روبوت دردشة من غوغل يجتاز اختبار الترخيص الطبي للولايات المتحدة!.. فهل يحل مكان البشر؟
تاريخ النشر: 14th, July 2023 GMT
أفادت دراسة تمت مراجعتها يوم الأربعاء أن روبوت الدردشة الطبي من غوغل الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي قد حقق درجة النجاح في اختبار ترخيص طبي أمريكي صعب.
لكن إجاباته لا تزال أدنى من إجابات الأطباء البشر.
في العام الماضي، أطلق إصدار ChatGPT - الذي يدعم مطوره OpenAI من قبل شركة "مايكروسوفت" المنافِسة لشركة غوغل - سباقا بين عمالقة التكنولوجيا في مجال الذكاء الاصطناعي المزدهر.
وفي حين تم تحقيق الكثير بشأن الاحتمالات المستقبلية - ومخاطر - الذكاء الاصطناعي، فإن الصحة هي أحد المجالات التي أظهرت فيها التكنولوجيا بالفعل تقدما ملموسا، مع خوارزميات قادرة على قراءة فحوصات طبية معينة.
وكشفت غوغل لأول مرة النقاب عن أداة الذكاء الاصطناعي الخاصة بها للإجابة عن الأسئلة الطبية، والتي تسمى Med-PaLM، في دراسة ما قبل الطباعة في ديسمبر. وعلى عكس ChatGPT، لم يتم إصداره للجمهور.
ويقول عملاق التكنولوجيا الأمريكي إن Med-PaLM هو أول نموذج لغة كبير، وتقنية ذكاء اصطناعي مدربة على كميات هائلة من النصوص التي ينتجها الإنسان، لاجتياز امتحان الترخيص الطبي الأمريكي (USMLE).
وتبلغ درجة النجاح في الامتحان، الذي يجتازه طلاب الطب والأطباء المتدربون في الولايات المتحدة، حوالي 60%.
وفي فبراير، قالت دراسة إن ChatGPT حقق نتائج النجاح أو تلك القريبة من النجاح.
إقرأ المزيدوفي دراسة تمت مراجعتها من قبل الأقران ونشرت في مجلة Nature يوم الأربعاء، قال باحثو غوغل إن Med-PaLM حقق 67.6% في أسئلة الاختبار من متعدد على غرار USMLE.
وقالت الدراسة "Med-PaLM يعمل بشكل مشجع، لكنه لا يزال أدنى من الأطباء".
ولتحديد وتقليل "الهلوسة" - وقت تقديم نماذج الذكاء الاصطناعي معلومات خاطئة - قالت غوغل إنها طورت معيارا جديدا للتقييم.
وقال كاران سينغال، الباحث في غوغل والمعد الرئيسي للدراسة الجديدة، إن الفريق استخدم المعيار لاختبار نسخة جديدة من نموذجهم بنتائج "مثيرة للغاية".
ووصل Med-PaLM 2 إلى 86.5% في امتحان USMLE، متفوقا على الإصدار السابق بحوالي 20%، وفقا لدراسة ما قبل الطباعة الصادرة في مايو والتي لم تخضع لمراجعة الأقران.
وقال جيمس دافنبورت، عالم الكمبيوتر في جامعة باث بالمملكة المتحدة، والذي لم يشارك في البحث، إن هناك فرقا كبيرا بين الإجابة على "الأسئلة الطبية والطب الفعلي" الذي يشمل تشخيص وعلاج مشاكل صحية حقيقية.
وقال أنتوني كوهين، خبير الذكاء الاصطناعي في جامعة ليدز بالمملكة المتحدة، إن الهلوسة من المحتمل أن تكون دائما مشكلة مثل هذه النماذج اللغوية الكبيرة، بسبب طبيعتها الإحصائية.
وقال كوهين "ينبغي دائما اعتبار هذه النماذج مساعدة وليست من صناع القرار النهائيين".
وقال سينغال إنه في المستقبل سيمكن استخدام Med-PaLM لدعم الأطباء وتقديم بدائل ربما لم يتم النظر فيها بطريقة أخرى.
وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" في وقت سابق من هذا الأسبوع أن Med-PaLM 2 يخضع للاختبار في مستشفى Mayo Clinic للأبحاث المرموقة بالولايات المتحدة منذ أبريل.
وقال سينغال إنه لا يستطيع التحدث عن شراكات محددة. لكنه شدد على أن أي اختبار لن يكون "سريريا، أو يواجه المريض، أو قد يتسبب في إلحاق الضرر بالمرضى".
وأضاف أنه سيكون بدلا من ذلك عاملا من أجل "المزيد من المهام الإدارية التي يمكن أتمتتها بسهولة نسبية ومخاطر منخفضة".
المصدر: ساينس ألرت
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا الطب بحوث روبوت الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
مستقبل مراكز مصادر التعلّم في ظل الذكاء الاصطناعي
خميس بن سعيد بن سالم الحربي
k.s.s.alharbi@moe.om
في إحدى المرات استوقفتني عبارة وردت في كتاب يتحدَّث عن مكتبات المُستقبل "انظر جيدًا قبل عبور الشارع ثم انطلق"، ورغم بساطتها، إلّا أنني أراها تجسد جوهر المرحلة التي نعيشها اليوم في مراكز مصادر التعلّم؛ فقبل أن نعبر نحو المُستقبل، علينا أن نتأمل واقعنا بصدق، ثم نخطط بحكمة، لننطلق بثقة في عالم يتغير بسرعة غير مسبوقة في ظل ثورة الذكاء الاصطناعي.
لقد شهد العالم تحولات جذرية في مفهوم المكتبات ومراكز مصادر التعلّم؛ فلم تعد هذه المراكز مجرد أماكن لتخزين الكتب، بل أصبحت فضاءات معرفية رقمية، ومنصات للتعلم الذاتي، والتفكير النقدي، والإبداع، وبناء مهارات المستقبل، ومع ظهور أدوات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT وغيرها، أصبح الوصول إلى المعلومة أسرع من أي وقت مضى؛ مما يفرض على هذه المراكز إعادة ابتكار دورها، بدلًا من التمسك بنموذجها التقليدي، كما يخشى البعض أن تصبح مراكز مصادر التعلّم كيانًا قديمًا مع تراجع استخدام المصادر الورقية وازدياد الاعتماد على المصادر الرقمية، وهذا الخوف وإن كان مشروعًا قد يدفع صناع القرار إلى التقليل من أهمية هذه المراكز، مما قد يؤدي إلى تراجع مستوى الدعم، وضعف توفير الكوادر المتخصصة، وتقليص الاستثمارات في تطويرها ومع ذلك، فإنَّ الخطر الحقيقي لا يكمن في التكنولوجيا ذاتها، بل في الجمود وعدم القدرة على التكيف معها.
من وجهة نظري.. فإنَّ المستقبل لن يُطيح بمراكز مصادر التعلم؛ بل سيُعيد تشكيلها، فلن يبقى أخصائي مصادر التعلم مجرد مسؤول عن الكتب والأجهزة؛ بل سيصبح واضعًا لسياسات استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، وحارسًا لأخلاقيات المعلومات، ومحفزًا على الابتكار، وموجهًا للطلبة في مواجهة الانتحال والابتزاز الإلكتروني، وشريكًا في بناء عقلية رقمية ناقدة وواعية.
كما إنَّ الدور القادم لأخصائي مصادر التعلم هو دور قيادي، وتربوي، وثقافي، وليس تقنيًا فحسب؛ فالمعرفة اليوم متاحة للجميع، لكن القدرة على التمييز بين الموثوق والمضلل، وبين الإبداع والنسخ، وبين التفاعل والتشتت، هي المهارة الحقيقية التي ينبغي أن نغرسها في الأجيال.
تُظهر العديد من الدراسات أنَّ وجود برامج مكتبية قوية تدار من قبل أمناء مؤهلين يسهم في رفع معدلات القراءة والكتابة والنجاح الأكاديمي وفي المقابل، تكشف بيانات عامي 2021-2022 في الولايات المتحدة أن 35% من المناطق التعليمية لا يوجد فيها أمين مكتبة مدرسي، وأن 35% أخرى تعتمد على أمين بدوام جزئي فقط، مما يؤثر سلبًا على أكثر من 12 مليون طالب، حيث إن هذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات، بل هي رسالة تحذيرية واضحة حين نتجاهل مراكز مصادر التعلم، فإننا ندفع الثمن تربويًا وثقافيًا.
الحقيقة أننا أمام مفترق طرق: إما أن نعيد تشكيل مراكز مصادر التعلم لتصبح بيئات رقمية مبتكرة تقود التغيير، وإما أن نتركها تتراجع حتى تتحول إلى مساحة مهجورة لا قيمة لها في العملية التعليمية ولا يتفاعل معها أحد، كما إن الذكاء الاصطناعي ليس تهديدًا؛ بل فرصة لبناء جيل باحث، ناقد، مبدع، يمتلك أخلاقيات رقمية، ويستخدم التقنية بوعي ومسؤولية.
** مشرف مصادر التعلم بالتربية والتعليم