الولايات المتحدة تساعد كييف على حساب الأوروبيين
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
تضغط واشنطن على أوروبا للاستمرار في دعم كييف على حساب رخاء المواطنين الأوروبيين، وفائدة مصنّعي السلاح الأمريكيين. حول ذلك، نشرت "إزفيستيا" المقال التالي:
ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال، نقلاً عن مسودة وثيقة، أن هيئة العمل الخارجي الأوروبية تدرس إنشاء صندوق لمساعدة أوكرانيا، من أجل الالتفاف على حق الفيتو الذي استخدمته المجر.
وفي الصدد، قال عضو الحركة المجتمعية الدولية "أوكرانيا الأخرى"، مرشح العلوم الاقتصادية، ألكسندر دودتشاك: "هذه في الحقيقة محاولة للتحايل على القرار المجري. وإلى ذلك، فقد ذكرت قيادة سلوفاكيا أنها ستستخدم حق النقض إذا تم حرمان المجر منه. لكن هناك من يحتاج حقًا إلى مواصلة تمويل أوكرانيا. وبشكل عام، من الواضح أن هذه القوى بعيدة كل البعد عن أوروبا. أي أن الولايات المتحدة حتى الآن تدفع بنجاح بهذا الحل، على الرغم من أن أوروبا نفسها لديها الكثير من المشاكل".
ووفقا لدودتشاك، فإن تخصيص الأموال التي سيجري استخدامها للتعويض عن الأسلحة المورّدة إلى كييف يصب في مصلحة الولايات المتحدة، لأن هذا سيحفز شراء الأسلحة.
ويرى ضيف الصحيفة أن الولايات المتحدة لا تهتم عمومًا برأي المجر، وستعمل على الترويج لفكرة إنشاء الصندوق.
وفي اجتماع عقد في بروكسل بشأن أوكرانيا، في 14 و15 كانون الأول/ديسمبر 2023، منعت المجر تخصيص 50 مليار يورو لكييف. وفي الشهر نفسه، اقترح رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان أن يمتنع الاتحاد الأوروبي عن تقديم المساعدات لأوكرانيا على مدى السنوات الخمس المقبلة، وأشار إلى أن مبلغ الـ 50 مليار يورو الذي سيحوله الاتحاد الأوروبي إلى كييف، لا يملكه الاتحاد ببساطة.
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أسلحة ومعدات عسكرية الأزمة الأوكرانية الاتحاد الأوروبي العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا جو بايدن حلف الناتو فلاديمير زيلينسكي كييف موسكو واشنطن الولایات المتحدة ملیار یورو
إقرأ أيضاً:
لندن تبحث عن طريق للعودة إلى الاتحاد الأوروبي
تبدو الجدارة في الإدراك بأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كان فكرة سيئة غير كافية، ما لم تُصاحبها رؤية واضحة للخطوة التالية.
ففرص إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الفوضى التي خلّفها «البريكست» تتبدّد اليوم بفعل من يروّجون لأوهامٍ زائفة؛ سواء بالقول إن الخروج يمكن أن يُجدي نفعًا، أو بالحديث عن إمكانية التراجع عنه بسهولة.
أمّا بالنسبة لستة عشر ألف شركة تخلّت عن التجارة مع أوروبا بسبب التعقيدات الورقية، فالمستقبل يظل قاتمًا، ما لم تتوقف الحكومة عن وضع «الضمادات» المؤقتة وتبدأ عملية «جراحية» جادة لإعادة بناء العلاقة مع أوروبا.
وليس غريبًا أن يشعر المؤيدون لأوروبا بأن الرياح تسير في صالحهم. فحزب العمال تأخر كثيرًا في إعلان ما يريده من «إعادة الضبط» في العلاقات مع الاتحاد، وتأخر أكثر في الاعتراف بالتنازلات الضرورية لأي اتفاق. حتى الصيف الماضي، كان الوزراء يكررون وعود «جعل البريكست مجديًا» ويعيدون ترديد «الخطوط الحمراء».
لكن خلال الأسابيع الأخيرة، خلصت دراسة كبرى إلى أن الخروج كلّف بريطانيا ما بين 6 و8 في المائة من الناتج المحلي للفرد؛ وأصبح وزير الخزانة يصف آثار البريكست بأنها «قاسية وطويلة الأمد»؛ كما أدان رئيس الوزراء «الوعود الجامحة» التي أطلقها دعاة الخروج. ومع هذا التحوّل، ربما تكون نافذة ضيقة قد فُتحت لتغيير المسار.
لكن التاريخ يذكّرنا بأن إعلان رغبتنا تجاه أوروبا لا يعني حدوثها. فبريطانيا كثيرًا ما كانت عدوّة نفسها؛ تتصرف كما لو أن التحدي يكمن في تحديد ما تريده، ثم يأتي الجزء السهل، وهو أن يوافق الأوروبيون عليه. بالنسبة للدول السبع والعشرين الأخرى، فإن ثقة بريطانيا المفرطة، لدى داعمي البريكست وخصومه على السواء، بشأن من يضع الأجندة تبدو أمرًا محيرًا.
وعلى المؤيدين لأوروبا الآن أن يرفضوا خطاب «العودة إلى الاتحاد»؛ لا لأن البريكست كان فكرة جيدة، بل لأنه خيار غير ممكن في الظرف الراهن. فالطلب من الاتحاد الأوروبي، بعد كل ما عاشه من اضطراب منذ استفتاء 2016، أن يتحمّل تبعات استفتاء جديد يشبه مطالبة الجار بأن يثق بأن سياستك القادمة لن تنتهي بمطالبة شركة التأمين تجاهل الخسائر السابقة.
وحتى لو وافق الاتحاد على بدء مسار العودة، فإن تحديد الشروط سيستغرق سنوات، وسيوضع أي تحسين للعلاقة التجارية على الرف. أما الشركات التي تبحث عن متنفس، فإن السعي للعودة الآن يعني عقدًا جديدًا من الوثائق المتراكمة بلا ضمان للحصول على اتفاق أفضل. أمّا أولئك الذين يرددون أننا نستطيع «فقط» العودة إلى الاتحاد الجمركي أو السوق الموحّدة، فهم لا يقرأون مزاج الجيران كما يجب. صحيح أن هذين الخيارين يقلّلان العقبات التنظيمية التي أدت إلى تراجع صادرات السلع البريطانية إلى أوروبا بمقدار الخُمس، إلا أن للاتحاد الجمركي أثمانًا معروفة، أبرزها التخلي عن حرية عقد اتفاقيات تجارية مستقلة، إضافة إلى شروط جديدة محتملة يفرضها الاتحاد تتعلق بالعملة وحركة الأشخاص. والعودة إلى السوق الموحّدة تعني مواجهة دعاة تقييد حرية التنقل، كما أن الفجوة التنظيمية بين بريطانيا والاتحاد، بعد سنوات من الانفصال، تجعل الطريق أعقد مما يتصوره البعض.
ومع ذلك، فليس هذا مسوغًا للخضوع لتوقعات متدنية؛ فالاتفاقيات التجارية المستقلة التي تفاخر بها الحكومة لا ترتقي إلى أثر الخروج من السوق الموحّدة؛ فالاتفاق الأخير مع الهند لن يضيف أكثر من 0.13 في المائة سنويًا إلى الناتج المحلي. والاتحاد الأوروبي قد يكون أكثر مرونة مما يُقال؛ فسويسرا ليست جزءًا من اتحاد جمركي، ومع ذلك تواجه عوائق أقل بكثير.
لكن كل خيار له كلفته، وعلى بريطانيا أن تشرح بوضوح لماذا تستحق تلك الكلفة. أما أن يصبح الاتحاد الجمركي هدفًا فقط لأنه أقل الخيارات إيلامًا سياسيًا، فذلك خطأ استراتيجي.
والاتحاد الأوروبي نفسه ليس بمنأى عن تقديم «الألاعيب» على «المكاسب». فقد تعثرت مفاوضات مشاركة بريطانيا في «صندوق أمن أوروبا» البالغ 150 مليار يورو، بعدما طالبته المفوضية برسوم باهظة لإثبات أن البريكست لا يجلب فوائد.
كما تظهر نبرة الضغط نفسها في الشروط المقترحة لاتفاقي الغذاء والحيوانات (اتفاق الصحة والصحة النباتية) ونظام تجارة الانبعاثات. وأي مطالب متسرعة تبدو وكأن بريطانيا ترى نفسها «مستحقة» لمعاملة تفضيلية ستُقابل بالرفض سريعًا.
أولًا: قياس الأثر
إذن، كيف يمكن لحزب العمال أن يحل هذه المعضلة؟ البداية تكون بتكليف الحكومة فريقًا مستقلًا من الخبراء لإعداد تقييم شامل لتأثير البريكست، على غرار «المراجعة الاستراتيجية للدفاع». فالحكومات السابقة تمسكت بوهم إمكان نجاح الخروج من الاتحاد الأوروبي، بينما ظلّت الحكومة الحالية مترددة في الاعتراف بأنه لم ينجح.
وخلال إعلان الميزانية، رفض «مكتب مسؤولية الميزانية»، وهو هيئة حكومية بريطانية مستقلة مختصة بالتوقعات المالية، رفض تقديم بيانات إضافية حول الآثار الاقتصادية للبريكست، ما يعني أننا ما زلنا، بشكل يثير الدهشة، بلا أرقام موثوقة حول أكثر العوامل تأثيرًا على النمو الاقتصادي.
وسيؤدي إعداد تحليل شامل إلى إنهاء الجدل القائم وإسكات من يواصلون الترويج لفوائد البريكست. كما سيقدّم هذا التحليل قاعدة بيانات يمكن الاستناد إليها عند تقييم الخيارات المستقبلية كافة، بدءًا من الاتفاق القائم، وصولًا إلى الاتفاقات القطاعية المتعلقة بالوصول إلى الأسواق، بل وحتى دراسة خيارَي الانضمام إلى الاتحاد الجمركي أو السوق الأوروبية الموحدة.
ثانيًا: طرح كل شيء على الطاولة
على الحكومة أن تدخل مفاوضات العام المقبل مع أوروبا وهي واضحة الهدف، وهو صياغة اتفاق يقوم على مبدأ «المزيد مقابل المزيد»، مع استعداد لبحث كل الملفات، ليس فقط لتحسين التجارة، بل لأن طبيعة العالم اليوم، في ظل تأثير دونالد ترامب وفلاديمير بوتين وشي جين بينغ، تفرض تعاونًا أعمق بين بريطانيا وأوروبا. فاضطراب المشهد الجيوسياسي وصعود اليمين الشعبوي يفرضان إدراج كل القضايا الأساسية على طاولة التفاوض، ما دام المقابل يستحق.
وبدلًا من التركيز على وضع سقوف لأعداد الشباب المشاركين في برامج التنقل، ينبغي إعطاء الأولوية لنظام يعتمد على غرض الزيارة وآليات التحكم في حركة الأشخاص عبر الحدود. ولا ينبغي أن تكون المساهمات المالية في موازنة الاتحاد الأوروبي «أمرًا حساسًا يُتجنَّب الخوض فيه»، إذا كانت ستعود بفائدة صافية على بريطانيا.
أما مواءمة القواعد التنظيمية، فهي ما تفضله الشركات البريطانية المنخرطة في سلاسل التوريد العالمية. في هذه المرحلة، لا مكان لما يسمى «الخطوط الحمراء»؛ فاستراتيجية الأمن القومي الأمريكية في عهد ترامب، وحديثه المتكرر عن الانسحاب من حلف «الناتو»، يجب أن يُنذرا بضرورة التحرك لا التصلب.
ثالثًا: الثقة بالبرلمان
يجب إشراك البرلمان في الحوار. فمستقبل العلاقة مع أوروبا لم يُناقش رسميًا حتى الآن في عهد هذه الحكومة، فضلًا عن مناقشة احتمال تعديل الاتفاق القائم. ويستغل مؤيدو البريكست، وكذلك دعاة «العودة السريعة» إلى الاتحاد الأوروبي، هذا الغياب للرقابة لترويج تصورات غير واقعية.
وعلى الحكومة ألا تتردد في مواجهة الطرفين، باستخدام البيانات التي سيقدمها التقييم المرتقب لتوضيح آثار البريكست، وما الذي قد يقدمه أي اتفاق جديد. وعلى حزب العمال أن يواجه من يعيقون خيار المقايضات الضرورية لإنقاذ الشركات البريطانية، وأن يتعهد منذ الآن بأن يتضمن برنامجه الانتخابي تفويضًا واضحًا لإعادة صياغة العلاقة مع أوروبا.
اليوم، يرى ما يقرب من ثلثي البريطانيين أن البريكست كان فشلًا أكثر منه نجاحًا. لكن الدافع الأكبر لإعادة بناء العلاقة مع أوروبا ليس استطلاعات الرأي، بل حقيقة أن التمسك بالخطط الحالية تصرف غير مسؤول. فالحكومة ورثت أزمة نمو خانقة تفرض ضغطًا قاسيًا على الخدمات العامة وعلى حياة المواطنين. وبينما يقدّم آخرون حلولاً سهلة بهدف الكسب الانتخابي، تبقى الحقيقة أن الحلول الصائبة بشأن أوروبا ليست بسيطة ولا سريعة، لكنها موجودة. وما زال أمام حزب العمال متّسع من الوقت لتبنيها.