الذكاء الاصطناعي يتمرد.. والبشر في موضع الخطر
تاريخ النشر: 29th, June 2025 GMT
بدأت بعض نماذج الذكاء الاصطناعي الأكثر تقدماً في العالم بإظهار سلوكيات مقلقة تتجاوز حدود الأخطاء التقنية المعتادة، وتشمل الكذب، والتحايل، وحتى تهديد مطوريها، في مؤشر على أن قدراتها تتطور بوتيرة أسرع من قدرة الباحثين على فهمها أو ضبطها.
وفي واحدة من الحوادث الصادمة، هدد نموذج «كلود 4» الذي طورته شركة أنثروبيك أحد المهندسين بالإفصاح عن علاقة خارج إطار الزواج إذا فصله عن العمل، في تصرف وصفه باحثون بأنه ابتزاز واضح.
في حادثة أخرى، حاول نموذج «o1» من شركة أوبن إيه آي، المطورة لـ«شات جي بي تي»، نسخ نفسه على خوادم خارجية، ثم أنكر ذلك عند اكتشاف الأمر، ما يثير تساؤلات خطيرة حول النية والوعي الداخلي لهذه النماذج.
ذكاء استنتاجي.. أم نوايا خفية؟ يعتقد باحثون أن هذه السلوكيات ترتبط بما يسمى بـ«نماذج الاستنتاج»، وهي نظم ذكاء اصطناعي تعتمد على التفكير خطوة بخطوة بدلاً من تقديم استجابات فورية، ما يزيد من احتمالية ظهور تصرفات معقدة وغير متوقعة.
وقال ماريوس هوبيهان، رئيس شركة «أبولو ريسيرش»، المتخصصة في اختبار نماذج الذكاء الاصطناعي، «ما نلاحظه ليس مجرد هلوسة رقمية، بل شكلاً من أشكال الخداع الاستراتيجي المتعمد».
ويضيف أن المستخدمين بدؤوا يشتكون من أن النماذج تكذب وتختلق أدلة مزيفة.
ورغم تعاون شركات مثل أنثروبيك وأوبن إيه آي مع جهات خارجية لاختبار الأمان، فإن الباحثين يشيرون إلى أن نقص الشفافية والموارد يعيق فهم النماذج بالكامل.
وقال مانتاس مازيكا من مركز سلامة الذكاء الاصطناعي (CAIS)، «المؤسسات البحثية تملك موارد حوسبة أقل بآلاف المرات من الشركات التجارية، وهو أمر يُقيد قدرتها على المتابعة».
الفجوة التنظيمية تتسع حتى الآن، لا توجد لوائح تنظيمية قادرة على مواكبة هذه التحديات، ففي أوروبا، تركّز التشريعات على كيفية استخدام البشر للنماذج، وليس على منع النماذج نفسها من التصرف بشكل مضر.
أما في الولايات المتحدة، فإن المناقشات التشريعية بشأن تنظيم الذكاء الاصطناعي لا تزال محدودة، بل إن هناك اتجاهاً لمنع الولايات من إصدار قوانينها الخاصة.
ويقترح بعض الخبراء التركيز على فهم البنية الداخلية للنماذج (interpretability) كخطوة أولى، رغم أن بعضهم يشكك في فاعليتها. كما يرى آخرون أن السوق نفسها قد تضغط لحل هذه المشكلات، إذا أصبحت سلوكيات الذكاء الاصطناعي المضللة عائقاً أمام تبنيه التجاري.
وفي خطوة أكثر جرأة، يدعو أستاذ الفلسفة سيمون جولدشتاين إلى تحميل شركات الذكاء الاصطناعي المسؤولية القانونية عن الأضرار، بل ويقترح «محاكمة الأنظمة الذكية ذاتها» إذا ما تسببت في جرائم أو كوارث، في مقترح من شأنه أن يعيد تعريف مفهوم المسؤولية في العصر الرقمي
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
كيف يقرأ الذكاء الاصطناعي أنشطتك من ساعتك الذكية؟
طوّر باحثون في جامعة ولاية واشنطن (WSU) خوارزمية حاسوبية مدعومة ببيانات ضخمة من الساعات الذكية للتعرف على مختلف أنشطة الحياة اليومية، من المهام المهنية إلى الأنشطة المنزلية والترفيهية.
وفي السابق، كان استخدام هذه الأجهزة يقتصر على رصد الحركات البسيطة مثل المشي أو الجلوس في بيئات مخبرية مضبوطة.
نُشرت الدراسة في مجلة IEEE لعلم المعلوماتية الطبية والصحية الحيوية، وحققت دقة بلغت 78%، ما يعزز إمكانات تحسين تقييم الصحة الإدراكية، ودعم إعادة التأهيل، وإدارة الأمراض، وتسريع التعافي بعد العمليات، بحسب موقع "ميديكال إكسبريس".
وقالت ديان كوك، أستاذة الجامعة والمشرفة على البحث: "لتحديد ما إذا كان الشخص بحاجة إلى رعاية، يجب معرفة مدى قدرته على أداء الأنشطة الأساسية مثل تناول الطعام، إدارة الأموال، أو قضاء المهام اليومية، فهذه مهارات جوهرية للاستقلالية".
- انظر أيضاً: كيف ينقذ الذكاء الاصطناعي الملايين من التسمم الغذائي؟
تحديات التقييم
يمثل تقييم قدرة المرضى أو كبار السن على إدارة حياتهم اليومية أحد أكبر تحديات الرعاية الصحية، إذ يحتاج الأطباء إلى بيانات شاملة عن القدرة على أداء الأنشطة الوظيفية والسلوكيات الموجهة نحو هدف.
كما أن جمع هذه المعلومات مثل دفع الفواتير أو الطهي أو التسوق، عملية معقدة ومتغيرة، سواء تم في العيادات أو عبر الأجهزة الذكية.
وأضافت كوك: "انخفاض الوعي بالحالة الإدراكية والبدنية مع التقدم في العمر تحدٍّ كبير، ووجود وسيلة آلية لرصد الحالة سيساعد على التدخل المبكر، والحفاظ على الصحة والاستقلالية، ويمهد لتطبيقات متقدمة في الصحة الرقمية والذكاء الاصطناعي".
- اقرأ أيضاً: ابتكار أداة ذكاء اصطناعي لعلاج أحد أخطر أمراض العيون
جمع البيانات
جمع باحثو "WSU" بيانات النشاط على مدى سنوات عبر دراسات عدة. وذكرت كوك: "كلما أجرينا دراسة تجمع بيانات من الساعات الذكية، أضفنا سؤالاً في تطبيق جمع البيانات يطلب من المشاركين تحديد النشاط الذي يقومون به في تلك اللحظة، وهكذا حصلنا على عدد كبير من المشاركين من دراسات متعددة، ثم بدأنا نختبر قدرتنا على التعرف على الأنشطة".
وشارك 503 شخصاً في هذه الدراسات خلال ثماني سنوات، وطُلب منهم في أوقات عشوائية على مدار اليوم اختيار نشاطهم من قائمة تضم 12 فئة، مثل إنجاز المهام اليومية، النوم، السفر، العمل، تناول الطعام، الاختلاط الاجتماعي، أو الاسترخاء.
كما اختبر الفريق عدة أساليب ذكاء اصطناعي لقياس القدرة على التعميم بين مختلف المشاركين.
- طالع أيضاً: الذكاء الاصطناعي يسلّح جهاز المناعة بـ"صواريخ" لمهاجمة الخلايا السرطانية
نموذج واعد
أنشأ الباحثون قاعدة بيانات تضم أكثر من 32 مليون نقطة معنونة، لكل منها دقيقة واحدة من النشاط، ودربوا نموذج ذكاء اصطناعي للتنبؤ بالنشاط الوظيفي بدقة بلغت 77.7%.
وأوضحت كوك: "التعرف على النشاط خطوة أساسية لفهم أنماط السلوك والتغيرات فيها، ويمكن استخدامه لتقدير مؤشرات الصحة مثل الإدراك والاستقلالية".
ويأمل فريق البحث في توظيف النموذج مستقبلاً في مجالات مثل أتمتة التشخيصات الطبية ودراسة الروابط بين السلوك والصحة والجينات والبيئة، مع إتاحة البيانات، بعد إزالة المعلومات التعريفية، للباحثين الآخرين للاستفادة منها.
أمجد الأمين (أبوظبي)