موقع النيلين:
2025-05-19@13:48:45 GMT

حرب بلا إعلام (2من 5)

تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT


حرب بلا إعلام (2من 5)
النهج الذي اعتمدته القوات المسلحة في هذه الحرب هو التكتم
كتب ـ عثمان أبوزيد
قلنا في الحلقة السابقة إن من المظاهر الأولى لحرب الخرطوم توقف وسائل الإعلام الرسمية الحكومية توقفًا تامًا.
انقطع إرسال التلفزيون القومي وكذلك الإذاعة وإذاعات الأف أم، وتوقفت الصحف. وهذا مظهر لمركزية شديدة في الإعلام على الرغم من وجود إذاعة وتلفزيون في كل ولاية، إذ ظل الإرسال عبر الأقمار الاصطناعية (SNG) في التلفزيون القومي.

نتذكر في عهد الرئيس جعفر نميري حينما تعطلت إذاعة أم درمان في إحدى المحاولات الانقلابية أمكن الاستعاضة بإذاعة جوبا.
وبغياب الصوت الرسمي والقومي، توجهت الأنظار والأسماع إلى وسائل التواصل الاجتماعي بمنصاتها المعروفة وأكثرها استخداما بين السودانيين واتس أب وفيسبوك، وتعذر لدى الأغلبية في داخل البلاد الوصول إلى منصات الفيديو بل حتى المقاطع الصوتية لضعف الشبكات. وبرز تواصل شفوي بتبادل الأخبار عبر المكالمات الهاتفية وجماعات الأنس حيث يتأثر الناس بالشائعات والأخبار المصنوعة والمختلقة.
في 26 أبريل بعد أسبوع تقريبا من اندلاع القتال كتبتُ على صفحتي في
فيسبوك أن هذه الحرب في السودان، مثل سائر الحروب جزءٌ كبير منها حرب إعلامية.
نقول حرب إعلامية تجاوزًا لأن مفهوم الإعلام الذي نعرفه هو: تزويد الجمهور بالمعلومات الصحيحة، أو الحقائق الواضحة والصريحة لتشكيل رأي عام مستنير. وقد نتفهم أنه حين تندلع المعركة العسكرية يصبح الأساس هو الدعاية والحرب النفسية والدعائية.
إن النهج الذي اعتمدته القوات المسلحة في هذه الحرب هو التكتم، وهو النهج المتبع في ظروف الأزمات الأمنية عالية الحساسية، فهذه المواجهة بتوصيف القوات المسلحة تمرد وتفلت أمني، ومن طبيعة التغطية الإعلامية الرسمية خلال فترة الأزمات الأمنية من هذا النوع؛ التكتم والتقيد بما تنشره الجهات الرسمية.
وللمقارنة بين إعلام الجيش وإعلام الدعم، فقد رصد مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة في مصر نشاط منصات التواصل الاجتماعي لكل من الجيش والدعم، ومما أبرزه الرصد:
امتلكت القوات المسلحة صفحة على «فيسبوك» تابعها منذ الشهر الأول
للحرب مليون ونصف المليون متابع، وبلغ حجم التفاعل عليها 359 ألفاً،
غير أن حسابها على «تويتر» كان غير نشط يتابعه ألفان فقط وتعود آخر
تغريدة عليه إلى 10 مارس 2023م.
خلال الفترة من 15 إلى 24 إبريل 2023، حصل استخدام مكثف لتلك
الحسابات لنشر أخبار تدعم انتصارات كل جهة مع توجيه الاتهامات للجهة الأخرى، وجرى خلال ذلك توظيف تقنيات النص والصورة والفيديو، ويمكننا تقديم نظرة أكثر عمقاً لذلك من خلال رصد التغريدات المنشورة على حساب الإعلام العسكري للقوات السودانية وحساب قوات الدعم السريع على «تويتر.
خلال الفترة المذكورة، نشر حساب الإعلام العسكري للقوات المسلحة السودانية
119 تغريدة تضمنت 11 مقطع فيديو وكان عليها 17081 إعجاباً و3792 رداً،
تضمنت 1883 كلمة، وبالتحليل التكراري لتلك الكلمات يظهر استفاضة
الجيش السوداني في استخدام صفات تنزع الشرعية القانونية عن قوات الدعم السريع، حيث تكرر استخدام أوصاف «المتمردة» و«متمردون» و«تمرد» بإجمالي 56 مرة، فضلاً عن أوصاف «الميليشيا» 19 مرة و«العدو» 5 مرات،
وبالمقابل عمد إلى ذكر المدنيين ومخاطبة الشعب السوداني بنحو 38 مرة،
لتأكيد رغبته في حماية الشعب من اعتداءات «الطرف المضاد». فيما نشر حساب قوات الدعم السريع على «تويتر» 179 تغريدة، عليها 74037 إعجاباً، و10532 رداً، وهو ما يعكس حجماً أكبر من النقاش والسجال الرقمي، زاد منه استخدام المواد المصورة، حيث بلغ عدد الفيديوهات المتضمنة 57 فيديو. وبالتحليل التكراري لكلمات تلك التغريدات والبالغ عددها 2277 كلمة. (تقرير فاطمة الزهراء، مركز الأبحاث ودراسات المستقبل).
وعلى الرغم من كثافة تغريدات منصة الدعم السريع، فإن الملاحظ
وجود ردود معارضة لتوجهها وهجوم مكثف عليها مما يدل على تعاظم رأي عام أوسع مساند للجيش ومعارض لموقف الدعم السريع.
استطاعت منصات الدعم السريع تمرير معلومات تعطي انطباعًا أوليًا بحيازة النصر وحسم المعركة، وأصبح هذا هو الانطباع السائد لدى الكثير من المراقبين.
وسرعان ما تناقصت فاعلية هذه المنصات بسبب تناقض الأخبار ونشر الأكاذيب.
وفي العموم لا تعد حسابات الجيش ولا الدعم في تويتر أكس حاليا وفيسبوك من المنصات الرائجة بمعيار رواج حسابات أخرى تحظى بمتابعة الملايين.
ولا شك أن الإعلام المساند للجيش أو للدعم من الفاعلين والناشطين والداعمين أقوى انتشارًا، وهو ما يشير إليه البعض على سبيل التقليل والاستهانة بالدجاج الالكتروني.
ومن الواضح أن غرفًا متخصصة ولا سيما لدى الدعم تعمل على توجيه هذه الحسابات بأساليب مختلفة منها استخدام الخوارزميات مما يؤدى إلى قدر من التحكم في صناعة محتوى معين يجري الترويج له عبر إنشاء الكثير من الحسابات الزائفة واستخدام الروبوتات في إغراق الشبكة بمضمون يهدف إلى تصوير تقدم الدعم السريع.
واستخدام إعلام الدعم السريع الذكاء الاصطناعي، والمستهدف به على وجه خاص هم جنود الدعم السريع ورفع معنوياتهم بمخاطبات افتراضية من قائدهم الذي لم يعرف مصيره منذ أيام الحرب الأولى.
واستطاعت غرف الدعم السريع زرع أخبار سرعان ما رددها المناوئون لها، مثل أخبار استيلاء الجيش على الإذاعة.
والغرض من ذلك هو التأثير السلبي على معنويات الجهة الأخرى، فبعد تصيدهم بمثل هذه الأنباء الطيبة ورفع التوقعات، يظهر جنود الدعم يوجهون تكذيبًا من داخل مباني الإذاعة والتلفزيون.
لكن إعلام الجيش استطاع بشكل لافت تحقيق انتصار معنوي كان له الأثر السلبي في خفض معنويات عدوهم. وهذا ما نتناوله في الحلقة القادمة.
(نواصل)

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: القوات المسلحة الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

14 قتيلا في قصف لقوات الدعم السريع على مخيم للنازحين غرب السودان

الخرطوم- قتل 14 شخصا في قصف لقوات الدعم السريع على سوق في مخيم للنازحين في إقليم دارفور، وفقا لما أفادت به مصادر إغاثية الأحد 18 مايو 2025، مع تكثيف هذه القوات هجماتها في غرب وشرق السودان.

وقالت غرفة طوارئ معسكر أبو شوك في بيان إن القصف طال "سوق نيفاشا.. وأجزاء أخرى من داخل المعسكر كالمساجد والمنازل القريبة من المرافق العامة" في المخيم الذي يشهد تفشيا للمجاعة.

وأكدت أن "حجم الخسائر كبير ولكن لسوء الأوضاع الأمنية" كانت هناك صعوبة في حصر "كل الضحايا والمصابين".

ويقع مخيم أبو شوك في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وهي آخر المدن الرئيسية التي ما تزال تحت سيطرة الجيش، بينما تسيطر الدعم السريع على معظم أنحاء الاقليم ذي المساحة الشاسعة في غرب السودان.

وكثفت قوات الدعم السريع هجماتها على مواقع تابعة للجيش في الفاشر وضواحيها بعد هزيمتها أمام الأخير في العاصمة الخرطوم قبل شهرين.

وبالقرب من الفاشر، أعلنت قوات الدعم السريع الشهر الماضي السيطرة على مخيم زمزم بعد هجمات عنيفة أسفرت عن مقتل المئات ونزوح 400 ألف على الأقل من قاطنيه الذين كانوا نزحوا إليه خلال الحرب أو أثناء معارك سابقة في إقليم دارفور.

ويشن الجيش وقوات الدعم السريع هجمات متبادلة في أنحاء البلاد سعيا للسيطرة على أراض أو قطْع إمدادات المعسكر الخصم.

واتّهمت منظمة "محامو الطوارئ" الحقوقية الأحد الجيش وقوات مساندة له بشن "هجوم غادر على قرية الحمادي بجنوب كردفان صباح الخميس 15 أيار/مايو 2025، أسفر عن مقتل 18 مدنيا – بينهم 6 نساء و4 أطفال – وإصابة أكثر من 13 آخرين، بحسب إحصائيات أولية".

وفق المنظمة "رافق الهجوم نهب واسع لمنازل المواطنين وسوق القرية، واعتقالات تعسفية بحق ناشطين، كما اضطر عشرات المدنيين للنزوح سيرا على الأقدام نحو قرى ومدن مجاورة في أوضاع إنسانية شديدة القسوة".

الى ذلك، حذرت منظمة أطباء بلا حدود الأحد من تأثر الخدمات الصحية في مستشفيات رئيسية بالعاصمة السودانية بعد قصف لمحطات كهرباء أدى لانقطاع التيار بالكامل عن الخرطوم.

- انقطاع الكهرباء في الخرطوم -

وقالت أطباء بلا حدود في بيان إن ضاحية أم درمان "تواجه رابع انقطاع كبير للكهرباء هذا العام عقب تقارير عن هجمات بطائرات مسيرة شنتها قوات الدعم السريع على ثلاث محطات كهرباء في ولاية الخرطوم".

وقال والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة، في بيان غداة استهداف المحطات الأسبوع الماضي إن "انقطاع التيار الكهربائي بالكامل عن الولاية أدى إلى شلل كبير في الخدمات الأساسية المرتبطة بالكهرباء مثل المياه والمستشفيات وغيرها من المرافق الحيوية مما يفاقم من معاناة المواطن".

وأشار بيان أطباء بلا حدود إلى أن مستشفيي النو والبلك في أم درمان يعانيان "من نقص في الكهرباء والأكسجين والماء. كما تتعرض الرعاية الصحية على جميع مستوياتها إلى اضطرابات"، لافتا الى أن النوّ هو "المستشفى الرئيسي في المنطقة حيث يستقبل المرضى من أم درمان وبحري والخرطوم. وإذا ما توقفت خدماته، فسينقطع شريان حياة بالغ الأهمية".

وتوقع البيان ارتفاع معدلات الإصابة بالكوليرا جراء نقص مياه الشرب، حيث "سيلجأ الناس إلى مصادر مياه مختلفة" مع توقف محطات المياه عن العمل.

ودانت المنظمة في بيانها "جميع الهجمات على البنية التحتية المدنية. فهذه الغارات تفاقم الأزمة الإنسانية المريعة أصلا" داعية للوقف الفوري لاستهداف البنية التحتية.

وعلى مدار الأيام السابقة استهدفت طائرات مسيرة تابعة للدعم السريع مواقع حيوية في شمال شرق البلاد الذي يعاني مئات الآلاف من سكانه من انعدام حاد للأمن الغذائي.

وفي الأسبوعين الماضيين، شنّت قوات الدعم السريع هجمات باستخدام الطائرات المسيّرة على بنية تحتية مدنية في بورتسودان التي نزح إليها مئات الآلاف خلال العامين الماضيين وتتخذها الحكومة المرتبطة بالجيش مقرا موقتا لها، بما في ذلك ميناء المدينة على البحر الأحمر ومستودع الوقود ومحطة الكهرباء الرئيسيين.

ويشهد السودان منذ منتصف نيسان/أبريل 2023 حربا مدمّرة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح 13 مليون شخص، وأزمة انسانية تعدها الأمم المتحدة الأسوأ في التاريخ الحديث.

 

 

مقالات مشابهة

  • 14 قتيلا في قصف لقوات الدعم السريع على مخيم للنازحين غرب السودان
  • الجيش السوداني يحاصر آخر معاقل الدعم السريع غرب الخرطوم
  • الجيش السوداني يستعيد السيطرة على العطرون الإستراتيجية بشمال دارفور
  • السودان.. مقتل 14 نازحًا في قصف الدعم السريع على سوق في دارفور
  • حكم بالإعدام على متعاون مع قوات الدعم السريع المتمردة
  • السودان: مقتل 14 شخصا في قصف لميليشيا الدعم السريع على معسكر للنازحين في الفاشر
  • مليشيا الدعم السريع تستهدف معسكر قوات درع السودان بجبل الأبايتور
  • أعلنت مليشيا الدعم السريع بولاية غرب كردفان حالة الطوارئ والتعبئة العامة
  • بالفيديو .. دفاعات الجيش السوداني تحبط هجوم على سلاح المهندسين ..تدمير مدفع وسيارات قتالية وسقوط قتلى من الدعم السريع
  • كيف أنقذ الإيمان ضابطًا سودانيًا من معتقلات الدعم السريع؟