يوافق اليوم الجمعة ثاني الأيام البيض من شهر رجب، فما هو حكم إفراد يوم الجمعة بالصيام لمن يعجز عن صيام الثلاث البيض من الشهر الحرام؟، هذا ما سنوضحه بموجب فتوى دار الإفتاء المصرية. 

ما حكم إفراد يوم الجمعة بالصيام؟

وقالت الإفتاء إن صوم اليوم الجمعة منفردًا مكروهٌ عند جمهور الفقهاء من الحنفية -في معتمد المذهب- والشافعية والحنابلة، إلا لمن يتخذ ذلك عادةً له؛ كمن يصوم يومًا ويفطر يومًا، أو إذا وافق يوم الجمعة صوم نافلة كيوم عاشوراء، وغير ذلك من صوم النافلة.

قال الإمام الشُّرُنْبُلَالِي الحنفي في "مراقي الفلاح" (ص: 237، ط. المكتبة العصرية): [(وكره إفراد يوم الجمعة) بالصوم.. (إلا أن يوافق "ذلك اليوم" عادته)؛ لفوات علة الكراهة بصوم معتاده] اهـ.

وقال العلامة ابن عابدين الحنفي في "حاشيته على الدر المختار" (2/ 164، ط. دار الفكر) في خصوص كراهة إفراد يوم الجمعة بالصوم: [(قوله ويكره إفراده بالصوم) هو المعتمد وقد أمر به أولًا ثم نهى عنه] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (6/ 437، ط. دار الفكر): [قال أصحابنا: يكره إفراد يوم الجمعة بالصوم؛ فإن وصله بصوم قبله أو بعده، أو وافق عادة له بأن نذر صوم يوم شفاء مريضه، أو قدوم زيد أبدًا فوافق الجمعة لم يُكره] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 170، ط. مكتبة القاهرة): [فصل: ويكره إفراد يوم الجمعة بالصوم، إلا أن يوافق ذلك صومًا كان يصومه، مثل مَن يصوم يومًا ويفطر يومًا فيوافق صومه يوم الجمعة، ومَن عادته صوم أول يوم من الشهر، أو آخره، أو يوم نصفه، ونحو ذلك] اهـ.

وذهب المالكية إلى القول بجواز إفراد يوم الجمعة بالصيام.

قال العلامة ابن عرفة المالكي في "المختصر الفقهي" (2/ 97، ط. مؤسسة خلف الحبتور): [وأجاز مالك صوم الجمعة منفردًا] اهـ.

فضل صيام الأيام البيض .. 8 مكافآت ربانية للصائمين الأزهر: صيام الأيام البيض كصيام الدهر كله توجيه العلماء النهي الوارد عن إفراد يوم الجمعة بالصيام

ما ذكره الفقهاء من كراهة إفراد يوم الجمعة بالصيام؛ فذلك لِما ورد في السنة النبوية المطهرة من النهي عن ذلك؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يقول: «لَا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ، إِلَّا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ» متفقٌ عليه.

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سُئل: عن نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن صوم يوم الجمعة؛ فقال: «نَعَم». متفق عليه.

وقد فهم شراح الأحاديث أن النهي عن إفراد يوم الجمعة بالصيام الوارد في هذين الحديثين وغيرهما من الأحاديث لا يشمل من كانت له عادة كمن يصوم يومًا ويُفطر يومًا، ولا من يصوم يوم عاشوراء، وما شابهه من صيام النوافل.

قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (8/ 19، ط. دار إحياء التراث): [وفي هذه الأحاديث: الدلالة الظاهرة لقول جمهور أصحاب الشافعي وموافقيهم: أنه يكره إفراد يوم الجمعة بالصوم، إلا أن يوافق عادة له، فإن وَصَله بيوم قبله أو بعده أو وافق عادة له بأن نذر أن يصوم يوم شفاء مريضه أبدًا فوافق يوم الجمعة لم يكره] اهـ.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الجمعة شهر رجب حكم إفراد يوم الجمعة بالصيام الشهر الحرام الأیام البیض قال الإمام صوم یوم

إقرأ أيضاً:

هل يجوز الإجهاض بعد نفخ الروح لحماية حياة الأم؟ الإفتاء تجيب

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه «ما حكم الإجهاض بعد نفخ الروح في الجنين حال وجود خطر على الأم أو عند وجود تشوهات خَلقية بالجنين؟

وأجابت دار الإفتاء عن السؤال قائلة: ان «الإجهاض» بعد نفخ الروح في الجنين لا يجوز بأي حال من الأحوال إلا في حالة واحدة فقط وهي «الضرورة الشرعية».

ونوهت أن هذه الضرورة تُقدّر من قِبل طبيب مسلم عادل موثوق في رأيه، فإن قرر هذا الطبيب أن استمرار الحمل سيُعرض الأم إلى خطرٍ حقيقيٍ على حياتها أو سيؤدي إلى «استئصال رحمها» أو يُصيبها بعجز دائم أو مرض عضال لا يُرجى شفاؤه، فإن الشريعة الإسلامية في هذه الحالة تُجيز الإجهاض وتعتبره من باب دفع الضرر الأكبر بضرر أصغر.

ولفتت إلى أن هذه القاعدة الفقهية تنطلق من مبدأ حفظ النفس الذي يُعد من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية، فحياة الأم التي هي أصل في الوجود تُقدَّم على حياة الجنين الذي لم يُولد بعد، طالما أن بقاءه يمثل تهديدًا وجوديًا لها.

حكم الاجهاض بعد نفخ الروح بسبب تشوهات الجنين

وأوضحت الإفتاء ان «تشوه الجنين»،  لا يبرر الإقدام على «الإجهاض»، فالجنين حتى وإن كان مشوهًا فإن له كرامة الإنسان الكامل مادام حيًا في رحم أمه، ولا يجوز إسقاطه لمجرد العيوب الخَلقية أو لأن الأطباء يتوقعون عدم استمراره في الحياة بعد الولادة، فالقاعدة الشرعية تنص على أن اليقين لا يزول بالشك، واحتمالية موت الجنين لا تُعتبر يقينًا يُجيز القتل أو الإجهاض.

وبينت أن العلماء أجمعوا على أن الجنين إذا بلغ من العمر في بطن أمه «120 يومًا» وهي المدة التي تُعرف بنفخ الروح فيه، فإنه يُصبح في حكم النفس البشرية الكاملة، ويُحرَّم «الإجهاض» حينها تحريمًا قاطعًا لا جدال فيه، بل ويُعد قتلًا للنفس التي حرَّم الله قتلها إلا بالحق.

واستشهدت بعدد من الآيات القرآنية الواضحة منها قوله تعالى: «وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ» في سورة الأنعام، وقوله سبحانه: «وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ» في سورة الإسراء، مشيرة إلى أن هذه النصوص تقطع بحرمة «الإجهاض» بعد هذه المرحلة إلا إذا توافرت الضرورة كما سبق.


واضافت: أما إذا لم يبلغ عمر الجنين 120 يومًا بعد، فهنا يوجد خلاف فقهي بين المذاهب الإسلامية، حيث ذهب بعض العلماء إلى تحريم «الإجهاض» مطلقًا حتى في هذه المرحلة، وهو ما ذهب إليه المالكية والظاهرية، بينما رأى بعض الفقهاء الكراهة في الإجهاض مطلقًا دون اعتبار للظروف، وهو رأي بعض فقهاء المالكية، ومنهم من أجاز الإجهاض قبل نفخ الروح إذا وجد عذر معتبر، وهذا رأي بعض الأحناف والشافعية.

ورغم هذا الخلاف، فإن الرأي الراجح والمُعتمد في الفتوى هو «تحريم الإجهاض مطلقًا» سواء تم قبل أو بعد نفخ الروح، إلا إذا وُجدت ضرورة شرعية قائمة تستند إلى رأي طبي موثوق، وهو ما يُمثل توازنًا بين رأي الشرع وتقدير الواقع.

وشددت الإفتاء  على أن «الإجهاض» لا يجوز إلا في حالات الضرورة، وهذه الضرورة يجب أن تُثبت طبيًا بشكل قاطع، ولا يجوز للأم أو للأسرة اتخاذ قرار الإجهاض لمجرد التخوف أو اليأس أو تشخيص غير دقيق، فحياة الجنين لا تُقاس بجودة حياته أو مدى سلامة أعضائه، وإنما تُقاس بوجوده نفسه، وإذا كانت ولادته صعبة أو معقدة فهذا ليس مبررًا كافيًا للجوء إلى الإجهاض، طالما يمكن توليد الأم بطريقة قيصرية أو جراحية دون المساس بحياتها.

وأكدت انه لا يجوز قتل الطفل المشوه بعد ولادته بدعوى إعاقته، فكذلك لا يجوز إسقاط الجنين المشوه في رحم أمه لهذا السبب، لأن كليهما يُعد حيًا ويتنفس ويتحرك ويتغذى، ومن ثم فإن كرامة الحياة لا تنتقص بسبب وجود خلل عضوي أو تشوه خلقي.

و شددت  الإفتاء فى ختام فتواها على أن «الإجهاض» ليس قرارًا شخصيًا تتخذه المرأة وحدها، وإنما هو أمر يرتبط بحياة إنسان آخر في رحمها، ولذا يجب أن يُتخذ بناء على مشورة أهل العلم والدين والطب، وعلى أساس الضرورة الملحة وليس على مجرد الظنون والتوقعات.

وذكرت أن الشريعة الإسلامية تحترم العلم وتُقدره ولكنها في الوقت نفسه لا تُخضع حياة الإنسان لمجرد التنبؤات، لذلك فإن قرارات مثل الإجهاض يجب أن تتم وفق ضوابط دقيقة تحفظ التوازن بين «كرامة الجنين» و«حياة الأم»، وتُراعي المقاصد العليا للإسلام.

طباعة شارك الإجهاض هل يجوز الإجهاض بعد نفخ الروح هل يجوز الإجهاض بعد نفخ الروح لحماية حياة الأم الإفتاء حكم الاجهاض بعد نفخ الروح بسبب تشوهات الجنين

مقالات مشابهة

  • الإفتاء توضح فضل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة.. وغرة الشهر فلكيًا
  • هل يجوز الانتفاع بلبن الأضحية وصوفها قبل ذبحها؟ الإفتاء تجيب
  • هل يجوز للمرأة لبس الحرير والحلي في الحج؟.. الإفتاء تجيب
  • ما حكم ترديد الأذان بعد انتهاء المؤذن منه؟ دار الإفتاء تجيب
  • هل يجوز الحج عن المريض غير القادر على السفر؟.. الإفتاء تجيب
  • هل يجوز الإجهاض بعد نفخ الروح لحماية حياة الأم؟ الإفتاء تجيب
  • ما حكم الوقوف بعرفة للحائض والجنب؟.. الإفتاء تجيب
  • حكم من مات غنيا ولم يؤد فريضة الحج؟.. دار الإفتاء تجيب
  • متى يبدأ صيام العشر الأوائل من ذي الحجة 2025؟.. فضل الأيام المباركة
  • هل يجوز صيام بعض أيام العشر من ذي الحجة وليس كلها؟.. الإفتاء توضح