«ضرغام»: يعقد مواجهة حرة مع النصوص

«صالح»: الكتاب يرسم مساراً مستقلاً فى حدود النظرية والتطبيق

«عبدالبارى»: يهدف لدراسة البعد الاجتماعى وعلاقته بالبعد الجمالى

حتيتة: الوعى بالنظرية وتطبيقها يفيد الناقد

 

أقامت شعبة النقد والدراسات الأدبية باتحاد كتاب مصر، تحت رعاية دكتور علاء عبدالهادى رئيس اتحاد الكتاب، ندوة لمناقشة كتاب «النول والمغزل.

. سوسيولوجيا المتخيل السردي»، للدكتور شريف حتيتة.

ناقش الكتاب كل من د.رشا صالح، د.محمود عبدالبارى، وأدارها د.عادل ضرغام، بحضور د.هدى عطية، رئيس شعبة النقد، وعضو الشعبة د.عايدى على جمعة، ا.سمية عبدالمنعم، المنسق الإعلامى للشعبة.

يأتى الكتاب فى مقدمة، وثلاثة فصـول، وخاتمة. يتوجه الفصل الأول، عنوانه: «المتخيـل الـسردي»، إلى تصنيـف المتخيلات السرديـة للروايـات المدروسة فى خمسـة متخيلات، وفقا للطبيعـة التطبيقيـة للمقاربـة.

ويتناول الفصـل الثـانى، وعنوانــه: «التمثيـلات الاجتماعيـة»، التمثيـلات الثلاثة الرئيسة للمتخيل؛ وهـى: الديـن والجسـد والمهمـش. أمـا الفصـل الثالث، وعنوانـه: «جماليـات المتخيـل الـسردي»، فينصرف إلى تحليـل جماليات المتخيـل الاجتماعـي؛ بالكشـف عـن الطابع التذويتـى للحـكى، وجماليات القبـح، وفاعليـة الأسـطورة، وخصوصيـة المـكان. وأوجـزت خاتمـة أبـرز النتائج التى توصلت إليهـا الدراسـة.

بداية تحدث د.عادل ضرغام واصفا د.شريف حتيتة بأنه عالم لديه قدرة كبيرة على نقل المعرفة التى يحصلها، مؤكداً أن أهم ما يميز الكتاب أنه يمثل مواجهة مباشرة لنصوص تحتم طبيعة المواجهة مع النص، والتى تتسم بكونها مواجهة حرة، موضحا أن المقاربة التى يعقدها الكتاب لنصوصه لم تقدم فى تكتل واحد، ولكن بأشكال متعددة، مختتما بأن المؤلف لديه قدرة على صك العناوين واستخدامها، وهى عناوين دالة وكاشفة للظاهرة. 

* البؤرة والإشعاع

فيما أكدت د. رشا صالح عبر تقديم قراءة بعنوان: «البؤرة والإشعاع.. قراءة فى مدونة النول والمغزل»، أن د.شريف حتيتة يرسم من خلال كتابه مسارا مستقلا فى حدود النظرية وآلياته التطبيقيـة، منطلقا من إيمانه بأن الرهان الاجتماعى الذى تواجهه الرواية العربية رهان لا يتعارض مع الرهانات السابقة التى جعلت منها معينا يعبر عن أزمات المجتمع وقضاياه، ثم غدت الرواية ذاتها مظهراً ذا بعد اجتماعى، حاملة للمنعطفات التاريخية الفارقة فى عمر المجتمعات.

موضحة أن الكتاب يتخذ ركيزة لمقاربته ثمانى روايات عربية تأسست منظوراتها على تخييل البنى الاجتماعية وتمثيلها تمثيلا أقرب للشمول، والجدة فى ذلك الاختيار أن الكتاب يتعامل مع الروايات بوصفها كلا متشابها وكتلة واحدة تربط الكتاب بخيوط قوية بين أطرافه، وكأن هذه النصوص المتباينة جغرافياً هى تنويعات لرؤية تسعى لاكتشاف المتخيلات المتجانسة فى موضعها الروائى وتنطلق من مرجعية متجانسة القسمات.

ثم تنعطف «صالح» إلى عنوان الكتاب، مؤكدة أنه يدفعنا للبحث عن معناه، فالناقد يكشف من خلاله عن أن فعل الغزل وأداته فى يد النساج هو المكافئ لفعل الكتابة السردية، وأن النول هو الحدود الاجتماعية التى تلتزم بها الكتابة..

متابعة أن د.حتيتة لم يقصر النسج فى كتابه على صناعة الإبداع وإنما يجعل السبك والحرفية للناقد أيضا الذى يعد نساجا على نول جماليات النقد الأدبى التى لا حدود لها.

* البعد الاجتماعى وعلاقته بالبعد الجمالى

فيما قال د. محمود عبدالبارى فى كلمته:

نحن أمام قراءات نقدية لأعمال روائية جاء عنوانها مؤكدا منذ الوهلة الأولى أنه لن يهدر الجمالى لصالح المضمون، ولن يفتش عن الجمالى تاركا الموضوعى والاجتماعى، أى أنك منذ البداية أمام عمل يبحث فى الإطار (النول) وطرائق تشكل المحتوى (المغزل)، وهو

عنوان أساسى جاء العنوان الفرعى مؤكدا توجهه وغايته (سوسيولوجيا المتخيل السردي)، وهو عنوان يهدف إلى دراسة البعد الاجتماعى فى علاقته بالبعد الجمالى كما تدل صياغته.

ويضيف «عبدالباري»: وحين نتأمل العينة التى اختارها موضوعا للدراسة نجد أنها أعمال روائية تمثل الرواية

العربية مكتوبة من داخل الوطن العربى (معظم الأعمال محل الدراسة) أو من خارجه (رواية بريد الليل لهدی برکات)، ومكتوبة فى الشرق (ترمى بشرر عبده خال) و(ساق البامبو سعود السنعوسي)، أو قادمة من الغرب (الطليانى لشكرى المبخوت)، أو من الجنوب ( مسامير الأرض عبدالعزيز بركة ساكن)، و(طعم أسود رائحة سوداء لعلى المقري)، و(سيدات القمر لجوخة الحارثي)، أو من قلب العالم العربى (سيدة الزمالك لأشرف العشماوي)، نلحظ من هذا الاختيار أنه راعى أن يكون ممثلا للعالم العربى من داخله، ومن خارجه، ومن شرقه إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه، وعلى هذا النحو يمكننا أن نضع أيدينا على الإطار الذى اختاره الناقد ليكون هو النول الذى لن ينسج عليه، بل الذى سيفكك خيوطه ليتعرف على عناصره وتشكلاته، ويكشف عن مضامينه الاجتماعية، وتشكلاتها الجمالية، وبالتالى يمكنه أن يتعرف مواضع التشابه والتمايز بين عمل وآخر، وبين مناطق التماس والانفصال بين هذه الأعمال.

ويبدأ الناقد فى تحليل النصوص من منظور جمالى تكشف عنه بجلاء مصطلحات التذويت وشعرية التجاور وتعدد الأصوات والذوات المتنافرة وجماليات القبح والأسطورة، ولكنه يؤثر أن ينهى الفصل والكتاب بعنوان يجمع بين الجمالى والاجتماعى (المكان جمالية اجتماعية).

يتعامل حتيتة مع البنيات المكانية فى كل رواية بوصفها بنية فاعلة فى تشكيل المضمون الاجتماعى، وعلى السبيل المثال يرى حتيتة أن القصر فى ترمى بشرر عكس المظهر الطبقى.

ويردف عبدالبارى قائلاً: لعل أهم النتائج التى توصلت إليها الدراسة التى أبدعها وأتقنها شريف حتيتة ما نص عليها بقوله: إن الوظيفة التى يؤديها المتخيل السردى هى وظيفة اجتماعية بالأساس، غير أنها لابد أن تتعزز بتمثيلات موضوعية مثل الدين والجسد والہامش وغيرها.

* واقع روائى أم ظل للواقع؟

وفى كلمتها أوضحت د.هدى عطية رغبتها فى إزالة مفهوم أنه لا يوجد واقع روائى، مؤكدة أنه لا يوجد واقع فى الفن أيضا، فحتى الصورة الفوتوغرافية التى نظنها واقعية، هى درب من السيكولوجيا الإنسانية التى تحاول أن تجعل من الواقع ظلاً، فنحن نستخدم الفن ليصبح الواقع ظلا، وبالتالى إذا شئنا مقاربته من منظور آخر، قلنا إنه ليس الواقع ولكنه ما يشبه الواقع، أى خيال الواقع.

* الوعى بالنظرية وتطبيقها

وفى تعليقه أوضح د.شريف حتيتة أنه قد تشبع فى مرحلة مبكرة بدراسة تقنيات النصوص، وتوصل إلى أن التقنيات لابد أن تكون هى المنطلق الأهم الذى يضع العمل فى بؤرة الاهتمام، مؤكدا أن التقنية فى ذاتها عبء، كما أن المنهج يعد عبئا على الممارسة النقدية إذا ما حمله الناقد على منكبيه، فالأهم هو الاهتمام بالوعى المنهجى والوعى بمشكلات النقد التى تتعلق بتطبيقات هذا المنهج.

وعن الروايات محل الدراسة، أوضح «حتيتة» أنها قائمة فى اختيارها على المشكلات الاجتماعية التى واجهتها بعض الدول العربية، مثل التحولات نحو المادية فى المملكة العربية السعودية، وتشابه المجتمعين المصرى والتونسى فى التحولات السياسية والاجتماعية، ظهور من يميلون للانعزال المجتمعى فى السودان.

واختتم د.شريف حتيتة كلمته، مؤكداً أن الوعى بالنظرية النقدية والتحول إلى فعل اشتغال تطبيقى يمكنه أن يفيد الناقد فى تطور النظرية والاستفادة الجمة من المناهج.

وقد شارك فى المداخلات د.أحمد كريم بلال، أ. سيد الوكيل، وغيرهما.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: لتطبيق النصوص

إقرأ أيضاً:

بعد أن أصبح الجميع نقاد سينما!

هل شهد عصرنا الحديث "موت الناقد"، واندثار النقد بعد أن أصبح كل الناس نقادا بفضل وسائل التواصل الاجتماعي خصوصا الوسائل المرئية والمسموعة؟
هذا هو السؤال الكبير الذي يطرحه رونان ماكدونالد في كتابه المدهش "موت الناقد". وهو يستند إلى حقيقة أن شيوع الكتابة والتعليقات من طرف أعداد كبيرة تدلي بدلوها على شبكة الانترنت، تعكس نوعا من "الإقصاء" للناقد المتخصص، بعد أن أصبح كل من يستطيع الضغط على أزرار الكيبورد، يعتبر نفسه، أو يعتبره الكثيرون، "مؤثرا"، وبالتالي يمكن أن يصبح كل الناس نقادا!
أصبح النقد إذن،"مشاعا"، يدلي فيه بدلوه، كل من يعرف ومن لا يعرف، على شكل انطباعات شخصية، كثير منها ينطلق من الانفعال لا من التفكير، ومعظمها يصطبغ يبدأ وينتهي بإصدار أحكام القيمة المطلقة، بسبب العجز الواضح عن التحليل العلمي المنهجي الذي يستند إلى معطيات محددة من داخل العمل الفني.
لا بأس من "دمقرطة" النقد السينمائيـ فالسينما بطبيعتها فن ديمقراطي، ومع ذلك، فقد يصبح اتساع دائرة التعبير عن الرأي بين شرائح الجمهور العادي من الهواة، ذا تأثير سلبي تماما، بسبب غياب الحوار الحقيقي، فلا الهاوي يتحمل رأيا متخصصا، كونه يميل إلى ازدراء التخصص ورفضه، ولا الناقد المتخصص يمكنه مناقشة أصحاب الانطباعات والأحكام القاطعة، لأنهم عادة ما يشهرون في وجهه سلاح "الحرية الشخصية".
وقد يكون من الصحيح أيضا- كما يرى ماكدونالد، أن الناقد الأكاديمي انعزل داخل المحيط الجامعي، حيث تكثر البحوث النظرية التي تعتمد على النقل أكثر من الممارسة والمتابعة، وأصبح الأكاديميون يكتبون، إما لنيل الدرجات العلمية والترقي، أو يتوجهون أساسا، لطلابهم أو لبعضهم البعض، يستخدمون لغة جافة، معقدة، تمتلئ بالمصطلحات المترجمة عادة، في سياق نصوص تتباهى بعرض مقتطفات واقتباسات من كتابات الفلاسفة والمفكرين الفرنسيين وغيرهم. 
رغم ذلك، أرى أن النقد باعتباره إبداعيا موازيا للسينما كفن (مثلا)، موجود وسوف يستمر، سواء من خلال المجلات والكتب والدوريات، أو المواقع المتخصصة على شبكة الإنترنت. 
صحيح أن الناقد لم يعد هو صاحب المرجعية الأولى والأخيرة، أي لم يعد يتمتع بسلطة طاغية تفرض السمع والطاعة كما كان الأمر في الماضي، لكن هذا لا يمثل معضلة، لأن ما يسمى بـ"سلطة الناقد" مرفوض، فالنقد رؤية شخصية تستمد قيمتها من ثقافة الناقد، ومدى فهمه للفن الذي يتعامل معه بل وللعالم، وهو عندما يكتب فإنه لا يتقمص دور المصلح أو الداعية، بل يسعى إلى بناء نصا مستقلا قائما بذاته، والنقد بهذا المعنى إذن، ليس عملا توجيهيا يفرض نفسه على المتلقي، كما أنه ليس عملا ذيليا، أي لا يوجد سوى بوجود العمل الفني نفسه كما يعتقد الكثيرون، فهناك الكثير من القضايا النظرية والجمالية التي يمكن أن تشغل اهتمام الناقد، تتجاوز إطار النقد التطبيقي.
وفي حالة النقد السينمائي تحديدا، لا تعتبر العودة إلى المصادر السينمائية الأولى خلال البحوث والدراسات، عملا ذيليا، بل امتدادا لإبداعات السينمائيين أنفسهم عبر العصور. ومع ذلك من الضروري أن يتمسك الناقد بدوره كمفكر، يساهم، ليس فقط في تطوير السينما أو مساعدة المتفرج على تحقيق "متعة المشاهدة"، بل وفي تطوير النظرة إلى مجالات أخرى مشتركة مع السينما، في الفنون الأخرى، فالناقد- المفكر، لا ينغلق على مجال البحث في جماليات السينما بمعزل عن الفلسفة والتاريخ والأنثروبولوجيا والعلوم السياسية وغيرها.
أخيرا إذا كانت الأوساط الأكاديمية قد انغلقت على نفسها، بل وأصبحت غير قادرة حتى على طباعة أبحاث أبنائها ورسائلهم العلمية وإتاحتها لجمهور الباحثين والقراء، وبالتالي انتقل مركز الثقل كله الى الصحافة غير المتخصصة، فما العمل إذا كانت هذه الصحافة لا ترحب أصلا بالنقد المتخصص؟ الأمر الذي يجعلنا نظل ندور في حلقة مفرغة!

مقالات مشابهة

  • عندما يصبح المعلق الرياضي مراسلاً حربياً !!
  • بعد أن أصبح الجميع نقاد سينما!
  • ربيع ياسين : لو أنا مدرب المنتخب لاتخذت قرارا بترحيل محمد شريف
  • «ورد وشيكولاتة» الأصعب فى حياتى المهنية ونجاحه فاق التوقعات
  • دفاعاً عن «الجلابية»!
  • طرح البوسترات الرسمية لمسلسل "سنجل ماذر فاذر" يشعل مواقع التواصل الاجتماعى قبل عرضه
  • بدء اجتماع حقوق الإنسان بالشيوخ لمناقشة خطة عمل اللجنة
  • صبى المعلم فى واشنطن!!
  • «الست».. أم كلثوم برؤية عصرية
  • في سبيل المجد يعلو في الدوحة هل يصبح نشيد سوريا الجديد؟