مفردات دعم محاور التنافسية (١)
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
لكل عصر من العصور مفرداته التى يمكن للبشر أن يتعاملوا بها، وينجحوا معها فـى بناء دولتهم، ولا شك أن حرب قوى الظلام ضد الدولة المصرية ممنهجة وقديمة وليست وليدة اللحظة، وترجع إلى سنوات كثيرة مضت، لذلك فإن المعركة مستمرة ما دامت مصر مصرة على النهضة واستعادة دورها ووجهها الحضارى، فلن يكف هؤلاء عن التشكيك فى كل الإنجازات التى تتحقق على أرض الواقع.
ومن هذا المنطلق فقد بدأت الدولة المصرية بالاعتماد على خطة تعتمد على زيادة معدلات النمو الحقيقى وبصورة مستدامة، وتوفير فرص العمل، كذلك مراعاة البعد الإجتماعى، وحماية الفئات محدودة الدخل، مع توسيع مشاركة القطاع الخاص لأكثر من 65% من المشروعات التنموية فى الدولة، حيث إن هذا القطاع لم يكن مهيئًا بداية من عام 2013 للقيام بعملية التنمية على الوجه الأكمل، مما جعل من تدخل الدولة لتنفيذ عدد من المشروعات التنموية الكبرى خاصة فى مجال البنية التحتية، أمرًا يتطلبه النظام الاقتصادى القائم على تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية لضمان دعم محاور التنافسية وتشجيع الاستثمار، وتحقيق النمو المتوازن، وقد واجه هذا التحول التاريخى لمصر التحدى الأصعب وهو مواجهة الإرهاب على نفس الخط مع التنمية، ومع نهاية عام 2016 كان التوجه نحو الإصلاح الاقتصادى، ولكن أزمة الأسواق الناشئة، ثم أزمة جائحة كورونا، ثم الأزمة الروسية الأوكرانية ثم الأزمة الفلسطينية الاسرائيلية الملتهبة فى منطقة الشرق الأوسط، تطلب ذلك كله إصرار وعزيمة من الدولة على وضع مخطط استراتيجى قومى للتنمية يمتد لأكثر من 30 عامًا من الآن، ويعتمد على ضرورة إقامة مدن جديدة تستطيع استيعاب الزيادة السكانية الكبيرة، وزيادة مساحة الأراضى الزراعية لتستوعب هذه الحركة فى الزيادة السكانية، وبصورة تجعل مصر قادرة على تحقيق الأمن الغذائى، ولكن هذا تطلب أيضا ضرورة العمل على إنشاء مجتمعات صناعية تكون قادرة على توفير احتياجات السوق المحلى، وفى نفس الوقت العمل على زيادة معدلات التصدير، وبالتالى فإن السعى نحو تغيير وجه الحياة فى مصر أمر تتطلبه الظروف والتحديات الراهنة، التى تتطلب إقامة 38 مدينة ذكية، وإزالة العشوائيات، وتنمية سيناء خاصة منطقة شمال سيناء، التى رصدت لها الدولة 300 مليار جنيه لاستكمال عملية التنمية، وجعلها قادرة على استيعاب الطاقات البشرية المرتقبة، ولا شك أن سعى مصر الدائم نحو تعزيز الأمن الغذائى عبر زيادة المساحة المنزرعة خاصة من المحاصيل الاستراتيجية، قد يكون هى البداية الحقيقية نحو تحقيق الاندماج فى الاقتصاد العالمى ونجاح خطة الإصلاح الاقتصادى الرامية إلى توفير الاحتياجات الأساسية ومظلة حماية اجتماعية متينة تتسق مع إقامة برنامج طموح للإصلاح الاقتصادى. لضمان الالتزام بمعايير الشفافية والحوكمة، ودعم محاور التنافسية وتذليل وتشجيع التوجه نحو الاستثمار، وإحداث نمو حركى متوازن جغرافيًا وقطاعيًا وبيئيًا، يضمن الحياة الكريمة لأبناء هذا الوطن العظيم. فنحن نؤمن أننا قادرون على أن نستلهم الماضى وأن نستنهض الحاضر وأن نشق الطريق نحو المستقبل. ونؤمن كما جاء فى دستورنا أن لكل مواطن الحق فى العيش فى أمن وأمان، ونؤمن بأننا يجب أن ننتقل معا لنبنى عالمًا إنسانيًا جديدًا تسوده الشفافية والعدالة.
ونؤمن بأن المجتمع الذى يفتقد للوعى يعانى من غياب الاستقرار، فقد استطاعت سنغافورة باهتمامها بمواردها البشرية عبر الوعى القائم على الولاء، والعلم، واليقين بأن المستقبل أفضل، أن تحقق معجزات فى النمو الاقتصادي، عبر تفوقها الذى بدأ ببناء الإنسان لأجل اكتمال بناء الأوطان.
رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية والسلام
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د علاء رزق الدولة المصرية الإصلاح الاقتصادي الازمة الفلسطينية الاسرائيلية منطقة الشرق الأوسط الأمن الغذائى
إقرأ أيضاً:
ماذا لو أحببنا الوطن.. .؟
قد يبدو هذا المقال خياليًا بعض الشىء وبعيداً كل البعد عن ثوابت علم السياسة التى لا تعرف كثيراً كلمات مثل الحب والكره، وإنما تتعامل وفق المصالح المشتركة، وتحقيق المكاسب بكل طريق ممكن، ولكن ماذا لو جنبنا مرادفات السياسة، وقدمنا هذا الطرح المبنى على فكرة بسيطة جداً قد تندرج تحت اهتمامات علوم الاجتماع والفلسفة المتعارضة دائمًا فكرياً ومنهجياً مع علم السياسة؟
حب الوطن لا يتأتى أبداً دون أن يحب أبناء الوطن بعضهم ليحسنوا معاً، وبتلاحمهم أداء المهمة التى خلقهم الله من أجلها، وهى إعمار الأرض والبقاء على ثبات وتماسك مؤسسات الدولة، فهل نفعل هذا حالياً؟ أم أننا قد اختزلنا حب الوطن فى قلوبنا فى مجرد الشكل وابتعدنا عن المعنى الحقيقى لهذا الحب فلم يعد للود والتراحم بين سكان هذه الأرض وجود، وتبارى الأشقاء فى العداء لبعضهم وأسرفوا فى الأنانية فأصبح شعار البعص (أنا ومن بعدى الطوفان)؟
فكيف ندعى حب الوطن وقد تفننا فى السنوات الأخيرة فى الإساءة إلى بعضنا البعض وسادت روح النقد والتخوين وتوجيه الاتهامات جزافاً دونما أى موضوعية أو أدلة بشكل غير مألوف، فمن ليس معى فهو ضدى، ومن لا يوافقنى فى الرأي يصبح عدواً لى، ومن لا مصلحة لى معه يصبح فاسدًا ويستحل شرفه وعرضه، فيهان ويشهر به على الصفحات والمواقع؟
ماذا لو عادت الأخلاق كما كانت عليه قبل سنوات أو عقود ليست بالبعيدة؟ ولماذا أصبح هدف الجميع اليوم هو تثبيط الهمم والتشكيك فى أى عمل إيجابى يقدم لصالح الوطن وأبنائه؟ ولماذا تميزنا مؤخرًا فى قدرتنا الهائلة على إطفاء جذوة أى بقعة ضوء تبدأ فى التوهج تحت سماء الوطن؟ لماذا نحارب النجاح وننسى أن التنافس والغيرة فى النجاح شىء مطلوب وطيب لبناء الأوطان؟.. لماذا نقف بالمرصاد لكل من يقدم فكر جديد أو جهد مضاعف يميزه عن الآخرون؟ هل هى سنوات الفقر الإبداعى التى فرضت علينا هذا الواقع الأليم؟ أم أن هذا الوطن بالفعل قد أصبح بحاجة ملحة لثورة أخلاقية وفكرية متكاملة الأركان تعيد ترسيخ القواعد والأخلاق الاجتماعية التى تربى عليها السابقون فتميزوا وأبدعوا وهانت عليهم أرواحهم، وما يملكون فى سبيل الوطن.
إننا الآن أحوج ما نكون إلى عودة هذه المسميات التى كادت أن تندثر من مجتمعنا مثل الحب والإخاء، وإيثار مصلحة الوطن على المصالح الشخصية، ومساندة كل من يحاول أن يقدم جديدًا، وعدم محاربة نجاح الأشخاص لأنه فى النهاية هو نجاح للوطن بأكمله.. حفظ الله بلادنا الطيبة من تقلبات الأيام.. حفظ الله الوطن.