجنوب السودانية منذ بداية الأسبوع الجاري، بعد حشد قوات الدعم السريع لمهاجمة منطقة "هجليج"، حيث جرت تفاهمات لتأمين إجلاء العاملين في الحقل وتجنب مواجهات عسكرية لضمان عدم تعرض الحقل النفطي ومنشآته للتخريب والتدمير، كما لعبت قيادات قبلية دورا في ذلك.
وحسب المصادر -التي طلبت عدم الإفصاح عن هويتها- فإن جوبا أكدت نشر قواتها في تخوم حقل هجليج النفطي، بينما تعهدت قوات الدعم السريع بالانسحاب من محيط الحقل لإعادة تنظيم السيطرة على المنطقة الحيوية.
وتوضح المصادر ذاتها أن قوة من جنوب السودان ستتولى مسؤولية حماية المنشآت النفطية في "هجليج"، وسيزور بورتسودان وفد أمني من وزارة البترول التابعة لجنوب السودان خلال أيام للاتفاق بشأن ضمان تشغيل حقل النفط ومنشآته، ونقل نفط جنوب السودان عبر الأراضي والموانئ السودانية.
وفي الجانب الآخر قال مساعد رئيس قوات جنوب السودان لشؤون التعبئة الفريق جونسون أولونج إن بلاده ستلتزم الحياد تجاه الصراع الدائر في السودان، مشيرا في كلمة مقتضبة إلى أن قواته ستؤمن منطقة "هجليج" وحقولها النفطية في ولاية غرب كردفان.
إعلانوبثّ جيش جنوب السودان صورا تُظهر عناصر من الجيش السوداني تابعين للواء 90 داخل أراضيه، بعد انسحابهم من منطقة هجليج، وأفاد أولانج أن استقبال القوات السودانية تم بعد اتصالات وتفاهمات بين الرئيس سلفاكير ميارديت ورئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان، باعتبار أن "الشعبين شعب واحد في دولتين".
ونقلت وسائل إعلام في جوبا، اليوم الاربعاء، عن مصادر رسمية أن رئيس أركان جيش جنوب السودان الفريق باول نانق، وصل إلى إدارية "رووينق" التي انسحب إليها الجيش السوداني من "هجليج"، ضمن الترتيبات المتفقة عليها بين جوبا والخرطوم، وأنه لن يعود للعاصمة إلا بعد اكتمال تنفيذ الترتيبات المتفق عليها.
وكشفت تلك المصادر أن أطرافا إقليمية ودولية حثت الحكومة الجنوبية على حماية ضباط وجنود الجيش السوداني الذين عبروا من "هجليج" والانتشار لحماية الحقل النفطي.
وذكرت تقارير في جوبا أن انتشار قوات جنوب السودان في محيط المنطقة النفطية سيكتمل خلال 48 ساعة، بعد إخطار قوات الدعم السريع بالمغادرة لتأمين محيط الحقل، ومنع أي "تفلتات" قد تؤدي إلى تعطيل الإنتاج وتهديد المنشآت الحيوية.
وأفادت أن انتشار القوات الجنوبية جاء بناء على اتفاق التعاون النفطي والأمني الموقع بين الخرطوم وجوبا، الذي ينص على حماية الحقول وخطوط الأنابيب ومحطات الضخ المركزية لنفط جنوب السودان، إضافة إلى مشروع الربط الكهربائي وتعزيز التعاون في قطاع الطاقة.
ويُعد هذا الانتشار أول تطبيق عملي لبنود الاتفاق منذ توقيعه في وقت سابق من العام الحالي، إثر تعرض "هجليج" إلى قصف بمسيرات الدعم السريع أدى إلى مقتل عاملين.
من جانبه، أكد جيش جنوب السودان سلامة البنية التحتية للنفط في البلاد، وقال في بيان أمس إن جميع المنشآت والحقول النفطية تعمل بكامل طاقتها الطبيعية. وأضاف أن القوات في حالة تأهب قصوى لحماية هذه المواقع الحيوية، وضمان استمرار تدفق الإنتاج والتصدير عبر الأراضي الجنوبية بدون انقطاع.
ووفقا لتسجيل صوتي منسوب لمدير الحقل محمد سوركتي، فإن ترتيبات مشتركة بين وزارة الطاقة السودانية وشركة "جي بي أو سي" الجنوب سودانية (الاتحاد النفطي لجنوب السودان) قضت بانسحاب طاقم الشركة السودانية المشغلة "2 بي أو بي سي أو" على أن تتولى طواقم جنوبية بديلة مهام التشغيل لضمان استمرار الضخ خلال فترة التأمين.
وأظهرت صور متداولة على منصات التواصل الاجتماعي وصول مجموعات من الجيش الجنوبي إلى أطراف منطقة "هجليج" برفقة اثنين من الفنيين التابعين للشركة الجنوبية وشعار الشركة على صدورهم.
مكاسب متعددة
ويشير الخبير الأمني إبراهيم عبد القادر، إلى أن قوات الدعم السريع سيطرت على منطقة "هجليج" لكنها لم تخرّب الحقل أو تدمره كما فعلت مع حقول أخرى في شرق دارفور وغرب كردفان.
ويوضح عبد القادر في حديث للجزيرة نت، أن الدعم السريع استهدف "هجليج" بعد بابنوسة لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية واقتصادية تشمل:
استكمال السيطرة على ولاية غرب كردفان، لتعزيز وجودها العسكري وفرض واقع جديد في الولاية، وهذا يجعلها ورقة في أي مفاوضات محتملة للسلام. استمالة رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، الذي أجرى تعديلات في المناصب الوزارية والعسكرية والأمنية وعزل قيادات كانت متعاونة مع الدعم السريع وتقدّم لها دعما لوجستيا من وراء ظهره، واتخذ خطوات للوقوف في الحياد تجاه النزاع في السودان. الحصول على أموال من جوبا في مقابل السماح لها بالانتشار في الحقل ومنشآته النفطية، واستمرار ضخ نفط جنوب السودان وتصديره عبر الأراضي السودانية، "والرّاجح أن هناك تفاهمات بين الجانبين". إعلانأما الأستاذ الجامعي والكاتب عبد الملك النعيم، فيعتقد أن سيطرة الدعم السريع على "هجليج" يستهدف خنق الاقتصاد السوداني الذي أنهكته الحرب، وحرمانه من موارد النفط ورسوم عبور نفط جنوب السودان، بعدما فقد موارد أخرى عدة.
ويقول الكاتب للجزيرة نت، إن "ما تم يشير إلى اتفاق سري بين حكومة سلفاكير وقيادة قوات الدعم السريع، لضمان استمرار معالجة وتصدير نفط الجنوب"، ولم يستبعد أن تكون قوى إقليمية تقف خلف تلك القوات وراء الاتفاق.