د. حامد أبو العز  ما تعانيه الصحافة ومراكز الأبحاث العربية هو الافتقار المعرفي الشديد للشؤون الإيرانية وتركيبتها. فعلى الرغم من أن هذه الدولة الجارة تعتبر مركز الأخبار حول العالم سواء فيما يتعلق ببرنامجها النووي والصاروخي من جهة أو من خلال عدائها المتجذر ضد إسرائيل ودعمها لحركات المقاومة إلا أننا لا نعرف الكثير عن سياساتها ولا عن معارضتها ولا عن كيفية تعامل الغرب معها.

مؤخراً، نشرت وكالة سي ان ان الأمريكية تقريراً غاية في الأهمية حول مصير أكبر الجماعات المعارضة الإيرانية وهي “مجاهدو خلق”. حيث ذكرت سي ان ان أن الجامعة استقطبت أكثر الشخصيات الأمريكية يمينية وتشدداً خلال مؤتمراتها السنوية يمن فيهم وزير الخارجية السابق “مايك بومبيو” ومستشار الأمن القومي السابق “جون بولتون”. والملفت في هذا التقرير هو تسليطه الضوء على مصير هذه الجماعة بعد الانتكاسات الأخيرة التي تعرضت لها. تبدأ القصة في الثمانينات عندما قامت هذه المنظمة بعمليات اغتيال جماعية في إيران لتتم تسمية هذه المنظمة باسم “المنافقين”، وقد قاد هذه الحركة مسعود رجوي في البداية ومن ثم أصبحت مريم رجوي زوجة مسعود قائدة لهذه المنظمة. تصنف إيران هذه المنظمة تحت عنوان المنظمات الإرهابية بسبب عمليات الاغتيال في الداخل الإيراني ومن ثم انتقال الحركة إلى بغداد خلال الحرب العراقية الإيرانية ليكون العراق مقراً لنشاطها العسكري ضد إيران. الملفت للانتباه بأن الولايات المتحدة تصنف هذه المنظمة كمنظمة إرهابية منذ العام 1997، ولكن يبدو بأن الولايات المتحدة اعتمدت هذه المنظمة كوسيلة لاسقاط النظام في إيران وعملت على دعمها بشكل علني وسري وقام العديد من الشخصيات الأمريكية بالمشاركة في اجتماعات واحتفالات المنظمة على مدار سنوات مضت. لقد وصل الدعم لهذه المنظمة إلى مرحلة قامت فيها دولة ألبانيا (المقر الجديد للمنظمة) بقطع علاقاتها مع طهران بسبب ضغوط أمريكية، وادعت الحكومة الألبانية بأن إيران شنت هجوما سيبرانياً عنيفاً ضدها. مؤخراً وفي خطوة مفاجئة من نوعها، شنت الحكومة الألبانية هجوماً واسعا على مقر هذه المنظمة والذي يسمى “أشرف 3” ونتج عن هذا الهجوم مقتل عدد من عناصر الحركة وإصابات في صفوف الشرطة الألبانية. كما صادرت الشرطة الألبانية عدد من كمبيوترات هذه الجماعة. وتكررت هذه العملية مرة أخرى بعد أسبوع. لم يعرف أسباب هذه الهجمات إلى اليوم الذي اتخذت فيه فرنسا قراراً بمنع تجمع سنوي لهذه الجماعة وعندها بدأت تتضح أسباب هذه العمليات المنسقة ضد الحركة. في الحقيقة قالت الشرطة الألبانية بأن الهجوم على مقر الحركة تم بناء على قرار محكمة وبناء على أدلة تتعلق ب”مكافحة الفساد والجرائم المنظمة”. ويبدو بأن هناك مجموعة من المنشقين عن المنظمة قاموا بتقديم شكاوى تتعلق بالتعذيب والممارسات الغير قانونية في معسكرات حركة مجاهدي خلق. وأما السبب الحقيقي والواقعي هو اكتشاف المخابرات الغربية بما فيها الفرنسية والألبانية بأن الحركة تخطط لعمليات إرهابية في الدول الأوربية لتتهم بها الدولة الإيرانية. ويبدو بأن من يقف وراء كل هذه المخططات كان الموساد الإسرائيلي في خطوة تهدف إلى تقويض العلاقات الأوربية-الإيرانية والحيلولة دون التوصل إلى أي تفاهمات أو صفقات تتعلق بالملف النووي أو ملف تبادل الأسرى. وتتهم طهران الموساد بدعم هذه المنظمة وزيارة مقراتها بشكل دوري ومنظم بهدف تقويض النظام في إيران. ولذلك فقد جاء الخطاب الفرنسي صريحاً هذه المرة إذ عزى منع تجمعات الحركة إلى “مخاوف أمنية جادة”. ختاماً، بعد اكتشاف هذه المخططات الإرهابية الخطيرة صرحت الولايات المتحدة بأنها تدعم حق الحكومة الألبانية في إجراء تحقيقات حول أي نشاط غير قانوني داخل أراضيها. ولكن الحكومة الأمريكية نفسها لا تمنع مسؤوليها السابقين من المشاركة في الاحتفالات والتجمعات الخطيرة لهذه الحركة. مرة أخرى وبعد الحقائق التي تم كشفها في أفغانستان والعراق وسوريا والتي تدلل على دور غربي-إسرائيلي في دعم الجماعات الإرهابية تظهر اليوم حقيقة أن الاعتماد على هذه المنظمات كان ولا زال استراتيجية يتبعها الغرب للإطاحة بالأنظمة المشروعة وتحويل الدول إلى دول فاشلة. ولكن من يدري فقد ينقلب السحر على الساحر كما حدث مع ألبانيا وفرنسا، فهل من متعض؟ باحث السياسة العامة والفلسفة السياسية كاتب فلسطيني

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: هذه المنظمة

إقرأ أيضاً:

أولمرت يصف حرب غزة بـغير المشروعة ويتهم نتنياهو بارتكاب جرائم حرب

وصف رئيس وزراء الاحتلال الأسبق، إيهود أولمرت، الإبادة المستمرة في قطاع غزة بأنها "غير شرعية وغير مبررة"، مؤكداً أنها تُشن بدوافع "شخصية وسياسية" لرئيس الحكومة الحالية بنيامين نتنياهو.

وفي تصريحات شديدة اللهجة نقلتها وسائل إعلام عبرية، قال أولمرت: "لا أحد في موقع المسؤولية في إسرائيل يستطيع اليوم أن يقدّم تفسيراً مقنعاً لما نقوم به في غزة... لقد قتلنا ما يكفي، ودمّرنا ما يكفي".

حماس عرضت تبادلاً كاملاً
وكشف أولمرت أن قطر نقلت في تشرين الأول/أكتوبر 2023 رسالة إلى الاحتلال الإسرائيلي أعربت فيها حركة حماس عن استعدادها لإجراء صفقة تبادل شاملة لجميع الأسرى فوراً، مضيفاً: "لم أكن أتوقع أن تتجاهل الحكومة مثل هذه الرسالة".

ووصف أولمرت سلوك الحكومة الإسرائيلية تجاه ملف التبادل بأنه "مضلل"، مشيراً إلى أن استمرار الحرب "يؤدي فقط إلى مزيد من القتل بين صفوف الجنود الإسرائيليين، دون أهداف سياسية واضحة أو إنجازات حقيقية".

وفي تصعيد غير مسبوق، أشار أولمرت إلى أن "عدداً من الأحداث الجارية في قطاع غزة يمكن تصنيفها على أنها جرائم حرب بل أكثر من ذلك"، مضيفاً: "نتنياهو يشن حرباً تخدم مصالحه الشخصية، يدفع ثمنها الأبرياء والجنود معاً".

وانتقد أولمرت بشدة خطة "المدينة الإنسانية" التي تروج لها الحكومة الإسرائيلية جنوب قطاع غزة، واصفاً إياها بـ"البغيضة"، ومعتبراً أنها قد تُفسّر على أنها معسكر اعتقال جماعي، مؤكداً أن "مجرد التفكير بهذه الخطة هو جريمة في حد ذاته".

وأضاف: "الوحيد القادر على إيقاف هذه الحرب هو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. إذا قال لنتنياهو إن الأمر بلغ حده، فسيتراجع فوراً".


أرقام كارثية للمجاعة
تزامنت تصريحات أولمرت مع تدهور إنساني غير مسبوق في قطاع غزة، حيث أعلنت وزارة الصحة، أمس الأربعاء، عن ارتفاع عدد شهداء التجويع وسوء التغذية إلى 154 فلسطينياً، بينهم 89 طفلاً، منذ اندلاع العدوان في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

ووفق التقديرات الصحية، يواجه مئات الأطفال والمرضى خطر الموت الوشيك، في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي الذي يمنع إدخال المساعدات أو يفرض السيطرة عليها خارج إشراف الأمم المتحدة.

وكان برنامج الأغذية العالمي قد حذّر الأسبوع الماضي من أن "ثلث سكان غزة لم يتناولوا الطعام منذ أيام"، واصفاً الأوضاع بأنها "غير مسبوقة من حيث مستوى الجوع واليأس".

ورغم تكدّس آلاف شاحنات الإغاثة على معابر القطاع، لا تزال قوات الاحتلال تمنع دخولها أو تتحكّم بتوزيعها، وقد تكررت مشاهد إطلاق النار على المدنيين المحتشدين حول شاحنات المساعدات.

وبحسب وزارة الصحة في غزة، فإن ألف و330 فلسطينياً قُتلوا وأصيب أكثر من 8 آلاف و800 آخرين برصاص قوات الاحتلال أثناء محاولاتهم الحصول على الغذاء منذ 27 أيار/مايو الماضي.

ويواصل الاحتلال الإسرائيلي، بدعم سياسي وعسكري مباشر من الولايات المتحدة، حرب الإبادة الجماعية على غزة، والتي تشمل القتل العشوائي، والتجويع، والتدمير، والتهجير القسري، في تجاهل صارخ لكافة نداءات المجتمع الدولي، وأوامر محكمة العدل الدولية بوقف العدوان.

وأودت حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بحياة أكثر من 207 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب أكثر من 9 آلاف مفقود تحت الأنقاض، ومئات الآلاف من النازحين، في ظل مجاعة متصاعدة حصدت أرواح عشرات الأطفال.

مقالات مشابهة

  • إيران: الاتهامات الأمريكية بشأن مخططات الخطف والاغتيال مضحكة
  • بالأسماء.. ننشر الحركة الداخلية بمديرية أمن الغربية
  • أولمرت يصف حرب غزة بـغير المشروعة ويتهم نتنياهو بارتكاب جرائم حرب
  • البيت الأبيض: الإدارة الأمريكية تحبذ إدراج جماعة الإخوان على قائمة المنظمات الإرهابية
  • تركيا تلتقط أنفاسها بعد الجحيم.. الطقس ينقلب خلال أيام!
  • الرئيس التنفيذي لـ"ثواني للتقنيات" يلهم الشباب ضمن برنامج "مناهل العز"
  • المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا: مزاعم حصار محافظة السويداء من قِبل الحكومة السورية محض كذب وتضليل، الحكومة السورية فتحت ممرات إنسانية لإدخال المساعدات لأهلنا المدنيين داخل المحافظة بالتعاون مع المنظمات الإنسانية المحلية والدولية، ولتسهيل الخ
  • خطة إيران الذكية للتخلي عن الـGPS
  • فرنسا تصف عنف المستوطنين في الضفة الغربية بـ"الأعمال الإرهابية"
  • فايننشال تايمز: العالم يخذل الشعب الفلسطيني.. والعار سيطارد الدول الغربية لسنوات طويلة قادمة