جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-10@07:27:33 GMT

بينَ التكفير والتطبيل!

تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT

بينَ التكفير والتطبيل!

 

فاطمة اليمانية

"حريّةُ التعبير حقّك في قولِ ما يعجبك، وحق الآخرين في قولِ ما لا يعجبك!" بسام البغدادي.

 

***

لم تكن المرّة الأولى التي اتّهمت فيها بالكفر، فمنذ سنواتٍ انتقدت ممارسات إحدى الجماعات التي تعتقد بأنّها جماعة إرهابية، لكنّ زميلتها على العكس منها، كانت تقدّس قائدَ تلك الجماعة، وتعشق تفاصيله! وكل جندي يجاهد معه! ولم تهتم بعدد الضحايا من القتلى والجرحى والمهجّرين الذين خلّفتهم ميليشياته؛ واستماتَت في الدفاعِ عن قداستِه، وتضحياته التي لا أصل لها على أرض الواقع! بل في مخيّلتها هي فقط!

لكنّ الجديد في الأمر أنّها الآن "صهيونية درجة أولى!" رغم أنّ اسمها لم يُدْرَج بعد في قائمة المتصهينين العرب، التي تمّ تداولها في صفحات تويتر، للتحذير منهم!

وربّما تساءَلت: ما الخطأ الذي وقعت به؛ ليتمّ اتّهامها بالصَهْيَنة؟! ومن ذلكَ المتربص بحسابها؛ ليقرّر ببساطة أنّها صهيونية؟! وأنّها دخيلة على المجتمع العماني؟! بل جميع أطياف المجتمع تتبرأُ منها، ومن أفكارها؟!

وعندما تصَفّحَت حسابها للمرة الألف؛ اكتشَفت أنّها أعادَت تغريدة لكاتب عربيّ مسلم أبًا عن جَدْ، والتغريدة عبارة عن صورةٍ لضحايا العدوان الصهيوني على أهل غزّة الأبرياء العزّل، وأعلى الصورة آية قرآنية!

لكنّ المشكلة ليست في محتوى التغريدة؛ إنّما في فِكْرِ كاتبِ التغريدة، الذي خالفَ النمطَ السائد؛ مما سبب غضب بعض المتعصبين لأفكارهم، فاتّهموه بالصَهْيَنة، وبالتالي فإنّ كل من يتابع صفحته صهيوني مثله! وكل من يشارك تغريداته صهيوني وكافر وعميل!

وفي المقابل تجد بعض الذين يهاجمون الكاتب، يتفاعلون مع تغريدات صحفي يهودي، والذي أصبح بسبب كثرة متابعيه أشهر من نار على علم! بل كان بعضهم يردّ عليه بسخرية وتهكّمٍ؛ ظنًّا منهم أو ربّما عن قناعة تامّة بأنّ الردّ على هذا الصهيوني نوع من أنواع الجهاد!

بينما كانت تعتقد بأنّ الردّ عليه يشفي غليله؛ فهو يستمتع بتفاعل المسلمين والعرب في صفحته، ويتلذذ بالشتم والسب!

ولكل إنسانٍ قناعته، وفكره ما لم يتجاوز الخطوط الحمراء كالتطاول على الذاتِ الإلهية، أو المجاهرة بإلحاده، وفحشه، أو التباهي بالأفكار الشاذّة المنحطة، لكن لم يخطر في بالها بأنْ تتهم الذي يردّون عليه بالكفر، أو تسيء الظنّ بهم!

رغم أنّ أحد روّاد مواقع التواصل استهجن تفاعل العرب والمسلمين في صفحة الصحفي اليهودي، وقام بتسجيل مقطع مصوّر يهاجم فيه كل من يرد على تغريداته، ووصفهم بأنّهم:

حمير!

فردّ بعضهم عليه:

بل أنتَ الحمار!

وتحول التراشق بالكلام بينه وبين متابعيه الغاضبين إلى بقيّة البهائم، لكنّ -والحقّ يُقَال- بأنّ أكثر بهيمتين سيطرتا على مشهد الشتائم، هما قطيع الحمير، وقطيع الأبقار!

واللذان قطعا شوطًا طويلًا بين الفريقين، ذهابًا، وإيابًا، وربّما كلّت الحمير، وخارَت قوى الأبقار؛ لكنّ التراشق بين الفريقين ظلّ مستعرًا حتّى ليلة البارحة، ويبدو بأنّه سيظل أمدًا طويلًا! حتّى بعد انتهاء الحرب!

لكنّ أكثر ما لفت انتباهها، فئة من الكتّاب والكاتبات الذين كانوا يعرضون أفكارهم، ويدعمونها بالحجّة والدليل -وفق رؤيتهم- وكيف أنّهم يحافظون على قدرٍ عالٍ من الهدوء، ولا يأبهون بسيل الشتائم التي تنصبّ عليهم صبًّا، بل تظلّ أفكارهم مسترسلة، بثباتٍ انفعالي لا يُعلى عليه، وكأنّ أعصابهم خُلِقَت من مادّة غير قابلة للخدشِ أو التصدّع!

بينما ما زالت كلمات زميلتها الشرسة تطرق ذاكرتها بين الفينة والأخرى كلّما مرّ اسم زميلتها أو قداسة القائد -الشهيد أو المقبور-على مسامعها!

فمن الكافر؟ ومن المتصَهْيِن؟ إذا كانت الأفكار والقناعات تأتي وفق وقائع ملموسة؟ وكيف يستطيع بعضهم تحريف مجريات الأحداث التي ستصبح يومًا ما تاريخًا يكتب ويروى؛ وفق أهوائه وعواطفه الجيّاشة، في واقع لا يُرَى فيه سوى الدماء والدمار والقتل؟! ودموع الأمّهات، وأشلاء الأطفال؟! وامتداد المأساة على مرأى ومسمع من زعماء العالم! أو كما يبدو بأنّ نتيجة الحرب محسومة مسبقًا في أذهانهم، ووفق أجندة مصالحهم!

.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

نتيجة حرب ترامب على اليمن كانت عكسية

محمد حسن زيد

بعقليةِ الحريصِ على تحقيقِ ربحٍ مالي سهلٍ ظن ترامب أن القوةَ العسكريَّةَ الأمريكية أدَاةٌ مهمَّةٌ لممارسة الضغوط أثناء المفاوضات في حروبه التجارية التي فتحَها مع العالم، لكنه لم يدخل البيتَ الأبيضَ إلا وهو يعلمُ أنها مكلفةٌ جِـدًّا.

وبالتالي؛ لا بد من تقليص ميزانيتها؛ كونها سببًا رئيسًا لوصول ديون أمريكا إلى أرقام فلكيةٍ يصعب أن نتخيلها، لكنه كلاعب “بوكر” محترف أراد أن يلوِّحَ بالقوة العسكرية الأمريكية كورقةٍ رابحة؛ فبحث عن أضعفِ نقطة ممكنة ليستعرضَ فيها قوةَ أمريكا فوجد اليمن!

بلدٌ مدمّـر لم ينفض غُبارَ الحروب والصراعات منذ العام 2011م. بلدٌ فقيرٌ يعد من أفقر بلدان العالم؛ ومفكّك لن يشكِّلَ أيَّ تَحَدٍّ، بل سيكونُ المكانَ المثاليَّ لاستعراض عضلات أمريكا الفتَّاكة، وتوجيه رسائلَ قوية للصين وروسيا وإيران ودولِ الخليج والعالم أجمعَ، لترميمِ ما تآكل من هيبة أمريكا أَيَّـام “أوباما وبايدن”. لكن ما الذي حدث؟

اليمن التي ظنها ترامب أضعفَ نقطة تحوَّلت إلى تحدٍّ عظيم ومعضلة خطيرة، الطائرات الشبحية الاستراتيجية لم يكن لها التأثيرُ المرجو، بل أصبحت هدفًا قريبَ المنال بعد إسقاط أكثرَ من عشرين طائرة “درون – إم كيو9″، ثم طائرة “إف 18”.

حاملةُ الطائرات العملاقة ووَحْشُ البحار الفتاكة “ترومان”، لم تكن بمنأىً عن مشاهدَ من مسلسل الإذلال؛ فقد نابها الجزءُ الأخطرُ في تاريخها، وفرَّت هاربةً إلى شمالي البحر الأحمر، بعد أن استعانت بأُخرى أكبرَ منها ظلت بعيدةً ومتواريةً عن الأنظار اليمنية وسط َالمحيط الهندي.

وفيما بنكُ الأهداف المتاحة أصبحت الأسواقَ والموانئ المدنية والمقابرُ وبعضُ المنازل السكنية، ظهر العملاءُ عاجزين جبناءَ يبحثون فقطْ عن المال والمناصب الجاهزة، واتضح أن لا إمْكَانيةَ لديهم في تحقيق أيِّ اختراق عسكري.

ليس هذا فحسب، بل ظل اليمن -وهو تحَت أقسى الضربات الأمريكية- مُستمرًّا في إسناد غزة، وفارضًا قواعد اشتباك لم يشهد التاريخ أن سبقهُ إليها أحدٌ من العالمين، في معركةٍ أدخل ضمنها أسلحةً أكثر فتكًا وأبعد مدىً، وبما يستجيب لكل مراحلها.

هُنا؛ وجد ترامب نفسه مضطرًّا لإعلان وقف العدوان على اليمن؛ فصدم الإعلانُ العدوَّ قبل الصديق، وباتت الحقيقةُ جليةً؛ أن نتيجةَ حرب ترامب على اليمن جاءتْ بنتائجَ عكسيةٍ تمامًا؛ فهيبةُ أمريكا تآكلت أكثرَ، ومَن راهنوا عليها خائفون أكثر، وأعداؤها آمنون أكثر.

ومن نافلة القول: إن كانت الولاياتُ المتحدة الأمريكية قد عجزت عن تركيعِ اليمن، وهي بكامل قوتها وجبروتها وغطرستها؛ كيف بها سترفعُ عينَيها غدًا أمامَ الصين أَو روسيا أَو إيران؟!

مقالات مشابهة

  • تدريبات استشفائية للاعبي الزمالك الذين بمواجهة سيراميكا كليوباترا
  • “الذين تركوا الدّراسة لأسباب مختلفة”.. تدشين حملة العودة للمدارس بمحليّة المتمّة
  • مسؤولون إسرائيليون مستاؤون من أداء نتنياهو: عليه التوقف عن الجبن والتسويف
  • الحجاج الأسبان الذين وصلوا إلى المملكة على متن الخيول يرتدون الزي السعودي.. فيديو
  • بوتين: ننحني أمام الأبطال الذين ضحوا بحياتهم من أجل النصر
  • بنك القاهرة: الحريق لم يمس فرع البنك بأي شكل وتمت السيطرة عليه
  • أشد الناس عذابًا يوم القيامة.. من هم «المصوِّرون» الذين حذّر منهم النبي؟
  • خالد بيبو يكشف عن اللاعبين الذين ظلمهم كولر في الأهلي
  • نتيجة حرب ترامب على اليمن كانت عكسية
  • البالغون الذين يعانون من حب الشباب تتزايد لديهم احتمالية الاضطرابات الغذائية