مجلس النواب اللبناني أقر موازنة تتجاهل إصلاحات حاسمة
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
أقر مجلس النواب اللبناني مشروع قانون الموازنة لعام 2024، بعد إدخال تعديلات عليه، لكن خبراء قالوا إن مشروع القانون "أهمل تضمين إصلاحات حاسمة، من شأنها أن تساعد البلاد على الخروج من الانهيار المالي" الذي دمر القطاع العام منذ ما يقرب من 5 سنوات.
وتمت الموافقة على مشروع القانون في وقت متأخر الجمعة، بعد 3 أيام من الخلافات، التي شملت عدة مشاحنات في قاعة البرلمان مع رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، مما سلط الضوء على الانقسامات العميقة التي أصابت السياسة اللبنانية بالشلل، وأطالت أمد الفراغ الرئاسي المستمر منذ أكثر من عام.
وتوقعت الموازنة، التي تم تعديلها على مدار أشهر من النسخة التي قدمها ميقاتي إلى مجلس النواب، زيادة كبيرة في إيرادات الدولة المكتسبة من خلال ضريبة القيمة المضافة والرسوم الجمركية.
وتضمنت أيضا إجراءات تستهدف على ما يبدو أولئك الذين حققوا مكاسب غير مشروعة خلال الأزمة المالية في لبنان، من خلال تغريم الشركات التي استفادت بشكل غير عادل من منصة صرف العملات السابقة للمصرف المركزي، والتجار الذين استخدموا دعم المصرف للواردات لتحقيق أرباح.
ومنذ أن بدأ الاقتصاد اللبناني في الانهيار عام 2019، فقدت العملة حوالي 95 بالمئة من قيمتها، ومنعت البنوك معظم المودعين من سحب مدخراتهم، وبات أكثر من 80 بالمئة من السكان تحت خط الفقر.
واندلعت الأزمة بعد عقود من الإسراف في الإنفاق والفساد لدى بعض أفراد النخبة الحاكمة، التي قاد بعض أفرادها البنوك التي قدمت قروضا كبيرة للدولة، وفق رويترز.
وتقدر الحكومة إجمالي خسائر القطاع المالي بأكثر من 70 مليار دولار، معظمها تراكم لدى البنك المركزي.
ولم تتحقق حتى الآن الإصلاحات الرئيسية التي طلبها صندوق النقد الدولي لتقديم حزمة مساعدات بقيمة 3 مليارات دولار للبنان. وتشمل هذه الإصلاحات إقرار تشريعات لحل أزمة لبنان المصرفية، وتوحيد أسعار الصرف المتعددة لليرة اللبنانية.
وحث صندوق النقد الدولي لبنان على النظر في زيادة الإنفاق الاجتماعي "بهدف حماية الفئات الأكثر ضعفا". وقال الصندوق العام الماضي، إن لبنان "سيغرق في أزمة لن تنتهي أبدا" ما لم ينفذ إصلاحات سريعة.
لكن ميقاتي قال أمام النواب في جلسة الجمعة: "استطعنا وقف الانهيار وبدأنا بالتعافي الجاد".
وطلب نحو 40 من أعضاء مجلس النواب، البالغ عددهم 128، التعليق على الموازنة، واعترض كثيرون على تصريحات ميقاتي.
واستخدمت مسودة موازنة 2024، التي اطلعت عليها رويترز، سعر صرف قدره 89 ألف ليرة لبنانية للدولار في معظم الحسابات، بينما حددت حسابات أخرى بسعر 50 ألف ليرة.
وخفض البنك المركزي العام الماضي سعر الصرف الرسمي للعملة من 1500 ليرة، وهو سعر ربط الليرة بالدولار الذي استمر عقودا، إلى 15 ألف ليرة مقابل الدولار.
وتتضمن الموازنة التي تم إقرارها، عجزا محسوبا بنسبة صفر بالمئة، مع تساوي النفقات تماما مع الإيرادات. وقال أعضاء في مجلس النواب إن استخدام أسعار صرف مختلفة في الموازنة "سيعطي انطباعا بأن الدولة تكسب أكثر مما يحدث في الواقع".
وقال النائب، مارك ضو، لرويترز، إن الفارق "سيكون في صالحهم، لذلك قد يكون لدى الحكومة من الناحية الفنية فائض بالليرة اللبنانية في عام 2024، لكن هذا لا يعني أنه سيكون لديها ما يكفي من المال للإنفاق الفعلي بالدولار".
وذكرت مؤسسة "مبادرة سياسات الغد" البحثية، أن مشروع الموازنة يؤدي إلى "إثقال كاهل الأسر متوسطة ومنخفضة الدخل بشكل غير متناسب مقارنة بالأسر الغنية"، من خلال خفض حد دفع ضريبة القيمة المضافة بالنسبة للشركات، وتقديم إعفاءات ضريبية للشركات الكبرى.
واعتبر سامي زغيب، الخبير الاقتصادي اللبناني في مبادرة سياسات الغد، أن الميزانية مثال على "الكيمياء الاقتصادية اللبنانية".
وقال لرويترز، إنها "لا تخدم أي غرض اقتصادي أو أية رؤية محددة، تتجاوز تكرار دورة الانحدار الفوضوي للدولة والاقتصاد والمجتمع".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: مجلس النواب
إقرأ أيضاً:
الخشمان: متى بدنا نشوف موازنة تسد الدين؟
صراحة نيوز-انتقد النائب زهير الخشمان، رئيس كتلة اتحاد الأحزاب الوسطية والوطني الإسلامي النيابية، موازنة 2026، معتبراً أنها تركز على إدارة الالتزامات الحالية دون أن تساهم في تحفيز النمو الاقتصادي أو توفير فرص عمل جديدة.
وقال الخشمان خلال جلسة مجلس النواب: “هل هذه الموازنة تصنع مستقبل الأردن أم تكتفي بإدارة حاضر يزداد تعقيدًا؟”، مشيراً إلى أن العجز المتوقع في الموازنة سيُموّل بالاقتراض، ما سيدفع الدين العام إلى الاقتراب من 50 مليار دينار نهاية 2026، مع ارتفاع كلفة الفوائد إلى 2.26 مليار دينار.
وأضاف أن النفقات الرأسمالية المخصصة للمشاريع الجديدة لا تتجاوز 144 مليون دينار، وهو مبلغ لا يكفي لتحقيق النمو المستهدف أو خفض البطالة التي تصل إلى 21.3%.
وتطرق الخشمان إلى أن 75% من الإيرادات المحلية تعتمد على الضرائب، مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يبلغ 57%، مؤكداً أن الموازنة ما زالت تبني على جيب المواطن والقطاع الخاص، وليس على الإنتاج أو الاستثمار.
وأشار إلى معاناة المواطنين على أرض الواقع، مستشهداً بمشكلات في مناطق مثل الصفاوي والحوامدة، حيث يضطر الأهالي لساعات للوصول إلى المدارس أو المستشفيات، مؤكداً أن “النمو لا يُقاس بالأرقام فقط، بل بما يشعر به المواطن على الأرض”.
وختم بالقول إن الأردن بحاجة إلى إعادة تأسيس طريقة إدارة الدولة، وتحويل الاقتصاد إلى اقتصاد حر يحفز الاستثمار، بدلاً من الاقتصار على معالجة الأرقام دون رؤية واضحة للمستقبل.