عربي21:
2025-12-14@11:54:07 GMT

هل يدخل السودان في دوامة البلقنة؟

تاريخ النشر: 16th, January 2024 GMT

هل يدخل السودان في دوامة البلقنة؟

نشر موقع مركز البحوث التركي مقال رأي للكاتب سرهات أوراكشي سلط فيه الضوء على الوضع في السودان والتحديات التي يواجهها.

وقال الكاتب، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن السودان يشهد صراعًا داخليًا عنيفًا بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ نيسان/ أبريل الماضي. وقد فشلت وساطة كل من الولايات المتحدة والسعودية في إنهاء الصراع، ولم يتمكّن كل من الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية للتنمية من التوصل إلى حلول فعالة.

ونتيجة لذلك، ساءت الأوضاع الإنسانية للسودانيين مع استمرار الصراع الداخلي.

بالنظر إلى التوازن العسكري-السياسي في السودان، يوجد صورة معقدة وصعبة الحل في الواقع. فبعد 8 أشهر من محاولات الجيش قمع تمرد قوات الدعم السريع، أصبح الجيش أكثر وضوحًا في رد فعله على العقل الاستراتيجي الخفي الذي يقف وراء التمرد، وهو الإمارات العربية المتحدة. 



يتحدّث مسؤولو الجيش في تصريحاتهم عن شحنات الأسلحة التي يتم تسليمها لقوات الدعم السريع عبر تشاد. كما تستخدم الجهات التي تمثل الدولة لغة تحذير صارمة تجاه الفاعلين الخارجيين الذين يفتحون المجال العسكري أو الدبلوماسي لقوات الدعم السريع، ويستقبلون زعيم قوات الدعم السريع بحفاوة.

ورغم الخسائر الاستراتيجية الكبيرة التي تكبدها الجيش، فإن أهم عامل يمكّنه من البقاء هو تفوقه الجوي. ويمكن للجيش، للأسف، الحفاظ على مواقعه بفضل القصف الذي يتسبب في خسائر في صفوف المدنيين. 

مع ذلك، لم تكن الأشهر الأخيرة مشرقة للغاية بالنسبة للجيش المدعوم من مصر. بشكل عام، يمثل الوضع في غزة عقبةً مهمة بالنسبة للسودان والجيش. فمصر، التي تحيط بها الصراعات من ثلاث جهات (ليبيا-السودان-فلسطين)، بدأت في إهمال السودان لأنها ركزت انتباهها على الحدود مع غزة.

أما قوات الدعم السريع، فهي تتبع في الأيام الأخيرة مسارًا أكثر نشاطًا، فقد استولت على ولاية الجزيرة، وهي موقع عسكري هام، بينما تحافظ على تفوقها في أربع من ولايات دارفور الخمس. وفي ولاية الخرطوم، تستمر المواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع. وبدأت قوات الدعم السريع في إطلاق الصواريخ من مدينة مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، إلى الجنوب والشرق. 

وذكر الكاتب أنه في حال وقوع مدن مثل كسلا والسنار في أيدي قوات الدعم السريع، فإن ذلك سيجعل الحدود مع إثيوبيا غير آمنة. ويبدو أن الاستراتيجية المحتملة لقوات الدعم السريع هي السيطرة على الحدود مع إثيوبيا من أجل الحصول على الدعم اللوجستي الخارجي. 



في المقابل، تُعد ولاية الجزيرة العمود الفقري لزراعة السودان واقتصاده القائم على الزراعة. وفي الولاية، التي تقع في حوض خصب، تضطر القرى إلى الاتفاق مع قوات الدعم السريع أو حتى تقديم جنود لها من أجل ضمان أمنها. وتستمر قوات الدعم السريع في ممارسة سياستها المعتادة في النهب في هذه الولاية، حيث تقوم بنهب مخازن الأغذية التابعة للأمم المتحدة والممتلكات المدنية. وكانت الولاية حتى الآن ملاذاً آمناً لمن يغادرون الخرطوم، ولكن هذا لم يعد ممكناً. كما أن سيطرة قوات الدعم السريع على الخط الممتد من دارفور إلى الجزيرة يعني ضعف اتصال الخرطوم بالمناطق الجنوبية وخروج مناطق الحدود مع إثيوبيا عن السيطرة.

وأشار الكاتب إلى أن مقاتلي قوات الدعم السريع، الذين قاموا بعمليات دموية في دارفور، ارتكبوا جرائم تطهير عرقي ضد السكان المحليين، حيث قتلوا من بقي منهم وأجبروا البقية على النزوح. وقد سيطرت قوات الدعم السريع على أربع مناطق من دارفور باستثناء الفاشر. وتحوّل المناخ إلى حسابات قبلية، مما جعل الوضع خطيرًا للغاية على المجموعات العرقية المختلفة غير العربية التي تعيش في دارفور.

العملية الدبلوماسية

في الوقت الذي كانت تجري فيه الأحداث العسكرية، اتجهت قوات الدعم السريع أيضًا إلى عملية دبلوماسية. فقد قام محمد حمدان دقلو، الذي أُقيل من منصبه الثاني في المجلس السيادي، بزيارة دول الجوار محميًا بحصانة أمنية مقدمة من الإمارات العربية المتحدة، ويعرض صورة مؤيدة للسلام. في هذا الإطار، قام قائد قوات الدعم السريع الملقب بـ "حميدتي" بجولة أفريقية واسعة شملت غانا وأوغندا وإثيوبيا وكينيا وجيبوتي وجنوب أفريقيا ورواندا. 



وذكر الكاتب أن هذه الجولة الدبلوماسية كانت تطورًا بالغ الأهمية بالنسبة لحميدتي، على الرغم من ماضيه الإجرامي، حيث التقى بشخصيات مهمة في القارة مثل بول كاغامه وسيريل رامافوزا لمناقشة مستقبل السودان.

وبينما كان اجتماع حميدتي-بورهان وجهًا لوجه في جيبوتي، التي تترأس حاليًا فترة رئاسة الهيئة الحكومية الدولية للتنمية، على جدول الأعمال مرة أخرى، كان من أهم محطات الجولة لقاء حميدتي مع التشكيلات المدنية السودانية في إثيوبيا. والتقى حميدتي بتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدّم) ووقّع مع رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، الذي يمثل هذه المجموعات، إعلانًا في أديس أبابا.

وأشار الكاتب إلى أن الإمارات العربية المتحدة وشركاءها يقفون وراء هذه المناورات الدبلوماسية لقوات الدعم السريع. وفي السنوات الأخيرة، اعترفت إثيوبيا، التي تتعاون بشكل وثيق مع الإمارات، بأرض الصومال التي لا تتمتع باعتراف دولي، وبدأت في محاولة فتح قاعدة عسكرية في ميناء بربرة. وتصبح الصورة المعقدة أكثر تعقيدًا عند النظر إلى علاقة الإمارات مع قوات الدعم السريع وتأثيرها في السودان.

دخول البلاد في دوامة "البلقنة"

أوضح الكاتب أن البلقنة هي استعارة جيوسياسية تشير إلى تقسيم بلد إلى أجزاء صغيرة. والسيناريو الأكثر خطورة الذي ينتظر السودان في حال عدم تمكن الأطراف من تحقيق التفوق وفشل مبادرات الوساطة هو دخول البلاد في دوامة البلقان.

وفي ظل وجود هيكل إداري يسيطر عليه الجيش ومؤيّدو النظام السابق الذين يدعمونه، من شمال الخرطوم إلى سواحل البحر الأحمر وصولاً إلى الحدود المصرية، وهيكل إداري يسيطر عليه قوات الدعم السريع والعناصر المدنية التي تتفق معها، من خط دارفور إلى كردفان وجنوب الخرطوم، وهيكل إداري عرقي آخر على خط كسلا وحدود جنوب السودان، يبدو أن السودان على شفا انقسام كامل. وبعد استقلال جنوب السودان في سنة 2011، يقف السودان الآن أمام احتمالين: إما إعادة تأسيس سيادته على الأراضي المتبقية أو التعرض لبلقنة مأساوية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية السودان دارفور حميدتي السودان دارفور الجيش السوداني حميدتي البرهان صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لقوات الدعم السریع قوات الدعم السریع الحدود مع

إقرأ أيضاً:

بسبب القتل في الفاشر.. بريطانيا تفرض عقوبات على قادة في الدعم السريع

فرضت بريطانيا عقوبات على كبار قادة قوات الدعم السريع السودانية، متهمة إياهم بالتورط في عمليات قتل جماعي وعنف جنسي بشكل ممنهج وهجمات متعمدة على المدنيين في السودان، وطالت العقوبات "نائب قائد قوات الدعم عبد الرحيم دقلو، قائد قطاع شمال دارفور اللواء جدو حمدان، القائد تيجاني إبراهيم موسى، والفاتح عبدالله إدريس المعروف بـ(أبو لولو)".

Britain sanctioned senior commanders of Sudan's paramilitary Rapid Support Forces on Friday, over what it said were their links to mass killings, systematic sexual violence and deliberate attacks on civilians in the African country. https://t.co/qLl1LxAIYV — Reuters Africa (@ReutersAfrica) December 12, 2025
وقالت الحكومة البريطانية إن هؤلاء القاعدة يُشتبه في تورطهم بهذه الجرائم، باتوا يواجهون تجميد أصول وحظر سفر، وقالت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر في بيان "الفظائع المرتكبة في السودان مروعة إلى حد أنها تترك ندبة في ضمير العالم... والعقوبات التي نعلنها اليوم ضد قادة قوات الدعم السريع تشكل ضربة مباشرة لأولئك الذين تلطخت أيديهم بالدماء".

وتأتي هذه العقوبات بعد أن اقترحت الولايات المتحدة والإمارات ومصر والسعودية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي خطة لهدنة لمدة ثلاثة أشهر تليها محادثات سلام، وردت قوات الدعم السريع بقبول الخطة، لكنها سرعان ما شنت غارات جوية مكثفة بطائرات مسيرة على مناطق تابعة للجيش.

معاقبة شبكة تجند مقاتلين من كولومبيا
وفرضت الولايات المتحدة، الثلاثاء عقوبات على شبكة عابرة للحدود تُجند عسكريين كولومبيين سابقين وتدرب جنودًا بينهم أطفال للقتال في صفوف قوات الدعم السريع، وذكرت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان، أنها فرضت عقوبات على 4 أفراد و 4 كيانات ضمن الشبكة، التي قالت إنها تتألف في معظمها من مواطنين وشركات كولومبية.

BREAKING: The US government has imposed sanctions on a network that is fueling the conflict by recruiting former Colombian military personnel to train soldiers—including children—to fight for the Rapid Support Forces, a Sudanese paramilitary group.

"The Rapid Support Forces have… — Harun Maruf (@HarunMaruf) December 9, 2025
وأفادت بأن العقوبات على الشبكة تُعطل مصدرًا مهمًا للدعم الخارجي لقوات الدعم، ما يُضعف قدرتها على استخدام مقاتلين كولومبيين مهرة ضد المدنيين. واتُهمت قوات الدعم السريع باستهداف المدنيين وقتل الرجال وحتى الرضع، كما استهدفت النساء والفتيات عمدًا ومارست بحقهن الاغتصاب. وأكدت الوزارة في بيانها أنها ستعمل بالتنسيق مع دول المنطقة لإنهاء هذه الفظائع وتحقيق الاستقرار في السودان.

دعوة لقبول الهدنة
من جانبه، أكد مبعوث الرئيس الأمريكي إلى أفريقيا مسعد بولس، أن واشنطن تحاسب مرتكبي الفظائع بالسودان، داعياً الأطراف السودانية إلى قبول الهدنة لوقف العنف في البلاد، وكتب عبر حسابه على منصة "إكس": " تُحمّل الولايات المتحدة المسؤولية لأولئك الذين يرتكبون الفظائع في السودان".

Today, the United States is holding accountable those who commit atrocities in Sudan. The parties must accept a humanitarian truce to halt the violence and end external military support from transnational networks of murderers like the Colombians we sanctioned today. These… — U.S. Senior Advisor for Arab and African Affairs (@US_SrAdvisorAF) December 9, 2025
وأضاف "يجب على الأطراف القبول بهدنة إنسانية لوقف العنف وإنهاء الدعم العسكري الخارجي من الشبكات العابرة للحدود التي تضم قتلة، مثل الكولومبيين الذين فُرضت عليهم العقوبات"، مضيفًا "تعكس هذه الإجراءات التزامنا بدعم السلام ومساندة الشعب السوداني".

الملايين يواجهون انعدام الغذاء
من جانبه، أعلن مدير العمليات في منظمة أطباء بلا حدود كينيث لافيل، انهيار كل الأنظمة التي تحفظ الحياة في السودان، محذرًا من أن نحو 9 ملايين يواجهون انعدام الأمن الغذائي في السودان، يأتي هذا في وقت أكد فيه وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبر اهيم، أن السودان يسجل أكثر من 3 ملايين إصابة سنويًا بالملاريا مع معدلات وفيات عالية، وفقًا للإحصاءات الرسمية المسجلة في المستشفيات.

الأمم المتحدة تحذر من أن المدنيين في منطقتي #دارفور و #كردفان لا يزالون يواجهون عنفا متصاعدا وعشوائيا،

وتجدد الدعوة لكافة أطراف النزاع في #السودان إلى وقف الهجمات على المدنيين فورا، والالتزام بالمبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني.https://t.co/B8ikEvX8gk — أخبار الأمم المتحدة (@UNNewsArabic) December 11, 2025
وأفاد شهود عيان بأن ولاية شمال كردفان باتت تحتضن العدد الأكبر من النازحين، وتؤوي حاليًا نحو 864 ألف شخص، ووفق مفوضية العون الإنساني في الولاية فإن قرابة 82 ألف نازح يقيمون داخل مراكز الإيواء، بينما تتوزع البقية بين مجتمعات مضيفة والأقارب.

مقالات مشابهة

  • السودان.. مقتل 6 جنود للقوات الأممية و«الدعم السريع» تعلّق!
  • والي غرب دارفور: الاستجابه لنداء دعم الجيش تؤكد وقوف الشعب موحدا لحفظ وطنه
  • انتهاكات وحشية..حاكم دارفور: أولويتنا حماية المواطنين من اعتداءات الدعم السريع
  • الجيش السوداني يُدمر ارتكازات ومعدات عسكرية للدعم السريع
  • قتلى بقصف لقوات الدعم السريع وتحرك جديد للجنائية الدولية بشأن دارفور
  • بريطانيا تفرض عقوبات على قيادات قوات «الدعم السريع» في السودان
  • بسبب القتل في الفاشر.. بريطانيا تفرض عقوبات على قادة في الدعم السريع
  • المملكة المتحدة تفرض عقوبات على قيادات من "الدعم السريع" بالسودان
  • هل قتلت قوات الدعم السريع الصحفي السوداني معمر إبراهيم؟
  • WP: الفاشر تعيش كارثة إنسانية وصمت العالم يفتح الباب لأسوأ مأساة في السودان