اضطراب في سوق الدولار بمصر.. ماذا وراء تجاوزه حاجز الـ60 جنيها؟
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
عصفت تقلبات بسعر صرف الدولار مقابل الجنيه بالأسواق المصرية خلال اليومين الماضيين، في أعقاب حدوث ارتفاعات سريعة ومتتالية للدولار مقابل الجنيه في بضعة ساعات، ما أثار علامات استفهام حول فقدان السيطرة على السوق الموازي والمتحكم الفعلي في سعر الصرف.
وقال متعاملون في السوق السوداء إن "السوق تعرض إلى أشبه ما يكون بعملية الصدمة خلال ساعات قليلة مساء الخميس الماضي، حيث كان يجري تداول سعر الدولار ما بين 58 جنيها و59 جنيها قبل أن يقفز إلى 64 جنيها، دون معرفة السبب وسط طلب كبير على الدولار".
وأوضح أبو شحاته أحد تجار العملة لـ"عربي21": أن "هذه التحركات المريبة أثارت القلق والفزع في السوق الموازي، بعد أن ترددت أنباء عن قيام البنك المركزي بشراء كميات ضخمة من الدولار، من أجل جمع مستحقات على مصر الأيام المقبلة".
ووفق البنك المركزي المصري، يصل إجمالي الالتزامات الخارجية بما في ذلك الأقساط وفوائد الديون إلى نحو 42.3 مليار دولار خلال عام 2024، بخلاف الفجوة التمويلية الضخمة التي تواجهها مصر خلال الفترة المقبلة.
وتقدر الحكومة المصرية حجم الفجوة التمويلية للعام المالي الحالي 2023-2024 ما بين 6 إلى 8 مليارات دولار، سيتم سدها بإصدار سندات دولية وتمويلات من بنوك بضمانات، فيما يقدّر معهد التمويل الدولي حجم الفجوة التمويلية بنحو 7 مليارات دولار.
وأعرب تاجر آخر عن استغرابه من التسارع الكبير في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، وقال: "لا أعرف لماذا حدثت هذه القفزة الكبيرة في ساعات قليلة، ولكنه عاد واستقر قرب 60 جنيها ولكن المؤشرات تؤكد أن الدولار سوف يدخل نطاق الستين جنيها لفترة زمنية قد تصل إلى شهر مقارنة بالنطاقات الماضية".
وأشار في حديثه لـ"عربي21" إلى أن "مصر لم تشهد مثل هذا التسارع الكبير حتى في أعقاب تعويم عام 2016 الذي استمر تذبذب سعر الصرف فيه بضعة أشهر قبل أن يستقر، لكن هذه المرة هذا التذبذب مستمر منذ نحو عامين"، مشيرا إلى أن "الجنيه هبط من منتصف ديسمبر إلى منتصف يناير 20% وهبط 45% منذ بدء الحرب على غزة".
ودأب البنك المركزي على طبع المزيد من النقود، وقفز المعروض النقدي (ن1) 37.7 بالمئة في اثني عشر شهرا حتى نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر من أجل تمويل عجز الموازنة، بحسب "أكسفورد إيكونوميكس"، ما يزيد من احتمالات إجراء تخفيضات أخرى في قيمة العملة هذا العام.
هل فلت زمام الاقتصاد المصري من يد السلطة؟
يبدو الأمر كذلك، وإلا ما الذي يمنعها من تطبيق الحلول التي يطرحها العارفون بالاقتصاد، لإنقاذ البلاد من غرق محقق؟
هل هي مراكز قوى اقتصادية توحشت في الفترة الأخيرة، ولا راد لها؟
أم قوى خارجية تريد الهيمنة على اقتصاد معروض للبيع بثمن بخس؟
أم…
تصنيف سلبي وخروج من سوق السندات
وفقا لموقع "بلومبيرغ"، اقترضت الحكومة المصرية بالعملة المحلية عبر أذون الخزانة ما يصل إلى 2.7 تريليون جنيه، ما يعادل 87 مليار دولار (الدولار يعادل 30.9 جنيها رسميا) في النصف الأول من السنة المالية 2023-2024، متجاوزة بذلك إجمالي ما تستهدفه عام بـ26 بالمئة.
يأتي هذا الاضطراب في سوق سعر الصرف في أعقاب خروج مصر من مؤشر جيه بي مورغان لسندات حكومات الأسواق الناشئة وتغيير وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية نظرتها المستقبلية لمصر، من مستقرة إلى سلبية، وأكدت التصنيف الائتماني لمصر عند "Caa1".
وحذرت الوكالة من أن هناك مخاطر متزايدة، تتمثل في استمرار ضعف الوضع الائتماني للبلاد، وسط صعوبة إعادة التوازن للاقتصاد الكلي وسعر الصرف.
ضغوط كبيرة على الجنيه
أكثر من 60 بالمئة من إيرادات الدولة تذهب إلى مدفوعات الفائدة في السنة المالية المنتهية في تموز/ يونيو 2024، بالتالي لا يترك للحكومة مرونة مالية كافية للاستجابة للصدمات، بما في ذلك الصدمات الناجمة عن الحرب في غزة.
وقام البنك المركزي المصري بخفض قيمة الجنيه 3 مرات منذ آذار/ مارس 2022، تحت وطأة شح النقد الأجنبي، وفقدت العملة المحلية أكثر من نصف قيمتها مقابل الدولار بالسعر الرسمي في البنوك المحلية وأكثر من 100% بالسوق الموازي.
في ظل عدم وجود احتياطي نقدي قوي، والبالغ نحو 35 مليار دولار معظمه ودائع عربية، يدافع عن الجنيه، وارتفاع حجم الدين الخارجي إلى 164.5 مليار دولار، وارتفاع تكلفة الاقتراض وصعوبة الوصول إلى أسواق الدين الدولية يظل الجنيه المصري تحت ضغوط لا يمكن مقاومتها.
في تقديره لتطورات سعر صرف الدولار مقابل الجنيه في السوق الموازي، يقول الخبير الاقتصادي ورجل الأعمال، الدكتور محمد رزق: "هذا مؤشر واضح على أن الدولة فقدت السيطرة تماما على الدولار في السوق المصري لأنها تعتبر أكبر زبون لدى تجار العملة وتشتري بأسعار أعلى بكثير من أسعار السوق الموازي لأنها تحتاج إلى كميات كبيرة تقدر بمئات ملايين الدولارات".
واعتبر رزق في حديثه لـ"عربي21": "أن الحديث عن حدوث انفراجة كبيرة في حال تم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي على استكمال برنامج حزمة المساعدات المقدرة بـ 3 مليارات دولار ومضاعفة هذا المبلغ لمجابهة تأثيرات الحرب في غزة، هو مجرد مسكنات مؤقتة وسوف تبتلعهم فوائد وأقساط الديون في فترة وجيزة، وبالتالي ستعود مرة أخرى للسوق السوداء".
وقدًر حجم الدولار في السوق الموازي "بنحو 9.5 مليار دولار شهريا، والبنوك المحلية لا تجد من يعطيها الدولار أو يقوم بتحويل أمواله من الدولار للجنيه بسبب سعرها المتدني البالغ نحو 31 جنيه وليس من المعقول أن يترك أي شخص عاقل 61 جنيه في السوق السوداء من أجل سواد عيون الحكومة والنظام المصري الذي بدد أموال وثروات الشعب في مشروعات لا جدوى منها".
المسار البديل للبنوك المحلية
تقول سيدة في العقد الخامس من عمرها من إحدى مكاتب الصرافة غير الرسمية بمحافظة الجيزة لـ"عربي21": "استقبل حوالات من زوجي بالدولار بشكل شهري من البنك الأهلي وأقوم بتغييرها من هنا بسعر أعلى بكثير من سعر البنك، لا يمكن قبول سعر البنك أبدا، أولادي أحق بهذا الفارق، وزوجي يعمل هناك لينفق على أسرته وليس كي يساعد الحكومة".
وانخفضت تحويلات المصريين، أحد أهم مصادر النقد الأجنبي بالبلاد خلال السنة المالية 2023/2022 بنسبة 30.8% على أساس سنوي، بعد أن تراجعت التحويلات إلى 22.1 مليار دولار، مقابل 31.9 مليار دولار في السنة المالية السابقة 2022/2021.
وتمثل نسبة تحويلات المصريين بالخارج من إجمالي مصادر النقد الأجنبي الرئيسة بمصر خلال عام 2022-2023 نحو 23.5%، وجاءت في الترتيب الثاني لمصادر النقد الأجنبي، وسط مخاوف من تراجع إيرادات قناة السويس والسياحة والصادرات بسبب التطورات الجيوسياسية في المنطقة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد عربي الدولار الجنيه المصرية الاضطراب السوق السوداء مصر الدولار الجنيه السوق السوداء اضطراب المزيد في اقتصاد اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة من هنا وهناك اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السوق الموازی البنک المرکزی السنة المالیة النقد الأجنبی مقابل الجنیه ملیار دولار دولار مقابل سعر الصرف فی السوق
إقرأ أيضاً:
السوق المالية: قيمة الأصول المدارة تجاوزت للمرة الأولى حاجز التريليون ريال بنهاية 2024
الرياض
كشفت هيئة السوق المالية عن تجاوز قيمة الأصول المدارة في السوق المالية السعودية للمرة الأولى حاجز التريليون ريال بنهاية عام (2024)م، محققةً نسبة نمو بلغت (20.9)% مقارنة بالعام السابق, وارتفع عدد صناديق الاستثمار إلى (1,549) صندوقًا، فيما بلغ عدد المشتركين في الصناديق العامة والخاصة أكثر من (1.72) مليون مشترك وبزيادة قدرها (47)% عن عام (2023)م.
جاء ذلك في التقرير السنوي الذي أصدرته الهيئة لعام (2024)م، وعكس استمرار الزخم في نمو وتطور السوق المالية السعودية، محققًا نتائج استثنائية وأرقامًا قياسية في مختلف الجوانب التنظيمية والتشريعية والتطويرية، مما يعزز مكانة المملكة وجهة جاذبة للاستثمار المحلي والدولي، ويترجم التقدم المتسارع في مستهدفات رؤية المملكة (2030).
وعلى صعيد الجوانب التنظيمية والتشريعية والتطويرية للسوق، فقد اعتمدت الهيئة خلال العام 2024م، تعليمات طرح شهادات المساهمات العقارية، الهادفة إلى تنظيم تسجيل وطرح شهادات المساهمات العقارية، إلى جانب اعتماد عدد من التعديلات لمجموعة من اللوائح التنفيذية، من بينها لائحة مؤسسات السوق المالية وتعليمات الحسابات الاستثمارية، واللائحة التنفيذية لنظام الشركات الخاصة بشركات المساهمة المدرجة، بالإضافة إلى اعتماد تعديلات قواعد طرح الأوراق المالية والالتزامات المستمرة.
وأولت الهيئة عنايتها بتطوير سوق الصكوك وأدوات الدين، الأمر الذي انعكس إيجابًا على السوق من خلال اعتمادها أكبر حزمة من التحسينات التنظيمية منذ إطلاق سوق الصكوك وأدوات الدين خلال هذا العام، التي تضمنت تخفيف المتطلبات التنظيمية وتوسيع فئة المستثمرين المؤهلين.
ووفقًا للتقرير فقد بلغت قيمة الإصدارات الإجمالية للصكوك وأدوات الدين المدرجة في السوق المالية السعودية (663.5) مليار ريال بنهاية العام 2024م، مقارنة بـ (549.8) مليار ريال بنهاية العام (2023)م، وبنمو بلغ (20.6)% خلال العام.
وشهد عام 2024، نموًا في عمليات الطرح العام وتسجيل الأسهم، إذ وافقت الهيئة على (60) طلبًا، بارتفاع بلغت نسبته (36.4)% مقارنة بعام (2023)م، منها (40) طلبًا في السوق الموازية و(16) طلبًا في السوق الرئيسية، إلى جانب تنفيذ (44) إدراجًا في السوقين خلال العام، وهو ما يمثل استمرارًا للنشاط القوي في جانب الطروحات الأولية.
أما على صعيد الاستثمار الأجنبي، فقد واصلت السوق المالية السعودية تسجيل مستويات قياسية، إذ بلغ صافي الاستثمارات الأجنبية (218) مليار ريال بنهاية عام (2024)م، مقارنة بـ(198) مليار ريال في العام السابق، بارتفاع نسبته (10.1)%، كما ارتفعت قيمة ملكية المستثمرين الأجانب إلى (423) مليار ريال بما يشكل ما نسبته (11)% من إجمالي الأسهم الحرة في السوق الرئيسية.
وفيما يتعلق بالترخيص والإشراف على مؤسسات السوق المالية، فقد ارتفع عدد المؤسسات المرخصة إلى (186) مؤسسة بنهاية عام (2024)م، كما ارتفعت إيرادات مؤسسات السوق المالية عن العام السابق بنسبة 29.6% فوصلت إلى (17) مليار ريال، لتبلغ أرباحها (8.8) مليارات ريال بزيادة قدرها (39.3)% عن العام الماضي.
وأشار التقرير إلى صدارة المملكة بين دول مجموعة العشرين (G20)، في عدد من المؤشرات الدولية المرتبطة بالسوق المالية، بحسب الكتاب السنوي للتنافسية العالمية الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية IMD لعام 2024م، وهي: (مؤشر الأسواق المالية، ومؤشر رسملة السوق، ومؤشر حقوق المساهمين، ومؤشر رأس المال الجريء).
وأكد التقرير استمرار الهيئة في تفعيل أدوات حماية المستثمر، حيث تم الانتهاء من إجراءات (121) قضية، فيما تجاوزت تعويضات المستثمرين المتضررين أكثر من (389) مليون ريال موزعة على (921) مستفيدًا، في الوقت الذي انخفض فيه متوسط فترة التقاضي إلى نحو (4) أشهر مقارنة بـأكثر من (5) أشهر في عام (2023)م، فيما أصدرت الهيئة قرارات واجبة التنفيذ بحق (171) مخالفًا للأنظمة واللوائح التي تختص الهيئة بتطبيقها مع متابعة تنفيذ (45) طلبًا.
من جهته أشار معالي رئيس مجلس هيئة السوق المالية محمد بن عبدالله القويز، في تعليقه على التقرير السنوي للهيئة لعام (2024)م، إلى أن الهيئة اعتمدت خلال عام (2024)م، خطتها الإستراتيجية للأعوام (2024 – 2026م)، بما يتماشى مع التغيرات الاقتصادية المستجدة، التي اشتملت على تسعة أهداف، توزعت على ثلاث ركائز إستراتيجية، وهي: ركيزة تفعيل دور السوق المالية في التمويل والاستثمار، وركيزة تمكين منظومة السوق المالية، وركيزة حماية حقوق المستثمرين، منوهًا إلى أن الخطة أخذت في الاعتبار دارسة وتحليل قطاع السوق المالية بجوانبه كافة، والموائمة مع أصحاب المصلحة لتحديد مجالات التحسين والتطوير التي سيتم التركيز عليها.
وأوضح أن التقرير السنوي يعكس التحول الجذري الذي تشهده السوق المالية، مؤكدًا أن السوق المالية شهدت خلال العام (2024)م، تطورات أسهمت في تعزيز مكانة السوق المالية السعودية إقليميًا ودوليًا، وذلك من خلال حجم الأصول المدارة، وقيمة أصول الصناديق القابضة، وصناديق المؤشرات المتداولة، والتي سجلت ارتفاعات قياسية خلال العام (2024)م، مقارنة بالعام السابق، إضافة إلى جهود الهيئة في تعميق السوق، وإجراء تحسينات تنظيمية، لتوسيع قاعدة المستثمرين، وتعزيز السيولة، واستقرار السوق وزيادة التنافسية، وتحقيق نمو مستدام، بما يعزز من أداء السوق المالية السعودية، ويرفع من مستوى مساهمتها في الناتج المحلي، ويزيد من جاذبية السوق للمستثمرين المحليين والدوليين، بما يحقق مستهدفات رؤية المملكة (2030).