المفارقة: حقق الجنجويد انتصارات عسكرية مهمة في غرب ووسط السودان بينما تراجع الجيش السوداني. ومع ذلك فإن الجنجويد منفتحون على التفاوض. لماذا؟ لأن الجميع يعلم أن الجنجويد لا يستطيعون الحكم، فليس لديهم القدرة ولا الرغبة في الحكم. وتتمثل خطتهم في الحكم خلف واجهة مدنية يقدمها حلفاؤهم السياسيون.

ولكن إذا استولى الجنجويد على البلاد بقوة السلاح، فسيصعب على حلفائهم السياسيين الظهور والحكم معهم والكشف عن التحالف غير المعلن.

ولهذا السبب يأمل الجنجويد وحلفاؤهم في عملية سياسية تحجب طبيعة التحالف من خلال ضم فصائل أخرى وكيانات دولية وإقليمية تعمل كقناع يخفي طبيعة التحالف.

ومن ناحية أخرى، فإن الجيش وأنصاره من الإخوان وغيرهم – رغم ضعفهم الراهن – متشككون بشأن المفاوضات لأنهم يعتقدون أنها ستكون فخًا لأن تحالف الجنجويد يتمتع بدعم خارجي من أثرياء وأقوياء، ولأن العملية السياسية ستؤدي على الأرجح إلى إخراج الجيش من السياسة وتأميم شركاته وأصوله الاقتصادية بينما سيحتفظ الجنجويد بإمبراطوريتهم الاقتصادية تحت ستار كونها مملوكة لأفراد. وسيستمر نفوذ الجنجويد السياسي الثقيل عبر واجهة حلفائه في الداخل والخارج.

وعلى الرغم من انتصاراتهم الأخيرة، فشل الجنجويد في تحويل هذه الانتصارات العسكرية إلى مكاسب سياسية. وفي الواقع فإن الغزوات العسكرية الأخيرة للجنجويد تحمل بذور هزيمة سياسية هائلة لأنها ستجعل من الصعب على حلفائهم في المستقبل أن يتقدموا لتوفير واجهة مدنية لعصر الجنجويد المحتمل.

إن حقيقة أن الجنجويد ليس لديهم القدرة أو الرغبة في الحكم هي حقيقة مهمة تفسر أشياء كثيرة. إحداها أن بعض القوى المدنية راهنت على حصان الجنجويد لأنهم بعد أن يحققوا النصر العسكري سيسلمونها السلطة السياسية وتوفير حماية ميليشية لسلطتهم.

كما تفسر تلك الحقيقة سبب إعلان الجنجويد أنهم سيسمحون لمدن الجزيرة بالحكم الذاتي. وهذا ليس من باب احترام حقوق الناس ولكنه اعتراف بأنهم لا يستطيعون ولا يريدون تحمل مسؤوليات الحكم التي تشمل الحفاظ على النظام وتوفير الحد الأدنى من الخدمات الحيوية مثل الكهرباء والماء والتعليم.

التقدم العسكري للجنجويد في الأيام السابقة نوع من أنواع النصر البيروسي – أي النصر الباهظ الثمن الذي يلحق بالمنتصر خسائر فادحة لدرجة أنه يعادل الهزيمة. وهذا النصر ينفي أي إحساس حقيقي بالإنجاز ويضر باهداف الحلف الجنجويدي على المدى الطويل. وهذا هو سبب انزعاج مناصري الجنجويد تحت تحت من الانتصارات العسكرية ما أضعف أحتفالياتهم وشماتتهم.

معتصم اقرع

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

تحرك مفاجئ لقيادات في الرئاسي للبحث عن “مظلة جديدة” بعد انكشاف عزلة التحالف!

الجديد برس| لأول مرة منذ نحو عام، يعاود أعضاء المجلس الرئاسي، السلطة الموالية للتحالف جنوب اليمن، نشاطهم بلقاءات مع سفراء أجانب، فما ابعاد الخطوة من حيث التوقيت؟ لأشهر ظل أعضاء الرئاسي الثمانية في سبات عميق حتى وقد وصلت الازمات في مناطق سيطرتهم معدلات قياسية، وفضل غالبيتهم الاختباء في فللهم وغرفهم الفندقية الفاخرة على النطق ببنت شفاه ولو من باب المواساة. اليوم وبعد أكثر من عام من الصمت والبيات الشتوي يخرج هؤلاء إلى المشهد لكن بحثا عن واصي جديد وقد أظهرت التحركات الأخيرة مؤشرات تهدد مستقبلهم وتقظ مضاجعهم. خلال الساعات الأخيرة شهدت العاصمتين السعودية والاماراتية حراك مكثف . في ابوظبي عقد عيدروس الزبيدي رئيس الانتقالي ومن تغرق عاصمته المؤقتة بالفوضى والانهيار لقاء بالسفير الفرنسية  ومثله نائبه ابوزرعة المحرمي وقبل ذلك اجرى نائبه الثالث  فرج البحسني لقاء مماثل في العاصمة السعودية .. كل اجندة قادة الانتقالي الذين يدعون تمثيل الجنوب زورا ابرام صفقات نفط مع اكبر إمبراطورية سوداء نثرت الحروب حول العالم لقاء الطاقة . في الضفة الأخرى يدفع رشاد العليمي نحو احتضان روسي وهو بذلك يحاول التقرب اكثر من صنعاء التي باتت تلفت الأنظار حول العالم، ومثله قيادات في حزب الإصلاح تتحدث تقارير عن اجرائها اتصالات حاليا لتأمين عودتها إلى الداخل. هذه التحركات لمثل هكذا قوى انتهازية تعكس من حيث التوقيت شعور بالخطر يهدد مصالح تلك القوى  ويبعثر أوراق سنوات من حربها على شعبها،  فالسعودية اكبر راعي لها لم تعد كذلك وقد اغلق ولي العهد السعودي  محمد بن سلمان ملف اليمن كما يبدو والقى الكرة بملعبها للبحث عن حل سياسي قال ان بلاده ستدعمه وهو بذلك يشير لتلك القوى بصورة غير مباشرة بان إمكانية العودة للحرب باتت مستحيلة،  اما أمريكا التي كانت تعول عليه هذه القوى  مع انطلاق حملتها الجديدة على اليمن باتت اكثر الأطراف انبهارا بقوة صنعاء وقدراتها  وهي بذلك تشير إلى انها تفضل الاتفاق معها على مواجهة المخاطر. اذا هي مرحلة فاصلة يحاول فيها كل طرفا من القوى الموالية للتحالف الحاق نفسه قبل الضياع في براثين عصر القوة،  لكن الأبرز فيها ان جميع القوى اليمنية الموالية للتحالف تبدو تائهة وقد اضاعت بوصلتها واعتمدت على  قوى إقليمية ودولية تقدم مصالحها على حسابات الاخرين وغير قادرة أصلا على مواجهة المخاطر اكثر.

مقالات مشابهة

  • بوتين: النتيجة التي تنشدها روسيا من العملية العسكرية الخاصة هي القضاء على الأسباب الجذرية للأزمة
  • متخصص: يجب فهم الكتالوج الخاص بك لمعرفة الأشياء التي يمكن التحدث عنها ..فيديو
  • عدنا منذ أيام لديارنا.. بعد أن خرج الجنجويد مذلولين مهانين منها
  • لا فرق بينهم وبين الجنجويد.. وربما هم أسوأ
  • سيارة تقطع إشارة عبد المنعم رياض بالمهندسين وتحطم واجهة محل تجاري
  • "التحالف الإسلامي" يختتم برنامجًا تدريبيًا في الرياض عن محاربة تمويل الإرهاب وغسل الأموال
  • زمزم: “مراكب النجاة” أنقذت القرى الأكثر فقرًا من كارثة الهجرة غير الشرعية
  • تحرك مفاجئ لقيادات في الرئاسي للبحث عن “مظلة جديدة” بعد انكشاف عزلة التحالف!
  • حميد الأحمر على أبواب صنعاء؟: مفاوضات سرية ووساطات لعودة "رجل الإصلاح"
  • الجنجويد العاملين فيها محايدين ديل اخطر علينا من الجنجويد الواضحين