ماذا يعني تقديم فريق دفاع جنوب أفريقيا أدلته للجنائية الدولية ضد إسرائيل؟
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
لاهاي- يُنتظر أن تُصدر محكمة العدل الدولية في لاهاي -اليوم الجمعة- قرارها المرتقب بشأن الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب إبادة جماعية بحق سكان قطاع غزة.
واستكمالا لإجراءات الشكوى التي تقدم بها أكثر من 600 محام من مختلف أنحاء العالم يوم التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ولتعزيز إجراءات التحقيق التي تقوم بها المحكمة الجنائية الدولية، قدم فريق الدفاع -أمس- أدلته على جرائم هذه الإبادة.
وخلال الاجتماع، الذي تم في مكتب المدعي العام كريم أحمد خان وقسم الضحايا التابع له، تم فحص أكثر من 1800 ورقة وعدد كبير من المراجع، بما فيها 350 ورقة مخصصة لاستهداف المستشفيات و700 دليل مرتبط بأهالي الضحايا.
أدلة موثقة
وتشكلت هذه الأدلة من 15 محورا تضم قطاع الصحة والبنية التحتية واستهداف المدنيين وقطع الكهرباء والمياه، وسياسة التجويع والتسليح والتهجير القسري.
ويحتوي كل محور على حقائق موثقة ومصورة وروابط من الإنترنت وتسجيلات صادرة عن خبراء تابعين للأمم المتحدة ومعتمدة لمؤسسات ومحاكم دولية، فضلا عن أدلة أخرى أُرسلت عبر البريد الإلكتروني للمحكمة.
وقال المحامي عبد المجيد مراري، خبير القانون الدولي ورئيس قسم الشرق الأوسط وأفريقيا بمنظمة "أفدي" الدولية، إن الجنائية الدولية لم تكن تمتلك كل الدلائل المتعلقة بهذا الملف خاصة فيما يتعلق باستهداف المقابر والمخابز في قطاع غزة.
وأوضح -للجزيرة نت- أن استهداف المخابز المتعمد يمثل دليلا دامغا على ارتكاب جيش الاحتلال جريمة الإبادة الجماعية لأنه "يدخل في التدابير المذكورة في المادة الثانية من اتفاقية جنيف للإبادة الجماعية والتي تنص على إلحاق الضرر الكلي أو الجزئي".
وبعد تقديم هذه الأدلة، سيجري فريق المدعي العام تحقيقا موسعا ويستمع إلى عدد من شهادات أهالي الضحايا أو الشهود.
كما قدم الوفد القانوني أرقام عدد من الشخصيات المهمة للتواصل معها بشكل مباشر كالأطباء ومديري المستشفيات، إذ ستمنح تصريحاتهم دفعة ومصداقية كبيرة للقضية، وفق مراري.
وحتى الآن لا يمكن تحديد المدة الزمنية المطلوبة لانتهاء التحقيق، خاصة وأن المدعي العام لا يزال ممنوعا من دخول القطاع أو الوصول إلى معبر رفح أو العريش.
وأكد المحامي ضرورة "إصدار مذكرة توقيف بحق مجرمي الحرب وكل من يثبت تورطه في جرائم الإبادة، مما سيعني رسالة طمأنة تبعث بالأمل لأهل غزة وفلسطين بشكل عام".
تقدم واضح
وبقيادة المحامي الفرنسي جيل دوفير، لاحظ فريق الدفاع أن الجنائية الدولية أحرزت تقدما واضحا في القضية من خلال مكتبين منفصلين وإجراءات مختلفة حيث تم فحص طريقة عرض الملفات وكيفية العثور على الأدلة وتحديد موقعها على الإنترنت.
وفي مقابلة مع الجزيرة نت، أكد دوفير أنه لا يوجد أي ملف متعلق بالقضية الفلسطينية وصل إلى هذا المستوى من التقدم وبهذه السرعة في مكتب المدعي العام.
من جانبه، وصف مراري لقاء فريق الدفاع مع مكتب المدعي العام ومكتب الضحايا بالمثمر والإيجابي، لافتا إلى أن كلا الطرفين أشاد بالعمل الذي أنجزه المحامون.
وأضاف "اكتشفنا فريق تحقيق مقتنعا بالقضية وأحرز تقدما في الإجراءات وسافر إلى عدد من الدول المجاورة لفلسطين للقاء الشهود وشخصيات لها علاقة بالملف".
يُذكر أن قسم الضحايا التابع للجنائية الدولية يعمل بشكل مستقل عن مكتب المدعي العام، ويتركز دوره في جمع المعلومات والاستماع للضحايا والتوصل بشكاياتهم وشهاداتهم، ثم ترتيبها وتجميعها لتقديم تقرير يمكن الاعتماد عليه لدى المكتب.
كما يشمل دوره تسهيل إجراءات الاستماع والتنقل للقاء الضحايا الذين يعانون من الصدمة والخوف وغياب الاستقرار النفسي، خاصة وأن معظمهم لا يملكون أوراقا ثبوتية في ظل الصراع المستمر، إلى جانب تخصيص تدريب معين للعاملين بالقسم لفهم طبيعة الأسئلة التي يمكن طرحها.
ويبذل هذا القسم قصارى جهده لتوفير السرية والضمانات الأمنية الكافية لتشجيع الضحايا على التواصل مع المحكمة الدولية لأنهم يتعرضون للتهديد، وفق ما ينص عليه القانون الداخلي ونظام روما.
وقد التحقت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا ناليدي باندور بمكتب المدعي العام، أمس، في الجنائية الدولية لتقف على تطورات سير القضية، مما يعني أن الضغوطات على المدعي العام تأتي من كل الأطراف المساندة لحق الشعب الفلسطيني.
ويرى فريق الدفاع أن ملف جنوب أفريقيا أمام العدل الدولية وملفهم في الجنائية الدولية "يتكاملان" وأي قرار سيصدر اليوم "سيكون أساسا وسندا قانونيا يشجع المدعي العام للمضي قدما في التحقيق وإصدار قرارات جريئة، مثل مذكرات التوقيف".
وأشار دوفير إلى أن المرحلة المقبلة ستبدأ اليوم بعد إعلان العدل الدولية في لاهاي عن قرارها، وهي مرحلة متعلقة بالدول فقط حيث سيكون فريق جنوب أفريقيا القانوني حاضرا.
ورغم أن دور هذه المحكمة لا يتمثل في إدانة إسرائيل، بل تقديم تفسير لمفهوم الإبادة الجماعية وتحديد ما إذا كانت هناك إبادة جماعية أم لا في قطاع غزة، والإجابة عما إذا كانت العناصر والأدلة كافية، إلا أنها ستكون مهمة على المستوى القانوني، بحسب محامي الدفاع.
وأوضح المحامي الفرنسي أنه "ليس لهذه المحكمة الحق في قول غير ذلك في سياق حالة الطوارئ، إذ تم تقديم الالتماس قبل شهر واحد فقط. لهذا، سيتم اتخاذ إجراءات عاجلة للحد أو حظر القصف ودخول المساعدات الإنسانية وتشغيل المستشفيات".
وتابع "نتوقع أن يكون إعلان المحكمة إيجابيا لكننا سنراقب كيفية سير الأمور اليوم ونأخذ الوقت الكافي لقراءة القرار الذي لن يقتصر على الكشف عن نتيجة جلسات الاجتماع فقط، وإنما تفسير الدوافع واتخاذ موقف بشأن فكرة الإرهاب ومزاعم إسرائيل بالدفاع عن نفسها".
وقد تعرض المدعي العام لوابل من الانتقادات بسبب تأخره في التعامل مع قضية غزة -مقارنة مع سرعة الإجراءات التي تمت في ملف الحرب في أوكرانياـ مما دفع فريق الدفاع إلى التهديد باستخدام مسطرة العزل ضده، قبل أن يقرر تهدئة الوضع بعد التأكد من أن مجرى التحقيق يسير في الاتجاه الصحيح.
وعلّق مراري على ذلك بالقول "لا ننكر أن طريق العدالة الدولية طويل جدا ونعي جيدا ازدواجية المعايير المفروضة، رغم أن ملف فلسطين يتميز بحمولة سياسية أكبر بكثير من ملف أوكرانيا، لكن في الوقت ذاته لا يمكن قطع علاقتنا مع المحكمة الدولية أو إعلان إفلاسها إلا إذا أقدمت هي على الاعتراف بذلك".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: مکتب المدعی العام الجنائیة الدولیة جنوب أفریقیا فریق الدفاع
إقرأ أيضاً:
قتلى بقصف لقوات الدعم السريع وتحرك جديد للجنائية الدولية بشأن دارفور
سقط 12 شخصا بين قتيل وجريح إثر قصف لقوات الدعم السريع شرقي مدينة الأبيض في ولاية شمال كردفان وسط السودان، في حين عقدت المحكمة الجنائية الدولية اجتماعا في لاهاي مع النائب العام السوداني.
وقال مصدران عسكريان للجزيرة إن مسيّرة تابعة لما سمياها مليشيا الدعم السريع قصفت ظهر اليوم السبت ساحة قرب من مركز للشرطة في حي طيبة جنوب شرقي مدينة الأبيض.
وأكد المصدران أن القصف أدى إلى مقتل 3 أشخاص على الأقل وإصابة 9 آخرين وُصفت حالة بعضهم بالخطرة.
وفي وقت سابق، قال مصدر عسكري للجزيرة إن الجيش قصف مواقع للدعم السريع في بلدة أم عدارة جنوبي كردفان.
وأضاف المصدر أن قوات الدعم السريع قصفت مدينة أم روابة، مما أدى إلى إصابات بين المدنيين.
وأشار إلى أن طائرة مسيّرة لقوات الدعم السريع استهدفت مواقع للجيش في مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض جنوبي البلاد، مشيرا إلى أن الاستهداف أدى إلى تدمير عربة قتالية للجيش وإصابة ركابها.
وتشهد ولايات إقليم كردفان الثلاث (شمال وغرب وجنوب) اشتباكات ضارية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أسابيع أدت إلى نزوح عشرات الآلاف في الآونة الأخيرة.
مصادر أمنية للجزيرة: 3 قتلى و9 جرحى في غارة بمسيرة تابعة للدعم السريع على حي سكني بمدينة الأبيض في كردفان#الأخبار pic.twitter.com/umSvJmHrGk
— قناة الجزيرة (@AJArabic) December 13, 2025
خفض التمويلوعلى صعيد الوضع الإنساني، قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إنه سيضطر إلى خفض حصص الغذاء المقدمة للمجتمعات التي تواجه المجاعة في السودان اعتبارا من الشهر المقبل بسبب نقص التمويل.
ووصف نائب رئيس البرنامج الوضع في السودان بأنه أسوأ كارثة على مستوى الغذاء في العالم، حيث يعاني 20 مليون سوداني من سوء التغذية، بينهم 6 ملايين يقفون على حافة المجاعة.
إعلانوقال مدير قسم التأهب والاستجابة للطوارئ في البرنامج روس سميث في إفادة مرئية للصحفيين إن البرنامج "سيضطر بدءا من يناير/كانون الثاني إلى خفض حصص الغذاء بنسبة 70% للمجتمعات التي تواجه المجاعة، وبنسبة 50% للمجتمعات المعرضة لخطر الانزلاق إليها".
وأضاف سميث أن الأزمة التمويلية مرشحة للتفاقم خلال الأشهر المقبلة، مشيرا إلى أنه "اعتبارا من أبريل/نيسان سنواجه حالة انهيار على صعيد التمويل"، مما يهدد قدرة البرنامج على الاستمرار في تلبية الاحتياجات الغذائية الأساسية لملايين المحتاجين بالسودان.
"الجنائية الدولية"
من ناحية أخرى، كشفت المحكمة الجنائية الدولية عن عقد لقاء هذا الأسبوع في مقرها بلاهاي جمع نزهة شميم نائب المدعي العام بالنائبة العامة السودانية انتصار أحمد عبد الله.
وأوضحت المحكمة في منشور على منصة إكس أن اللقاء كان بنّاء وتناول الأوضاع في السودان وآفاق التعاون في ما يتصل بالتحقيقات التي يجريها مكتب المحكمة بشأن إقليم دارفور.
وأشارت إلى أنها كانت قد أكدت سابقا مباشرتها تحقيقات بشأن جرائم حرب محتملة وقعت مؤخرا في دارفور.
وفي السياق ذاته، دعا السودان المجتمع الدولي إلى الوقوف مع ما سماه الجانب الصحيح من التاريخ بتكثيف الضغوط وتصنيف قوات الدعم السريع كيانا إرهابيا.
وقال مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة السفير مجدي أحمد مفضل في إحاطة للبعثات الدبلوماسية المعتمدة بفيينا بشأن الأوضاع الإنسانية في السودان إن تجاهل المجتمع الدولي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب شجعها على التمادي في ارتكاب المزيد من الجرائم المروعة والفظائع غير المسبوقة.
العقوبات البريطانيةبالمقابل، قال الباشا طبيق مستشار قائد قوات الدعم السريع إن العقوبات التي أعلنتها بريطانيا على 4 من قادة قوات الدعم السريع تفتقر إلى الأسس القانونية والبيانات الموضوعية.
وأوضح طبيق على حسابه في فيسبوك أن المملكة المتحدة لم توفد لجان تحقيق مستقلة للتأكد من الاتهامات الموجهة، مشيرا إلى أن الإجراءات التي اتخذتها متحيزة.
واعتبر أن هذه العقوبات تشجع ما سماها الجماعات الإرهابية التي تقاتل إلى جانب الجيش.
ويشهد السودان حربا بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أبريل/نيسان 2023 أدت إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص، فضلا عن تفاقم أزمة إنسانية توصف بأنها من الأسوأ عالميا.