"المشي على الحبل".. أشباح تطارد نتنياهو في صراع غزة
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
بعد مرور أكثر من100 يوم على مسعى إسرائيل لتدمير حركة حماس، يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تحديا من أعضاء حكومة الحرب فيما يتعلق بالاستراتيجية، في الوقت الذي يتعرض فيه لضغوط من واشنطن بشأن خطط ما بعد الحرب في غزة، فيما يجد نفسه محاصرا من وزراء اليمين المتشدد في الحكومة.
ويوم الخميس، قبل ساعتين من بث مقابلة في وقت الذروة مع وزير في الحكومة وقائد عسكري سابق يوجه الانتقادات على نحو متزايد،استدعى نتنياهو المراسلين ليقول لهم إن عزيمته لن تكل قبل القضاء على حماس.
وجاء استعراض الصمود والروح القتالية من جانب نتنياهو إرضاء لمن ترتفع أصواتهم على نحو متزايد في إسرائيل بانه لا يمكن الجمع بين هدفي تدمير حماس وتحرير الرهائن الذين ما زالوا محتجزين لدى الحركة الفلسطينية المهيمنة في غزة، ويتعين بالتالي وقف إطلاق النار.
وقال نتنياهو في المؤتمر الصحفي الذي بثه التلفزيون إن هناك من"يزعم أن النصر مستحيل. وأنا أرفض هذا تماما. إسرائيل تحت قيادتي لن تتنازل عن أقل من النصر الكامل على حماس".
ويواجه نتنياهو الذي يتعرض بقاؤه السياسي للخطر، مطالب أيضا بالالتزام بالنهج المتشدد من جانب شركائه في الائتلاف اليميني الذين هدد بعضهم بإسقاط الحكومة إذا تزحزح عن مواقفه.
وبعد مرور نحو أربعة أشهر على الحرب، ما زال يعتقد أن القياداتا لكبيرة المستهدفة في حماس تختبئ في عمق شبكة الانفاق الواسعة تحت غزة.
وفي استطلاع للرأي أجراه باحثون في الجامعة العبرية في 14يناير قال نصف من شملهم الاستطلاع إن الأولوية القصوى هي لتحرير الرهائن الذين يتزايد الخوف على حياتهم بعد نحو أربعة أشهر من هجوم السابع من أكتوبر الذي أسفر عن مقتل نحو1200 شخص.
وأُطلق سراح أكثر من 100 رهينة من 253 أثناء هدنة استمرت أسبوعا في نوفمبر، لكن لم يخرج أحد غيرهم من الرهائن على قيد الحياة منذئذ.
وعبر عضو في حكومة الحرب الآن عن هذه الضرورة الملحة بوضوح وعلنا للمرة الأولى. ويشير نشاط دبلوماسي مكثف مع وسطاء من الدوحة والقاهرة وواشنطن أيضا إلى تجدد التركيز في الدهاليز الخلفية على التفاوض من أجل وقف لإطلاق النار.
وعبر غادي أيزينكوت، الوزير في الحكومة الحالية ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، عن مخاوفه في اليوم الذي تحدث فيه نتنياهو. وقال أيزينكوت لبرنامج عوفدا بالقناة 12 التلفزيونية في مقابلة مسجلة سلفا "أعتقد أن من الضروري القول بجرأة إن من المستحيل إعادة الرهائن أحياء في المستقبل القريب بدون اتفاق".
استراتيجية الحرب
استراتيجية الحرب يضعها ثلاثي مؤلف من نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت وبيني غانتس، السياسي المعارض من الوسط الذي يقود حزب أزرق أبيض الذي ينتمي إليه أيزنكوت والذي انضم إلى حكومة الطوارئ بعد وقت قصير من هجوم السابع من أكتوبر.
ويحق للثلاثة التصويت على الحرب، وأيزنكوت ورون ديرمر، حليف نتنياهو المقرب، مراقبان في حكومة الحرب.
وأظهرت بيانات أصدرها الثلاثة بعد مرور نحو 100 يوم على الهجوم اختلافات طفيفة في النهج المتبع في الصراع. فقد قال غانتس أيضا إن هدف استعادة الرهائن يتعين أن يسبق الأهداف العسكرية الأخرى.
ورفض مكتبه الإدلاء بمزيد من التفاصيل بسبب "حساسية" الموضوع.
وقال غالانت إنه لن يتحقق هدفا إسرائيل إلا بالضغط العسكري لكنه دعا أيضا مجلس الوزراء إلى تحديد أهداف دبلوماسية ومناقشة خططما بعد الحرب في غزة. وأضاف أن الافتقار للقرار السياسي في خطة مابعد الحرب قد يضر بالتقدم العسكري.
وتكبد الجيش الإسرائيلي يوم الاثنين أكبر عدد من القتلى في هجومه على غزة مع مقتل 24 من بينهم 21 في هجوم بقذائف صاروخية وانفجار في وسط غزة وثلاثة في أماكن أخرى.
وفي أحدث استطلاع أسبوعي أجرته الجامعة العبرية وشمل 1373 شخصا بالغا من الأغلبية اليهودية في إسرائيل، قال 42 بالمئة إنه يجب التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن حتى لو كان بإطلاق سراح فلسطينيين مسجونين بسبب هجمات مسلحة تمخضت عن قتلى. وقال 17 بالمئة إن الاتفاق قد ينطوي على إبطاء وتيرة الرد العسكري الإسرائيلي.وتشير النتائج المجمعة إلى أن 59 بالمئة يدعمون الإجراءين في ارتفاع عن 39 بالمئة كانوا يؤيدون ذلك في التاسع من أكتوبر.
وقال نمرود نير، الباحث المشارك في إجراء الاستطلاع، إن الجمهور يتزايد ميله إلى النظر إلى الأمر باعتباره لعبة صفرية.وأضاف "إما أن نطلق سراح الرهائن، مما يعني أنه يتعين علينا الانتهاء من الجزء الثقيل من العملية في غزة على الأقل. أو نواصل القتال على الرغم من أن هذا سيكلفنا حياة الرهائن".
واعتصم أقارب الرهائن يوم السبت في خيام أمام منزل نتنياهو، كما شهد مطلع الأسبوع مسيرات طالبت ببذل مزيد من الجهد لإطلاق سراح الرهائن. وفي مطلع الأسبوع، دعا محتجون في مسيرة أيضا إلى إجراء انتخابات مبكرة. ويوم الاثنين، اقتحم أقارب الرهائن جلسة للجنة برلمانية في القدس.
المشي على الحبال
يسير نتنياهو بالفعل على حبل دبلوماسي رفيع بين واشنطن والحكومة الائتلافية اليمينية المتشددة، ومن المرجح أنه سيواجه المزيد من التحديات حين تبدأ مرحلة القتال الأشد كثافة في الانتهاء.
وقال أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأميركي، إن جيران إسرائيل العرب والمسلمين ربما يكونون مستعدين لدمج كامل لإسرائيل في المنطقة، لكنهم بحاجة أيضا لأن يشهدوا التزاما بمسار يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية.
لكن المناقشات الإسرائيلية رفيعة المستوى حول من يدير غزة بعد الحرب أُرجئت مرات في غمرة الشقاق السياسي الداخلي.
وقال مسؤول مطلع إن حكومة الحرب حددت أصلا موعدا لعقد جلسة،لكن ضغط شركاء نتنياهو في الائتلاف اليميني المتشدد الذين اُستبعدوا، أدى إلى إحالة الجلسة للنقاش في مجلس الوزارء الأمني الموسع.
وقال المسؤول إن الرؤى المختلفة لما بعد الحرب تباعدت الآن لدرجة تجعل عقد مثل هذه المناقشة مرة أخرى "عصيا على التحقيق".وقال وزير المالية، وشريك نتنياهو في الائتلاف الحاكم، بتسلئيل سموتريتش، إنه يجب إخراج الفلسطينيين من غزة، في تصريحات أدانتها واشنطن.
وقال سموتريتش يوم السبت إنه يجب على البيت الأبيض التوقف عن الضغط من أجل إقامة دولة فلسطينية.
وشدد إيتمار بن جفير وزير الأمن الوطني لهجته في الأسابيع القليلة الماضية ضد حكومة الحرب. وفي رسالة إلى نتنياهو الأسبوع الماضي، حذر بن جفير من أن الحكومة ستتهاون مع حماس في غزة وأنه لن يكون أداة طيعة توافق على سياسات لا يرضاها. وأشار إلى أن حزب القوة اليهودية الذي يتزعمه قد ينسحب من الائتلاف الحكومي، في خطوة قد تدفع نحو إجراء انتخابات مبكرة.
وقال للصحفيين في الكنيست يوم الاثنين، إنه إذا انتهت الحرب قبل الأوان "لن تكون هناك حكومة".
وأظهر استطلاع للرأي نُشر في أوائل يناير أن 15بالمئة فحسب من الإسرائيليين يريدون بقاء نتنياهو في منصبه بعد انتهاء الحرب وهو ما يوضح أنه لم يتعاف مما أصابه من تدهور في شعبيته بعد هجوم حماس.
وقال جدعون رهط، أستاذ العلوم السياسية في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، إن نتنياهو يروج فيما يبدو لحملة انتخابية على الرغم من تمتعه بدعم ضعيف.
وقال رهط "إنه يحاول وضع نفسه في إطار الشخص الذي سيوقف إقامة دولة فلسطينية".
ولم يرد مكتب نتنياهو على طلب للتعليق على خططه الانتخابية في المستقبل. ونفى نتنياهو علنا اعتزامه القيام بأي تحركات سياسية،قائلا إن تركيزه الوحيد ينصب على الفوز بالحرب.
وأصدر نتنياهو بيانا يوم الأحد قال فيه إنه صمد في السابق أمام "ضغوط دولية وداخلية كبيرة" لمنع إقامة دولة فلسطينية كانت ستشكل "خطرا وجوديا على إسرائيل".
لكنه لم يعلن صراحة استبعاده الكامل لقيام دولة فلسطينية، وقال إن إسرائيل يتعين أن تحتفظ دائما بسيطرة أمنية كاملة على جميع الأراضي الواقعة غرب الأردن، وهو موقف سيصر عليه دوما "ما بقيت رئيسا للوزراء".
وأضاف "إذا كان لدى شخص ما موقف مختلف، فليظهر "سمات" القيادة ويعلن موقفه بصراحة لمواطني إسرائيل".
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات الأهداف الحرب أشباح الأشباح نتنياهو غزة شرق أوسط إقامة دولة فلسطینیة حکومة الحرب نتنیاهو فی بعد الحرب فی غزة
إقرأ أيضاً:
غزة.. تفاصيل مفاوضات "الفرصة الأخيرة" تزامنا مع زيارة ترامب
قال مسؤول إسرائيلي وآخر عربي إن إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على خيار الحرب في غزة، يضعف فرص نجاح المفاوضات التي تجرى في الدوحة.
وانطلقت مفاوضات بشأن الرهائن في العاصمة القطرية، الأربعاء، بتفاؤل من الوسطاء الأميركيين عقب إطلاق حركة حماس سراح الرهينة الأميركي الإسرائيلي عيدان ألكسندر.
إلا أن المسؤولين قالا لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" إن رفض نتنياهو أي مقترحات تلزم إسرائيل بإنهاء الحرب في غزة بشكل دائم، يحد بشكل كبير من فرص التوصل إلى الاتفاق.
ومع ذلك، قال المسؤول الإسرائيلي إن المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف يضغط بشدة على كل من إسرائيل وحماس للتوصل إلى حل وسط، وسيلتزم بهذا الضغط حتى نهاية رحلة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، الجمعة، على الأقل.
وأضاف المسؤول أن المفاوضات قد يسمح بتمديدها إذا ظلت جوهرية، لكنها تحتاج إلى مزيد من الوقت.
وتوعدت إسرائيل بشن عملية عسكرية واسعة النطاق جديدة لإعادة احتلال القطاع بأكمله والاحتفاظ به إلى أجل غير مسمى، إذا لم توافق حماس على ما سمته "اقتراح ويتكوف" بنهاية رحلة ترامب.
ويتضمن هذا الاقتراح إطلاق سراح ما يصل إلى نصف الرهائن الأحياء المتبقين مقابل وقف إطلاق نار لمدة أسبوع، توافق خلاله إسرائيل على إجراء محادثات بشأن شروط إنهاء الحرب، من دون الالتزام المسبق بهذه النتيجة.
ورفضت حماس هذا الإطار، وأصرت على ضمانات بانتهاء الحرب قبل إطلاق سراح المزيد من الرهائن، وأشارت إلى رفض إسرائيل إجراء محادثات بشأن وقف إطلاق نار دائم في وقت سابق من هذا العام، رغم أنها وافقت على ذلك كجزء من الاتفاق المبرم في يناير، الذي انهار بعد مرحلته الأولى في مارس.
واقترحت الحركة إطلاق سراح جميع الرهائن دفعة واحدة مقابل إنهاء الحرب، لكن نتنياهو رفض هذه الصيغة بحجة أنها ستترك حماس في السلطة.
ومع ذلك، أشارت استطلاعات الرأي المتتالية إلى أن رئيس الوزراء لا يتوافق مع غالبية الإسرائيليين الذين يؤيدون مثل هذا الإطار.
لكن نتنياهو يواجه ضغوطا من شركائه في الائتلاف الحكومي اليميني المتطرف، الذين هددوا بإسقاط الحكومة إذا أنهى الحرب مقابل الإفراج عن الرهائن الـ58 المتبقين، الذين يعتقد أن ما بين 20 و23 منهم فقط على قيد الحياة.
وفي حين تمسك نتنياهو باقتراح ويتكوف الصادر في وقت سابق من هذا العام، قال المسؤول الإسرائيلي إن المبعوث الأميركي نفسه تخلى عن هذا المقترح، ويدفع بدلا من ذلك بأطر عمل تتضمن بشكل أكثر تحديدا إنهاء الحرب بشكل دائم، مع إبعاد حماس عن السلطة في غزة.
وقالت "تايمز أوف إسرائيل" إن ويتكوف أجرى مكالمة هاتفية مع نتنياهو لأكثر من ساعتين، الأربعاء، سعى خلالها المبعوث الأميركي لدفع إسرائيل نحو إطاره الجديد، لكنه لم يحرز تقدما يذكر وفقا للمسؤول الإسرائيلي.
وأضاف المسؤول العربي أن حماس أبدت استعدادها لإظهار مرونة بشأن نزع سلاحها، إذا وافقت إسرائيل على إنهاء الحرب وسحب قواتها من غزة، وهو ما كانت ترفضه الحركة سابقا.
وكانت حماس قد أعلنت بالفعل في وقت سابق، استعدادها لنقل السلطة إلى لجنة مستقلة من التكنوقراط الفلسطينيين في حال وقف الحرب.
وأضاف المسؤول العربي أن الوسطاء المصريين والقطريين يضغطون أيضا على حماس لقبول وقف إطلاق نار أولي لعدة أشهر، أطول من مقترح الـ45 يوما الذي قال نتنياهو إنه مستعد لقبوله، مع ضمانات من الوسطاء ببقاء إسرائيل على طاولة المفاوضات خلال تلك الفترة للتوصل إلى شروط إنهاء دائم للحرب، وعدم استئناف القتال في غضون ذلك.
وبدا أن المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري يؤكد هذا الجهد، حيث قال في تصريحات صحفية إن هدف الوسطاء الحالي هو التوصل إلى وقف إطلاق نار أولي أطول من الهدنة التي تم التوصل إليها في وقت سابق من هذا العام، التي استمرت 6 أسابيع، ويتيح للأطراف فرصة التوصل إلى اتفاقيات إضافية.
وقال الأنصاري: "لا تزال هناك تحديات، لكن زيارة ترامب أعطت زخما للمفاوضات".
وأضاف المتحدث أن المحادثات الجديدة في الدوحة تدور حول اقتراح مدعوم من الولايات المتحدة لهدنة طويلة الأمد، وإطلاق سراح الرهائن المتبقين، ومحادثات حول مستقبل قطاع غزة.
وفي وقت لاحق من الأربعاء، صرح رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني لشبكة "سي إن إن" الإخبارية الأميركية، أن الغارات الجوية الإسرائيلية المستمرة هذا الأسبوع ترسل إشارة بأن حكومة نتنياهو غير مهتمة بالتفاوض على وقف إطلاق النار.
وكان ويتكوف التقى كبار المفاوضين القطريين في الدوحة، الأربعاء، بحضور عدد من عائلات الرهائن لنحو ساعتين ونصف الساعة.
ورغم عدم تحقيق أي تقدم كبير حتى وقت متأخر من ليل الأربعاء، قال المسؤولان الإسرائيلي والعربي إنهما يتوقعان تكثيف الضغط الأميركي خلال الساعات الـ48 المقبلة.
ولا يزال فريق تفاوض إسرائيلي، مؤلف من أوفير فالك نائب رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) السابق المستشار الدبلوماسي لنتنياهو، ومسؤول ملف الأسرى في الحكومة غال هيرش، موجودا في الدوحة لمواصلة المناقشات، إلا أن المسؤول الإسرائيلي قال إن صلاحيتهما "محدودة للغاية"، وإن ويتكوف أدرك ذلك ولهذا اختار التحدث مباشرة مع نتنياهو عبر الهاتف.
وخلال اجتماع عقده ويتكوف مع عائلات الرهائن في تل أبيب، الثلاثاء، تساءل أحد المشاركين عن سبب عدم ضغط الولايات المتحدة على نتنياهو لإنهاء الحرب، وقال ويتكوف إن "إسرائيل دولة ذات سيادة"، وإن واشنطن "لن تجبرها على اتخاذ مثل هذا القرار".