عربي21:
2025-05-28@04:38:33 GMT

الحقوق والحريات بين غرب ليبيا وشرقها

تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT

تملُّك السلطة مدعاة للتورط في انتهاك الحقوق ومصادرة أو تقييد الحريات، وفي اعتقادي أنها بديهية تجري على كل أصحاب السلطة، حتى أولئك الذين في الدولة المتقدمة، والاختلاف هو في الاساليب وفي مناطق ممارسة الاستبداد وانتهاك الحقوق، وما يجري في غزة اليوم دليل على ذلك. غير أن للاستئثار بالسلطة والتورط في الانتهاكات رادع يمثله الدستور وتعززه السلطات الأخرى الرسمية والمجتمعية، وهو ما نشاهده في المجتمعات الديمقراطية.



وإسقاطا على الحالة الليبية، فإنه لا يستثنى اليوم أحد من القابلية للوقوع في الاستبداد والتورط في القمع، فالحكام في غرب البلاد أو شرقها يضيقون ذرعا بالانتقادات والاعتراضات عبر وسائل التعبير المختلفة، والفارق بينهم هو الاختلاف في الخلفية والنشأة، غير أن الأهم هو وجود قوى تمنع تحول تملك السلطة إلى استبداد يفرخ العنف ضد المعارضين أو حتى المنتقدين لها في الغرب وانتفاء ذلك في الشرق.

صيانة وتثمين الحقوق والحريات كانت من بين أسباب انتفاضة قطاع واسع من الليبيين في شباط/ فبراير 2011م، وهي من أهم مكاسب الثورة، كما أنها من أبرز معايير التفضيل بين المناطق المتعددة في البلاد، غربا وشرقا وجنوبا، ولأن نفَس فبراير ما يزال حاضرا في الغرب الليبي فالحقوق والحريات أكثر صونا وتثمينا
صيانة وتثمين الحقوق والحريات كانت من بين أسباب انتفاضة قطاع واسع من الليبيين في شباط/ فبراير 2011م، وهي من أهم مكاسب الثورة، كما أنها من أبرز معايير التفضيل بين المناطق المتعددة في البلاد، غربا وشرقا وجنوبا، ولأن نفَس فبراير ما يزال حاضرا في الغرب الليبي فالحقوق والحريات أكثر صونا وتثمينا.

الجدل بين المثقفين أو من يصنفون ضمن شريحتهم قام منذ العام 2014م حول المفاضلة بين الحقوق والحريات والأمن، وانقسم أنصار فبراير -وآخرون وجدوا في الخلاف فرصة للعودة للمشهد- بين منتصر للأولى وآخر مقدم للأمن على كل شيء. والحقيقة أن وضع الحقوق والحريات في تناقض مع الأمن والاستقرار مغالطة ما كان ينبغي أن يقع فيها مثقف أو من هم من أهل العلم والمعرفة، إذ لا أمن بلا حقوق تصان وحريات تثمّن، وقد ثبت لدى معظم من ناصروا المشروع العسكري الأمني الذي هيمن على الشرق أن الأمن يتجه ليصير أمن السلطة وبقاءها، وعلى حساب النَيل من الجميع حتى من ناصروها وكانوا عاملا رئيسيا في بلوغها ما بلغته.

حادثة اعتقال الأستاذ الجامعي بشير عريبي في العاصمة طرابلس كانت اختبارا بل ربما معيارا لقياس مدى تقدير الحقوق والحريات في الغرب الليبي في مقابل المناطق الأخرى، خاصة الشرق، فالرجل مارس بعض حقوق المواطنة وأسياسات الحرية، وهي التعبير عن رأيه وما اعتبره تجاوزات للسلطات الأمنية بل حتى السياسية في العاصمة تجاه مطالب أعضاء هيئة التدريس في الجامعات. والحديث هنا لا علاقة له بما قام به أعضاء هيئة التدريس عبر نقابتهم من اعتصام أدى لوقف الدراسة لشهرين، وأسلوب عريبي في الاعتراض، فالنقاش في هذه المساحة مخصص لحق التعبير والدفاع عنه في مواجهة السلطة الحاكمة وأجهزتها، فهذا بيت القصيد.

الدكتور عريبي خرج في اليوم ذاته أو الذي يليه، ومن بين أسباب خروجه هو الحراك متعدد الواجهات الذي أدان السلوك الأمني تجاهه، ولأن المناخ العام يحكمه بقدر لا بأس به احترام الحقوق والحريات، ويضبطه التوازن بين المكونات المختلفة في الغرب والتي تجعل من هامش الحريات أرحب، فإن انتهاكات الحقوق وتقييد الحريات ليس هو الأصل، وأن البراح فيها ما يزال مرضيا، ولهذا تقع الاعتقالات لكنها محدودة وتنتهي في الغالب إلى تسوية، ويظل هامش التعبير واسعا والانتقاد والاعتراض حتى على رأس هرم السلطة متاحا.

الخطأ الأكبر أن يكون الحل هو تغلُّب إحدى تلك القوى لتصير إلى الاستئثار بالسلطة والوقوع في الانتهاكات ومصادرة الحريات، والمطلوب هو ترشيد وتقنين السلطة في الغرب والشرق والجنوب، والوسائل هي ترقية الوعي العام بقيادة وإشراف النخبة الرشيدة ومن خلال توازن السلطات الذي ينظمه دستور حاكم تسنده المكونات الرسمية والمجتمعية
حوادث عدة ووقائع كثيرة تؤكد أن الحقوق والحريات في مستوى متدن في الشرق الليبي، فتغييب نائبة في مجلس النواب، واحتمال تصفيتها، لاعتراضها على سلوك للسلطة المتحكمة وهي قيادة الجيش، ومقتل ناشطة في وضح النار لانتقادها سلوك متنفذين هناك، وما آل إليه العميد المهدي البرغثي بعد عودته إلى مدينته وبيته، واعتقال العديد من النشطاء المبرزين، آخرهم د. فتحي البعجة ورفقاؤه، لمجرد تحفظهم على الواقع السياسي والحقوقي، ومنع التظاهر والتجمهر إلا لمناشط تدعم السلطة الحاكمة، جميعها يشير إلى أن النهج هناك قائم على تثبيت السلطة وتعزيز النفوذ عبر القمع والترهيب، وأن المكونات الأخرى التي من المفترض أن تحقق التوازن وتمنع الاستئثار بالسلطة والانزلاق إلى تكريسها عبر الكبت والقهر تم تحييدها عبر التهجير أو التغييب أو الانزواء في ركن بعيد حيث لا حراك بل لا صوت.

لا أدعي أن الحالة في الغرب الليبي بالعموم صحية، والإشكال هو خلل السلطة بسبب تعدد القوى، غير أن الخطأ الأكبر أن يكون الحل هو تغلُّب إحدى تلك القوى لتصير إلى الاستئثار بالسلطة والوقوع في الانتهاكات ومصادرة الحريات، والمطلوب هو ترشيد وتقنين السلطة في الغرب والشرق والجنوب، والوسائل هي ترقية الوعي العام بقيادة وإشراف النخبة الرشيدة ومن خلال توازن السلطات الذي ينظمه دستور حاكم تسنده المكونات الرسمية والمجتمعية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الحريات ليبيا حقوق الإنسان حريات حفتر مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحقوق والحریات فی الغرب اللیبی

إقرأ أيضاً:

مؤتمر الذكاء الاصطناعي بالدوحة يدعو لتكنولوجيا تحترم القيم الإنسانية العالمية

الدوحة– أكد مشاركون في المؤتمر الدولي للذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان الذي يعقد في الدوحة ضرورة وضع أُطر حوكمة رشيدة لأنظمة الذكاء الاصطناعي، تضمن احترام القيم الإنسانية العالمية وتحول دون استخدامها في المساس بحقوق الإنسان أو تقييد الحريات أو خداع الأفراد.

وخلال جلسة "الحاجة إلى حوكمة الذكاء الاصطناعي..أفضل الممارسات لاستخدام الذكاء الاصطناعي وفقًا للمعايير الأخلاقية"، شدد خبراء ومتحدثون على أهمية تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي تعتمد منذ مراحل التصميم والتطوير وحتى التشغيل على مبادئ الشفافية والمساءلة وعدم التمييز، بحيث تصبح هذه التكنولوجيا قوة مساندة للعدالة والكرامة الإنسانية، ولا تكون أداة تهددها أو تقيدها.

كما تناول المشاركون الجوانب الرئيسية لحوكمة الذكاء الاصطناعي، بدءًا من تقييم مدى استعداد البلدان والمنظمات لتبنيه مع الحفاظ على حقوق الإنسان إلى تطوير استراتيجيات الذكاء الاصطناعي الوطنية المتجذرة في المبادئ الأخلاقية.

دون تقييد

وناقش الخبراء أفضل الممارسات من اتفاقيات الذكاء الاصطناعي العالمية، والطرق المتبعة لبناء أنظمة شاملة له، تضمن الوصول العادل، والمشهد المتطور للأطر التنظيمية الدولية والإقليمية والوطنية، محذرين من أن استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي يجب ألا يؤدي إلى خداع الأفراد أو فرض قيود غير مبررة على حقوقهم وحرياتهم.

إعلان

كما ركزت الجلسة على الأبعاد الحاسمة لحوكمة الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك مدى جاهزية الدول والمؤسسات لتبني هذه التكنولوجيا مع ضمان احترام حقوق الإنسان وتطوير استراتيجيات وطنية للذكاء الاصطناعي تستند إلى القيم الأخلاقية، واستعراض أفضل الممارسات من الأطر الدولية، وتعزيز بيئات الذكاء الاصطناعي الشاملة التي تضمن وصولاً عادلاً للجميع.

لورا ماريا كراسيونيان: التكامل بين مختلف الحقوق يفرض مقاربة شاملة في التعامل مع التكنولوجيا الحديثة(الجزيرة)

من جهتها، سلّطت رئيسة لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لورا ماريا كراسيونيان تاتو، الضوء على الأهمية المتزايدة للدور الذي تؤديه وكالات الأمم المتحدة المتخصصة، كمنظمة العمل الدولية واليونسكو، في صياغة التفسيرات المعاصرة والمتجددة لمفاهيم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما يواكب التحولات التقنية والاجتماعية التي يشهدها العالم، وعلى رأسها تطورات الذكاء الاصطناعي.

وأكدت أن حقوق الإنسان، بجميع أبعادها المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية تُعد متساوية في القيمة والأهمية، ولا ينبغي التعامل معها بتفاوت أو تجزئة موضحة أن هذا التكامل بين مختلف الحقوق يفرض مقاربة شاملة في التعامل مع التكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، تقوم على احترام جميع الحقوق دون انتقاص.

وأضافت أن التفسير المنهجي والمتماسك للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان يمكن أن يلعب دورًا محوريًا في توجيه جهود حوكمة الذكاء الاصطناعي، بما يضمن أن تبقى هذه التقنية ملتزمة بمبدأ احترام كرامة الإنسان وصونها، ومراعية للعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للفرص والمنافع.

واقعية وواعدة

وقال المستشار في أمانة مبادرة الذكاء الاصطناعي في مجلس أوروبا، فاديم باك، إن تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي قد يبدو واعدًا من حيث الإمكانات، لاسيما مع القدرة المتزايدة على قياس نتائجه بشكل كيفي وكمي بناءً على التجربة والممارسة.

إعلان

وأوضح أنه رغم ذلك، فإننا نواجه اليوم مخاطر حقيقية إذا لم يتم استخدام هذه التقنيات ضمن إطار قانوني وأخلاقي صارم حيث إن التجاوزات المحتملة، خصوصًا فيما يتعلق بانتهاك حقوق الإنسان، ليست فرضيات نظرية، بل وقائع ممكنة وواقعية.

فاديم باك قال إنه يجب استخدام هذه التقنيات ضمن إطار قانوني(الجزيرة)

ومن هذا المنطلق -يضيف المستشار باك- أنه يجب اعتماد مقاربة واضحة قائمة على تقييم المخاطر، سواء من خلال تطوير سياسات وطنية أو آليات دولية، تضمن الاستخدام الآمن والمسؤول لهذه التكنولوجيا، وتحول دون أي توظيف يمس بالكرامة الإنسانية أو يهدد الحقوق الأساسية.

من جهته أكد عبدالرحمن محمد آل شافي، مدير إدارة السياسات والاستراتيجيات للأمن السيبراني في الوكالة الوطنية للأمن السيبراني في قطر، أن الوكالة الوطنية للأمن السيبراني القطري تضم مكتبًا مخصصًا لحماية خصوصية البيانات يتعامل مع جميع الشكاوى المتعلقة بالامتثال القانوني، سواء من الأفراد أو المؤسسات، مضيفا أنهم "فخورون بأن قطر تشارك بنشاط في هذه الحوارات الحيوية، لاسيما فيما يتعلق بحق الخصوصية".

وأكد أنهم يهدفون إلى تعزيز بيئة داعمة في قطر تمكّن الجهات التنظيمية وتُعزز التعاون المشترك بين مختلف القطاعات في قضايا الذكاء الاصطناعي.

حسن جاسم أعرب عن تفاؤله حيال الذكاء الاصطناعي وقال إن إمكانياته هائلة (الجزيرة) الفوائد أكبر

وعبر مستشار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ورئيس لجنة الذكاء الاصطناعي في قطر حسن جاسم السيد، عن رؤيته المتفائلة إزاء مستقبل هذه التقنية، قائلاً: إن الذكاء الاصطناعي يحمل في طياته فرصاً هائلة لتعزيز جودة الحياة وتطوير الخدمات في مختلف القطاعات، غير أن ثمة مخاطر حقيقية لا يجوز تجاهلها.

ولفت أنه رغم هذا التحدي، "نؤمن بأن وضع أُطر تنظيمية واضحة ومرنة، ومستندة إلى مبادئ الشفافية والمساءلة وحماية حقوق الأفراد، يمكنه أن يحول دون أي إساءة استخدام للتقنية، ويضمن توجيهها نحو تحقيق أكبر قدر ممكن من المنافع".

إعلان

واضاف، في السياق، ستتجاوز فوائد الذكاء الاصطناعي مخاطره بكثير، وستصبح هذه الأنظمة داعماً أساسياً للتنمية المستدامة والتحول الرقمي في قطر والعالم.

وشدد على أن الحوار المستمر بين الجهات الحكومية والخبراء وصنّاع القرار هو حجر الزاوية لوضع سياسات تضمن التوازن بين الابتكار وحماية الحقوق، مع ضرورة العمل على تدريب الكوادر الوطنية وتعزيز البنية التحتية القانونية والتقنية لمواكبة التطورات المتسارعة في هذا المجال.

مقالات مشابهة

  • مؤتمر الذكاء الاصطناعي بالدوحة يدعو لتكنولوجيا تحترم القيم الإنسانية العالمية
  • شيخ الأزهر: العرب والمسلمين عانوا من رسائل إعلامية شوهت صورتهم أمام الغرب
  • غازيني: الغرب لم يعد مهتماً بليبيا.. والمبادرات الحالية لا تمثل حلاً
  • بين خيار الديكتاتورية والديمقراطية الفاشلة
  • «النواب» يقر اتفاقية الخدمات الجوية المنتظمة بين مصر وسلطنة عمان
  • أكسيوس: إسرائيل تخسر ما تبقى لها من حلفاء في الغرب بسبب حرب غزة
  • مجاهدو غزة يقلبون موازين الحرب… ويكتبون تاريخ الأمة من جديد
  • الاقتصاد العادل
  • هل استيقظ ضمير الغرب بعد استشهاد أكثر من 50 ألف فلسطيني؟
  • وزير الخارجية “منزعج”من تصنيف العراق من قبل الغرب “ضمن البلدان عالية المخاطر”