جولة في الريف السويسري بين جبال الألب وساردونا التكتونية
تاريخ النشر: 14th, December 2025 GMT
لاكس – على ارتفاعات تكسوها الغيوم، تبدو مدينة لاكس جنوبي سويسرا كما لو أنها صفحة جديدة في دفتر الجغرافيا، حيث تتحول التضاريس إلى قصة، والصخور إلى سجل مفتوح لزمن سحيق صنع ملامح هذا الكوكب.
لا تبدو الرحلة مجرد فسحة سياحية، بل هي نافذة تطل على تاريخ الأرض بقدر ما تكشف عن حاضر الإنسان، ومشهد أشبه برحلة داخل كتاب علمي نابض بالحياة، فهذه المنطقة تعد تجسيدا للذاكرة العميقة للأرض، حيث لا تزال تنبض كل صخرة بماضيها، وترسّخ شعورا بأن الزمن ليس خطا مستقيما، بل طبقات ومنحدرات.
وبين الطريق إلى منطقة ساردونا التكتونية التي تحكي تاريخ ملايين السنين، ومزرعة "ألب ناغنز لاكس" التي تقدم تفاصيل وبساطة الريف السويسري، يجد الزائر نفسه أمام تجربة تتجاوز الحدود التقليدية للسياحة.
تعد منطقة ساردونا التكتونية شرقي سويسرا أحد أهم المواقع الجيولوجية في أوروبا، وربما في العالم، حيث تقدم رؤى فريدة حول تاريخ نشأة الجبال والوديان الألبية نسبة لجبال الألب.
فعلى امتداد خط صدع غلاروس، المعروف أيضا باسم "الخط السحري" والذي يمكن رؤيته من بعيد، اندفعت صخور يتراوح عمرها بين 250 و300 مليون سنة فوق صخور أحدث منها بكثير، بعضها لا يتجاوز عمره 35 إلى 50 مليون سنة، حيث تُعد هذه المنطقة ذات قيمة كبيرة للمدارس والباحثين، إذ تشهد على عمليات تكوين الجبال وحركة الصفائح التكتونية.
وعلى مدى أكثر من قرنين، دأب العلماء من جميع أنحاء العالم على دراسة عمليات تكوين الجبال، كاشفين بذلك أسرار تشكّلها في موقع ساردونا المدرج ضمن قائمة التراث العالمي.
وتبرز أهمية زيارة هذه المنطقة في كونها واحدة من 200 موقع فقط مُدرج ضمن قائمة منظمة اليونسكو للتراث العالمي، ومن الناحية الجيولوجية تعتبر من أكثر المواقع تنوعا.
إعلانويضع هذا التكريم العالمي -الأرفع لمورد طبيعي- منطقة ساردونا في مصافّ مواقع تاريخية كبرى، مثل غراند كانيون بالولايات المتحدة الأميركية، وجزر غالاباغوس في الإكوادور، والحاجز المرجاني العظيم في أستراليا.
ولهذا السبب يُطلب من زوار ساردونا الالتزام بقواعد السلوك لضمان عدم تدمير هذه النظم البيئية الهشة، ومنها البقاء على مسار المشي الرسمي، وتجنب قطف أي نباتات، والتخييم في المواقع المخصصة لذلك فقط.
يوم بطيء على ارتفاع شاهق
على بعد مسافة قصيرة جدا من سارودنا الجيولوجية، تقع مزرعة "ألب ناغنز لاكس" التي تجمع بين بساطة الريف وشغف المغامرة وأجواء رومانسية جبلية ساحرة.
وفي هذا العالم الصغير البعيد عن إيقاع المدن، يمتزج صوت الريح بجلجلة الأجراس المعلقة في أعناق الأبقار، حيث تُصنع المنتجات المحلية بيد أصحاب المزرعة كما كانت تُصنع قبل عقود طويلة.
هنا، يمكن اكتشاف طريقة تحضير الجبن والزبدة، حيث يصل الحليب الطازج مباشرة من مصدره، أو بوسع الزائر المشي في المسارات المحيطة بالمزرعة للاستمتاع بالهواء النقي، أو تجربة الضيافة الريفية التي تجعلك جزءا من المكان، ولو لوقت قصير.
وتقول مديرة المزرعة أيلين للجزيرة نت إن العمل يبدأ من الساعة الثالثة والنصف صباحا وينتهي الثانية ظهرا، حيث يتم تجهيز حوالي 900 لتر من حليب الأبقار لصنع الجبن السويسري اللذيذ، وتشرح المتحدثة مراحل الإعداد قائلة "بعد وضع الحليب لمدة يوم كامل في قدر كبير مسخن بالبخار، تأتي المرحلة الثانية وهي حمام الملح ليكتسب الجبن مذاقه المالح".
ويمكن للزائر أيضا قضاء ليلة في نزل جبلي في المنطقة، يمكن الوصول إليه بواسطة التلفريك من فليمز القريبة من لاكس، أو تناول وجبة ساخنة في المطعم التابع له، أو الاسترخاء في الساونا وغيرها من الخيارات الترفيهية.
يُذكر أنه خلال موسم الشتاء، قد يزيد سعر الليلة الواحدة في النزل الجبلي عن 500 دولار لشخصين مع وجبة الفطور، نظرا لما يوفره من سهولة في الوصول إلى منحدرات التزلج.
تبلغ تكلفة الجولات الإرشادية في منطقة ساردونا التكتونية ما بين 25 و40 فرنكا سويسريا للشخص (28 إلى 45 دولارا)، كما يمكن للزوار دخول المسارات العامة بالمجان إذا فضلوا الاكتشاف الفردي.
وخلال الصيف الذي يمتد من يونيو/حزيران إلى سبتمبر/أيلول، يمنح المكان وضوحا بصريا لا مثيل له، يجعل التجربة أقرب إلى درس حي في علم الأرض.
وعندما يأتي الشتاء يتغير المشهد في لاكس وما حولها بالكامل، إذ تصبح المنطقة واحدا من أشهر منتجعات التزلج في سويسرا، وبالإمكان الوصول إلى محيط ساردونا عبر التلفريك، الذي تتراوح تذكرته بين 20 و30 فرنكا (بين 23 و34 دولارا)، حسب الارتفاع والموسم، في حين تخضع بعض المسارات الجيولوجية للإغلاق بسبب تراكم الثلوج.
لكن الجو البارد والثلوج الكثيفة لا تحرم السائح من الاستمتاع برحلته، إذ توفر المنطقة مسارات للمشي على الثلج، ورحلات بانورامية تظهر الجبال عن قرب، أما في الأيام الصافية فيبقى الخط الجيولوجي مرئيا من بعض النقاط العالية.
أما بالنسبة لمزرعة "ألب ناغنز لاكس"، فتقدم وجهين مختلفين في كلا الموسمين، مما يجعل زيارتها جزءا أساسيا من الجولة. ففي الصيف تستقبل ضيوفها وسط المراعي الخضراء، وفي الشتاء تتحول إلى استراحة جبلية يقصدها المتزلجون لأخذ قسط من الراحة، أو تناول وجبة ريفية بسيطة بأسعار تتراوح بين 15 و30 فرنكا (ما بين 16 و34 دولارا).
إعلانوقد يكون هذا التبدل الموسمي هو ما يميز لاكس وضواحيها، إذ يمنح الصيف المسافر مساحة واسعة للتأمل في الطبيعة وتشكيلاتها في الهواء الطلق، أما الشتاء فيعيد إظهار الجبال في صورة أكثر صلابة وهدوءا وبياضا.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
جرحى في هجوم أوكراني على روسيا وموسكو تستهدف منشآت نفطية
أصيب 7 أشخاص منهم طفل بجروح في هجوم بطائرة مسيّرة أوكرانية في منطقة تفير الروسية غرب موسكو، في حين هاجمت روسيا منشآت طاقة في منطقة أوديسا جنوب أوكرانيا وأعلنت السلطات الأوكرانية سقوط قتلى وجرحى في هجمات روسية بمنطقتي دنيبرو وسومي.
وقال حاكم المنطقة فيتالي كوروليوف على تليغرام "نعمل على معالجة آثار سقوط حطام طائرة مسيرة على مبنى سكني" في تفير.
وأضاف أن 7 أشخاص منهم طفل أصيبوا في هذا الهجوم، وأن 20 اضطروا إلى إخلاء المبنى بسبب الأضرار.
ونقلت وكالة تاس الرسمية أن الهجوم تسبب بإشعال حريق في المبنى.
في حين قالت وزارة الدفاع الروسية أنها أسقطت 90 طائرة مسيرة أوكرانية فوق مناطق روسية خلال الليل.
هجوم روسي
في المقابل، أعلنت سلطات دنيبرو الأوكرانية سقوط قتيل وعدد من المصابين في قصف روسي على المقاطعة.
كما أعلنت سلطات سومي الأوكرانية مقتل شخصين وإصابة آخرين في قصف روسي مكثف على المقاطعة.
في غضون ذلك قالت خدمات الطوارئ وأوليه كيبر حاكم منطقة أوديسا بجنوب أوكرانيا، اليوم الجمعة، إن روسيا هاجمت منشآت للطاقة في المنطقة خلال الليل، مما تسبب في اندلاع حرائق وانقطاعات للتيار الكهربائي.
وذكر كيبر على تليغرام أن الهجوم الذي جرى بطائرات مسيرة أدى إلى انقطاع الكهرباء عن عدة تجمعات سكنية في المنطقة، حيث تتركز الموانئ البحرية الرئيسية في أوكرانيا.
وتشن روسيا غارات وهجمات كل يوم تقريبا تستهدف مختلف مناطق أوكرانيا منذ بدء حربها في شباط/فبراير 2022.
وتشن أوكرانيا في المقابل هجمات بالطائرات المسيّرة تستهدف أساسا مواقع عسكرية أو منشآت طاقة.